متى ما سار الناس على هدى الله سيكونون أقوياء وسيخاف منهم العدو وسينتصرون
دروس من هدي القرآن الكريم
برنامج رجال الله اليومي
السيد حسين بدر الدين الحوثي
الدرس العاشر من دروس رمضان صـ23ــ25.
يفهم الإنسان أن الشيء الذي ينبغي أن يكون عليه: أن يحرص على أن يتفهم أكثر، ويتوجه أكثر، ولا يعتقد بأنه في مسيرته العملية قد لا يحتاج إلى هذا التوجيه، أو هذا، أو هذا، ربما كل شيء يحتاج إليه الإنسان، يحتاج إلى كل شيء يسمعه، ولأهمية هذه القضية تجد القرآن الكريم كيف ذكَّرنا، فترى الأشياء فيه بشكل كثير، وتوجيهات من الهداية تتناول كل المجالات، توجيهات في كل المجالات.
فالإنسان لا يصغي لفكرة: أن الموضوع قد هو معروف، وأنا شخصياً قد أنا مستعد، هذه إيجابية أن تكون مستعداً، لكن تفهم: أن استعدادك من أولياته، والأشياء المهمة بان تكون مستعداً فعلاً هو أن تصغي باهتمام لكل ما تسمع من هدى الله.
ألسنا كلنا نهتدي بهدى الله سبحانه وتعالى، من خلال القرآن الكريم، وإلا فقد تأتي مواقف تبرز، لأن الإنسان أحياناً قد لا يدري بما في أعماق نفسه، قد تبرز قضية معينة، يبرز أمامها تساؤل يمثل نقطة ضعف، تبرز حالة معينة، يكون مؤشر لأن يتخذ الناس موقفاً فيه ضعف، وما عندنا صورة عن المستقبل، أن نقول: أن المستقبل هو هكذا بالتفصيل، وأمام هذه السنة سيكون كذا، وأمام هذه السنة سيكون كذا، لكن ما يعطينا الله من خلال القرآن الكريم هو بالشكل الذي يعطيك هدى، فلتكن القائمة طويلة، أو عريضة، ولتكن تفاصيلها بالشكل الذي تتوقع، أو بالشكل الذي لا تتوقع، تفاصيل المسيرة العملية في صراع الناس مع الأعداء.
عندما يكون الإنسان حريصاً على أن يتوجه سينفع في مقامات هامة جداً آخرين؛ ولهذا نقول: أن العمل في سبيل الله هو وسيلة لها توجيهها، لها أساليبها. لاحظ من كانوا في داخل الأقلية من جنود طالوت، ألم يوجهوا الآخرين؟ {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ}(البقرة:249) هنا كيف يظهر لك الحاجة الماسة إلى ما لدى هؤلاء من وعي، وبصيرة، وإيمان قوي.
إنطلقوا يوجهوا الآخرين توجيهاً حكيماً نسف تلك التي هي مؤشرات موقف ضعف، {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} إذا هناك وعي فافترض هذا الشيء: أنك أنت شخصياً تحتاج، كل واحد منا يحتاج إلى التوجيهات في المسيرة العملية طول حياته؛ لأنه سيحتاجه، في كل المواقف، تحتاج لنفسك، وتحسب حساب للآخرين، قضية هامة هذه: تحسب حساب للآخرين.
قد تضيع أمام كل مؤشر ضعف، كل كلمة غير صحيحة، كل رؤية تكون غير صحيحة، يكون عندك ما ينسفها، وما يثبِّت من انطلقت منه. ألم تنفع بشكل كبير عندما {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
من الأشياء الهامة التي برزت في القصة هذه هو كيف أنهم كانوا مجموعة أصحاب نفوس قوية، يعني: الفكرة لديهم، أو المشروع لديهم مشروع انتصار، ما تغير الموقف لديهم عندما رأوا أنفسهم قليلاً بأنه فكرة دفاع، أو فكرة مدافعة، أو هكذا، مقاومة حتى عسى أحد يتشجع من الآخرين، هم برزوا وعندهم ماذا؟ طموح، وأمل أن ينتصروا على أولئك على الرغم من كثرتهم.
هذه تعتبر حالة هامة جداً تحتاج من الإنسان إلى أن يرتقي إليها، ولا ترتقي إليها إلا من خلال هدي الله سبحانه وتعالى، من خلال هدى الله، وأن تكون متقبل للتوجيهات، ولو أنت تفترض بأنك ما تحتاجها إلا بعد عشرين سنة.
في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) الأولى في مكة، ما هي المهمة التي كانت عند الناس المؤمنين؟ أن يتفهموا، ويتوجهوا، ويصغوا، ويعملوا بما ينزل إليهم، ويحاول أي واحد منهم إذا استطاع أن يجعل أحداً من أقاربه، أو من ناس آخرين أن يدخلوا في الإسلام.
