قوات أمريكية في الجنوب والشرعية خارج الحسابات
لم يكن إعلان الكونجرس الأمريكي عن إرسال قوات أمريكية إلى جنوب اليمن مجرد كشف عن خبر بل تعدى ذلك ليصبح لعباً بأوراق مكشوفة أكدت صحة ما كان يقال منذ أول يوم للعدوان على اليمن قبل أكثر من عام ومنذ سيطرة القاعدة على حضرموت وباقي محافظات الجنوب تزامناً مع العدوان حيث قاتل عناصر القاعدة مع التحالف السعودي جنباً إلى جنب كما تحدث الإعلام الأمريكي في حينه.
صحيفة “وول ستريت جورنال” التي عنونت في مايو من العام الماضي تقريراً لها بـ”القاعدة تقاتل جنباً إلى جنب مع التحالف السعودي في جنوب اليمن” واليوم يتولى وكلاء واشنطن “التحالف السعودي والقاعدة وداعش” ليفسحوا للجيش الأمريكي الطريق إلى قاعدة العند بالتزامن مع انسحاب القاعدة بالتوافق مع العدوان إلى مارب وتعز والبيضاء تمهيداً لدخولٍ أمريكي إلى الشمال كما يحدث اليوم في الجنوب.
وأعلن الجيش الأمريكي الجمعة الماضية أنه أرسل “قوة صغيرة” إلى اليمن لمساندة الحملة العسكرية ضد القاعدة فيما قال مسؤولون أمريكيون إن البنتاغون يوفر الدعم العسكري والاستخباراتي والسفن والعمليات الخاصة لمساندة تلك الحملة.
وقالت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية أنه “إنه على الرغم من ان العمليات الأَمريكية ضد القاعدة كانت تقتصر فقط على الضربات الجوية، لكن إعلان (الجمعة) يشير إلى مستوى جديد من تورط الولايات المتحدة في الصراع باليمن”.
وفي الوقت الذي يدعي الجيش الأمريكية أنه في مهمة محددة في اليمن لمساندة الحملة العسكرية على القاعدة تتضح فصول أخرى للعبة التي أدراتها واشنطن منذ العدوان وبعد ذلك تمكين القاعدة في الجنوب واليوم يتخذونها ذريعة للتواجد الأمريكي في اليمن أما الحرب على القاعدة فكانت مجرد صفقات معلنة كما حدث في أبين حيث تم التوافق مع القاعدة على الانسحاب من زنجبار وجعار لمدة خمسة أيام دون ان يتم اعتراضهم وكذلك حدث في المكلا.
أسئلة تطرح نفسها وهي إلى أين الحملة العسكرية ضد القاعدة ليقوم الامريكيون بمساندتها طالما والقاعدة تنسحب دون قتال وباتفاقات وضمانات؟ ولماذا يتم الاتفاق معها على الانسحاب من الجنوب دون قتال فإلى أين ينسحبون؟ ولماذا يعتقد هادي والمرتزقة الذين معه ان المشكلة هي تواجد القاعدة في ابين وحضرموت فقط أما انسحابهم منها إلى أي منطقة باليمن فلم يعد تحت مسؤوليات “الشرعية المزعومة”؟ والإجابة على تلك الأسئلة يكمن في تمكين القاعدة من الجنوب بالتزامن مع العدوان ثم بعد ذلك تنسحب القاعدة من الجنوب لتحل القوات الامريكية مكانها وتأتي الخطوة التالية بتمكين القاعدة في الشمال تمهيداً لتواجد أمريكي بنفس الطريقة التي تحدث اليوم في الجنوب.
- القاعدة والانسحاب من الجنوب إلى الشمال: تكرار السيناريو
قبل قدوم القوات الأمريكية بيوم أي في يوم الخميس الماضي تم الإعلان عن اتفاق بين الفار هادي وسلطات الاحتلال في أبين مع قيادات تنظيم القاعدة بمحافظة أبين بوساطة قبلية ومن السلفيين يقضي بانسحاب القاعدة من مدينتي زنجبار عاصمة محافظة ابين ومدينة جعار بحيث يستمر الانسحاب لخمسة أيام متتالية تلتزم خلالها قوات الاحتلال بما في ذلك الطيران بعدم التعرض لمسلحي القاعدة الذين لم يكشف الاتفاق عن وجهتهم التالية.
وكشف مدير امن محافظة أبين العميد ناصر علي هادي المعين من قبل الاحتلال عن تفاصيل الاتفاق مشيرا إلى ان لجنة وساطة مكونة الشيخ السلفي عباس طاحل والقيادي بالحراك الجنوبي عادل الحسني وشخصيات أخرى أجرت عملية تواصل بين السلطات وقيادات القاعدة انتهت بالاتفاق على انسحاب عناصر القاعدة من مدينتي زنجبار وجعار.
ونص الاتفاق على التزام ما وصف بـ” الحكومة بعدم تنفيذ إي عمليات عسكرية خلال الـ 5 أيام التي ستشهد الانسحاب بما في ذلك أعمال القصف الجوية التي ينفذها طيران التحالف”.
