المرأة الصالحة تُسهم في صنع الأبطال، تربية الرجال، صنع المجاهدين في سبيل الله
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (الطور: من الآية21).
كذلك الزوجات، كذلك الأزواج {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} (الرعد: من الآية23) تلك الزوجة التي تشد زوجها، وهو في هذه الميادين ينطلق ليعمل، تشجعه حتى لو خرج مقاتلاً في سبيل الله، لا تَبْكِي، بل تشجعه, تودعه بعبارات التشجيع، بعبارات تبقى حَيّةً في نفسه، تدفعه، تشد من أزْرِه، تلك الزوجة التي لا ترهق زوجها بتصرفاتها العشوائية داخل منزله، فتبعثر الكثير من أمواله فترهق كاهله فلا يكاد كل ما يجنيه يوفر إلا حاجات منزله لا يستطيع أن يُسْهِم في مجال الإنفاق في سبيل الله، ليكتمل له دينه من خلال صلاته وإنفاقه.
تلك الزوجة التي لا تزعج زوجها وهو يفكر في ما يهم أمر الأمة، فيما يجب أن يهتم به من أمر دينه وأمته، تلك الزوجة التي لا يكون همّها أن يبقى يسامرها ساعات بعد ساعات، زوجة صالحة.
وما أعظم دور الزوجات الصالحات في الدفع بالرجال، ما أعظم إسهام – المرأة الصالحة التي تربي – في صنع الأبطال، صنع الرجال، صنع المجاهدين في سبيل الله.
يقال أن الإمام الخميني (رحمة الله عليه) ذلك الرجل العظيم الذي استطاع بإيمانه وشجاعته وقوة نفسه أن يكون على هذا النحو الذي خلق فعلاً تجديداً في العالم، وخلق صحوة إسلامية، وأرعب أعداء الله، وعمل على إعادة الثقة لدى المسلمين بدينهم، يقال: أن خالته – وهي من تولت تربيته – كانت تقول له: [أنت عظيم، أنت بطل، أنت ستكون شجاعاً، أنت ستكون بطلاً، أنت ستكون عظيماً]. تلقنه هذه العبارات وهو ما يزال طفلاَ فنشأ فعلاً عظيماً كبيراً، نشأ فعلاً بطلاً شجاعاً مقداماً أرعب أمريكا، وأرعب دول الاستكبار كلها.
وليست تلك الأم، أو تلك المربية التي همها فقط أن يسكت ابنها، فبأي عبارات مزعجة مقلقة تحاول أن تسكِّته. المرأة تقع عليها مسئولية كبرى جداً، وهي زوجة، وهي أم، وهي قريبة من هذا الطفل تربيه, وهي قريبة من هذا الرجل تؤيده وتدفع به وَتصبِّره وتشجِّعه.
لقد بلغ الأمر بالنساء الإيرانيات أن أصبحن يفتخرن، تفتخر إحداهن بأنها أصبحت أم أربعة شهداء، وأخرى تفتخر بأنها أصبحت أم ثلاثة شهداء، وهكذا أصبحن يتفاخرن بأنهن أمهات شهداء، وزوجات شهداء.
مثل هذه الزوجة وهي في بيتها هي من سيكون لها ذلك الموقع العظيم إذا ما لحقت زوجها بإيمان وصلاح، وتقوى, أن تحظى بالقرب منه في درجته كشهيد مجاهد، وهي درجة عالية {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً} (النساء: من الآية96) فهي في بيتها تحظى بهذه المكانة.
ذلك الزوج أيضاً الذي يرى لدى زوجته اهتماماً من خلال ما تقرأ أو تسمع مما ترك لديها عمقاً إيمانياً فأصبح لديها اهتمام بأن تُسْهِم بمالها، بأن تُسْهِمَ في مجال تربيتها لأولادها، فهي تحرص على أن ينشئوا رجالاً صالحين، رجالاً جنوداً لله، أنصاراً لله فلا يثبطها, ولا يشغلها بأعمال قد لا تكون تمس الحاجة إليها، ولا يرهقها بأعمال قد يكون في غنى عنها، فيما يتعلق بمعيشته، يفسح لها المجال.
أفراد الأسرة إذا ما انطلقوا هكذا يشد بعضهم بعضاً، فقد يحضون كلهم بالقرب بأن يصلوا إلى تلك الدرجة التي يصل إليها واحد منهم عظيم، أليست هذه نعمة عظيمة داخل الأسرة؟. بواسطة الأب قد تلتف الأسرة في جنات عدن في مقام واحد، بواسطة الابن قد تلتف الأسرة ويجتمع شملها في مكان واحد في الجنة، وقد يكون مكاناً عالياً ببركة ذلك الابن. الأسرة ببركة تلك الزوجة، ببركة ذلك الزوج، ببركة تلك الأم قد يصلون إلى تلك الدرجة. لكن فيما إذا كانوا على هذا النحو يشدون بعضهم بعضاً.
وفعلاً يختلف الأفراد في الأسرة أحياناً باعتبار واقع عملهم فيكون بعضهم له دور كبير يحظى بمكانة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى، فتكرم كل أفراد الأسرة من أجله، فتصل إلى تلك الدرجة العظيمة التي وصل إليها؛ لأنها كانت تشجعه، كانت تؤيده، كانت تقف معه.
أما أولئك الذين يثبطون بعضهم بعضاً فسيكون البَوْنُ بينهم شَاسِعاً قد لا يكون ولا حتى داخل الجنة، قد يكون خارجها, هذا في النار، في قعر جهنم، وهذا في الدرجات العليا في الجنة، هذا هو شتات الشمل الرهيب، هذا هو شتات الشمل الرهيب في العالم الأبدي، في الآخرة.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
(سورة المائدة – الدرس الرابع)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 16/ 1/2002م
اليمن – صعدة.
التعليقات مغلقة.