(السعودية بعد تراجع نفوذها الإقليمي… إلى أين؟)
مقالات|26سبتمبر|بقلم/ بلال ناصر – باحث لبناني:
دخلت السعودية في العقدين الأخيرين تحديات متعددة الأبعاد وبنت تصورات لمواجهتها… وهذا ما فعلته:
أولاً، تضاعف اتهام الحركات “الجهادية” كما السلفية لها بأنها لم ترقَ لتحديّات المسلمين بوجه الغزو المتمادي للولايات المتحدة والغرب منذ احتلال العراق على وجه الخصوص، إضافةً إلى «تدنيس قواتهم لأرض الرسالة بالوجود العسكري».
كذلك أرقها من دوام مقارنتها بإيران “الثورة الإسلامية” وما شكّلته من حضور وقدرة وخطاب في الفضاء الدولي والإقليمي. ظلّت تلك التحدّيات تحت السيطرة ــ بمساعدة الغرب طبعاً ــ حتى بدء «الربيع العربي» لترتفع درجة التهديد بعد سقوط حليفيها الرئيسين الأسبقين حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي بما لا سابق له.
اعتمدت السعودية سياسة تخويف المعارضة الداخلية من شر الفوضى المستطير ــ فوضى الديموقراطية الماثل ــ بضرب النفَس الثوري في الدائرة الثانية (الخليج) والثالثة (الأبعد). ويمكن الجزم بأنها لم تقارب الأزمة السورية لإنجاح «ثورة»، أو لنصرة الشعب السوري (ضمناً “الإخوان المسلمين”)، إنما أولاً لإنهاك النفس الثوري وإظهار خواره وعبثيته، وثانياً لإضعاف نفوذ إيران المتصاعد، وثالثاً لتقديم نفسها كمدافعة عن “أهل السنة” ونيل مشروعية تعوزها، ورابعاً لإبعاد “شر” مشاركة الشعوب عنها.
ثانياً، انتقلت المملكة الى سياسة «المبادرة» سياسياً وعسكرياً في «سابقة». إنها فرصة يجب اقتناصها وتجيير كل شيء لتحقيقها.
جاء تدخلها بأداتها المباشرة تارةً في البحرين أو بأدوات أخرى مثلما هي الحال في الساحات الأخرى. المشكلة لم تكن في مبررات القرار وخلفيته بحسب المراقبين، إنما في كفاءتها وملاءتها لتحقيقه في عالم مضطرب لا تمتلك وسائل وأدوات ركوب أمواج سياسته العاتية. مع ذلك يقر هؤلاء بأنها نجحت في تأمين مجالها الحيوي حتى إشعار آخر. فكان تدخلها في كل الساحات بموافقة وتيسير أميركيين، قبل التراجعات الأخيرة في اليمن الناتجة عن فشلها، حاجةً لها قبل أن يكون دفعاً لعدوها.
من هنا، يعتقد المراقبون أن أي تراجع في حدة المعارك، أو أي استقرار نسبي لن يصب في مصلحتها، خصوصاً في الجبهة الشرقية (البحرين والعراق) أو الجنوبية (اليمن) من دون مخرج انتصار ولو شكلي مشفوعاً بضمانات فعلية.
لن تسمح السعودية لليمن والبحرين أن تكونا «فنزويلا وكوبا أميركا». لذلك ستستمر في سعيها لنقل الثورة الأكثر نموذجية إلى حرب أهلية في البحرين. لكن السؤال الذي يمكن إثارته هنا، هل ستتحول هاتان الحربان إلى ما يشبه لعنة فيتنام على أميركا؟ وهل كانت مقاربتها للمسألتين صائبةً لتقوية حضورها وتعزيزه أم أنها أخطأت التقدير؟ ربما الإجابة أصبحت أسهل الآن. أما بالنسبة لسوريا، مركز الصراع الإقليمي والدولي ومحدد وجهته، فقد فقدت السعودية على ضوء كل التطورات السياسية والميدانية فيه، الدور المؤثر وأصبحت في المقعد الخلفي لطاولة التفاوض القائم. هي اليوم في موقع المنتظر القلق الذي لا يمتلك قدرة التقدم، ولا يعرف كيف يتراجع وأين يثبت.
