بصائر القران في تقييم المواقف واستقراء الاحداث
بقلم: فضل جحاف
{هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}
والإشارة في قوله تعالى هذا للقرآن العظيم بوصفه كتاب بصائر للناس في الحياة الدنيا التي هي ميدان العمل لحركية القران الواقعيه وفق منظومة قيم ايجابية ابرزها القران الكريم في مقدمتها البصائر، ثم الهدى وهو الأثر الطبيعي لاتباع البصائر وأخيراً الرحمة التي تكون أثراً للهداية ومن هنا جاء القرآن الكريم لرسم معالم الطريق، فهو المنهج الشامل الذي يحدَّد العلاقات العامّة في هذا الكون ويمثَّل الانسان المحور الرئيس فيه ويتعرّض لكلَّ مناحي حياة الإنسان ويتناول تفاصيلها
كما أنةيحدَّد المواقف تجاه كلَّ القضايا ولا يختص بجماعِة من الناس دون اخرى، بل يتكفّل مسيرة الإنسانية، حاضرها ومستقبلها.
إذ يعد النصّ القرآني نوعاًمن المؤثرات التي ينتج منها تغيّرالاطراف الداخله في التفاعل معه، إذ يؤدي التفاعل مع القرآن الى تعديل حياتهم وتحسين سلوكهم عبر خطاباته التوجيهيّة ولو راجعنا الخطاب القرآني لرأينا في اول اياته انه يبتدئ بكلمة الله ويختتم بسورة الناس، إذان الخطاب القرآني قائم بين المتكلم وهو الذات الالهية والمتلقي الآخر المختلف المراد ائتلافه مع المتكلم، فالمخاطبون في الكتاب العزيز هم الناس دائما
أي أنه لا يمكن الفصل بين القران والحياة المعاشة لأن القرآن كتاب للحياة بكلها
وهو ما اشار اليه السيد القائد الشهيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه في الدرس الثالث عشر من سلسلة معرفة الله — وعده ووعيدة بقوله
(إذا لم يربط القرآن الكريم بواقع الناس، إذا لم يكن الحديث حول آياته واسع، فإنه في الأخير يصبح كتاباً لا أثر له ولا فاعلية له في حياة الناس، ولا في أنفسهم. القرآن هو كتاب للحياة كلها، وكل أحداث الحياة لا يخلو حدث منها عن أن يكون للقرآن نظرة إليه وموقف منه، )
ولذلك أشار الله سبحانه وتعالى للقرآن الكريم بإنه كتاب فيه بصائر للناس ليصبح كتاباًللحياة ومنهجاً للتحرك وخريطة للمسير حيث أن هداية النصّ القراني لاتقتصر على الجانب الفردي والعبادي بل هي اولا بصائر ترسم مسار الانتظام السياسي والحياتي العام للأمة وتحقق لها الهداية والرحمة وتحدد وجهتها في الصراع المستمر بين الحق والباطل ولعل حاجتنا الى بصائر القران تزداد وتصبح ماسة خاصة في هذة المرحلة التي احتدم فيها الصراع بين الحق والباطل لتقييم المواقف واستقراء الاحداث في واقعنا والتي لاتخرج عن كونها واجهة من واجهات الصراع الدائر بين الحق والباطل في مختلف الساحات الاقليمية حتي لا نكون في حالة عمى لأن الله سبحانه وتعالى يرفض للإنسان أن ينتمي إلى أحزاب الكفر والضلال التي تعيش الباطل في أفكارها وخطواتها ومواقفها العملية في الحياة كماأن الله يرفض للإنسان أن ينتمي بالمودة أو بالمواقف إلى الذين يقولون مالا يفعلون، لأن الله يمقت أمثال هؤلاء أكبر المقت ويدعو الإنسان الى التدقيق فيما يُعرض عليه من حالات الانتماء إلى هذا الفريق أو ذاك، ليدرس شخصية الفكر والأسلوب والهدف والقيادة والممارسة، ليحدّد موقعه من ذلك كله، قبل أن أن يوافق على السير مع هذه الجهة أو تلك سلباً أو، إيجاباً فالقرآن الكريم كما قال الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه في ملزمة (وأنفقوا في سبيل الله ) (يتحدث بما يعطينا وعياً،لنقيّم به الناس، لنقيّم به الطوائف، لنقيّم به الأحزاب، لنقيّم به الأشخاص، لنقيّم به أنفسنا، أعطانا بصائر كثيرة، الله يقول لنا : {يَاأيُّهَا الَّذِينً آمًنُوا اتًّقُوا اللهً وًكُونُوامًعً الصًّادِقِينَ } التوبة 119 أليست هذه من البصائر؟)