متى ما عصى الإنسان؛ استحق أن يضرب على يد الآخرين
متى ما عصى الإنسان؛ استحق أن يضرب على يد الآخرين
وقال الله أيضًا في هذه: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ} (آل عمران: من الآية166) فبإذن الله، المفسرون عند هذه المسألة، المفسرون يستبعدون المسألة هذه، يقولون عنها: بعلمه، أو بتخليته؛ لأنه يستبعد بأنه يأتي مثلًا أن الله يسلط كافرين على مسلمين، أليس هو يستبعد هذه من منطلق العدل؟ لكن على أساس قضية: الثواب والعقاب الأخروي، لكن أما في الدنيا هنا فسواء يسلط الله عليك نمرًا، أو أسدًا، أو كافرًا، أو جملًا، {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (الفتح: من الآية4).
متى ما عصى الإنسان، ويعصي وهو في موقع مهم جدًا، ويتحمل مسؤولية للبشرية كلها، استحق أن يضرب على يد الآخرين؛ ولهذا قال الله: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ – يوم أحد –فَبِإِذْنِ اللَّهِ}يهيئ أن تضربوا؛ لتؤدبوا؛ لأنكم عصيتم، وتنازعتم، وفشلتم، وأنتم من تحملون رسالة مهمة، وقيادتكم قيادة عظيمة، رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ما ينبغي أن تتنازعوا مع وجوده، ولا ينبغي أن تعصوه، ولا ينبغي أن تفشلوا وهو قائدكم، وأنتم أيضًا من تحملون رسالة للبشرية كلها {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} كما قال الله عفو عنهم، ثم عفا عن الأمة كلها، لو دخل المشركون المدينة، اجتاحوا المدينة، وضربوا قاعدة الدولة الإسلامية اعتبر المسألة انتهت.
فهنا كانت الخطيئة كبيرة، لكن المفسرين عندنا يكون همهم هو ما يتعلق بماذا؟ إثم ما إثم فقط! بينما القرآن يؤكد أن المسألة هنا في الدنيا، وهو الذي يجب أن ننتبه له، أن أيَّ معصية تحصل عقوبتها هنا في الدنيا قبل الآخرة، عقوبتها هنا في الدنيا: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً} (طـه: من الآية123) كما قال الله في معصية آدم وإبليس، لأنه لا يأتي للناس شقاء في هذه الدنيا أبدًا، ولا ضلال في هذه الدنيا أبدًا إلا عن طريق مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى.
إبليس عصى الله فتحول إلى ضال مضل، وآدم عصى أيضًا فتحول إلى شقي، شقي في حياته عندما أخرج من الجنة. قال الله بعدها: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} (طـه: من الآية123) فلا يضل، ولا يشقى، شقي آدم، ألم يطرد من الجنة ونزع الله عنه لباسه هو وزوجته؟ مع أنه تاب عليهم.
فعندما نقرأ: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} في قصة أحد قالوا: [أي: عفا عنكم الإثم]، عفا لم تترك المسالة تنتهي إلى أقصى حدودها، لأنه كان – كما قلنا أكثر من مرة – أنه كان من المحتمل عسكريًا احتمالًا مؤكدًا هو: أن يدخل المشركون المدينة، لكن الله عفا فصرفهم.
فالمهم في هذا الموقف أن فيها دروس، وفيها خسارة كبيرة هي خسارة حمزة، ورسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) تألم جدًا على حمزة؛ لأنه كان في ظرف أحوج ما يكون إلى شخص كحمزة، رجل شجاع، ورجل مخلص، ورجل مؤمن، ورجل قوي في ذات الله، وأي قائد يدخل في مواجهة مع آخرين يعرف قيمة الرجل المهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روس من هدي القرآن الكريم /سلسلة متفرقات/دروس من غزوة أحد
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: ذو الحجة 1422هـ
جبل الرماة – المدينة المنورة
التعليقات مغلقة.