مسؤولية أهل البيت عليهم السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
نشكركم – أيها الأخوة – جميعاً على كرم ضيافتكم وحسن استقبالكم، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منكم، وأن يجعل اجتماعاتنا هذه اجتماعات مباركة.
كلمة مهمة ومفيدة سمعناها(1) وهي تذكرنا فعلاً بأنه عندما ننطلق نحن المنتمون إلى أهل البيت، أهل بيت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) لنعظ الناس يجب أن نكون نحن أول من يتعظ لنذكر الناس يجب أن نكون نحن أول من يتذكر، لنهدي الناس يجب أن نكون نحن أول من يهتدي، لنعلم الناس يجب أن نكون نحن أول من يتعلم ويعلم، لنصلح الناس يجب أن نكون نحن أول من يصلح, عندما ننطلق لنذكر الناس في مواقف، مواقف دفاع عن دين الله, ونصر لله ولدينه يجب أن نكون نحن أول من ينطلق في تلك الميادين.
لقد ذكرتني كلمة الأستاذ زيد كثيراً من المفردات في القرآن الكريم، وعلى لسان رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وعلى لسان الإمام علي ابن أبي طالب (صلوات الله عليه) يقولها وتتوجه تلك الكلمات إلى أهل البيت. أهل البيت شرفهم كبير وفضلهم عظيم، لكن يجب عليهم أن يعرفوا أن مسئوليتهم كبيرة، وأن المسئولية عليهم كبيرة، بقدر ذلك الشرف العظيم, والفضل الكبير الذي منحهم الله إياه.
لقد تعودنا أن نتحدث عن فضل أهل البيت ولكننا لم نتعود أن نتحدث أيضاً نحن أهل البيت عن مسئوليتنا أمام الله وأمام دينه وأمام عباده.. قد نقول لرجل من الناس: ناصبي, إذا ما لمسنا منه أن يتنكر لفضل أهل البيت، ولكننا لا نصمُ أنفسنا بأننا مقصرون ومهملون ومفرطون في مسئوليتنا الكبيرة أمام دين الله، وعباده، يرتاح الكثير منا إذا ما سمع [حديث الثقلين] وسمع [حديث السفينة] وسمع [حديث النجوم] وسمع أحاديث أخرى وسمع [آية التطهير] و[آية المودة] ويشرأب عنقه إذا ما سمع ذلك وينشدّ قلبه إلى من نطق بتلك الكلمات الجميلة بفضل أهل البيت، لكنه يغمض عينيه, وينكس رأسه إذا ما دعي للتحرك في أداء مسئوليته الكبيرة هكذا واقعنا.
وهي حالة خطيرة جداً علينا، حالة خطيرة جداً على أهل البيت، كلما تحدثنا عنه من تقصير وتفريط من جانب المسلمين باعتبار أن المسئولية في مقام نصر دين الله، في نصر الله والدفاع عن دينه، والدفاع عن عباده المستضعفين والعمل على إعلاء كلمته، ومحاربة الفساد في الأرض، المفسدين في الأرض، هي مسئولية كبرى على المسلمين جميعاً، وهي مسئولية أكبر على العرب جميعاً، وهي مسئولية أكبر وأكبر على أهل البيت، على أهل البيت.
أهل البيت إذا ما تحركوا، إذا ما صلحوا فإن الله يهيئ الكثير الكثير من الأفئدة لتهوي إليهم, لكنهم إذا ما أهملوا وفرطوا ذلوا، وضعفت نفسياتهم، وتفرق الناس من حولهم؛ لأنه حينئذ ما هو الذي فيّ أو فيك يشد الناس إليّ وإليك؟ ما الذي شد الناس إلى رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؟ هي تلك الرسالة، ذلك الشرف المرتبط بحمل تلك الرسالة العظيمة، ذلك الكتاب العظيم الذي أنزل عليه، إنها الرسالة, وإنه الكتاب الذي أورثه أهل بيته.
قد يقول البعض منا: الناس يتنكرون لنا، الناس لا يستجيبون، أو يبدو أن الناس الآن هناك من يبغضنا ودائرة البغض لأهل البيت تتسع! ستتسع أكثر وأكثر؛ لأنه ليس هناك فيك ما يشد الناس إليك، أنت لا تعمل على إعلاء كلمة الله، أنت لا تجاهد في سبيل الله والمستضعفين، أنت لا يلمس الناس فيك أنك حريص على هدايتهم، أنك حريص على إنقاذهم، أنك حريص على مصالحهم، أنك تبذل وقتك ومالك وجهدك ونفسك في خدمتهم.