ثالثاً، بادرت الرياض لـ«استخراج» تحالفات بقيادتها في زمن قياسي وتحت عناوين عدة: تحالف إسلامي، تحالف ملوك، تحالف خليجي، وآخر عربي في وجه إيران. لم ينجح أي منها فعلياً، ما أثر عليها وعلى موقعها كثيراً، فكشف قدرة دبلوماسيتها الجماعية وعمق تأثيرها السياسي! فهل أقصى ما يمكنها هو توظيف تجمعات وميليشيات لا دولاً ومجتمعات؟ وكان فشل مسار دبلوماسيتها الجماعية الذي كانت القمّة العربية آخر محطاته أبلغ حجة ودليل. هذا الفشل أثّر سلبياً عليها وعلى صورتها، إذ ظهرت بصورة المنفعل الذي يطرح شعارات فارغة تفتقد الواقعية والمدى، ما أضعف ثقة الجميع، بما فيهم حليفتها الكبرى أميركا، بنضجها السياسي.
“الحلف الإسلامي” فشل. يُذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زار إيران، غداة إعلان هذا الحلف. أما باكستان ومصر فلم تلتحقا به، وكل قدم مبرراته وصولاً لإندونيسيا التي لم تجار السعودية أيضاً.
وبالنسبة إلى “حلف الملوك”، فلقد اعتذر المغرب والأردن بكل لباقة عن المشاركة به. كذلك الأمر بالنسبة إلى “الحلف العربي” الذي عجزت فيه عن إقناع تونس والجزائر وحتى مصر بالانضمام إليه، فذهب كما نرى اليوم لتلف على القمة العربية لأنها لم تعد قادرة على سَوقها إلى حيث تريد.
وفي خضم ذلك، بدا أنه إذا أمكن للبعض أن يجاريها حول إيران، ولو شكلياً، هو لن يجاريها حول سوريا وحول الهجمات الإرهابية وموقفها من “حزب الله”. ما يدلّ على أن “الدولة العميقة” (النخب والأجهزة العسكرية والأمنية) في أقطارنا العربية تعي التهديدات الفعلية من تلك الوهمية، و”خط السير”. التحقت السعودية بـ”التحالف الدولي” لـ”محاربة الإرهاب”. تلك الخطوة، أي هزيمة “داعش”، هي حاجة سياسية لخطابها، وكأن مشكلة المملكة تكمن في البحث عن مشروعية لتتكئ عليها، في لحظة يزداد فيها العالم تمييزاً بين مالها ومقالها، بما في ذلك الغرب وبرلماناته، وصولاً إلى الولايات المتحدة ومرشحيْها الرئاسيين.
مجلس التعاون الخليجي، وبالرغم من أنه أقدم إطار للتعاون، لا زال يبحث عن تطوير أفق ودور فعلي له، غير التصدّي لإيران. فرغم التماسك النسبي (إذا استثنينا سلطنة عُمان)، نلحظ تفاوتات عميقة بين أعضائه تجاه مختلف القضايا (الإخوان المسلمين، سوريا، اليمن ومستقبله، تركيا ودورها، المدى الممكن للموقف من إيران). تجاوز الأعضاء لهذه الخلافات ارتبط بالدفع السعودي لاستعداء إيران أكثر منه للارتقاء بالواقع العربي والخليجي في ظّل تحدّيات القرن، ما يعني أن هدوء الصراع سيعيد التباينات ويخفف من عصبية تلاقيهم القائمة فقط على مواجهة «الآخر».
رابعاً، اعتمدت السعودية خطاباً سياسياً لم تحد عنه منذ تأسيس طورها الأول إلى الحالي (الثالث)، عماده أن «الآخر يعني عدواً كافراً»، أكان هذا الآخر عربياً أم أجنبياً. ويتضمن التاريخ القريب أمثلة عدة، مثلاً كيف تصدّت للشريف حسين والثورة العربية، ثم للمّد القومي والبعثي باسم “حفظ بيضة المسلمين” مع أنها جيّرت القومية بداية الخمسينيات في وجه بريطانيا، ثم تصدت للمد الناصري، ثم للملكية حيناً، ثم بوجه الشيوعية “ذوداً عن الدين”! كذلك، استغلت الخطاب “القومي” بوجه “مصر الإخوان” و”تونس الغنوشي”، وقبلها وبعدها في وجه “إيران الثورة”.
