شعراء يمانيون في رحاب الإمام الحسين(ع)
هذه القصائد مأخوذة من ديوان في رحاب الإمام الحسين الصادر عن مؤسسة الإمام زيد بن علي عليهما السلام
لوعة الانتظار
«قصيدة نثر» زكريا يحيى المهدي
في كربلاء
أنّات عين السبط
تتضوع عطشا
كي تبقي أجفان الإسلام مفتوحة
وغير ظامئة من الدمع
لكن سرعان ما حاول الليل بأسراب النوم
تمزيق أجفانه
ليصلب رأسه على وسادة الفجائع
***
الكوابيس
تجيء في هيئة فيروسات أموية
تفشل في كل محاولة
لاختراق صفحته في الخلود
***
في يوم عاشوراء
عصاة موسى تنجو مجدداً
برفعها رأس الحسين إلى السماء
دون أن تشق بحراً….
…. بل شقّت رمال نينوى
***
في يوم عاشوراء
توضأت رمال حزني
من زمزم دمع الحسين
وصلت على جسده دون رأس
ركعةً واحدة
وتتلو في تشهدها
لوعة الانتظار:
…………….: يا لثارات الحسين.
عاشوراء
«مجزوء الرمل» زيد علي مصلح
إن عاشوراء جرحٌ
في فؤاد الدين غائرْ
قطّع القوم حسيناً
وارتضوا للحكم فاجرْ
نكسة للعرب آهٍ
إنها كبرى الكبائرْ
أورثتنا اليوم خزياً
ما لهذا من نظائرْ
***
طعنةٌ في قلب طه
كيف لا تهوي الكواكب
ينزف القلب دماءً
فهو بالآلام ذائب
لم تبرده الليالي
فهو هذا اليوم لاهب
قطرة بالطف كانت
سيلها في القدس ساكب
***
عالمٌ في الدرس يتلو
غيره للندب صائم
زاهدٌ في البيت يدعو
أو على المحراث قائم
تاجرٌ أو فيلسوفٌ
أو خطيبٌ أو مسالم
أو يزيدٌ أو زيادٌ
كلهم للسبط ظالم
في ذكرى الحسين
«تفعيلةـ مستفعلن» سـُـهيـْل المَـكِّـي اليـمانـي
كُـنـّـا ..
إذا هـجعَ الظّلامُ سـرى بـنا
وإذا اكتـوينـا….
دخل المسـاجدَ قائـما
ليـؤمَّ أعلامَ الهُـدى
ويـؤمّـنــا
وإذا تـلطّفَ في ({المـدينـةِ}) بـاعِـثـاً
أحَـداً ليـنـْـظُرَ أيـُّـها ..
أزكى طعاماً في المسـاءْ
رفعَ الدعاءْ
وأضاء نجمٌ في السـماءْ
ورأيتُ أقلامَ التـّـناسكِ في العيـونْ
نـسخت مواريث الكتـابْ
من كل فنٍ صـُرّةٌ
وبـكل سابـحةٍ ربـابْ
***
في ذات ليـلٍ ..
والمدى اغتـرف الشرابْ
والبـحرُ أعذبُ مايـكونْ
والميـم من قلمٍ ونـونْ
والسـطر يـغفو في المسافةِ لامداد ولا جـنــونْ
أبـصرتُ في فودَيـْهِ أغنـيةَ السـّرابْ
وفراغ فصلٍ من رضـابْ
***
ورأيتُ ذات الليـلِ في عشرٍ تـفورْ
شـفعاً ..
ووِتـْـراً ..
وانتِـصاراً وانتِـحابْ
فنظرتــُـهُ حتـى تـحوقلَ في التـرابْ
ذات التـرابْ
والكرْمُ فيـهِ ، ونـطفة الكأسِ الدهاقْ
وعذلتـُهُ..
