الصبر في المجالات المفتوحة نحو الغايات الطويلة يؤدي الى النصر
دروس من هدي القران الكريم
السيد حسين بدر الدين الحوثي
سورة المائدة الدرس الرابع صـ14.
المؤمنون يصبرون في ميادين العمل في مواجهة أعداء الله، ويتحملون مختلف الشدائد، مهما كانت؛ لأنهم صبروا ابتغاء وجه ربهم.
سواء طالت المرحلة أو قصرت، هم حتى لم يضعوا لأنفسهم حداً معيناً هناك، أننا نتحرك إلى هذا المستوى، إلى هذه النقطة، لا بأس سنصبر إلى هنا .. لا. هم صبروا ابتغاء وجه ربهم، وهذا هو الصبر في المجالات المفتوحة، في المجالات نحو الغايات الطويلة، نحو أداء المهام الكبيرة، فهم لا يقولون: فقط سنصبر إلى هنا ثم بعد لا. {وجه الله} الله لا يزال باقياً، وحاجتهم إليه كمؤمنين في أن يحصلوا على رضاه ما تزال أيضاً قائمة، فليس هناك حدود في ما بينهم وبين الله، ليس هناك نقاط تحدد ما يطلبونه من الله، وما يعملونه ابتغاء وجهه.
ولأنهم يصبرون ابتغاء وجه الله يصبح للصبر طعمه الحلو لديهم فعلاً. كان يقول أحد الأئمة وهو يتشرد بأنه يرى نفسه في نعمة عظيمة، أنه أصبح يرى أنه استطاع أن يخيف الظالمين, وأن يتخوف منهم، وهو يتشرد ويواجه التعب والجوع، أصبح بتلك الحالة التي تعتبر مظهراً من مظاهر الصبر وهو في ميدان العمل, أصبح يراها نعمة، أوليس الإنسان ينظر إلى النعمة نظرة يرتاح لها ويلْتَذ بها كأنهم – لأنهم صبروا ابتغاء وجه ربهم – لا يرون أنفسهم، ولا ينظرون إلى واقعهم وهم في ميدان العمل فيرون أنفسهم أنه قد أجهدهم هذا فأصبحوا على حافَّةٍ من الملل ومن التخلي. ومهما بلغت الأمور إليه، فالمسألة هي ازدياد من الصبر والازدياد من الصبر ابتغاء وجه الله، يعني الحظوة برضاه أكثر، والقرب منه أكثر.
{وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} (الرعد: من الآية22) لاحظوا كم تتكرر هذه الآيات وعلى هذا النحو: الصلاة والإنفاق، الصلاة والإنفاق، الصلاة والإنفاق, فأين أولئك الذين يزعجون الناس بالصلاة, وبمكرفوناتهم ثم لا ينفقون في سبيل الله، ليفهموا أنه لا قيمة لصلاتهم إذا لم يتحركوا للإنفاق في سبيل الله. حين تصلي صلاة جديرة بأن ترفع لها ولو عدة أجهزة من مكبرات الصوت، صلاة ولو تريد أن يسمعها الناس على بعد, على مسافات بعيدة فلتكن صلاة معها ذلك المُقَوِّم الآخر الذي يجعلها قيّمةً هو الإنفاق في سبيل الله سبحانه وتعالى.
التعليقات مغلقة.