سلسلة روائع الأدب اليمني.. الشاعر الكبير صفي الدين أحمد بن علوان.. ح1
احضر حَضائر قدسنا يا غائب
واطلع صوامع عزنا يا راهب
وانفخ بصور علومنا في صورنا
يبعث بنفخك ما أَمات الكاذِب
قم في الأنّام مقامنا ياسامنا
يأتيك حام وَيافث وَتناسب
قم في الدَوائِر واجِداً في ديرنا
أَنتَ السَرير لملكنا وَالصاحب
أَنتَ السَعيد بنا ومن أَسعدته
فَهوَ السَعيد ومن أَبى فالحاصب
يا سبط سبط السبط من أَسباطنا
يا جار دار جوارنا يا كاتب
اكتب بأَقلام الصفاء عَلى الصفا
يَبدو لك السر الَّذي هُوَ غائِب
واكتب بأقلام الوفاء عَلى الجفا
فَإِذا المصر عَلى الكَبائر تائِب
باتَت تراجعك العلوم بما جَرى
فأبيت إِلا أَن يجد الغاصِب
فأَطاعك الأَمر الَّذي هُوَ أَمرنا
وَالسيف وَالسهم الَّذي هُوَ صائب
فانبذ بحجتك السوي عَلى الوَرى
وامطر فأَنتَ بما تَشاء سَحائب
جازَت بأسباطون منك قوائم
وَعلت بأسطاسون منك مراتب
هَذا خطاب أَنتَ كعبة أَهله
وَالرزدكاش وَسيفهم وَالضارب
..
أصفى صفاتي لوصف الوصف واصفه
..
أصفى صفاتي لوصف الوصف واصفة
لا الوصف وصفي ولا الأخبار أخباري
لما برزت بمغناه برزت به
ولو برزت بنفسي أضرمت ناري
لا تنكروا ذاك من جهلي بعلمكُم
إني سبقت مطاياكم بأطياري
إني ركبت على عنقاء مغربة
لها جناحان من برق وأنوار
هفافة تقطع الأكوان واجدة
حتى أناخت بباب الخالق الباري
وجه كريم ووصف ماله صفة
وسره قد سرى في سر أسراري
لا يدرك العلم معناه بأجمعه
ولو قرا ألف عام ما درى القاري
هم فتية كانت لهم ألبابُ
..
هم فتية كانت لهم ألبابُ
قطعوا ولم تقطعهم الأسبابُ
كانت سجيتهم محبة ربهم
حتى أتوه وهم له أحباب
وقفوا على الأبواب حتى فتحت
لقدومهم من داره أبواب
حجابهم فيها ملائكة السما
ولطالما طردتهم الحجاب
كانوا على الدنيا عبيداً خشعا
أما هناك فإنهم أرباب
ما أملوا فيها وقالوا كن يكن
أمر ورب العالمين عجاب
قرنوا بأتراب لهم من حورها
يا حبذاك أولئك الأتراب
طابوا وطبن فهم سواء صيغة
خُلُق وخَلق فائق وشباب
إعجابهن بحسنهم لا ينقضي
وبحسنهن كذا لهم إعجاب
فلحاظهن شرابهم وشرابهن
لحاظهم والأعين الأكواب
يسكرن مهما يلفظون ويسكروا
مهما لفظن وما هناك شراب
وإذا ابتسمن تبسموا وإذا دعوا
لبينهم فإذا دعون أجابوا
فإذا هم اعتنقوا هناك وأرخيت
من دونهم حجب لهم وقباب
أرجت مضاجعهم وسبح نورهم
وتغنت الأطيار والأطناب
واهتزت السرر الرفيعة بهجة
والكل طاب لطيبهم غذ طابوا
وتراجعت فيها القيان بمدحهم
وبما أفاض عليهم الوهاب
والخمر مازجها محبة ربهم
لا يسكرون ولا يغيب صواب
وطعامها لا يشبعون لأكله
ماثم أجواف ولا أقصاب
كلا ولا لحم ولا لهم دم
سفك ولا عظم ولا أعصاب
بل يعرقون المسك والكافور من
طيب لهم تتعنبر الأثواب
تأتيهم رسل الإله بكبته
فلكل عبد مرسل وكتاب
فحواه يا من طال عنا صبره
ما مثل ذلك تصنع الأحباب
إني لمشتاق فزرني عاجلاً
فلدي بحر للعطاء عباب
زرني تراني طالما قد زرتني
بالحج عاماً إذ علي حجاب
وإلى المساجد قد أدمت زيارتي
فاليوم لا حجب ولا حجاب
فيبادرون وإذ لهم قد أسرجت
خيل على أبوابهم أطلاب
