saadahnews

الاستهداف السعودي لأمن مصر القومي ووجودها عبر “سد النهضة” الأثيوبي

تقارير| 23ديسمبر| إبراهيم السراجي:

اتفقت الحكومات والأنظمة التي تعاقبت، على أن استهداف حصة البلاد من مياه النيل، يعد استهدافهاً للأمن القومي المصري، بل وربما بمثابة إعلان حرب حقيقية تستهدف وجودها، وهو تفسير منطقي ينسجم مع مقولة أن “مصر هبة النيل” والتي باتت اليوم تواجه اليوم حربا اثيوبية وجودية مدعومة من النظام السعودي

هذا التوافق ينطبق على الموقف من قيام اثيوبيا ببناء سد لتوليد الكهرباء، بما يؤثر على حصة مصر من مياه نهر النيل المتفق عليها بين دول حوض النيل.

وتصر أثيوبيا على مواصلة بناء سد أطلقت عليه “سد النهضة” على النيل الأزرق، وبمساحة تتراوح بين 20 إلى 40 كيلومتر، ويهدف بناءه إلى توليد الطاقة الكهربائية.

وترى مصر أن السد سيقلل من حصتها في مياه النيل، الأمر الذي يعد تهديداً لأمنها القومي، كونها دولة لم يكن لها أن ترى الوجود لولا وجود النهر الذي أوجد أسباب الحياة.

ومر هذا السد بثلاث مراحل، الأولى بدأت في ستينات القرن الماضي، عندما قام مكتب تابع لوزارة الخارجية الأمريكية بتحديد موقع السد كأول خطوة تستهدف مصر، ولم يتم البدء تنفيذ المشروع، إلا في العام 2011 وهي المرحلة الثانية التي جاءت بعد تحركات إسرائيلية في القارة الافريقية، ضمن مساعي الكيان الصهيوني للسيطرة على الدول الأفريقية وإدارة مواقفها للنيل من مصر أيضا.

أما المرحلة الثالثة، فبدأت قبل عدة أيام، عندما أعلن النظام السعودي عن توسيع استثماراته في أثيوبيا، بما في ذلك دعم سد النهضة.

الحديث عن دعم سعودي مالي لإكمال تشييد سد النهضة الأثيوبي، هو دعم مباشر وعلني لاستهداف الأمن القومي المصري وبالتالي الأمن القومي العربي، من قبل نظام ما يزال منذ قرابة 21 شهراً يواصل عدوانه على اليمن في وقت كان حماية “الأمن القومي العربي” أحد شعاراته الزائفة إلى جانب الشعارات الطائفية وبقية الشعارات التي كان آخر سقوط لها على اعتاب “سد الأحباش” الذي يستهدف وجود مصر.

الخطوة السعودية وإن بدت في ظاهرها تصعيد للخلاف مع مصر الذي بدأ بتصويت المندوب المصري بالأمم المتحدة لصالح مشروع قرار روسي حول سوريا، وصحيح أنه أغضب الرياض، لكنه لم يكن السبب الحقيقي للدعم السعودي لاستهداف الأمن القومي العربي، كونه يتجاوز رد الفعل إلى كونه تماهياً مع المشروع الأمريكي الصهيوني الذي يستهدف الدول العربية واحدة تلو أخرى ودائما ما تكشف ملامحه عن تجمع ثلاثي من الرياض إلى تل أبيب ومنهما إلى واشنطن.

الكشف عن الدعم السعودي للسد الأثيوبي لم يأت على شكل تسريبات صحفية، بل كان موقفا سعوديا معلنا، حيث نقلت وكالة الاناضول التركية، يوم السبت الماضي، عن مصدر إثيوبي مطلع قوله إن مستشار الملك السعودي “أحمد الخطيب”، قام بزيارة إلى سد النهضة الإثيوبي بعد أن قام بعقد مباحثات مع مدير مشروع سد النهضة “سمنجاو بقلي” حول “إمكانية توليد الطاقة المتجددة” واستثمار السعودية فيه.

وسبق الدعم السعودي لسد النهضة، استقبالاً مبالغاً فيه من قبل النظام السعودي، لرئيس الوزراء الأثيوبي في 22 أكتوبر الماضي، والذي التقى ولي عهد الرياض وولي ولي عهدها، وأعلن الطرفان حينها عن توسيع وتطوير التعاون الاقتصادي بين بدليهما.

وكان ذلك الاستقبال، من الخطوات التي تستهدف مصر، خصوصا أنه تزامن قرار سعودي بوقف شحنات النفط من السعودية لمصر وفقا لاتفاق تجاري بين الرياض والقاهرة.

التحركات السعودية المعادية، قوبلت بانتقادات شديدة من قبل السياسيين والإعلاميين المصريين، وكان وصف احدى الصحف المصرية للملك السعودي بـ”جلالة الخائن” أحد ردود الأفعال المصرية تجاه الخطوات السعودية المتلاحقة ضد مصر بدءَ بوقف شحنات النفط إلى دعم المشروع الاثيوبي الذي يستهدف الوجود المصري.

وإذا كان الحديث عن الأمن القومي والوجودي لمصر، هو حديث عن الأمن القومي العربي، باعتبار أن مصر هي الدولة العربية الأكبر إلى جانب ما مكانتها في العالم العربي، فإن الدعم السعودي المعلن لسد النهضة الاثيوبي على مياه النيل، والمتوافق مع المساعي الإسرائيلية، يعد محطة جديدة يخلع فيها النظام السعودي “عباءة العروبة” التي لبسها في اليمن، ويرتدي عباءة المشروع الأمريكي الصهيوني، الذي دمر ليبيا والعراق وسوريا وصولا إلى اليمن، ويقف اليوم في موقع استهداف مصر.

التعليقات مغلقة.