خامساً، عمّق توتر العلاقة مع الولايات المتحدة وتفاقمها منذ عام 2001، هواجسها الوجودية. فهي لا تستطيع الخروج من عباءة أميركا الضامنة لها والحامي الوحيد. تاريخياً، استبدلت السعودية حماية بريطانيا العظمى بالقوة الصاعدة الى القمّة حينها، أميركا. والسؤال الذي يطرح اليوم، بأي اتجاه ستذهب بعد أي تصدع بعلاقتها بحليفتها الكبرى واتساع انعدام ثقة؟ من سيؤمن لها الحماية؟ فمسار انتقال النظام العالمي اليوم لا يسير وفقاً لوتيرة وراثة الولايات المتحدة لبريطانيا. إذاً، ما هو بديل أميركا اليوم الذي يمكنها ملازمته مستقبلاً؟ الإجابة ليست متوفرة بعد. هل هذا الواقع سيدفعها إلى البحث عن هامش تؤقلم فيه سياساتها لرتق شبكة أمانها؟ وهل سيكون ذلك بالتحالف مع إسرائيل؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام والتطورات المقبلة.
عمّق توتر العلاقة
بين السعودية والولايات المتحدة وتفاقمها من هواجسها الوجودية
سادساً، لقد أطلقت السعودية دعوة «التقارب من الإخوان المسلمين» مع الملك سلمان حين تسلم الحكم، إلا أن هذه السياسة أيضاً لم تبصر النور. في هذا الوقت، أصرت على تبنيها عبد الفتاح السيسي في مصر وتثبيت حكمه، ولم تبدِ أي استعداد وخطوات عملية لاستيعاب “الإخوان” في النظام السياسي لديها، كما لم تبلغ حدّ المساواة بالنظرة إلى هذا التنظيم، إلى جانب المعلومات التي أكدت حسم خيارها بالتخلي عن حركة “حماس”. والأقوى حجة، أنها لن تفضّل “الإخوان” على الإمارات، إذا ما اضطرت للاختيار. وليس آخراً، موقفها الباهت من محاولة الانقلاب الأخير على حكم أردوغان والتعاطي الخليجي إعلامياً ودبلوماسياً.
هذه الوقائع تدلّ على أن انفتاحها عل “الإخوان” كان «وظيفياً» في مواجهة إيران ليس إلا. والسؤال الكبير في هذا السابق يبقى: هل باتت نخب وقيادات الإخوان على يقين من هذا الأمر؟
سابعاً، جيّرت المملكة ورقة النفط في صراعاتها، فبات سيفاً عليها لا سيفاً لها. وسيكون متعذراً عليها النهوض بمشروعها الطموح «السعودية 2030» في ظل بيئة متوترة وأسعار نفط تنخفض باطراد.
ثامناً، تفاجأت الرياض، بل صُدمت، بدخول روسيا المنطقة من بوابة التعاون الاستراتيجي مع إيران، ذلك عُدّ تحوّلاً في البيئة الاستراتيجية للمنطقة. كما أن دخول روسيا المباشر أضرّها بالصميم، بالنظر إلى وزن روسيا الاتحادية القارّي والدولي وتأثيرها على بعض حكومات واتجاهات العالم العربي. وجاء الضرر الرئيس من كون هذا التدّخل شوّه خطابها لتفسير الصراع وفق قاعدة مذهبية، وأدّى الى حرفه ولو جزئياً لغير ما تبتغيه.
سعت الرياض إلى استمالة روسيا عبر صفقات اقتصادية وسياسية عدة، لكن لم يظهر أن روسيا جاهزة لتفرّط بما هو استراتيجي مع إيران – الأقوى في المنطقة ـ لطرف ليس له قوّة الضمان فضلاً عن التأثير الذاتي (لفرط ارتباطها بالولايات المتحّدة) من دون أن يلغي ذلك السعي الروسي والإيراني للانفتاح والتعاون مع دول مجلس التعاون بأجمعهم وفتح قنوات إضافية. لكن دخول روسيا لا يخلو من وجه فائدة للسعودية، إذ أتاح لها فرصة ممر سياسي أو غطاء «خروج» إذا ما طالت الأزمة وفشلت في تحقيق ما أرادته.
تاسعاً، لا تستطيع السعودية القبول بمنطق الفيدراليات، لكونه خطراً فعلياً عليها خصوصاً بعد حالة «الشك» التي بلغتها في علاقتها بالولايات المتحدة وعدم إنكار الأخيرة ما سُرِّب في أكثر من مكان عن مخطّطها التفتيتي للسعودية ومحاولاتها الموثقة ترغيب سكان شرق المملكة. ولا تستطيع السعودية أن تذهب بعيداً في سياسة التخريب الداخلي عند خصومها، لأن ذلك سيف ذو حدّين أولاً، يضاف إليه سمة زمان اليوم «العولمة» و«الشرق الأوسط» الذي تتصدّر كيميائية «طابخ السّم آكله» تجربته السياسية.