إذاً فما الذي يشدهم إليك؟ ونغضب نقول: [والله فلان أصبح إنساناً يكره أهل البيت، أهل المحلة الفلانية ناس لا يحبون أهل البيت].
هل واقعنا نحن في وحدة كلمتنا، في التآلف فيما بيننا بالشكل الذي يصبح مثالاً يحتذى به حتى إذا ما تحدثنا مع الآخرين حول وجوب الوحدة كنا صادقين معهم؟ نحن نستحي أن نتحدث مع الناس وإن كنا نضطر إلى أن نتحدث معهم حول وحدة الكلمة؛ لأن أبناء محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) هم أنفسهم – وهم آلاف مؤلفة – الآن هم يعيشون حالة من الفرقة والشتات، وروح اللامبالاة والتفريط والتقصير السائدة في أوساطهم.
مسئولية كبيرة، وشرف عظيم جاء في آية مباركة هي نزلت في أهل البيت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ}(الحج: 77-78) يوم قال نبي الله إبراهيم: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ}(البقرة: من الآية128) {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}(الحج: من الآية78) يقول للناس جميعاً: جاهدوا في سبيل الله لكنه يقول لأهل البيت: جاهدوا في الله حق جهاده.
أهل البيت الآن أصبحوا آلافاً مؤلفة، آلافاً مؤلفة، في اليمن، وفي إيران، وفي العراق، وفي الحجاز وفي مختلف بقاع الدنيا.. لنتحدث عنا هنا في اليمن آلاف مؤلفة في اليمن؛ لأن كل المسلمين يدعون بالبركة لأهل البيت في صلاتهم، كل المسلمين يدعون الله أن يصلي على محمد وعلى آل محمد, وأن يبارك على محمد وعلى آل محمد في صلاتهم، أهل البيت تكاثروا.
لكن لماذا يوم كان أهل البيت أعداداً قليلة، أفراداً معدودين كان الواحد منهم يبني أمة بأكملها، ويقيم حكومة إسلامية بكاملها؟!.
الإمام الهادي خرج إلى اليمن بمفرده، بنى اليمن, وأقام دولة إسلامية في اليمن, وما تزال بركاته إلى الآن قائمة، آخرون كثيرون من أمثاله انطلقوا إلى المغرب، وإلى إيران وإلى بقاع أخرى في الدنيا فكان الواحد منهم يصلح أمة بكاملها، لكنهم الآن آلاف مؤلفة كادوا أن يذوبوا، كادوا أن يتلاشوا، نسوا شرفهم، نسوا المسئولية الكبيرة الملقاة على عواتقهم حتى في هذه الأوضاع الخطيرة التي نشاهدها، ونعايشها نجد أنه غابت روحية أهل البيت السابقة, غابت من أوساط هذه الأعداد الكبيرة من أهل البيت.
اليهود عندما دخلوا القدس يقال أنهم كانوا يهتفون بشعار: [محمد مات وخلف بنات، محمد مات وخلف بنات] لم يخلف رجالاً.. هكذا يريدون أن يقولوا أن محمداً لم يخلف رجالاً بعده، لا رجالا من بنيه، ولا رجالا من أمته؛ ولهذا استطاعت تلك الحفنة تلك الحفنة القليلة من اليهود أن تدوس المسلمين جميعاً بما فيهم أبناء محمد.
في أوضاع كهذه يجب أن يكون أهل البيت هم أول من يدرك خطورتها، هم أول من يتحرك في مواجهتها، أن يكونوا هم أول المجاهدين، أن يكونوا هم أول الشهداء، أن يكونوا هم أول من يبذلون دماءهم وأموالهم في سبيل الله، والمستضعفين.
المواجهة الآن مكشوفة مع اليهود، مواجهة علنية، وصريحة، ومكشوفة مع اليهود، واليهود هم أعداء للمؤمنين جميعاً، وأعداء لمحمد وآل محمد بالخصوص، أعداء لمحمد وآل محمد بالخصوص، من العار الكبير على أهل البيت، على أبناء محمد أن توكل إليهم المسئولية العظيمة، مسئولية أعظم مما أوكل إلى بني إسرائيل.
