شهرُ القرآن والقرين
||منتصر الجلي
كُلَّما غاب البدرُ أطلَّ من جديدٍ بحُلَّتِه وسناه النوراني، كلما سُدّت على الناس الطرق وأغلقت الأرواحُ أبوابَ سكونِها يطلُّ الطبيبُ الهادي، يطلعُ كشارقةِ الشمس في أصيل الصباح.
تهفو إليه الأرواحُ وتخشعُ الأصواتُ، يستمع الجميعُ، وفي كُـلّ كلمة وعبارة ينطقُها دواءٌ للقلوب وشفاءٌ للأرواح.
والأمة تستقبلُ شهرَ الله شهر رمضان المبارك، يستقبلُه شعبُنا اليمني العظيم بِحُلّةٍ أُخرى ونور آخر، غير تلك التي كانت في ما مضى بين الاستقبال في المأكولات وإصلاح التلفزيونات والمسلسلات والفراغ الروحي والسهر على فضائيات التلفاز دون أي تقديس أَو مسؤولية أَو تعظيم لشهر الله.
هذا العام تهيئةٌ من نوع آخر، تهيئةٌ يملؤها الإيمانُ والتقوى والاستعداد النفسي والوجداني والتصديق الجازم بعظمة وروحانية العشق المجيد لهذا الشهر الملائكي.
تهيئةٌ هي لله وإلى الله شد وجذب وبناءٌ إلى الله، حَيثُ يكون اللهُ سيكون شعبُنا وقد نصر وأيّد طيلة ستِّ سنوات من العدوان، فكيف لا يجدرُ بنا وبهذا الشعب المجاهد أن يجعلَ شهر رمضان خضوعاً ورجوعاً وتسبيحاً وزكاءً وتراحماً ووسيلةً للقُربى.
هذه التهيئةُ الربانية التي يقودُها السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- بذاته بتواضعه ورحمته بالمؤمنين، يقودها قائدُ سفينة النجاة في هذا العصر، مُطلاً على قومه وشعبه رجالاً ونساء، يطلُّ عليهم يُبشّرهم، يعلّمهم، يزكيهم، يطلعهم على عظمة وفضل هذا الشهر الفضيل.
لم يحصل في أمم الأرض وأروقة الأنظمة أن يخرج زعيمٌ أَو قائدٌ ليشُدَّ الناس إلى الله ويبصّرهم ويحثهم بكل شوق ولهفة حُبٍّ وابتسامة يخشع لها ما بين السماء والأرض وهي ترسم ملامح التقوى عبر فضاءات شعبنا، وما أعظمَها من ابتسامة تنشرح لها النفوس وتتغذى بها المعنويات ويرتفع لها شأن التعظيم والشكر لله على هذه القيادة الربانية، كتب مجيئها في زمن البوس فكان حفظه الله البلسمَ الشافي وعافية المؤمنين.
شهرُ رمضان الذي أُنزل فيه القرآنُ، ما أقدسَه من شهر وأعظمَها من منزلة لمن يعيشون هذه المرحلة، فحين يجتمع القرآن والقرين تسعدُ الحياةُ وتضع الموازين بالقسط ويَسعِدُ الناس، فيُلهِمُم ويربِّيهم ويتلو عليهم آياتِه.
أية فضيلة حُزْتَها أيها الشعب عند الله؟
وأية رحمة شملتك في صحف المرسلين؟! لتكن أنت الأسوةَ والقُدوةَ والفضيلة والشرف، وَلتكن فيك الحكمةُ والقيادة والمسؤولية والصادقون والمجاهدون والمرابطون والصابرون والمتقون، أية فضيلة كُتبت لك على معراج السماء الأقدس لتبقى ذلك المحافظَ وذلك العارفَ وذلك الذي عرف الله حَــقَّ معرفته؟!.
ها هو رمضان يسرع الخُطَى إليك يهزه شوق السنين وتقربه ساعاتُ الأيّام ليكن خيرَ ضيف عند خيرِ مضيف وأعزَّ قرين مع كُـلّ صاحب ورفيق.
ها هو أيها الشعب المعطاء يعود شهر الله تزفه إليكم ملائكة السماء هدية الرحمة والسكينة بعد جور الإنسانية وحرب الظالمين والمعتدين عليك قيمياً وأخلاقياً وإنسانياً، ها أنت يا شعب الله فتحت لك القربات والمنازل وكل إلى درجات الخير والوفرة والتعظيم والاهتداء.
فرمضانُ في بلاد اليمن اليوم هو رمضانُ في بلاد الأنصار يوم كانت يثرب بنبيها وكِتابِها وخِيرة صحبها.
شهرُ العودة إلى الله والمواساة والتكافل والمسكين والسائلين والزكاة والمتصدقين.
هو بحَقٍّ شهرُ الله والإنابة والخشوع لله عظيم السموات والأرض وعليه فل يتنافس المتنافسون.
التعليقات مغلقة.