حتـى تـروْحنَ واسـتـرابْ
ورأيتُ في ساقينِ تـضـرِبُ في السـّـحابْ
أسـجافَ أسـْرِجةِ الغمامْ
تـستـوقدُ الـمـُـلَـحَ الطريفة في خفاءْ
والحانةُ اتــّـقدتْ وسـَـوّرها الغبـارْ
سـكرى بـأسـْلمةِ النـذورْ
والفـُـلْـكُ يـسري فوقَ موجٍ كالجبـالْ
غزلـتـْـهُ مانـقضتْ حروفاً أو مِـثــالْ
إلا لتـفسيرِ المثـانـي ، أو مقالْ
فلكلِ فاتـِـحةٍ جــِـدالْ
ولِكلِ مسـْألةٍ كتــابْ
في رحاب عاشوراء
«الكامل» ضيف الله حسين الدريب
أبحرتُ في يوم الطفوف مسافرًا
نحو الحسين وجنده الكرماءِ
وشواطئ الأحرار شدت مهجتي
نحو الإباء وعزة النجباءِ
أبحرت بحـثًا عن دروس كفاحهم
وسفينتي شعري ونبض ولائي
ورفعت للسبط الحسين تحيتي
وتحية الثوار والـشرفاءِ
وكتبت عهدًا للحسين بأننا
سنظل ثوَّارًا على الأعداءِ
فوجدت بحر السبط بحرًا هائـجًا
متوثـبًا للبطش بالزعماءِ
أمواجه بدم الطفوف قويةٌ
تجتاح كل معاقل العملاءِ
وتمد ثوار الشعوب بشحنةٍ
تجتث أمريكا أساس الداءِ
وتدك أفئدة اليهود ومكرهم
بعزيمةٍ وبصيرةٍ ومضاءِ
ووجدت نبض السبط في عليائه
مستبشـرًا بمسيرة العظماءِ
مستبشرًا بجهادكم ونضالكم
في ثورةٍ نبويةِ الأضواءِ
ووجدت أنسام النبي محمدٍ
قد أشرقت من وجهه الوضاءِ
ألفيته كأبيه حيدر فارسًا
لا يستسيغ العيش في الظلماءِ
تنساب من قلب الحسين فضائلٌ
ومكارمٌ كمكارم الزهراءِ
طلبت بحور الشعر منه وصيةً
أبدية قدسية الأصداءِ
فأجابها إني نـشرت وصيتي
وكتبتها في كربلا بدمائي
ورفضت أن أعطي يزيدًا بيعةً
كي لا أقر خلافة الطلقاءِ
وصرخت لا للظالمين وبطشهم
ورفعت للمستضعفين لوائي
فتخلف الآلاف عن نـصري وهم
قد بايعوني بيعة الجبناءِ
نقضوا عهود الله حين تنكروا
وتـسربلوا بالصمت والإبطاءِ
يا ويحهم قد شاركوا بسكوتهم
في ذنب عاشورا بلا استثناءِ
وعقوبة التفريط سوف تنالهم
وتلوح في الـسراء والـضراءِ
ووصيتي لا تنطوي في جلسةٍ
وقصيدةٍ ثوريةٍ عصماءِ
فتعلموا نهج الحسين و هديه
وامضوا مع القرآنِ والقرناءِ
عادت سفينة رحلتي من كربلا
وشحنت أقلامي بحبر وفائي
لأصوغ للشعب الأبي قصائدًا
ثورية تجتث كل بلاء
وتظل عاشوراء درسًا خالدًا
في ثورة الأدباء والشعراء
خطرت ببالي قصة البدر الذي
أحيا علوم الآل في الأرجاء
تسمو مع الذكرى إليه تحيتي
فهو الأبي ونبع كل إباء
وهو الأب الروحي للفكر الذي
لولاه ما انهارت قوى السفهاءِ
وهو الذي من هديه ودروسه
سطع الحسين بنوره الوضاء
مرت مسيرة عزنا بمراحلٍ
بالسجن والتعذيب والإيذاءِ
كبداية الإسلام حين تجحفلت
في دربه منظومة الخبثاءِ
الكل يذكر كيف كانت أمتي
في دربها المحفوف بالأرزاءِ
كم عانق المستضعفون همومهم
وتشردوا في لفحة الرمضاءِ
وتفنن الطغيان في تنكيله
والكل يعرف قصة السجناء
وإذا يزيدٌ قد تجدد فتكه