إن القرآن الكريم هو خاتم الكتب الإلهية، وجدهم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هو خاتم الرسل، والإسلام هو خاتم الرسالات، وهو دين لهذه العصور كلها إلى آخر أيام الدنيا، هو دين لهذا العصر الذي هو أوسع عصور الدنيا، اتسعت فيه مجالات الحياة، وشئونها بشكل ربما لم يحدث مثله أبداً في تاريخ الدنيا كلها.
من العار عليهم أن يشاهدوا الإسلام تطمس أعلامه، وتنتهك حرماته، وتداس حرمة مقدساته، وتضيع أحكامه، وتحرف مبادئه، من العار عليهم أن يكون أولئك اليهود الذين ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة، وسحب البساط من تحت أقدامهم ليضعه تحت أقدام محمد وآل محمد، نزع الملك، نزع الملك منهم ليعطيه لمحمد وآل محمد، نزع النبوة، والحكمة منهم ليعطيها لمحمد ولآل محمد، من العار على آل محمد أن يعيشوا أغبياء أمام مكر اليهود، وخبثهم، وتخطيطهم، وذكائهم، سنكون حينئذ من يسيء إلى مقام الله سبحانه وتعالى في حكمته لدرجة أنه يمكن أن يقال: لقد ترك أمر هذا الدين إلى آل محمد، وهاهم ظهروا أغبياء، لم يستطيعوا أن يقفوا في مواجهة خبث اليهود، وحنكتهم، ودهائهم، ومكرهم.
هل آل محمد أغبياء؟ ليسوا أغبياء، إنما يتغابون، يهملون، ويقصرون، ويفرطون فيبتعد الله عنهم؛ فلا توفيق، ولا ألطاف، ولا رعاية، ولا هداية.
اليهود معروفون بذكائهم، وخبثهم، ومكرهم، وخططهم، واهتمامهم، وجدهم، ونشاطهم.. لماذا لا يكون أهل البيت هم أكثر وأكثر جداً، واهتماماً من أجل هذا الدين، ومن أجل عباد الله، ومن أجل إبطال كيد وخبث أولئك الذين قد ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة، إن هذا يمس بحكمة الله، إذ يمكن أن يقال: إن كان أهل البيت هكذا هم أغبياء فلماذا توكل إليهم مسئولية وراثة الكتاب، وحمل الدين، وهداية الأمة، وقيادتها, وهاهم يبدون أغبياء أمام ما يعمل اليهود؟ يبدون مهملين، مضيعين، مقصرين أمام جد واهتمام اليهود في إفساد عباد الله، في محاربة دين الله؟.
أليس هذا عاراً؟ أليس هذا عيباً؟ أليس هذا أيضاً جريمة كبيرة نقترفها نحن؟ فنلقى الله سبحانه وتعالى – ونعوذ بالله – نلقى الله ونحن فرطنا في دينه، فرطنا في كتابه، فرطنا في مقام رسوله فرطنا في أمته التي جعلها أمانة في أعناق أهل بيت نبيه، فرطنا في البشرية كلها.
هل تتوقع بأنك ستدخل مع جدك، مع محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) ومع علي، ومع فاطمة، مع الحسن والحسين وأنت من أضعت كل تلك الجهود التي بذلوها، وأنت من أضعت كل تلك الدماء التي سفكت، وأنت من أهدرت كل تلك الحكم التي كانت تنطلق من أفواههم، وعلى ألسنة أقلامهم، وأنت من أضعت ذلك الهدى الذي كان يتفجر على ألسنتهم.
إن الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) يقول لابنه الحسن في وصيته الخالدة: ((ولا تأخذك في الله لومة لائم، وخض الغمرات للحق حيث كان)) وخض غمرات الموت للحق حيث كان يقول لأبنائه:(كونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا) هكذا يقول لأبنائه: ((كونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا)) يقول في وصيته قبيل وفاته، وصية من أجمل الوصايا: ((الله الله في نظم أمركم، وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت جدكما رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصيام والصلاة)) ويقول في تلك الوصية: ((الله الله في كتاب ربكم لا يسبقنكم إلى العمل به غيركم)).
رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) جمع علياً وفاطمة والحسن والحسين، ولفّهم في كساء بعد أن نزلت [آية التطهير] وقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً)).