ومضوا جميعاً نحو قصر محمد
الأنبياء والرسل والأصحاب
فهناك مكتهم كما هي ها هنا
والركن مستلم لهم والباب
يستشرفون جماله وجلاله
فإذا بدا خروا لديه وهابوا
يبدو وبدر التم يقصر دونه
لا محق فيه ولا عليه سحاب
وعليه من سر الإله مهابة
وعليه من أنواره جلباب
فمعزر وموقر ومسبح
ومقدس لبروزه أواب
حق السجود له وكان لآدم
من أجله ومحله الأصلاب
قصدوا إلى الرحمن وهو أميره
ومقدم لجميعهم ونقاب
فاستقبلتهم رسله أهلاً بكم
وافاكم الإكرام والترحاب
والريح تحثو المسك فوق ثيابه
من كل وجه لا حصى وتراب
فإذا انتهوا سجدوا تحية ربهم
وتضرعوا وتخشعوا وأنابوا
فأجابهم بسلامه من قوله
طبتم وطبت لكم فلا ترتابوا
نحب السجود مضى وايام البكا
وهنا سرور دائم وثواب
هذا الطعام وذا الشراب لتطعموا
ولتشربوا ما إن عليه حساب
وهنا الملابس فالبسوا ألوانها
ما مسها كف ولا أخشاب
وهنا لسماع لتسمعوا ألحانه
إذ لم تعوا رفثاً ولا تغتابوا
فإذا انقضى هذا وذاك بدا لهم
فتحيرت لجماله الألباب
وتمايلوا فرحاً وخرُّوا سجَّدا
وخضعن منهم أوجه ورقاب
لا كيف للمعنى الذي عبرته
من حيث كيفٍ كذب المرتاب
فسلوا حبائبهم وقالوا ربنا
أنت الحبيب وليس عنك ذهاب
فطوى بسائط ما استفاد قلوبهم
من وجده فتنهنهوا وأنابوا
وأحال شوقهم إلى أترابهم
إذ ينتظن متى يكون إياب
فتهيؤوا للإنصراف بإذنه
ما غاب عن أسرارهم إذ غابوا
وتضاعفت أنوارهم وسرورهم
وجمالهم لنسائهم إذ آبوا
ونصيبهن من التجلي إذا بدا
قد زارهن هناك منه شهاب
فيزورهن ونورهن مجددا
وجمالهن وحسنهن عجاب
هذي منازلهم وهذا وصفهم
وهناك خطب فوق ذا وخطاب
فإذا وقفت على كلامي فاعتقد
تصديقه لا يغوك الكذاب
وعلى النبي المرتضى من ربنا
صلوات وصل ما أسف عقاب
.
…
يا موقد النار في قَلبي وَفي كبدي
يا موقد النار في قَلبي وَفي كبدي
بالحب وَالخوف وَالتَعذيب وَالكمد
أَصبحت خائف ذنب لا أَشك به
وَعاشِقاً لجوار الواحد الصمد
النار خَلفي وليث الغاب من أممي
فَكَيفَ ءآمن بين النار وَالأسد
لا الأمن من درك البلوى وعدت به
وَلا الحَبيب إِذا ما شئت مد يدِ
لَو يسأل الناس دَمعي حين أَسكبه
لأخبر الناس دَمعي ماحوت كبدي
نظري إِليك مفسر ما أَعجم
نظري إِليك مفسر ما أَعجم
وَإِشارتي تبدي الَّذي أَنا أَكتم
وَدموع عيني َنتض برق غيومها
وَلِسان حالي في العتاب يترجم
فَأَنا الَّذي نَمَّت عليه دموعه
وَأَنّا الَّذي فضَحته منه الاَعظم
جِسمي النَحيل يَقول هَذا عاشق
وَيَقول دمع العين هَذا مغرم
مني السَلام وَمنكم لي مثله
أَنتم بدأتم بالمَكارِم فاِختموا
حاشاكم أَن أَبتلي ببلية
في أَمنكم وَأَنا الملبي المحرم
جار محب خائف متضرع
متعلق متملق متندم
إِن تكرموه فَما له من حارم
أَو تحرموه فَما له من يكرم
..
حادي المَطايا بهم
حادي المَطايا بهم
خذ بي إِلى قربهم
وقل فَلا قلب لي
يقوى عَلى حربهم
لعل يَرضون بي
أَكون من حزبهم
حَسبي هم لَيتَني
أَكون من حسبهم
أَما تَرى أَنَّني
سكران من حبهم
لا تَستَفيق سكرتي
إِلا إِلى شربهم
كأَنّي حرف جرى
لسر معنى بهم
أفر من خفضهم
شَوقاً إِلى نصبهم
التعليقات مغلقة.