الشهيد الصمّاد حيٌّ في ذاكرة الأجيال
عبد القوي السباعي
لا تبقى في ذاكرةِ الأمم الحية، إلَّا تلك الشخوصُ الاستثنائية التي تظلُ محفورةً في خلودٍ أبديٍّ ناصع في ذهنيةِ الأجيال المتعاقبة، كنقوشٍ تاريخيةٍ غائرةٍ من التراث الأُسطوري المتجدد، وصور رمزية أزليةٍ من التراكيب الإنسانية الفريدة، التي لا يمكن أن تنمحيَ عن وجه الدهر، أَو تعتريها متغيرات اللحظة الراهنة، وعوامل التعرية الزمنية المتباعدة، أَو تُخالجها تقلبات الاحداث وتفاصيل الحياة المتبدلة.
ومن هذه الشخصيات والرموز الخالدة والتي تتوجت بها أرض العربية السعيدة وحظي بها شعبُ الإيمَـان والحكمة، تكليفاً لا تشريفاً، هي شخصية الرئيس الشهيد الصماد –رضوانُ الله عليه– لتكون شخصيتهُ الفذة معينُ عطاءٍ لا ينضب تنهلُ منهُ رجالات السياسة والإدارة في مواقع صناعة القرار وميادين استنهاض ورفعة الأُمَّــة ومواقع خدمة الشعب، وستبقى سيرتهُ العطرة جذوة استلهام وهاجةٍ لكل الوطنيين والخيرين من أبناء اليمن في البذل والعطاء، في العمل والبناء، ومحطة تزويدٍ إيمَـانية، ومنصةِ اندفاعٍ جهادية لرجال الله، تضحيةً وفداءً في ميادين الجهاد والاستشهاد ميادين العزة والكرامة.
سيظلُّ الشهيدُ الرئيسُ الصمّاد حيًّا في ذاكرة الأجيال، وستظل أفعالهُ ورؤاهُ الرائدةُ محورَ خطط واستراتيجيات بناء الحاضر وعناوين همم لاستشراف آفاق المستقبل، ولا غرابة في أن يظل حبُّ الرئيس الشهيد الصمّاد متجذراً في قلوب ملايين اليمنيين بمختلفِ فئاتهم وتنوع مشاربهم وتعدد اتّجاهاتهم الوطنية، وتبقى ذكراهُ العطرةِ راسخةً في وعي وإدراك الأجيال القادمة، ليس لأَنَّهُ أراد أن يكون كذلك بل لأَنَّهُ استحق حبَّ الله سبحانهُ وتعالى، فاستحق حبَّ البشر له، فعلى الرغم من قِصَرِ الفترةِ الزمنيةِ التي قضاها في تحمل مسؤوليةِ إدارة البلاد في ظروفٍ استثنائيةٍ فارقة من تاريخ اليمن (الأرض والإنسان)، إلا أنهُ استطاع بتوفيق الله وعونه أن يقدم لله وللدين وللأرض اليمنية وللشعب اليمني ما عجز عن تقديمه غيرُهُ ممن سبقه رغم طول فترات مكوثهم في مواقع المسؤولية.
حين أراد أعداءُ الرئيس الشهيد إخمادَ أنفاسه الثورية المتألقة في سماء اليمن، وأرادوا باستهدافه دفنَ تاريخ طويل من النضال والكفاح، من الصمود والثبات، من العزة والكرامة، من الشموخ والإباء للأرض والأمة اليمنية تتوجت على مدى كافة العصور وعبر مختلف المراحل والمنعطفات التاريخية، والتي تجسدها الشهيد الصماد في شخصه، غير أن اللهَ سبحانَه وتعالى أراد إلا أن يبقى صالح الصمّاد خالد الذكرى روحاً وفكراً، وصار قبرهُ مزاراً تأوي إليه قلوبُ اليمنيين محبةً وعشقاً، وسيظل حيّاً فينا وفي ذاكرةِ الأجيال المتعاقبة، نستلهم منه كُـلَّ معاني الحرية والأنفة والكبرياء، في الوقت الذي ستلعن الأجيالُ تلك الشخوصَ الموبوءة خسةً وعمالةً وخيانة وارتزاقاً، وستصير قبورُها مرجماً للأحرار هذا إن عُرفت لها قبور.
التعليقات مغلقة.