في ظل حكامٍ من الغوغاءِ
في ظل أمريكا كوانا بطشهم
وتحكموا في العلم والعلماء
وغدت مصانعهم تبث مناهجًا
ترضي اليهود بموطن الإسراءِ
ويذوق أحباب النبي وآله
في كل أرضٍ هجمة البغضاء
حرية التعبير نالت قسطها
من موجعات الكبت والإلغاء
كم فاض حبي نحو آل محمدٍ
متخفـيًا عن أعين الرقباءِ
كم عشت عاشوراء دمعًا ساجمًا
كم صغت بالدمع السخين رثائي
لكن دمعي لم يحرر موطني
بل حررته قوافل الشهداء
تلك القوافل صاغها بدر الهدى
وترعرعت في روضه المعطاءِ
ومضى حسينٌ نجله يسمو بها
حتى غدت كالقلعة الشماءِ
ومضى أبو جبريل يسلك دربه
في حكمةٍ وبصيرةٍ وعطاءِ
والتف أنصار المسيرة حوله
يستنصرون الله ذا الآلاءِ
جعلوا هدى القرآن نور قلوبهم
بالوعي والتسليم والإصغاء
رفعوا شعارًا زلزلت صرخاته
أركان أمريكا مع الرؤساءِ
الله أكبر ثورةٌ نبويةٌ
شقت دروب العز للحكماءِ
الموت للمستكبرين وجندهم
أذناب أمريكا ذوي الأهواءِ
الموت يجتاح اليهود ولعنةٌ
تهوي بهم في ذلةٍ وفناءِ
النصر للإسلام نهج محمدٍ
فهو الجدير بنصرةٍ وبقاءِ
بدم الشهادة قد تنفس فجرنا
بالصبر والإقدام والأشلاءِ
هيهات مني الذل
«الكامل» عابد أحمد الفيضي
ياوقعة كسفت لها شمس الضحى
والأرض مظلمة بقتل حسينِ
إذ قام فيهم والسيوفُ لوامعُ
في قلة من ناصر ومعينِ
«إن كان دين محمد لم يستقم
إلابقتلي ياسيوف خذيني»
هيهات مني الذل لا أرضى به
لن ينحني للظالمين جبيني
أولاترون الحق أصبح ضائعًا
والباطل استشرى فما يبقيني
إن الحياة مع الطغاة شقاوة
ياأمتي والموت قرة عيني
والله لا أعطيكمُ بيديّ اعـ
ـطـاء الذليل الخائف المسكين
بل أصطلي حر السيوف منافحًا
عن نهج طه سيفه بيميني
وأذود عنه الطامعين بمهجتي
بالروح بالأهلين أفدي ديني
سحقًا لقوم فرّطوا في نصره
باؤوا بذلٍ في الحياة مهين
في ظل حكم الجائرين تجرعوا
سوء العذاب بحسرة وأنين
ومفرطو اليوم ستلقاهم غدًا
جنداً لأمريكا لحرب الدين
يا شعب قل للخانعين كفاكمُ
هذا الخنوع وشرعة التدجين
أما أنا سأثور في وجه العدا
وأدك أمريكا مع صهيون
أمضي على نهج الحسين بكربلا
حراً أبيًا شامخًا بيقيني
القدس كربلاء
«تفعيلة مستفعلن» عبدالحفيظ الخزان
-1 –
“القدس” “كربلاءْ”
تحكي “الحسين” ثائراً
وتلعن القياصرهْ
وساسة القرودْ
والطعنة “المجوشنهْ”
-2-
“القدس” تحكي “زينبا”
وموكباً مُعذبا
وأمة لمّا تزلْ
تنسى “الحُسينَ” ماثلاً
وتذكر الطلولْ
على جميع الألسنهْ
-3-
“الشِّمْرُ” أو “شامير”
و”القدسُ” كابن المصطفى
والزيف فينا سيد
يلبس بردة النبي
ويستبيح موطنهْ
-4-
“القدس” “كربلاءْ”
كلاهما مسافة
في عنفوان الذاكرهْ
-5-
“القدسُ” و”الحسينْ”
غصنُ الرسول يلتقي
بزهرة المدائنْ
في شهرنا المحرم
وفي جميع الأمكنهْ
ذكرى الحسين جددتْ
في الجرح خمسين سنهْ!!