عاشراً، أصبحت خياراتها لتحقيق أغراض سياسية بدعم “داعش” في العراق وسوريا كما السابق مستحيلة، وتحول السباق اليوم على قتاله. كما أن أي فعل “إرهابي” سيعزّز فرصة “عدوتها” إيران ويعطيها مشروعية ويضاعف إمكانية تحويل التهديد إلى فرصة، كما حصل فعلاً، فما بالك إذا أضفنا إلى حساباتها أن العراق على حدودها.
حادي عشر، إن أيّاً من حروبها اليوم لم يحقّق أهدافه. اليوم لا نسمع عن حضورها في العراق حتى في وسائل الإعلام، ولا نلحظ لها مشروعاً قادرين على النهوض به في سوريا، (كما هو حال تركيا التي ترتكز على حركة “الإخوان” كعنوان ارتكاز يمكن أن تجيّره في أي تسوية سورية). وفي البحرين، لا يمكنها استمرارها بالسير في معاكسة الرأي العام العالمي والحقوق الطبيعية للبشر بالإطاحة بالأكثرية الساحقة وثورتهم الوطنية السلمية النموذجية. وفي لبنان، قطعت مع نصف الشعب اللبناني وتصدّعت علاقتها مع النصف الآخر لافتقادها رؤية ومنهجية اقتراب سياسي متماسكة في الساحة. ويبقى اليمن التهديد الأكبر والأكثر خطورة على مستقبلها وأمنها إذا ما استمرت الحرب، حيث مثل كل من حرب اليمن والتدخل في البحرين تقويضاً لقوّتها الناعمة. وتعيش السعودية بالتزامن حرباً سياسية إعلامية متصاعدة تطال صورتها، إلى جانب إدانات الرأي العام العالمي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية ووسائل الإعلام، رغم محاولاتها لشراء بعضها ونجاحها جزئياً.
تخسر المملكة اليوم قوّتها الناعمة من دون أن تفلح بالتعويض في قوتها الخشنة، ما يعني تراجع قوتها الشاملة. كذلك، دخلت السعودي مرحلة تراجع الوزن الاقليمي، ما يجعلها تحتاج بالفعل إلى خطة أشمل، حتى من مشروع محمد بن سلمان لعام 2030 الذي مهما اختلف المتابعون في تقييمه وجدية السير به، إلا أنهم اتفقوا على حاجة المملكة لمواجهة التحديات المتنامية في أكثر من دائرة وتسارعها إلى تجديد يطال كل شيء فيها. ولكن هل يمكن السير بـ”الخطة الثلاثينية” في بيئة استراتيجية مهددة؟
في هذا الوقت، تدخل السعودية دائرة المأزق الاستراتيجي، حيث تضمحل أوراقها السياسية للتفاوض تباعاً، وتفشل دبلوماسيتها الجامعة، وبعدما بلغت قوتها الخشنة حدودها، وانكشاف مسعاها نحو “الإخوان المسلمين”، لهذا هي تستعد لسلسلة من الخطوات:
أولاً، تستعد لتحويل قضية فلسطين إلى جسر من خلال تقارب تدريجي مع إسرائيل. تبدو هذه آخر أوراقها لبناء منظومة حماية إقليمية بعد تيقنها من ثقب المنظومة الأميركية لحمايتها. وبقدر ما يحمل من عناصر قوة بضم إسرائيل وربما مصر السيسي إلى حلفها، إلا أن ذلك يحمل عناصر تهديد كبيرة عليها.
ثانياً، تنتظر الانتخابات الأميركية. كل المعطيات تؤكد أن أميركا ستكون امتداداً لسياسة باراك أوباما في المنطقة مع هيلاري كلينتون أو أسوأ منه مع دونالد ترامب.
يبقى احتمال آخر تستبعده المملكة، لكنه الأقرب إلى المنطق وبوابة الحل لو تأملت بهدوء وبعد نظر، وهو امتلاك شجاعة التفاوض المباشر.
بمعرفتنا ومتابعتنا لتجربة المملكة، فإنّها لن تقبل بأي تفاوض مباشر مع إيران اليوم أو حتى على طاولة تفاوض رباعي إقليمي «إيراني تركي مصري سعودي» من دون تفاهم أميركي – روسي أو أميركي – إيراني (لن تُقدم إيران عليه) يُرسِّم الحدود في المنطقة. سيُفقد أي تفاوض سعودي إيراني مباشر اليوم فاعلية اللعب على الوتر المذهبي الذي أنشأ لها حزام أمان، ولو مستقطع. مهما أعطت إيران من ضمانات، فإن السعودية تدرك أن الاستقرار والهدوء سيفتح عليها أسئلة لا قبل لها لأنها ليست في زمن الستينيات أو السبعينيات، إنها في زمن “ما بعد تموز” وما بعد “الحراك العربي” وما بعد أحادية أميركا، وزمن تفرّدها في قيادة شؤون العالم والمنطقة.
