حكاية ثورة هزت العالم وأطلقت البركان الكامن..
تقارير | 18 سبتبمر | إبراهيم الوادعي:
في ال 26 من مارس 2015م بدأت السعودية والولايات المتحدة الامريكية عدوانا قاسيا على اليمن، وبشكل مفاجئ شنت أسراب من طائرات الفانتوم غارات عند الثانية صباحا غارات مكثفة على العاصمة صنعاء ،استهدفت مطارها ووسائل الدفاع الجوي الهشة كما استهدفت حيا سكنيا وكانت تلك فاتحة مئات الآلاف من الغارات المستمرة حتى اليوم والجريمة الأولى في سجل جرائم بشعة لايزال مفتوحا ويسقط كل يوم شهداء مدنيون.
استقرت الأوضاع في العاصمة صنعاء بعد نجاح ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م ،في اقتلاع قوى نفوذ انقسم ولائها بين واشنطن والرياض، والمجتمع اليمني ينعم للمرة الأولى في غضون بضعة أشهر اقل من 4 أشهر بتوقف الاغتيالات اليومية في شوارع العاصمة صنعاء وانهزام ما يسمى القاعدة في مناطق البيضاء، كما انكسرت في مناطق أبين وشبوة التي كان الجيش واللجان الشعبية وصلوا إليها قبيل شن العوان الغادر.
القوى السياسية التي وقعت اتفاقا تاريخيا “السلم والشراكة” يقضي بالانفتاح السياسي والاجتماعي بين مختلف القوى السياسية والوطنية اليمنية برعاية اممية، كادت تضع المداميك الحقيقية لبناء الدولة اليمنية الحديثة في حوار رعته أيضا الأمم المتحدة ومبعوثها السابق الى اليمن جمال بن عمر المغضوب عليه سعوديا في فندق موفمبيك بصنعاء.
القراءات لجوانب ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر في ظل عدوان استهدفها بعد 6 أشهر فقط من نجاحها ودخول العاصمة صنعاء وبالقسوة التي شهدناها ويشهدها العالم، يضع تساؤل كبير ويؤكد حقيقة ما ذهب اليه بعض الساسة والمحللين في خطاب وجه لليمنيين يومها ولم يأخذ حقه من الأهمية يومها، ومفاده انكم أيها اليمنيون، وياأنصار الله بالتحديد قمتم بعمل عظيم ليس على الميدان اليمني فقط بل ستطال رياح التغيير المنبثقة عنه الإقليم وخارطة التحالفات والنفوذ العالمي على منطقة جيوسياسية مهمة لجميع العالم.
بشكل دراماتيكي بعد أسابيع معدودة من ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر اخلى المارينز الأمريكي قاعدته في صنعاء بمنطقة الشيراتون، بعد أن تلقى الأمريكيون من قيادة الثورة الوليدة بان زمن عربدتهم وتعاملهم خارج القواعد الدبلوماسية المرعية قد ولى ، وفي تلك الفترة اخلت جميع البعثات الدبلوماسية مقراتها باستثناء البعثات دبلوماسية لا ترضخ لهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية ،كما جرى إلقاء القبض على عناصر- احمد عوض بن مبارك – كلفت من قبل الأمريكي ودول غربية بتمرير مشروع تقسيم اليمن على غفلة من أهله، وبالمخالفة لاتفاق السلم والشراكة.
فشل أيضا مشروع عرقنة اليمن مجددا ، عقب سلسلة تفجيرات دامية هزت مساجد في العاصمة صنعاء ، اتخذت القيادة الحكيمة للثورة قرارا اثار لغطا كبيرا في حينه لكن الأيام كشفت عن كونه القرار الأكثر حكمة والذي انقذ اليمن من الغرق في اتون بحر من الدم ، بالنزول الى عدن وانهاء وكر المؤامرة الذي شرعت قوى الاستكبار ببنائه في عدن بستار الشرعية الزائفة بعد نجاحها في تهريب الخائن هادي من صنعاء ، وتدمير اوكار “القاعدة وداعش” قفازا أمريكا والرياض لسفك دماء الشعوب في المساجد والطرقات والأسواق ، وتهاوي معسكراتها في نخلا والسحيل وكتاف ، ونجت صنعاء والمناطق اليمنية من سيناريوا مماثل عاشه العراق لأعوام ، وأجبرت الرياض وواشنطن على خوض حرب مباشرة، مهما علت تكاليفها لكنها اقل كلفة مما كان يعد ويحضر له وشهدت صنعاء جزءا منه خلال عامي 2012م و2013م،وأجزاء من العام 2014م قبيل اندلاع ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
وبرغم الحرب القاسية إلا أن الأمن والأمان هو سمة المناطق التي يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية، بينما عادت المناطق التي تمكن الاحتلال السعوي الإماراتي الأمريكي من السيطرة عليها إلى سيناريو الأعوام ما قبل ثورة الحادي وعشرين من سبتمبر، حيث الاغتيالات وجبة يومية والدماء المسكوبة على الطرقات وفي الأسواق هي ما تشرق عليه الشمس.
وإذا كانت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر قد أنجزت ملف التخلص من الوصاية الخارجية وطرد قوى النفوذ، فإنها بحسب ورقة للدكتورة نجيبة مطهر في ندوة احتضنتها جامعة صنعاء حول ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر الأهداف والإنجازات شرعت الباب للمرة الأولى لاستعادة اليمن لدورها الإقليمي ومكانتها الدولية.