سأمضي كما…
«الطويل» عبدالرحمن حزام اللاعي
إذا ما شباب كاد يأسره الهوى
وصار بحب الغانيات متيما
عشقت إلهي ثم صرت لحبه
أرى كل حب ليس لله مغرما
وأدعو لحب الله في كل قرية
وأجمع أوفاضاً إلى الدين مفهما
وأصرخ من فوق المنابر معلناً
لحبي له يا صاح لست متمتما
إذا فاخر الأقوام بالحب مرة
فإن فخاري في هوى خالق السما
ومن حب غير الله تطلب راحة
كمكتحلٍ والكحل قد زاده عمى
إلهي قريب للخطاب وإن أنا
أصبت بشيء كان والله أرحما
أفي حبه أرجو الشهادة مقبلاً
على نهج طه لن نذل ونرغما
وأصقل بتّاري على كل ظالم
كسبط رسول الله لما تقدما
على الظلم والطغيان إذ قام ثائرا
فزلزل عرش الظالمين وحطّما
وهل يستحق الحب غير الذي له
يدٌ عندنا أم من هدانا وأنعما
فإن لم يدم حبل المحبة بيننا
بغير دماء خضت بحراً من الدما
فإنك ما تهوى أخيَّ فلا تكن
محباً لسفساف الأمور وكن كما
أحب حسين ربه ورسوله
فأعلاه ربي في الأنام وأكرما
فقد كان في بحر من الحب غارقاً
وعاش أبياً زاهداً ومعلما
تربى على حب الإله وكيف لا
ومعدنه بيت النبوة طالما
وأشِربَ حب الله من ثدي فكره
فما جسمه إلا من الحب قد نما
وعلمه الكرار كــيف بحبـــه
سيحيا عزيزاً لن يذل ويرغما
فأصبح نبراساً به يهتدى ومن
سناه إضاءات لمن كان مسلما
متى أصبح الإسلام ذلاً على امرئ
متى أصبح الإسلام للظلم سلما
لماذا حدود الله في الأرض عطلت
لِمَ اللات والعزى على الأرض رمما؟؟
أما آن رفع الفحش والفسق والزنا
وللجاهل المسكين أن يتعلما
أليس كتاب الله والآل بيننا
ألم يك طـــه خلف الحق فيهما
أما والذي نفسي له إن حالنا
به الله لن يرضى فكن متقدما
أخيّ إلى ساح القتال مجاهداً
على أمة الإسلام كن متألما
تذكر قتال الحر في ساحة الوغى
فعصر يزيد عاد والله مظلما
وكن لجميع البائسين مناصراً
وكن لليتامى والمساكين راحما
وكن حاملاً نهج الحسين مناضلا
وجاهد فإن النصر أمراً مسلما
فسيروا على نهج الحسين وشمروا
فقد آن للطاغوت أن يتحطما
ونمضى (وما بالموت عار على الفتى
إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما)
(وواسى الرجال الصالحين بنفسه
وفارق مثبوراً وخالف مجرما)
(فإن عشت لم أندم وإن مت لم ألم
كفى بك ذلاً أن تعيش وترغما)
زهرة الحسين
«تفعيلةـ فاعلن» د. عبد السلام حسين الكبسي
“1”
ليس،
ثمة ، فرق إذا قلت بيتاً من الشعر
أو قلت : هذا حجرْ
ليس ثمة فرق ( تمريت ) في الماء
أو شتَت الغيم وجه القمرْ
ليس ثمة فرق إذا كنت مستغرقاً في التأمل
أو تتذكر بعض الصورْ
ليس ثمة إلا المضي إلى آخر الجرح
منذ ( الحسين ) إلى حيث لا نصب تتألّهُ
أو نقطة من ضجرْ
“2”
ليس
ثمة إلا النداءات ممتدةً واللقاءات
قائمةً بيننا والحسين
الذي سيمر لعل مرور الكرام
ويمنح أشواقنا زهرَهُ الوزن
كي تستقيم السباحة في البحر ثانيةً
فالشواطئ أبعد مما نظن
وكي
نتجاذب والكلمات البساطة في بهجة
الأفق
واللون والطين
سوف لعل يجيء على شكل قبض عميق
من الضوء أو جمرة في الشرود البعيد
على نجمة لا تقرْ
وفي غير شكل يجيء كما أن يحب الغريب الغريب
ويرحل كل إلى غير ما سبب واضح للمحبة والارتياحْ
ورب لقاء حميم بلا موعد فارط أو نذير
مررناه
مازال فينا اللواعج منه وبعض انشراحْ
ورب وجوه تقاسيمها لا تقول بنأي المكان
وغير هتاف البشيرْ
ما زال ثمة روح سيرحل مختزلاً للزمان
كما يرحل الماء في الماء
والشعر في الشعر
والناس في الناس ..
