خدعة وليست مبادرة
مقالات | 28 يوليو | بقلم / فضل عباس جحاف :
مثلي مثل أي مواطن يمني تفاجأ بالمبادرة التي طرحها رئيس مجلس النواب الشيخ الراعي على أعضاء مجلس النواب دائمي العضوية ، أقصد طالت مدة فترات عضويتهم في المجلس دون فائدة ترجى منهم وتعود بالنفع على الشعب، وكأن أعضاء المجلس النيابي ولدوا ليكونوا أعضاء في مجلس النواب من المهد إلى اللحد، وأن الحصانة النيابية التي يتمتعون بها تعفيهم من تبعات أخطائهم وتعطيهم الحق في التصويت بالموافقة الدائمة على اتفاقيات وقرارات ومعاهدات وقوانين ومبادرات تتعارض مع المصلحة الوطنية، ودون مراعاة للرأي العام ومخالفة القانون واللوائح والأنظمة المنظمة لعمل المجلس النيابي .
وفجأة ودون سابق إنذار طرحت رئاسة مجلس النواب مبادرة للتصويت عليها في هذا التوقيت وفي تماهي وانسجام واضح مع مبادرة المبعوث الأممي ولد الشيخ في المضامين ولها نفس الأهداف التي تخدم الخارج ممثلاً بأمريكا وإسرائيل وترضي غرور النظام السعودي وتحفظ له ماء وجهه القبيح.
والقاسم المشترك بين مبادرة ولد الشيخ ومبادرة الشيخ الراعي هو أن رئيس مجلس النواب والمبعوث الأممي كلاهما مشائخ .
والمبادرتان ليس لهما قبول في أوساط الشعب اليمني فضلاً عن كونهما أقرب للبرمات من المبادرات واعتمد الشيخان في مبادراتهما على المساومة في لقمة عيش المواطن اليمني مقابل سيادته .
والملفت للنظر والمثير للجدل في نفس الوقت أن المبادرة التي طرحها الشيخ الراعي للتصويت في البرلمان أثارت تساؤلات عن مصدر المبادرة، وهل الشيخ الراعي فعلاً هو من أطلقها ؟ أو المؤتمر الشعبي العام الشريك الأساس في حكومة الإنقاذ والمجلس السياسي الأعلى ؟؟
أياً كان مطلق المبادرة أو الجهة إلا أن المفترض أن تكون محيطة بالمتغيرات الإقليمية وتطوراتها وما أفرزته من انقسامات بين دول مايسمى بالتحالف العربي واستثمار ذلك في تقوية الموقف السياسي للقوى السياسية المناهضة للعدوان على اليمن وتحصين الجبهة الداخلية في هذه المرحلة خاصة وأن الوقائع الميدانية تشكل دافعًا قوياً للقوى السياسية الوطنية في دخول أي مفاوضات من موقع القوة لا الضعف وتقديم تنازلات .
إلا أن توقيت المبادرة المطروحة من قبل رئاسة مجلس النواب للتصويت عليها أعطت جرعة معنوية مجانية للعدو، وفيها اعتراف ضمني أن العدو استطاع إضعاف وإنهاك وتحطيم جدار الصمود الشعبي الذي عجز عن تحطيمه أو إحداث شرخ فيه بأسلحته الفتاكة .
ومن المؤكد أن العدو الذي طالب بوضع ميناء الحديدة تحت إشراف الأمم المتحدة قبل إطلاق ولد الشيخ مبادرته المتظمنة تسليم ميناء الحديدة مقابل صرف مرتبات موظفي الدولة هو المستفيد من المبادرتين إلا إن مبادرة الشيخ الراعي تكمن خطورتها في كونها تهدف إلى دغدغة مشاعر الشارع اليمني باعتبارها قدمت من الداخل وفيها المخرج من الواقع المعيشي الصعب الذي يعاني منه الشعب اليمني جراء العدوان والحصار والرافض لها سواء قوى سياسية أو مستقلين او من عامة الشعب سوف يتم تصنيفهم كمستفيدين من الحرب والأشد خطرًا أن المبادرة ستوجد انقسامًا في الجبهة الداخلية طالما سعى العدو في إيجاده وبالتالي فالعدو لن يفوت الفرصة وسيعمل جاهدًا في تسخير إمكانياته المادية والإعلامية للعمل في هذا المسار وبما يحقق له أهدافه .
ولا أستبعد أن يكون هناك طرف خفي قدم المبادرة في هذا الوقت مستغلًا حسن نوايا البعض ومن ضمنهم الشيخ الراعي الذي رأوا فيه طيبة أبي موسى الأشعري .
قد يكون صاحب المبادرة عمرو بن العاص الذي أشار بخدعة رفع المصاحف على أسنة السيوف في صفين حينها لم يفقه الكثير أنها خدعة وليست مبادرة .
التعليقات مغلقة.