سنكتب التاريخ .. قريبا
مقالات | 21 ديسمبر | بقلم / علي جاحز :
يبدو أننا على عتبات مرحلة تحولات سياسية وعسكرية تتأثر وتؤثر بما جرى ويجري وسيجري في اليمن، وسنظل مؤمنين أن اليمن باتت محور ارتكاز تلك المتغيرات التي تتشكل ملامحها يوميا في متوالية متسارعة تنكشف فيها حقائق كثيرة وتتعرى وجوه كثيرة وتتساقط وجوه كثيرة.
لم تتغير قناعتنا بأن الصراع الدائر في المنطقة العربية لم ولن يكون سوى صراع بين المشروع الصهيوني الكبير الذي تقوده أمريكا وإسرائيل وتعمل في إطاره السعودية وحلفها، وبين مشروع مناهضة مضاد تقوده جهود شعبية عربية في المقام الأول وتدعمه بعض الأطراف الدولية والاقليمية بعيدا عن أهدافها من وراء ذلك الدعم.
ومنذ بداية العدوان على اليمن لم تتغير في قرارة رؤانا أنه عدوان أمريكي صهيوني بأدوات عربية تقودها السعودية، مثلما كانت قناعتنا ثابتة بأن ما جرى ويجري في سوريا هو تدمير ممنهج ومنظم يقف وراءه ذات العدو الأمريكي الصهيوني وبذات الأدوات العربية، وها نحن اليوم نشاهد ويشاهد من كان يعاند الصورة الحقيقة وهي تتجلى شيئا فشيئا ليظهر أن لا ثورة في سوريا يدعمونها، وأن لا شرعية في اليمن يدافعون عنها، وإنما هو مشروع عدواني صهيوني أمريكي يستهدف ما تبقى في هذه الأمة من بؤر قوة ومراكز تحرك حقيقي يواجه مخططاته.
النظام السعودي الغبي، وأقول: غبي، لأنه بالفعل كذلك.. وإن كان يعي أنه يلعب دور الأداة واليد للمشروع الامريكي الصهيوني، فإنه يظل غبيا، لأنه لا يعمل أي حساب لمصلحته أو لبقائه أصلا، فهو يلقي بكل اوراقه في سبيل ذلك المخطط الكبير الذي تقوده أمريكا، وأمريكا في كل مراحل التاريخ تستخدم الأغبياء وترميهم وتحرقهم كالأوراق المهملة.
لقد أسفرت السنوات الماضية عن نتيجة مرة بالنسبة للنظام السعودي ولدواعشه وأياديه الغبية، فهو اليوم مكشوف ممجوج وانكشافه يشكل انكشافا غير مسبوق للولايات المتحدة التي كانت تحمل مشعل الديموقراطية والتحرر والحداثة وحقوق الإنسان، ليتضح اليوم أنهم مجرد لوبيات تستخدم داعش والجماعات الإرهابية لتحقق أهدافها في المنطقة.
طبعا أمريكا عجزت على مدى عقود عن تحقيق الكثير من أهدافها بالطرق الدبلوماسية والتحرك السياسي والإعلامي والثقافي الذي بذلت عليه مليارات الدولارات من خزائن دويلات الخليج، وهي أهداف عدوانية في كل الأحوال أهمها إضعاف الوعي العربي والقرار العربي والاقتصاد العربي والجيوش العربية لصالح تقوية إسرائيل ونفوذها.
اليوم هزم مشروع داعش الأمريكي الصهيوني في العراق وسوريا ولبنان، وها هي سوريا تنتصر من حلب، واليمن تنتصر من كل جبهاتها ومن صمود شعبها الذي يزداد تجليا، وتزداد فضيحة أمريكا وأياديها السعودية وغيرها تجليا أيضا بكونها هي من يقف وراء ظاهرة داعش والإرهاب في المنطقة، بل وتزداد جبهتها ضعفا أمام وعي شعوب المنطقة التي انقلبت في غضون أقل من عامين إلى المربع المقابل من الوعي.
قبل يومين جاء وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى الرياض ليعلن أن وقف العدوان على اليمن مقابل ضمان أمن المملكة، وهو مؤشر على انخفاض سقف الشروط التي بدأت بتنفيذ القرار الدولي 2216 والاستسلام لصالح عودة حكم الادوات من عملائها ودواعشها ، لتصبح الآن مجرد ضمان أمن المملكة ، الذي كان مضمونا أصلا لولا مغامرة العدوان على اليمن.
التحركات الامريكية عبر ما يسمى الرباعية ليست أكثر من محاولة لتسوية الوضع في اليمن وترتيب ما أمكن ترتيبه قبل أن تصل التحولات والمتغيرات المتسارعة في الساحة الدولية والاقليمية إلى حيث لا تستطيع الولايات المتحدة وأدواتها الحصول على أي مكسب في اليمن، وهو بإذن الله ما يبدو إننا نسير باتجاهه سيما في ظل إصرار محور الشر الأمريكي على التعاطي بتعال مع الواقع الذي يعرفون ضعف وضعهم فيه جيدا.
ولم تكن حادثة اغتيال السفير الروسي بتركيا مجرد خطوة امريكية غبية في لعبة صراع الأقطاب، وإن بدت كذلك، فليس من المعقول أن أمريكا لا تدرك أن العلاقات التركية الروسية ستزداد متانة في ظل انكشافها وانكشاف مسؤوليتها عن الحادث، غير أنها وإن كانت تداعياتها ستعود ضررا بالغا على السعودية وبقية الأدوات، ممكن أن تقرأ بالنسبة لأمريكا لغما ديموقراطيا وضعته الإدارة الأمريكية المغادرة للإدارة الجمهورية القادمة لتضعها في معمعة ما يجري في المنطقة والحيلولة دون الخلاص منها.
وفي كل الأحوال، هذه الإرهاصات التي تشهدها المنطقة لم تكن لتحدث لولا فضل الله وصمود وتصدي وبسالة الشعب اليمني في مواجهة عدوان عامين، وسوف تؤثر هذه الإرهاصات بدورها على مستقبل الاحداث في اليمن قريبا بإذن الله وبشكل لم يكن متوقعا، نحن استطعنا أن نؤثر على مسار التاريخ، وسنكتب التاريخ.
التعليقات مغلقة.