دون اعتبار لأدنى تضاريسها الأرض
في غفلة الدرك الشاخصين سياجاً منيعاً
على شزرات الحدودْ
ودون اكتراث بما في اللوائح من جور
والنشرات المحاذير ( في علبة التبغ )
أو في ( الروشتات )
والشارة الأقحوانية اللون
من شارع مظلم لا يباح المرور عليه سوى للهوام
ودون العقائد
والجنس
والعملة الصعبة النول
من دون صادئة للنظام
وتعبث أصنامها
في هيامْ
” 3 ”
الحسين
هو الفكرة السرمدية ساعة تمتد عاصفة
في هرير الرجالْ
فينتفض الآسنون هديراً يمورون
مور الجبالْ
ويستيقظ النائمون صراخاً يكرون كر الرماحْ
وصرصرة في الأهازيج من عاتيات الرياحْ
وحينئذٍ
ليس ثمة من يمنع الأرض أن تستدير على
نفسها أو تدورْ
وأن تنبت الشوك أو تكتفي بالعبيرْ
ولن ينكص السير في المنحدرْ
ولن يهوي الباز أو يزدجرْ
فحيث الدماء تسيل يكون الحسين هو ( المنتظرْ (
فلا ليل ثمة
لا قيد
لا طامةً أو قدرْ
“4”
وحيث
الدماء : الحسين ستشرق في قلب ( لوركا (
ويسقط لوركا
على شارع يلفظ الآن أنفاسه
مثل صوت المطرْ
على شارع تتمنى فوانيسه أن تبوح بآخر أعراس لوركا
وآخر نبض من الجلنار سيلقيه لوركا
على ملأ من عيون الحقيقة والقاتلين
ويسقط لوركا لكي
لا يموت الغجرْ
“5”
وحيث
الدماء الحسين : النبيذ الذي كان (جيفارَ) يحمله
في هزيع الرفاق
ويسكرهم
كلما أشعلوا غابةً في الظلامْ
“6”
هو الآن في (القدس) يرمي الحجارة كان يرتل
أنشودة الأرض
)درويش(
شاهده في امتداد الدماء على الأرض
مازال ينشره في المساءات جرحاً جميلاً
على شاهق التين واللوز والياسمينْ
ويرسله في نوافذها الشقر شخصاً أليفاً إلى القلب
ثغراً قسيماً من التوت
ينساب فيروزه في حواصلها الطير
في اللثغات الغيومْ
هو البحر – أعني الحسين – إذا انكسر المد وانتحر
الفاتحون
وعند سراها الحقيقة شاردة في التخومْ
ستفضي هزيعاً
هزيعاً إلينا بما خبأته النجومْ
وإن طال فيها سرانا وشب الوجيبْ
وعند العبور العريض على الدم بالدم
عند تداخله اللحم في اللحم
عند مواجهة في الحريقْ
وعند اختراق الرصاصة
دبابة الناكثين
“7”
وحيث
هو اليوم في (قم)
راياته السود
ما خبأته الكهوف
وما عاد ينتظر الناس مقدمه فوق عرش على الماء
جل ( الخميني ) ولايته حين فقّه من حوله المؤمنينْ
“8”
وحيث
الجنوب الطقوس على الماء
كم من جرار تذكرنا أن ثمة ( شمر بن ذي الجوشن)
اليوم يمنعنا من فرات الكلامْ
وكم من جرار تذكرنا أن ثمة (جيكور ) شعب
توالت علية الطغاة السوافي
كم من جرار نكسرها
قبل أن نملأ الماء دون مرامْ
“9”
وحيث
الجنوب على بعد حزب إلى الله
يغسل كفيه في عطره
فالعروبة في سنة العار غارقة حين خان الرجال الرجالْ
وحين الطلائع : سبابة نحو غير الطريق