إذن تصل القوات الأمريكية إلى الجنوب للمساعدة في الحرب على القاعدة بجنوب اليمن في الوقت الذي يغادر عناصر القاعدة من الجنوب ويتم نقلهم إلى الشمال ليتكرر سيناريو تمكينهم من الجنوب في خطوات تثبت أن القاعدة تتحرك وفق الاجندة الأمريكية وإلا لماذا ساندت التحالف السعودي في مواجهة الجيش واللجان الشعبية واليوم تنسحب دون قتال وتترك مواقعها للجيش الأمريكي؟
وفي محاولة لمعرفة عن وجهة القاعدة بعد انسحابها من المكلا وبعد ذلك من محافظة أبين أكد مصدر باللجان الشعبية أن المعلومات تؤكد أن تحالف العدوان السعودي والمرتزقة فتحوا قاعدة معسكر العند بمحافظة لحج القريبة من عدن لدخول مسلحي القاعدة وهناك تجري عملية نقلهم على دفعات باتجاه محافظة تعز وتم ذلك قبل ان تصل القوات الأمريكية لتقيم في قاعدة العند.
وبحسب المصدر تم رصد عشرة أطقم محملة بعناصر القاعدة قدمت من قاعدة العند وجرى تقسيمها بمعدل طقمين اتجهت إلى منطقة التربة بمحافظة تعز وتكررت العملية بطرق أخرى جرى فيها نقل عناصر القاعدة المنسحبين من المكلا باتجاه محافظات مأرب والبيضاء والجوف.
- أكذوبة الشرعية والتحركات الأمريكية
مع اندلاع العدوان على اليمن كانت التحركات السعودية والاماراتية واضحة المعالم انها تسير مع التنظيمات الإرهابية وفق اجندة أمريكية ويؤدون جميعهم مهمة أولية وتمهيد للاحتلال الأمريكي.
وفي ابريل الماضي بدأت ملامح المخطط تتضح عندما أعلن الكونجرس الأمريكي أن الامارات قدمت طلباً رسميا للمساندة في الحرب على القاعدة التي لم تحدث أصلاً وجاء إعلان الجمعة الماضية من الكونجرس الأمريكي عن استجابة واشنطن للطلب الإماراتي وبين الطلب الاماراتي والقبول الأمريكي لم يأتي ذكر “الشرعية المزعومة” التي اتخذت ذريعة للعدوان ولكن دخول القوات الأمريكية لم يحاول ان يحبك المسرحية ولو بمجرد الإعلان عن علم “الشرعية” بالخطوتين.
شهر ابريل الماضي شهد خطوة أمريكية أخرى كشفت أطماع واشنطن في باب المندب تحت ذريعة القاعدة أيضا حيث أجرت 30 دولة تقودها البحرية الأمريكية مناورات في مياه الشرق الأوسط زعمت واشنطن أنها ستساعد في حماية الممرات البحرية من خطر الجماعات الإرهابية.
المناورات التي جاءت تحت اسم “التدريب العالمي المضاد للألغام” والتي أقيمت في البحرين التي يتمركز في مياهها الأسطول الأمريكي الخامس يقول عنها كيفين دونجان، قائد القوات البحرية التابعة للقيادة المركزية الأمريكية انها “تستهدف منع المتشددين من إحداث أي تعطيل للملاحة، حيث علمت القيادة العسكرية الأمريكية “برغبتهم في عرقلة الممرات التجارية”.
وأضاف دونجان أن المنطقة الشرق أوسطية “توفر فرصة تدريب قوية لمختلف الدول في جميع أنحاء العالم نظرا لوجود 3 من أصل 6 مضائق بحرية رئيسية” فيها، وذلك في إشارة إلى كل من قناة السويس ومضيق باب المندب ومضيق هرمز.
وأمام الاحتلال الأمريكي الواضح والمعلن للجنوب أثبت مرتزقة الرياض في مفاوضات الكويت أنهم مجرد أدوات وليسوا أصحاب القرار حيث أكدت مصادر مطلعة في الكويت ان وفد القوى الوطني وجه عدة أسئلة لوفد المرتزقة بشأن معرفتهم أو علمهم المسبق بقدوم القوات الامريكية وموقفهم منها لكنهم عجزوا عن الرد ولو بكلمة واحدة.
في هذا السياق أعلن أنصارالله رفضهم القاطع للقوات الأجنبية عن طريق الناطق الرسمي محمد عبدالسلام الذي يرأس وفد انصارالله في الكويت وقال في تصريحات صحفية” “ليخرج الاحتلال من بلدنا غزاة وعتاد ومن يدعي الشرعية ويتحدث عن سلاح الجيش عليه أن يخبرنا اولا عن معنى السيادة والاستقلال والحريّة”
واضاف “رفض انتهاك السيادة اليمنية ودخول قوات اجنبية واحتلال موانئ ومطارات هو المعنى الحقيقي للدولة وللهوية الوطنية الجامعة”
ووجه تساؤلا لمرتزقة رياض عندما قال:” يوم كنّا نقول القاعدة وداعش تتواجد في بعض مناطق الجنوب ويجب على الجيش ان يتولى مهمة مواجهتهم استنكروا ذلك واليوم نسألهم امريكا لماذا جاءت!؟؟”
يعجز مرتزقة العدوان عن إجابة تلك الأسئلة كما عجزوا عن اثبات وجودهم على الأرض ولم يتمكنوا إلا من اثبات أنهم أدوات العدوان فيما العدوان والمرتزقة والقاعدة أدوات الاحتلال الأمريكي الذي سخر دول العدوان ومرتزقتهم وصنائعه الإرهابية لخدمة مشروعه في المنطقة.
أخيراً يمكن القول إن ما سمعه الشعب اليمني من قبل قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي الذي كشف وأكد مراراً في خطاباته المتزامنة مع العدوان أن جميع من يقف في خندق العدوان بما في ذلك دول العدوان كلها أدوات للاحتلال الأمريكي لكنه اليوم اصبح واقعاً معلناً.
التعليقات مغلقة.