متى ما انفصل الناس عن الله ورأوا أنفسهم لا تحتاج معها إلى تأييد من الله…. سيُضرَبون
متى ما انفصل الناس عن الله ورأوا أنفسهم لا تحتاج معها إلى تأييد من الله سيضربون
نبي الله يونس ألم يسبِّح وهو في بطن الحوت {سُبْحَانَكَ}؟. هذه لها أثرها الكبير، أنك دائماً سترجع إلى نفسك في كل حدث تواجهه في الحياة، وأنت تعمل في سبيل الله، وأنت ترى نفسك بأنك تسير على نهج أولياء الله، لا ترد اللوم على الله أبداً، حتى وإن كان من عنده ما أصابك فإنما ذلك إما لأنك أنت كنت جديراً بأن صدر منك ما تستوجب به أن يحصل عليك هذا الشيء, وإما لأن في ذلك مصلحة لك, وحكمة, حكمة من الله أن تلاقي تلك الشدة, أو تحصل عليك تلك المصيبة, لمصلحتك أنت.
من يضعف إيمانهم دائماً يردون – كما نقول نحن – المَحْق, يردون المَحْق في الله، فيحمِّل الله مسؤولية ما حصل، ثم ينطلق ليسيء الظن في الله {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}(الأحزاب: من الآية10)فحصل عند البعض عندما حوصر المسلمون في المدينة مع الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في غزوة الأحزاب:{وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} حتى انطلق بعضهم يسخرون من النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) وهم يحفرون الخندق، عندما ضرب الصخرة فانقدحت فقال: (الله أكبر إني لأرى قصور فارس، إني لأرى قصور صنعاء) فقالوا: يعدنا بأن يصل ديننا, أو أن تفتح هذه المناطق على أيدينا، وها نحن لا يأمن الواحد منا أن يخرج ليبول. ألم يقولوا هكذا؟ انطلق بعض الناس يقول هكذا.
في [سورة آل عمران] بعد أحداث [أحد] حصل في غزوة أحد شدائد، وحصل فيها ما جعل البعض يرتبك، ما جعل البعض ينظر أنه لماذا أصابنا هذا الشيء {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}(آل عمران: من الآية165) وهم قدهم يريدوا يتجهوا إلى الله! المحق منه, هو السبب, يمكن نَسيْ, يمكن..! يعني في واقع الحال أنت قد تكون تتعامل مع الله على هذا النحو، ربما نسي, ربما لم يف، ربما.. وإن لم تنطق أنت بهذه، سوء الظن.
ففي مسيرة العمل، عندما يكون الموقف مع الله موقفا ثابتاً… تنـزيهه, نزاهته لا يمكن أن يخلف وعده أبداً. فمتى ما مر الناس بصعوبة ما رجعوا إلى أنفسهم، وإلى واقع الحياة: ربما خطأ حصل من عندنا ونحن نرتب المسألة على هذا النحو، وربما خطأ حصل من عندنا أنه ضعفت ثقتنا بالله عندما رأينا أنفسنا كثيراً.. كما حصل في يوم حنين {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}(التوبة: من الآية25)؛ لأنهم رأوا أنفسهم كثيراً وكانوا ما يزالون بعد نشوة النصر بعد فتح مكة فاتجهوا لقتال هوازن, وبعض القُبُل الأخرى، فقال البعض:[لن نهزم اليوم من قلة] رأى جموعاً كثيرة، لن نهزم اليوم من قلة. وعندما يكون هذا الشعور داخل الكثير، بدل أن تكون النفوس ممتلئة باللجوء إلى الله، واستمداد النصر منه، والتأييد منه، الذي تعبر عنه الآية: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة: من الآية250) لن نهزم اليوم من قلة.. فهزموا هزيمة منكرة.
الإيمان على هذا النحو هو الذي يدفع الناس إلى أن يرجعوا إلى أنفسهم فيصححوا أخطاءهم ويكتشفوا أخطاءهم، ويُحَسِّنوا من أوضاعهم، ويُحْسنوا خططهم, ويُحْسنوا تصرفاتهم، ويظلون دائماً, دائماً مرتبطين بالله مهما بلغت قوتهم، مهما بلغ عددهم، يظل ارتباطهم بالله قوياً، ارتباطهم بالله وهم مائة ألف كارتباطهم بالله يوم كانوا ثلاث مائة شخص، أو أقل.. متى ما انفصل الناس عن الله, ورأوا أنفسهم وكأنهم في حالة لا يحتاجون معها إلى تأييد من الله سيضربون، سيضربون.. [لن نهزم اليوم من قلة] هي التي ضربت المسلمين في حنين.
وفي يوم أحد ما الذي ضربهم؟ هو العصيان للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله), عندما عصى البعض وسكت الباقون فكأن معصيته هي تعبر أو أنها تحظى برضاء الآخرين, أي لم يستنكروا ما حدث من أولئك عندما تخلفوا عن الحفاظ على الموقع الذي أكد عليهم الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يظلوا فيه ولا يبرحوا منه، فحصل أن ضُربوا ضربة شديدة، وهزموا هزيمة منكرة، بعد أن كانوا في بداية المعركة كما قال الله عنهم: {تَحُسُّونَهُمْ} يعني قتل هكذا، وكأنه قتل بسهولة وسريع {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ}(آل عمران: من الآية152) حصل ما حصل فحصلت هزيمة، وحصل قتلى، وقتل نحو سبعين شخصاً.
الإيمان.. الإيمان بالله سبحانه وتعالى الذي يعني في ما يمثل من التجاء بالله في كل الظروف, ثم إيمان بأهمية الاستمرارية على أسباب النصر هي جزء من الإيمان بالله.. وأنت إذا لم تلتزم فقد يحصل عليك مصيبة ثم تحمل الله المسؤولية، ثم تسيء ظنك بالله، وتكون أنت في الواقع الذي جنيت على نفسك من البداية {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}(آل عمران: من الآية165).
وهكذا إذا تأمل الإنسان كم سيجد لتنـزيه الله سبحانه وتعالى من أهمية بالغة مرتبطة بكل القضايا، في كل الميادين، في مواجهة المفسدين، في مواجهة المضلين، في مواجهة أعداء الله، حتى في المواجهة الكلامية في حالات النقاش.. وأنت تنطلق من قواعد ثابتة, مهما نمق الطرف الآخر كلامه أمامك, وزين شبهته لديك، لن تضطرب أبداً؛ لأنك سترى أن كل هذا الكلام المنمق الذي جاء من جانبه، مبني على أساس فاسد، المسألة من أساسها غير صحيحة.
[ الله أكبر, الموت لأمريكا ,الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود , النصر للإسلام]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دروس من هدي القرآن الكريم
سلسلة متفرقات/ معنى التسبيح
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 9/2/2002
اليمن – صعدة
التعليقات مغلقة.