وحين السلام : ( معاوية) القاسطينْ
فكم من هوى باذخ الصوت
كم من حرائق يرتادها ويعانق في وهج الموت تلك الحياة التي سنريد
وكم وردةٍ نُقلت بين أظهره والترائب
كم من جنوب تكون النداءات ممتدة واللقاءات قائمة بينه
والحسين
قد
يبدل
ذئب ملامحه
ويزيف تاريخ مولده
والشرائع والذكريات العريضة
بين السلالات
ردحاً من النثر
لكننا عبر بيت من الشعر ندركه في اجتراح الدماء
المنافقونْ
يشبهونَ
ولا يشبهونْ :
يأكلون الطعام كما تأكلونْ
يألمون كما تألمونْ
يعبدون الحياة ولا تعبدون
اليهود
يظلُّ
يهوذا
وإن كان قَتْلُ المسيح مجازاً
على سدة الخائنين
في رحاب سيد الشهداء
«الخفيف» عبد السلام عباس الوجيه
أطلقتنا من أسرنا كربلاءُ
وأنارت لنا الدروب الدماءُ
فانطلقنا تزفنا للمعالي
وتسوي ركابنا الأشلاءُ
نستحث الخطى ونستسهل الصـعْـ
ب ونمضي تزهو بنا الأرجاءُ
في مسير يطوي الغياهب طيًا
نحو صبح شعاعه وضاءُ
نقتدي بالحسين جيلاً فجيلاً
وشهيداً في إثره شهداءُ
نعشق الموت حين تقلى المنايا
ويثير الفداءَ منا الفداءُ
كلما عانق الحِمام زعيمًا
هام بالموت بعده الزعماءُ
ومضوا ينسفون للبغى عرشًا
شاده الذل وارتضاه الرياءُ
ويدكون للجهالة صرحاً
أسُّــهُ الزيف والخوى والهراءُ
يبذلون النفوس كيما يصونوا
أمّة داس عرضها الأشقياءُ
واحسيناه صرخةٌ من فؤادٍ
زلزلته النوائبُ الدهماءُ
واحسيناه ! صرخة تتوالى
والمآقي أدمعٌ ودماءُ
والأماسي كئيبة والمآسي
جمةٌ والخطوبُ والأرزاءُ
واحسيناه عذرنا إن بكينا
قيل : في الدمع للكروب جلاءُ
غير أنَّا والذكريات أرتنا
أنّ ما قيل باطلٌ وافتراءُ
أنت إن أجْدَتِ الدموعُ الحزانى
غير مُجدٍ- إذا ذكرت- البكاءُ
قد نزفنا من المآقي بحارًا
فطفت فوق موجها البرحاءُ
وأبى الحزن أن يذوب وذابت
في لظى الحزن أكبدٌ حراءُ
ما سلونا وكيف يسلو فقيد
هو سلوى الحزين وهو العزاءُ
يا أبا الشهداء هذا فؤادي
يوم ذكراك بين جنبي هواءُ
وخيالي مشوش وبياني
أنضب الخطب نبعه والبلاءُ
ويراعي مكبلٌ ولساني
أخرسته الكلوم والأدواءُ
أي شعرٍ أقوله مفرداتي
في دجى الكرب والأسى بلهاءُ
أي شعر أصوغه ليت شعري
أيدانيك- إن أجدت ـ الرثاءُ
أَوَ يرقى إلى مقامك مدحٌ
والقوافي مشلولة عرجاءُ
والمعاني وإن سمت قاصرات
يعتريها الفتور والإعياءُ
كلما حاولت إليك ارتقاء
جاوزتها صفاتك الشماءُ
أين منها مكانة أنت فيها ؟
ومضاء يحار منه المضاءُ
أين منها ومن ثراها الثريا
أين منها المريخ والجوزاءُ
سيدي أنت آيةٌ للبرايا
بعدك النثر والقصيد هباءُ
يعجز الشعر والقريض ويعيا
في معاني فدائك الشعراءُ
أنت فوق البيان والوصف فَذٌ
أنت…. أنت القصيدة العصماءُ
التعليقات مغلقة.