الرويشان كنموذج للمثقف المعاق الذي يرى العالم كوما من الديدان
مقالات|26سبتمبر|بقلم/ عبدالملك العجري:
رواية خالد الروشان للتاريخ اليمني هي رواية المثقف المأزوم الذي يسقط تشوهاته النفسية على التاريخ والوقائع الاجتماعية، الحبيس لانطباعاته الذاتية وعقد الاضطهاد فيشعر أنه ضحية الزمان ويربط بين الماضي والحاضر بطريقة سحرية مؤسطرة.
أصدقكم القول إني تفاجأت بالرجل فلم أتوقع أنه على هذا النحو من الكساح الثقافي.
خالد الرويشان لا يرى في ألف عام من تاريخ اليمن إلا بركة آسنة مليئة بالديدان والجهل أما الحوثيون فيمثلون خلاصة قصة الألف عام الدامية الطويلة، بدايةً ونهاية. .سببا ونتيجة رغم تغيرات العالم وشعوبه. وتقدم الإنسان ووصوله للقمر والمريخ..على حد وصفه .. إذاً الوزير المثقف لا يرى في الحوثيين إلا تكرارا رثا للماضي أو كمقذوف فضائي خارج الزمان اقتحم حياتنا وأوقف آلة الزمن وعطل نواميس التطور ومنع الوزير المثقف من الوصول إلى القمر أو حتى المريخ !!!! حسنا : لنفترض أن ألف عام بركة آسنة مليئة بالديدان وتاريخ من الجهل كما يقول الوزير المثقف، فهل لسعادته أن يخبرنا وكيف استطاع هذا التاريخ أن ينتج هذا التراث الغني والعقلاني في شتى المجالات الدينية والفلسفية والتاريخية والطب والمساحة والجغرافيا والفلك وأن ينجب علماء فطاحلة أمثال لطف الله بن محمد الظفيري اليمني والمهلا بن سعيد الشرفي اليمني وعبد الله بن حسن الدواري سلطان علماء اليمن وابن بهران وابن حابس ونشوان الحميري ومحي الدين النجراني والفلكي محمد بن أحمد عز الدين المعروف بابن العنز مخترع الناظور(التلسكوب)… إذا كان ألف عام تاريخ من الجهل فكيف أنتج هذا التاريخ ذخائر قل نظيرها في التراث الفقهي والكلامي الإسلامي على حد القاضي عبدالرحمن الإرياني الرئيس الأسبق للجمهورية ؟؟ إذا كان كذلك فلماذا وصف شاعر اليمن والعرب عبدالله البردوني النتاج المعرفي لهذه العصور بمعجزة العصور الوسطى وأن اليمن في هذه الفترة كالكوفة والبصرة وبغداد في القرن الثامن والتاسع وحلب سيف الدولة وقاهرة المعز في القرن العاشر؟؟ إذا كان كما قال الرويشان فكيف أغنى هذا التراث اليمن وأغنته كما يقول الشاعر والمثقف والأديب الكبير /عبدالعزيز المقالح “إنه وإن كانت بدايته قد تشكلت خارج اليمن فإن شجرته الكبرى الوارفة الظلال الواسعة الفروع لم تمتد وتتسع ولم تقدم أروع ثمارها إلا بعد أن رحل إلى هذه البلاد واستوطن جبالها وسهولها وحرك في أبنائها حب المعرفة ونزعة الاكتشاف” لماذا هؤلاء العمالقة رأوا فيه هذه الجواهر والنفائس والوزير المثقف لم ير غير الديدان؟ حسنا سأتطوع بالإجابة: الفرق بينهم وبينه كالفرق بين النحلة والذبابة فالذبابة لاترى العالم إلا أكواما من الديدان والقمامة.
الفرق بينهم وبينه هو الفرق بين المثقف التنويري والمثقف المازوم، المثقف التنويري يرى في ثورة 26سبتمبر مشروعا وطنيا للنهضة والمستقبل،بينما المثقف المأزوم يرى فيها سلاحا لإدانة الماضي واجترار الوعي المرتبط بها واستحياء مورثاتها ومؤثراتها الصراعية. الفرق بينهم وبينه كالفرق بين نقد الماضي وإدانة الماضي النقد فعل معرفي يقارب الاحداث في سياقاتها التاريخية والاجتماعية اما الإدانة فعل نفسي هجائي يلجأ إليه المثقف المعاق كحيلة تعويضية لسيطرة مشاعر العجز في التحكُّم بمجريات الأحداث ووسيلة دفاعية ضد قلق مجهول المصدر أو أخطار فوباوية مرضية و في الخلاصة شكل من أشكال الاضطرابات النفسية والذهنية ..
التعليقات مغلقة.