وهي أيضا انقذت الجيش اليمني من حالة الضعف الشديد الذي اعترته حتى أضحى غير قادر على تأمين مقراته الرئيسية في العاصمة صنعاء – مهاجمة العرضي مثالا- وطالت الاغتيالات كوادره وكفاءاته حتى أضحى منتسبو الجيش والأمن يخشون الظهور بالملابس العسكرية في الشوارع، وقال العميد عزيز راشد نائب المتحدث باسم الجيش أن ما يسمى بلجنة المستشارين العسكرية والتي عينها الفار هادي بتوصية من أمريكا وول غربية تمكنت من اضعاف بنية الجيش وفككته، وكانت بصدد إنهاء قطاع الصواريخ بشكل كلي، وقد دمرت جزءا منها بالفعل.
مشيرا إلى أن الجيش وعقب الثورة نجح في التعافي وإصلاح الضرر الذي مس بعقيدته القتالية وقطاعته واسلحته، وعززت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر من ثقة الجني اليمني في انه قادر الى العطاء وانه كان ضحية فقط لمؤامرة كبيرة اظهرته ضعيفا وغير قادر على حماية منتسبيه من آلة القتل في الشوارع قبل الثورة.
ولفت إلى أن التطور الذي يحرزه الجيش عبر مختلف القطاعات وبالذات الصاروخية والبحرية، ناجم عن إرادة ثورية تلاقت مع إرادة عسكرية شريفه في مواجهة العدوان والإصرار على عدم عودة الوضع الى عهود الوصاية وحكم اللجنة الخاصة السعودية.
وفي الندوة تحدث العلامة الشيخ محمد طاهر انعم عضو حزب الرشاد السلفي عن جانب مضيء لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، تمثل بالمناخ الأمن الذي أرسته، وتطمين مختلف القوى حتى ممن على خلاف كانت مع أنصار الله الذين قادوا هذا الحدث الشعبي إلى جانب قوى ثورية عدة.
ويشير إلى أن الدعاية المضللة التي كان يجري بثها عن أنصار الله ثبت زيفها بعد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، وبخاصة لدى الجماعة السلفية، لكن الوضع بات مختلفا تماما وفقا لورقة قدمها في الندوة، وشكل اتفاق السلم والشراكة فاتحة تعاون وتفاهم يثمر اليوم تعايشا لم يتوقع أكثر المتفائلين بحدوثه.
وقال في ورقته جرى تشكيل لجنة لإزالة أي إشكالات قد تحدث عقب دخول أنصار الله والقوى الثورية صنعاء، والى اليوم تنعم المراكز السلفية بممارسة نشاطها بحرية كاملة، لم تتوفر لها في مناطق التي سيطر عليها الاحتلال، ونحن نمارس نشاطنا السياسي من خلال حزبين بكل حرية ولفت الى الاتفاق الذي وقعة أنصار الله والجماعة السلفية في معبر والذي عكس ثقافة التعايش والقبول بالآخر.
وللوقوف على عظم الأمانة التي تحملتها ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر فقد أشار الى السياسي والإعلامي عبد الملك العجري في ورقة قمها في الندوة أيضا الى ان ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر ورثت دولة فاشلة ومنهارة وفقا لتقارير دولية واممية، وهي في فترة قصيرة أدار فيها أنصار الله دفة البلد بالتعاون مع القوى الثورية في إطار اللجنة الثورية العليا من جعل هذه الدولة المنهارة قلعة صعب على الولايات المتحدة بما تمتلكه من تكنولوجيا، والخليج المعتدي بماله من مال يشري بهم المرتزقة من أصقاع الأرض، اقتحامها..
ولعل ما يجمع الأوراق المقدمة في الندوة وقناعات تترسخ في الشارع اليمني هو ان ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لم تظهر كل نتائجها بعد ، فاذا كان على المستوى الداخلي استقرار واطمئنان رغم العدوان، فان تأثيراتها الخارجية تشي بان اليمن سيكون بتوقف العدوان لاعبا إقليميا لا يجري تجاوزه، وأن الثورة اليمنية كانت البداية لنهاية حقبة في الإقليم وبداية حقبة لن يكون اليمن بمنأى عن ان يكون على راسها ،وهو لاجل ذلك يراكم عوامل القوة الاقتصادية والعسكرية مستفيدا من قدراته الذاتية، وثقة استعادها بنفسه بعد الحادي والعشرين من سبتمبر.
وخارجيا فبات من المؤكد أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر شكلت المفتاح الذي يهز المنطقة حاليا ويخط نهاية النفوذ الأمريكي الذي أدرك خطأ حساباته وفشل أدواته التي أضحت في مرمى الصواريخ اليمنية، وإعلان قائد الثورة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي عن الموقع الجديد للبحرية اليمنية وقدراتها التي تمكنها من أن تطال أي هدف معاد يتواجد في البحر الأحمر، شكل الاعصار الرابع والأقسى الذي يضرب الولايات المتحدة خلال هذا الشهر ويختلف في كونه تجاوز الماديات وطال هيبة الولايات المتحدة ومكانتها عالميا، مهددا في الوقت ذاته سلامة اساطيلها في البحر الأحمر.
وتحققت نبوءة الكاتب والمفكر العربي الراحل بان اليمن بركان كامن متى ما انفجر فسيغير المنطقة وربما العالم، وحذر القوى المعتدية قبيل وفاته من استعجال نهايتها بعد أن تحرر هذا المارد من قيوده …
المسيرة نت .
التعليقات مغلقة.