في المقابل، لا يفترض بـ”محور المقاومة” الذي استعاد المبادرة في الميدان والسياسة وعرّف هويته وتمايزها في الثقافة، تحمُّل أذى المملكة إلى حين انتهاء حالة المراوحة التي تعيشها. لذا، على هذا المحور أن يستحّث الخطى لمسايرة الصمود والتصدي العسكري والميداني بتفعيل مجالات الفعل الأخرى لا سيما الدبلوماسية والقانونية والثقافية:
– تعريف الجمهور والرأي العالمي بالدور السعودي الخطير على البناء الحضاري وتهديد البشرية بحروب دينية وصدام حضاري يلاقي أفكار صموئيل هانتغتون الجنونية.
– التمنّع عن أي نقاش أو تفاوض سياسي مع الولايات المتحدة حول شؤون المنطقة بل السعي الحثيث للتصدي الدائم للمشاريع الأميركية وإسرائيل كمبدأ وهدف.
– تفعيل اليد الدبلوماسية من الهيئات البحرينية واليمنية باتجاه الفضاء العربي والدولي، خصوصاً أن أغلب هذه الدول تقترب من دورة حكم جديدة لإظهار حقيقة المظلومية ومحاصرة السعودية دبلوماسياً، لتظهير جرائم السعودية وانتهاكاتها الفاضحة لحقوق الإنسان وشرائها للضمائر وللمؤسسات الدولية.
– عدم التراجع البتة عن خطاب تعرية السعودية وقوتها الناعمة والتمييز بين الشعب السعودي وبعض مشيخاته. فليس كل ملوك آل سعود تجاراً يبيعون القضية الفلسطينية ولا كل علمائهم مجندين وموظّفين عند الملك وراضين بتعاون ملوكهم مع أميركا واستباحة سيادتهم، ولا كل شعبهم راضياً عن هذه الصورة النمطية التي غدت مرتكزة في أذهان الناس عن السعودية في أقطار الأرض.
– الانفتاح والمبادرة لبقية الدول العربية – وتفعيل الحوار معها والتبيان الصريح للتمايز الصارخ بين النموذج السعودي وغيره من النماذج المقبولة في بعض دول الخليج العربية مثلاً.
– إعادة تقويم العلاقة مع “الإخوان المسلمين” عبر حوار مباشر بهدف السير إلى تقارب عملي. في المدى البعيد، وبرغم خطايا محمد مرسي وعنجهية أردوغان، إلا أن عقل وقلب أجيال “الإخوان” وشبابهم المؤمن لن تقبل إسرائيل ولا أميركا، وهذه أكبر نقطة تلاقي ممكنة بين أي حليفين في هذا الزمن. لذلك ينتظر مزيد من التقارب الإيراني ــ التركي، والعمل على التقارب لحل الأزمة السورية بما يحفظ لسوريا هويتها بوجه إسرائيل والسياسة الأميركية. وهذه حاجة إيرانية تركية مشتركة من منطلق إسلامي ومصلحي.
– تقديم ضمانات لتركيا ولصبغة النظام الإسلامي فيها.
– قطع الطريق على محاولة إسرائيلية مع بعض الحكومات العربية لمحاصرة “حماس” و”الجهاد الإسلامي” كمقدّمة لإنهائهم في ظل ما يبدو من مؤامرة لاستهدافهم.
– التحرك للتنبيه من مخاطر ولا مشروعية أي خطاب يستسهل العلاقة مع إسرائيل ـ بما يحاصر السعي السعودي ـ ويحول دون أي محاولة لتبريره برجال دين “غب الطلب”.
– التوجه الصريح للحكم السعودي لوقف رهانه على أميركا. أميركا الجديدة لن تكون إلا أكثر عجزاً عن إنقاذ حضورها فضلاً عن تأمين نظامه. ذات يوم كتب فرانسيس فوكوياما “أميركا على مفترق طرق” فهل ضلّت الطريق الذي طالبها به أم أن عالم اليوم أعقد مما تظنه؟
* باحث لبناني
التعليقات مغلقة.