التي نحتاجها في هذه المرحلة من العدوان على اليمن وبعد مضي سبع سنوات لم يعد خافيا أن العدوان على اليمن ليس له اي علاقة بالذرائع المعلنة لتبرير الحرب على اليمن التي هي حرب بالوكالة عن امريكا ونيابة عن اسرائيل ودفاعاً عن وجود اسرائيل وامنها التي يشكل فيها النظام السعودي خط الدفاع الاول عن إسرائيل التي بلغت من القدرات العسكرية والتدميرية والتكنولوجية مالم تكن عليه في أي مرحلة في تأريخها إلا إن ذلك لا يشكل ضمانة للحفاظ على وجود اسرائيل وأمنها بحسب قول الرئيس الامريكي الاسبق ( دونالد ترامب ) الذي أقر ضمناً في التأكيد على أن (إسرائيل كانت ستقع في مآزق كبيرة لولا السعودية ) ترامب اشار بصراحة الى الدور الوظيفي الذي يؤديه النظام السعودي في استراتيجية الامن القومي الاسرائيلي وسلط الضوء على السياق الاستراتيجي للحروب التي خاضتها سوريا والعراق ولبنان في مواجهة التنظيمات التكفيرية، وعلاقتها المباشرة أسباباًوأهدافاًبمعادلات الصراع مع اسرائيل، وصولا إلى الحرب التي يشنها النظام السعودي على اليمن خدمة للكيان الصهيوني والمواقف والخطوات التي بادر اليها، حتى الان، النظام السعودي مباشرة، وبالوكالة، أبلغ تعبيراًفي الكشف عن الدور الذي يؤديه على المستوى الإقليمي في العديد من القضايا المتصلة بالموقف من المقاومة في فلسطين ولبنان والساحتين السورية والعراقية وظهرت بشكل علني على الساحة اليمنية نظرا للأهمية البالغة للبحر الاحمر وباب المندب بالنسبة للكيانيين وموقف كليهما المعادي لحركة ( أنصار الله ) وعن أهمية الموقع الذي يحتله النظام السعودي في خارطة الادوات التي باتت تؤدي دوراًوظيفياً مباشراًفي حماية الأمن القومي الاسرائيلي. ارتقى الخطاب السياسي والاعلامي السعودي في هذا الاتحاه إلى حدّ التأصيل لهذا الخيار وتبريره ومحاولة شرعنته والترويج له شعبياً وسياسياً
وليس صدفة أو امراً عابراًأن يصف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الكيان الصهيوني بالحليف في مقابلة مطولة مع مجلة << ذي أتلانتيك >> الامريكية حيث قال ( إننا لا ننظر إلى اسرائيل كعدو، بل كحليف محتمل في العديد من المصالح ) يؤشر هذا التوصيف الذي يستند في صدقيته الى أمرين :
الأول أنه ينطلق من قراءة الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، وتقاطع اولوية كل من الطرفين في هذه المرحلة والثاني أنه مسبوق بمواقف رسمية اسرائيلية صدرت على لسان رئيس وزراء الكيان الصهيوني الاسبق نتنياهو نفسه، الذي أكد موقف اسرائيل الداعم والمؤيد للعدوان السعودي الامريكي على اليمن
كما أن وصف بن سلمان للكيان الصهيوني بالحليف المحتمل ينبئ عن توجه سعودي الى اللحاق بركب التطبيع مع اسرائيل فالواضح أن مسار التطورات الإقليمية يستحثّ الارتقاء بالعلاقات الثّٔنائية من السرّإلى العلن، وعلى كافة المستويات كافة ومن بين العوامل التي تدفع في هذا الاتجاه، استنفاذ الكثير من الخيارات البديلة في مواجهة محور المقاومة، وتبلؤر حركة ( أنصار الله ) كقوة اقليمية تهدد الأمن القومي الاسرائيلي والمصالح والنفوذ الامريكي في المنطقة.. و بالتمعن في مضمون في تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لمجلة << ذي أتلانتيك >> الامريكية من المهم جداً التوقف عند عدة نقاط مهمه يمكن استنتاجها من خلال الاسئلة والاجوبة نوجزها كما يلي :–
اولا:- اعترف ولي العهد السعودي بحق اليهود بإقامة دولتهم على
التعليقات مغلقة.