ذكرى وعد بلفور…للشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري
الشاعر محمد مهدي الجواهري
خذَي مَسعاكِ مُثَخنةَ الجِراحِ | ونامي فوقَ داميةِ الصِفاحِ |
ومُدِّي بالمماتِ إلى حياةٍ | تسَرُّ وبالعَناءِ إلى ارتياح |
وقَرّي فوقَ جَمرِكِ أو تُرَدِّي | من العُقبى إلى أمرٍ صُراح |
وقُولي قد صَبْرتُ على اغتباقٍ | فماذا لو صَبرتُ على اصِطباح |
فانَّ أمرَّ ما أدْمَى كِفاحاً | طُعونُ الخائِفينَ مِن النجاح |
فكُوني في سماحِكِ بالضحايا | كعهدكِ في سماحِكِ بالأضاحي |
فان الحقَّ ، يقطُرُ جانباه | دَماً ، صِنوُ المُروُءةِ والسماح |
وتأريخُ الشُعوبِ إذا تَبَنّى | دمَ الأحرارِ لا يمحوهُ ماحي |
فِلَسْطينٌ سَلامُ اللهِ يَسري | على تلك المشارِفِ والبطاح |
رأيتُكِ مِن خِلال الفَجرِ يُلقي | على خُضْر الرُّبى أحلى وِشاح |
أطَلَّ النَسرُ مُنتصِباً عليهِ | فهبَّ الديكُ يُنذِرُ بالصياح |
يؤوبُ الليلُ منه إلى جَناحٍ | وتبدو الشمسُ منه على جَناح |
وعَينُ الفجرِ تَذري الدمعَ طَلاًّ | وتَمسَحُه بمنديل الصباح |
وأنفاسُ المُروج معطَّراتٌ | بأنفاسِ الرُعاة إلى المَراح |
لَمستُ الوحيَ في لْحنِ المثاني | وشِمتُ الحُزنَ في وقْعِ المساحي |
وغَنَّى ” أُورْشَلَيمَ ” يُعيدُ لحناً | لداود هَزارٌ بالصُّداح |
وحولي مِن شبابِكِ أيُّ روضٍ | ينُمُّ حَديثُه بشذا الأقاح |
وألطافٍ ، كأنفُسهم عِذابٍ | وأسمارٍ ، كأوجُهِهمْ صِباح |
سلاماً للعُكُوفِ على التياحي | وشوقاً للظِماء إلى ارتياحي |
وحُزناً أنْ يجُرَّ الدهرُ حُزناً | على تلك الغَطارفةِ الوضاح |
أأمَّ القُدْسِ والتأريخُ دامٍ | ويومُكِ مثلُ أمسِكِ في الكفاح |
ومَُهدُكِ وهو مهبِطُ كُلِّ وحيٍ | كنعشكِ وهو مُشتَجرُ الرِماح |
و ” وادي التِيَهِ ” إنْ لم يأوِ ” موسى “ | فقد آوى الصليب على ” صلاح “ |
وذكرى ” بختَ نُصَّر ” في الفيافي | يُجَدَّدُها ” أِلنْبي ” في الضواحي |
فلا تَتَخبَّطى فالليلُ داجٍ | وإنْ لم يَبْقَ بُدٌّ مِن صباح |
شَدَدْتِ عُرى نِطاقِكِ فاستمِري | ولا يثقُلْ عليكِ فتُستباحي |
ولا تُغْنَيْ بِنا إنّا بُكاةٌ | نَمُدُّكِ بالعويل وبالصياح |
ولا تُغْنَيْ بِنا فالفِعلُ جَوٌّ | مَغِيْمٌ عِندَنا والقولُ صاح |
ولن تَجدي كإيانا نصيراً | يَدُقُّ من الأسى راحاً براح |
ولا قوماً يَرُدُّون الدّواهي | وقد خَرِسَتْ بألسْنةٍ فِصاح |
أعِيْْذُكِ مِن مَصيرٍ نحنُ فيه | لقد عُوِّذتِ مِن أَجَلٍ مُتاح |
ووضعٍ أمسِ كُلُهمُ لواهٍ | به واليوم كلُهم لواحي |
تَنَصَّلَ منه زُوراً صانِعوهُ | كمولودٍ تحدَّرَ مِن سِفاح |
وذمُّوا أنَّهم كانوا عُكوفاً | عليهِ في الغُدُوِّ وفي الرواح |
وتأريخٍ أُريدَ لنا ارتجالاً | فآبَ كما أريدَ إلى افتضاح |
شَحَنَّا دفَتيهِ بمُغمَضاتٍ | ” كأحداقِ المها مرضى صحاح “ |
وغَلَّفْنا مظاهرهُ حِساناً | مزخرفةً على صُوَرٍ قِباح |
وسُقْنا الناسَ مُكْرهةً عليه | على يد ِ ناعمينَ به وَقاح |
ونَصَّبْنا مرَوِّضةً غِلاظاً | على ما في الطبائِعِ منْ جِماح |
وأحْلَلْناه وهو ضريحُ شعبٍ | محلَّ الوَحْيِ جاءَ من الضُّراح |
نجرَّعُهُ ذُعافاً ثم نُضفي | عليهِ محاسِنَ الشَّبِم القَراح |
ورُبَّةَ ” صَفْقَةٍ ” عُقِدَت فكانت | كتحريم الطلاقِ على نِكاح |
تُدبَّرُ في العواصِم من مُرِيْبِ | خبيثِ الذكر ، مَطعونِ النواحي |
تفوحُ الخمر منها في اختْتامٍ | ويبدُو منها في افْتتاح |
ويُسْفِرُ نَصُّها المُسوَدّ خِزياً | ومَظلمةً عن الغِيد المِلاح |
و” تصريحٍ ” يُمِطّطه قويّ | كَلَوْحِ الطّينِ يدحوه داحي |
و ” حلفٍ ” لستُ أدري مِن ذُهولٍ | أعن جِدٍّ يُدَبَّرُ أم مِزاح |
لنا حقٌ يُرجَّى بالتماسٍ | وباطِلُهمْ يُنفَّذُّ بالسلاح |
ولستُ بعارِفٍ أبداً حَليفاَ | يهدِّدُه حليفٌ باكتساح |
فلسطينُ تَوَّقيْ أنْ تكوني | كما كُنَّا بمَدرجَةِ الرياح |
وأنْ تضَعي أمورَكِ في نِصابٍ | يوَّفُر او يُّطَفَّفُ باجتراح |
وهابِي أن تُمدَّ إليكِ مِنَّا | يدُ المتضارِبين على القِداح |
فكم هاوٍ أَجَدَّ لنا جُروحاً | بدعوى أنَّه آسي جراح |
وأُصدِقُكِ الحديثَ فكم ” حُلولٍ “ | حرامٍ ، لُحْنَ في زِيٍّ مُباح |
“نُطَوِّفُ ما نُطَوِّفُ ثُم نأوي | الى بيتٍ ” أُقيمَ على ” اقتراح “ |
يُخرِجُ ألفَ وجه مِنْ حديثٍ | ويَخْلُقُ ألْفَ معنىً لاصطلاح |
التعليقات مغلقة.