اليمن وقضيةُ القدس
عبدالرحمن مراد
منذ مطلع القرن الماضي إلى اليوم ومشارف الغد لم يتغير موقف اليمن الثابت والمبدئي من قضية فلسطين، فالمسار ظل واحداً، والموقف ظل كذلك واحداً لم يتغير، وقفت اليمن مع فلسطين، رسميًّا وشعبيًّا بل خرج من أهل اليمن رجال قاتلوا إلى جانب أهل فلسطين في القرن الماضي، وكانت كُـلّ الدول التي دال بها الزمان على مقاليد الأمور في اليمن تدعم فلسطين.
ما تزال فلسطين هي قضية اليمن المركزية دون تفريط، ومنذ فجر ثورة 21 سبتمبر 2014م إلى اليوم وفلسطين تحضر في الخطاب السياسي والخطاب التوعوي الديني وتحضر في كُـلّ التفاعلات، ويتفاعل الشعب مع يوم القدس العالمي بفعاليات كبرى يشهد لها الكل بتفردها وتميزها.
ورغم الجراح وتداعيات العدوان على اليمن إلا أن اليمن قفزت على جراحها ووقفت إلى جانب فلسطين في معركة سيف القدس، فالقضية الفلسطينية تشكل أولوية على كُـلّ الأولويات في أجندات قائد الثورة قائد المسيرة القرآنية، وخلال ما سلف من أَيَّـام خرج قادة محور المقاومة كلهم في تظاهرة سياسية هي الأولى من نوعها كي يواجهوا غطرسة العدوّ الصهيوني وكي يعلنوا موقفاً موحداً في مقابل حركة التطبيع التي لن يكتب لها النجاح طالما ومحور المقاومة يعيد ترتيب العلاقات النسقية في بناءات الأُمَّــة الاجتماعية والثقافية والسياسية، وهو يتدافع مع حركة الواقع وفق فطرة الله وسننه في كونه.
لقد شاركت إسرائيل في العدوان على اليمن بصورة مباشرة وغير مباشرة لذلك فمعركة اليمن مع الكيان الصهيوني ليست شعاراً فقط كما يتوهم الواهمون أَو يزعم الحاقدون أَو يتفلسف الخصوم بل هي معركة مباشرة، فاليهود كما هي عادتهم لا يقاتلون إلا من وراء جدر أَو من بروج مشيدة، ومعركتهم تتخذ من دول العدوان جداراً تقاتل من ورائه، وتتخذ من غرف العلميات العسكرية بروجاً مشيدة تدير عملياتها العسكرية من خلالها، فهي من قصفت بالقنابل الفراغية، وهي من تقصف بالطائرات وهي من تحدّد بنك الأهداف بما يتسق وظروف معركتها مع اليمن.
من ظن إسرائيل غير فاعلة في العدوان على اليمن فقد جانب الحقيقة ووقع في الخطأ، فالعدوان الذي تتزعمه السعوديّة والإمارات لا مصلحة مباشرة ولا غير مباشرة لهما فيه –أي للسعوديّة والإمارات– بل كُـلّ المؤشرات وحركة العلميات العسكرية التي تدور في ساحة المعركة تؤكّـد أن المعركة معركة إسرائيل بامتيَاز وتدار من جدار السعوديّة والإمارات ومن خلف أُولئك أمريكا.
وبالقياس العقلي مَـا مصلحة السعوديّة من العدوان؟ وما مصلحة الإمارات من العدوان؟
الجاهل الذي لا يكاد يفهم في أبجديات السياسة سوف يقول إن لا مصلحة للسعوديّة ولا مصلحة للإمارات من كُـلّ هذا الدمار والعداوات والتفكيك للبنى الثقافية والاجتماعية والسياسية، بل كاد أن يكون الضرر مضاعفاً على مصالح الدولتين سواء في حاضرهم أم في مستقبل أيامهم، فاليمن يشكل بُعداً استراتيجياً للجزيرة والخليج ومن خلاله يمكن الصناعة وتحديد المواقف من القضايا الكبرى والتفاعلات مع النظم الدولية والمصالح الاقتصادية العالمية.
المعركة التي تدور رحاها اليوم هي معركة وجودية بين المسلمين على وجه العموم واليهود على مختلف المشارب وهي معركة قديمة بدأت منذ الرسالة المحمدية وهي مُستمرّة بطرق وأساليب متنوعة ومختلفة، فالطائفة اليهودية لن ترضى عن المسلمين؛ لأَنَّها تشعر أن الإسلام سلبها حقاً لها وتمايز عنها وهذه حقيقة ثابتة ومُستمرّة بتأكيد القرآن لها، ولذلك يخوضون معركتهم مع المسلمين في مستويات متعددة، فالدمار الأخلاقي والقيمي الذي نجده في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لو بحثت عنه لوجدت أن من ورائه اليهود، والحروب وشيوع البطالة والفقر وراءها اليهود، حتى العلميات الإرهابية التي تنال من أمن العالم ومن سكينته تجد اليهود من ورائها، فهم قوم لا يهدأ لهم بال حتى ينالوا من الإسلام ويهدموا صورته النمطية في الأذهان.
ويكفينا فخراً في اليمن أننا من أوائل من شعر بخطر اليهود ولذلك رفعنا شعار البراءة وكنا وما نزال إلى جانب قضية فلسطين دون هوادة أَو تفريط.
التعليقات مغلقة.