هل كانوا في مرحلة مواجهة؟ لا، لم يكونوا قد دخلوا في مواجهة، لكن التوجيهات السابقة التي كانت في مكة احتاجوها بعد، قد ربما يكون بالنسبة لبعضهم بعد مثلاً أربعة عشر سنة، فكان لها أثر في نفوسهم بعد أربعة عشر سنة.
الناس عندما يكونون متوجهين من البداية، يوفروا على أنفسكم حالة اضطراب، ورؤى متعددة، وتساؤلات، وأشياء كثيرة، في المواقف المتعددة، تكون القضية عندهم قريبة، يعني: هل قُدم من خلال الآيات هذه أنه حصل أخذ ورد فيما بين تلك المجموعة من أصحاب طالوت؟ هل حصل أخذ ورد كثير؟ كلمة برزت، كلمة طفَّتها، وانتهى الموضوع، وكأنهم ذكَّروهم بشيء استعادوا به رؤيتهم، واستعادوا به ما سمعوه، وما وعوه من سابق.
إذا بقي الإنسان هكذا فقد يكون الناس أمام أي موقف يحصل تساؤلات، ويحصل اضطراب، هذه تعتبر نقطة ضعف أمام العدو، وكما نقول دائماً: نحن أمام أعداء خطيرين، يعني دقيقين في مراقباتهم، متى ما لمسوا أيّ مظاهر ضعف، أيّ مظاهر توحي بخلخلة، أيّ مظاهر توحي بتعدد رؤى، واضطرابات، أيّ شيء يدل على أن هؤلاء ما عندهم بصيرة، ولا عندهم – مثلما تقول – وعي كامل بالمواقف التي سيدخلون فيها، يتشجع العدو.
إذا ظهر الناس بمظهر، نحن نقول: القرآن الكريم قدم لنا طريقة تستطيع أن تجعل الناس بالشكل الذي يراهم العدو كباراً، يراهم كباراً فعلاً، وهذا العدو نفسه يؤثر فيه سلباً، عندما يرى الآخرين يبدو أقوياء، يبدو صامدين، يبدو ملتزمين، ما هناك خلخلة، ولا هناك ضجة، ولا هناك شيء.
لاحظ في موضوع الشعار كم له؟ أثر تأثيراً كبيراً. وعندما أضيف إليه السجن ترك آثارأً كبيرة جداً، يعني في الأخير ظهر له أثر ما كنا نتوقع، ما كنا نتصور، من أين حصل هذا؟ هل برز أثناءه خلخلة في المجتمع، إما من عند الآباء، أو داخل الشباب هؤلاء، أو أخذ ورد فيما بين الناس؟.
نقول دائماً: هؤلاء الأعداء، لا تتوقع بأنهم ما يكون لهم مثلاً عيون، يحاولون أن يستقرؤا وضعية الناس، فإذا لمسوا بأنه سجن مجموعة كبيرة، هم سيحاولون كيف هي أقوال الناس، وكيف أثرت في الناس، ما هم فقط سيلحظوا المسجونين، بل والآخرين؛ ولهذا نقول: ما يكون عندنا إلحاح في موضوع الزيارة، إذا أمكن أن تزور، وقالوا: هناك وقت، لا بأس تزور، ما لم فما هي مشكلة.
بل مناسب أن يقولوا لهم: لو تخلوهم إلى آخر أيام الدنيا، هم في عمل في نفس الوقت؛ لأن سجنهم يفضحكم، سجنهم فعلاً، هؤلاء المسجونين، الذين سجنوا من أجل شعار يرفع، شعار يرفع وفي فترة قصيرة جداً في الأسبوع دقيقة واحدة أو أقل هذا يفضح الأمريكيين. فظهر في الصورة أن الأمريكيين هم وراء هذه بقضية معروفة. إذاً هم في نفس الوقت في عمل.
من الأثر الكبير لعملهم، من هم في السجن، منهم ما يزالون يرفعون الشعار، ومن هم ما يزالون صامدين، يعني: بشكل عام مَن في السجن، ومَن خارج، ما هناك ضجة، ولا هناك أخذ ورد، وما هناك أشوار كثيرة، مثل: [أمانه خلاص أو بس أو قد به مسجونين، أو..] هذه نفسها توحي بأن هذه أمة صامدة، قوية.
هذا نفسه من رحمة الله بنا: أن تبرز قضية توحي للعدو كيف هم الناس الذين يسيرون على كتاب الله؛ ليذوقوا هم كتاب الله الذي يريدون أن يحاربوه؛ ولهذا نقول أنه يجب أن نكون في عملنا كله، أن نكون مدينين لله، مدينين لكتابه، القرآن هو الذي حركنا، الله هو الذي هدانا، على هديه كنا بهذا الشكل، على هداه سنكون أقوياء بهذا الشكل؛ لأنهم متجهين لمحاربة القرآن، فليعرفوا أن القرآن ليس بالشكل الذي يمكن أن يحاربوه، ويطمسوه من النفوس.
