معـــــــركة القيـــم
مقالات| 18 نوفمبر| بقلم: د.جمال الشهاري:
لعل ما يميز هذه الحرب التي يدافع فيها الشرفاء من أهل اليمن عن الأرض والعرض والكرامة، أن أبرز سماتها هي معركة القيم، فهذه الحرب ليست مجرد حرب نزاع على حدود أو جزر بين شرقستان وغربستان، الحرب هنا في سماتها ومعالمها مختلفة تماما، هي كما أسلفت “معركة القيم” وبامتياز، ولمزيدٍ من التوضيح نسأل أنفسنا هذا السؤال: ماذا لو انتصرت قوى العدوان ومرتزقته من الخونة المجرمين لا سمح الله؟ وما النتائج المرتبة على ذلك في مجال القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية؟ لعل أبرز تلك النتائج تشمل ما يلي:
- انتصار معسكر النفاق وأهله ومعه المعسكر الصهيوني الأمريكي الذي يدعمه، وبذلك ينتصر النهج الوهابي بما يحمله من تطرف ونفاق وعنف وشذوذ، وظهوره بالنهج الذي يعتقدون أنه يمثل الإسلام، ويرجع إلينا أصحاب اللحى الخائنة الكاذبة من الوهابية الذين رأينا وعاينا نفاقهم وكذبهم عيان الشمس في وضح النهار، يرجعون إلينا أبطالاً فاتحين منتصرين رافعي الرؤوس، يُنظر إليهم بملء العيان، ويُشار إليهم بالبنان.
- ينتج عن ذلك بروز وغلبة المنافقين من الوهابية بأنهم أهل الدين القويم والصراط المستقيم، وأن أهل الحق والصدق المدافعين عن الحق المجابهين للظلم والباطل هم أهل النفاق.
- قلب مفاهيم الحق والباطل، وانقلاب الموازين الخير والشر، ومسخ كل مفاهيم الخير والحق والأخلاق التي هي من صميم الفطرة والدين والإنسانية، فيصبح المنافقون في أعين الناس أبطالاً، ويصبح الخونة والعملاء أفذاذا، ويُنظرُ إلى كل هؤلاء بعين الإعجاب والافتخار، ويصبحون قدوة النشء والأجيال.
- خلق بيئة عميقة ممتدة للنفاق، يُقمع فيها أهل الحق والصدق، ويُمجدُ فيها أهل الكذب والنفاق، ويُأمر فيها بالمنكر ويُنهى فيها عن المعروف.
- خلق بيئة صالحة للنفوذ الأجنبي وما يصاحب ذلك من اختراقٍ للأمة في فكرها وثقافتها ودينها، فتنشأ أجيال تنسلخ من دينها وتاريخها، وثقافتها وحضارتها، وتصبحُ قطعانا بشرية لا هوية لها ولا دين ولا حضارة، ولا تملك رصيدا من الفكر والثقافة إلاَّ ما تمنُّ وتتفضل به عليها مصادر وقنوات صهيونية أمثال الـ mbc وأمثالها، التي تعمل على تشكيل البنية الفكرية والمعرفية بشكل يهيئ النشء لتقبل الثقافة الصهيونية الغربية، والاندماج في ثقافة العولمة، والنظر بعين الإكبار إلى الصهاينة والغرب، وتقبل مشاريع التطبيع والتطويع للعدو الصهيوأمريكي وحلفائه الغربيين.
تلك أبرز سمات معركة القيم، وتلك أبرز نتائجها فيما –لا سمح الله- لو انتصر العدوان وحلفاؤه ومنافقوه من الخونة والعملاء.
تصور أخي الكريم أن يعود أمثال الزنداني أو اليدومي أو صعتر وأمثالهم من المنافقين يتحدثون عن الإسلام وقيمه بعد كل ما ظهر منهم من كذب ونفاق مخزٍ وفاضح، ويستلم هؤلاء قيادة الفكر والثقافة في البلاد، وتصور أن يعود لص مجرم مثل علي محسن الأحمر وبقية اللصوص الأوغاد من عيال الأحمر وهم كالأبطال يحملون رايات النصر والفخر، وتصور نفسك وأنت تذهب لصلاة الجمعة فيعتلي المنبر أحد التكفيريين ثم يفتخر في خطبته بالتكفيريين الذين حملوا الأحزمة الناسفة، وقادوا السيارات المفخخة، ويذكر أمامك الجرائم التي ارتكبوها، بتفخيخ المساجد والأسواق، ويمجدها ويباركها كغزوات وفتوحات عظيمة، تصور نفسك أخي الكريم وأنت تشاهد التلفاز فتصادف برنامجا يُجري مقابلة مع أحد الخونة المرتزقة وهو يشرح مفتخرا كيف كان يضع شرائح تحديد الأهداف لطائرات العدوان، وكم عدد البيوت والأسواق والمنشآت التي وضع فيها تلك الشرائح، وكيف كان يرسم خرائط الرصد والتفخيخ والاغتيالات، وتقلب القناة لتجد مقابلة أخرى مع أحد الخونة وهو يحكي عن انجازاته ومساهماته في تضييق الحصار على الشعب، وسرقة البنك المركزي وإيراداته، وبطولاته في قطع رواتب المواطنين وتجويعهم، ثم يُمَجَّدُ مثل هذا المجرم عبر وسائل الإعلام ليصبح بطلاً يُشار إليه بالبنان، كيف يكون شعورك عندما يعود ابنك من المدرسة ليخبرك أنهم في ذلك اليوم تعلموا كيف ينحرون الرقاب ويقطعون الرؤوس، وكيف يكون شعورك عندما تعود ابنتك التي لم تبلغ العاشرة من مدرستها لتخبرك أنهم علموها في المدرسة فضائل نكاح الصغيرة، وجهاد النكاح، وزوج فرند الذي اخترعه الزنداني، وقد كان شيء من ذلك موجودا في مدارس تحفيظ القرآن قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر!! وهكذا يصبح النفاق بطولة وعزة وفخرا، وتصبح العمالة كرامة، وتصبح الخيانة رفعة وعزا، ويصبح الحق باطلا، والباطل حقا!!
تلك لمحة بسيطة، بسيطة جداً عما يمكن أن يخسره اليمن وأهله، فيما لو خسروا هذه الحرب لا سمح الله، وهي خسارة الدنيا والآخرة، ولعل أهل اليمن أدركوا بما حباهم الله من إيمان وحكمة ذلك الخطر الشديد، وهبوا إلى ساحات التضحية والفداء، يدافعون أولاً وقبل كل شيء عن قيم الدين والأخلاق والحضارة والإنسان، وسيعم فضل هذا الجهاد وبركته الأرض والبشرية جمعاء.
التعليقات مغلقة.