الصماد.. حين يكون القائد رفيقَ القرآن
إبراهيم العياني*
ننتهز الفرصة في شهر القرآن شهر التخلص من الذنوب والآثام وبراءة للذمة في حق الشهيد الرئيس/ صالح الصماد، لما عرفنا عنه بعشقه وتعلقه بالقرآن الكريم منذ طفولته وسنوات دراسته الأَسَاسية والثانوية العامة وفي الجامعة بل وأيام رئاسته وهو في القصر الجمهوري.
نوجز تعريفًا بسيطًا عن تلك العلاقة بالتالي:
– كانت أسرة الرئيس الصماد -رضوان الله عليهم- كبقية الأسر المعروفة في منطقتهم بالاهتمام بزراعة الأرض واستصلاحها ولديهم الكثير من الأراضي المزروعة والواسعة.
– إلا أن طلب العلم وشغف التعلم كان المسيطر على مشاعر الرئيس منذ أَيَّـام طفولته.
– فكان وبشكل يومي يكمل دراسته في المدرسة ويذهب إلى أحد الجوامع الدينية المتواجد بالقرب من منطقته لساعات محدودة وذلك لغرض حفظ القرآن الكريم والعلوم الدينية على يد أحد العلماء المعروفين في مجتمعه آن ذاك السيد/ عبدالله درهم المؤيد رحمهما الله جميعاً.
– وهكذا استمر برنامجه اليومي بهذا العزم وبهمة عالية لا يضاهيها أية همة إلى أن تخرج من الثانوية العامة وقد تحصل على علوم غزيرة جعلته من المتفوقين على أقرانه في كُـلّ مجال دراساته العلمية.
– وعند ذهابه للتسجيل في جامعة محافظة صعدة اختار تخصص القرآن الكريم والعلوم الإسلامية.
– الصماد بذكائه الحاد وسرعة نباهته وقدراته الدراسية وبتفوقه على زملائه في كُـلّ مراحل دراساته يختار القرآن في تخصصه!!!
– تعجب منه زملاؤه وأساتذته ومعلموه لتخصصه بل استغربوا من اختياره لمادة (القرآن الكريم) على بقية التخصصات الفيزيائية والعلمية الأُخرى والتي تليق وتتوافق مع قدراته العلمية.
– ولكن الصماد الصغير بجسمه والكبير بما يحمله من علم ومعرفة وبصيرة من أمره يعرف ما يجهله زملاؤه وأساتذته عن عظمة القرآن وما يحتويه القرآن من علوم شاملة وغير محدّدة ولم يوافق لهم بذلك.
– فبدأ دراسته الجامعية في تخصصه الذي اطمئن بدراسته متوكلاً على الله متيقنًا بحتمية النتائج كيف ستكون.
– فواصل مشواره التعليمي ببرنامجه المذكور أعلاه بنفس الوتيرة والهمة مُضيفاً له شيخه العلمي مجموعة من الطلاب يدرسهم القرآن الكريم والعلوم الدينية إلى أن قام بزيارة الشهيد القائد /السيد حسين بدرالدين الحوثي -سلام الله عليهما- إلى منطقة مران قبل الحرب الأولى.
– وعند وصول الصماد هناك كأنه وصل لأكاديميةٍ خَاصَّة بتخصصه ومجاله العلمي الذي لا أحد أعانه وشجعه عليه فانتهل من منبع القرآن حتى ارتوى منه.
– فعاد إلى بلاده داعياً ومتحَرّكاً في الناس ومحفزاً وواعظاً طيلة الحروب الست التي شنت ظلمًا وعدوانًا على أبناء محافظة صعدة فالتحق بركبه الكثير ممن سمعه وعاش معه مقاتلين ومضحين ومدافعين على أنفسهم وبلادهم.
– ومن تلك المعناة انطلقت المسيرة القرآنية إلى ربوع الوطن بأكمله وأتت الوفود تلو الوفود بالآلاف إلى محافظة صعدة للاطلاع على مشروع المسيرة القرآنية.
– فكان وبشكل دائم في الاستقبال والترحيب بكل تلك الوفود وتقديم الضيافات اللازمة لهم، رجل القرآن وأحد قادة المسيرة القرآنية صالح الصماد سلام الله عليه.
– وما أن استمعوا لطرح الصماد في محاضراته المعروفة واطلعوا على الخراب والدمار والقتل والتشريد الذي تعرض له أبناء المحافظة طيلة الحروب التي شنت عليهم في عدد من مديرياتها إلَّا ووصلوا إلى حَــدِّ القناعة بأحقية ما هم عليه.
– فأغلب السياسيين والمثقفين والكتاب والعلماء وبعد جلوسهم وسماعهم للصماد كان يقتنع بمشروع المسيرة القرآنية ويلتحقون بها ويعلنون ولاءهم لها ولقائدها ولا يحتاج إلى لقاء بسماحة السيد القائد.
– وهنا أورد لكم حادثة تعبر عن مدى حفظه للقرآن الكريم مرت عليَّ وأنا بجواره ففي أحد الأيّام سألني عن نتائج متابعة خصام بين شخصين مجاهدين على موضوع معين أحدهما ظُلِمَ فيه، فاعتذرت له أنني لم أتابع المعنيين على أمل أن يوافونا هم بالنتائج وذلك عند استكمال التحقّق من الحادثة.
– فقال لي بلومه الجميل -سلام الله عليه- (الله المستعان عليك يا سيدي) ولكن سهل ما جرى على طرف من الطرفين؛ لأَنَّ الله قال ((ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ)).
– وأنا ومحاولة مني لإخراجه من الموضوع مازحًا معه قلت له أما هذه الآية لم أسمع بها من قبل، فقال: الآية موجودة وفي سورة الحج وقبل منتهى السور بصفحتين على الجهة اليمنى وفي منتصف الصفحة!!! أنا انذهلت من تحديده للآية في منتصف القرآن الكريم وكأنه أوجد لها إحداثية.
– وقام بإخراج هاتفه -سلام الله عليه- وأطلعني على الآية الكريمة فكانت كما ذكرها وَأَضَـافَ لي لومًا جديدًا أني من أهل البيت ولا أحفظ القرآن.
– وهكذا كان رجل القرآن الرئيس الشهيد صالح الصماد -سلام الله عليه- كما سمعتموه وعرفتموه لا ينطق إلَّا بالقرآن ولا يفتتح جلساته الرسمية والشعبيّة إلا بالقرآن ولا يستشهد على أي حدث أَو ملاحظة إلَّا بالقرآن.
– وفي شهر القرآن أردنا أن نطلعكم على موقف بسيط عن عظمة هذا القائد العظيم تجاه القرآن الكريم فبحق يستحق أن يطلق عليه اسم (رجل القرآن).
التعليقات مغلقة.