القرآن هو يبني النفوس بتوفيق الله على هذا النحو، أن تظهر مثلاً فئة صادقة، يسجنوا ولا يبالوا، يكبروا، ويسافروا إلى هناك يكبروا، قد أصبح الجامع الكبير أشبه شيء بعبارة عن ميدان، فيما بين الناس، وفيما بين الأمريكيين، مواجهة، هذه المواجهة لها آثار فيما يتعلق بالجوانب النفسية، والجوانب التي يسمونها: الجوانب السياسية، والمعنوية، لو لم تكن مواجهة مسلحة.
هؤلاء يكبرون، وكل جمعة وهم أكثر، وكل جمعة ما توقفت على الرغم من أنهم يسجنون، وكل أسبوع يسجنون عدداً منهم، بلغ في بعض الجمع إلى أن سجنوا ثماني عشر شخصاً، وبعد كل جمعة يكون عندهم خلاص، يمكن أنهم قد نجحوا، أو ربما قد توقفوا، وتضعضعوا، وأيسوا! ورأوهم مكبرين، وسجنوهم، ورأوهم ثاني جمعة مكبرين، وهكذا، وهكذا.. هذا في الأخير يعني: أن هذه أمة صامدة، وأنه هكذا يكون الناس إذا ساروا على هدى الله.
في نفس الوقت، عندما يكون عملهم مثلما نقول دائماً: يجب أن يكون في سبيل الله، وأنه بسبب أننا على هدى الله؛ لأن هذا هو البديل الوحيد أمام الناس، البديل الوحيد أمام الناس، يعطي ثقة للآخرين بـأنه متى ما سار الناس على هدى الله سيكونون أقوياء، وسيخاف منهم العدو، وسينتصرون على العدو إذا ساروا على هدى الله.
فالشعار نفسه في حد ذاته عمل كبير، أن نعمل على توسيع دائرته، أن نعمل على نشر ملازم، نعمل نحن [ونتحرك في الساحة] هكذا يحاول واحد على ضوء ما يسمع، وعلى ضوء ما ينزل، يعني: العمل معناه: أن نعمل بالحاصل. هذه هي القضية الصحيحة، يكون عندك استعداد عملي أن تعمل، وتشتغل بما حصل، في المسيرة العملية [نعمل بهدى الله] ولا ندري نحن كيف الخارطة أمامنا لكن عندنا ثقة بالله سبحانه وتعالى أن نسير على هداه، وكيفما كانت النتيجة بالنسبة لنا شخصياً كيفما كانت.
لكن لدينا ثقة، عندما نرى أمامنا وكأنهم يسجنوهم كل أسبوع، كل أسبوع، سنواصل كل أسبوع؛ لأن القضية لها قيمة، وليس فقط من منطلق – التي يسمونها – كبره، لا، باعتبار القضية ما يزال لها قيمة كبيرة، لها أثر هام على العدو، ولها أثر هام بالنسبة للناس، ولها أثر هام في الساحة بشكل عام.
من فوائد العملية هذه: شعار ينطلق الناس فيه، ثم سجن على أيدي الأمريكيين بطريقة مكشوفة، أنه أقفل مجال الدعاية للأمريكيين في اليمن فعلاً، أقفل مجال الدعاية التي هي الوسيلة لأن تسوغ عند الناس قابلية الأمريكيين أن يحتلوا، هنا افتضح الأمريكيون فيما يتعلق بديمقراطية، وحرية، وحقوق إنسان من خلال هذا العمل؛ إذاً فهذا عمل هام فعلاً، ما هو يقول واحد: [أنه بين نكبر، ما هي الفائدة من التكابير هذه غير يسجنوهم؟!] أن يكونوا يسجنوهم هو عمل في نفس الوقت، ونحن نعرف عندما يكون الناس صابرين فعلاً، وصامدين، ومتجهين بإخلاص، أن الله يضع نهايات للأشياء، الله يقول: {وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}(يونس:109) أليس هكذا يقول: أن لله حكم ستنتهي به كل قضية، والحكم عادة يكون لصالح أوليائه في الأخير.
عندما يقول البعض بأن معناه سجن دائم، قل: نحن سنتحرك حتى يحكم الله، ما الله قال لنبيه هكذا؟ وما بإمكان الله سبحانه وتعالى أن يبين لنبيه كيف سيكون الحكم في الأخير؟ لكن لا؛ ليبقى لديه ثقة بالله أنه سيحكم، أنه سيحكم لا محالة، وأن الحكم سيكون لصالح أوليائه الصابرين. هذه القضية ما فيها شك.
التعليقات مغلقة.