وقد سمعنا حول هذا الموضوع فيما يتعلق بطهارة أهل البيت كلاماً جميلاً من أستاذنا الفاضل [زيد] فنحن عندما نقرأ [آية التطهير] عندما نقرأ [آية المودة] عندما نسمع الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في [حديث الثقلين] وفي [حديث السفينة] وفي أحاديث أخرى منها قوله مخاطباً لأهل بيته:((والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدهم حتى يحبكم لله ولقرابتي)) والذي يقول في أهل بيته: ((أنا سلم لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم)).
إذا كان اليهود يقولون هكذا: [محمد مات وخلف بنات] وآل محمد هم آلاف، وها نحن نسمع عن دخول الأمريكيين إلى اليمن؛ فإن الواجب على آل محمد بالذات: أن يُرُوا من أنفسهم اليهود: أن محمد مات، وخلف رجالاً، وخلف فرساناً.
والله لو تمكن اليهود في اليمن، لو تمكن الأمريكيون في اليمن، فإن اليهود هم من سيعملون على أن يديروا السجون، وأن يتولوا التعذيب هم بأيديهم لكل إنسان حر.
اقرؤوا ما عملوا بالعلماء في [الهند]، ما عملوا بالعلماء في [بنقلادش] ما عملوا بالعلماء في [الإتحاد السوفيتي] ما عملوا بالمسلمين في مناطق كثيرة. كانوا هم يتولون التعذيب، ويبتكرون أبشع وسائل التعذيب ليعذبوا علماء الإسلام بأيديهم.
عندما يدخل الأمريكيون إلى اليمن إنه دخول اليهود، حينئذِ عندما تتحرك ستجد اليهودي هو السجان، تجد اليهودي هو من يتولى تعذيبك. ما أعظمها من حسرة، ما أعظمها من حسرة، وما أسوءه من تفريط إذا ما فرط الناس حتى يصل الأمر إلى هذه الحالة؛ حينئذ يعذب العلماء على أيدي اليهود، ويعذب الشباب المجاهدون على أيدي اليهود بأبشع وسائل التعذيب.
حاولوا أن تأخذوا بعض الكتب التي دونت جرائم اليهود، والتي تحدثت عن خبثهم، وفظاعتهم، وقسوتهم. إنهم قساة قلوب كما حكى الله عنهم في قوله: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}(البقرة: من الآية74) عندما نتحدث في هذه الأيام: أنه يجب علينا أن نرفع هذا [الشعار] وأنه يجب علينا نحن [الزيدية] في المقدمة: أن تتوحد كلمتنا، وأن يكون لنا موقف عملي، يرفض دخول الأمريكيين إلى اليمن، وموقف عملي في مواجهة اليهود والنصارى؛ فإن كل فرد من آل محمد، كل فرد ينتمي إلى رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يجب أن يكون في مقدمة المستجيبين سواء أكان عالماً أم جاهلاً، أكان تاجراً أم فلاحاً.
وإذا ما فرطنا نحن فسيكون الغضب الإلهي علينا أشد، وستكون الذلة علينا أعظم وأسوء، وسيعذبنا اليهود بأيديهم.. سنرى الفساد، ونعيش الذل، ونعيش الإهانة والقهر والمسكنة تحت أقدام اليهود أسوأ وأفضع مما هو حاصل الآن.
والله إنه ليكفي الموجودين من آل محمد ومن التف حولهم من شيعتهم المؤمنين إذا ما توحدت كلمتهم ووقفوا بصدق؛ إنهم لقادرون على أن يحولوا بين أمريكا وبين دخولها اليمن، وإذا ما دخلت فإنهم سيستطيعون أن يخرجوها من اليمن كما أخرجها [حزب الله] من لبنان.
عندما يقول الله: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}(الحج: من الآية78) منا من هو تاجر، ومنا من هو فلاح، من العيب عليك أن تحتاج إلى كلام كثير كثير حتى تخرج مبلغاً من مالك في سبيل الله، وفي سبيل المستضعفين من عباده. إن المستضعفين من عباد الله، إن الأمة كلها هي أمانة في أعناق أهل البيت. الإمام علي هكذا يقول لأبنائه: ((الله الله في أمة جدكم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) )).
أن تكون أنت من تبخل وأنت من يريد الله منك أن تجاهد فيه حق جهاده, أرقى درجات الجهاد، أن تنتظر أنت من الآخرين أن يكونوا هم أول من يتحرك، ولا تتحرك إلا في الأخير، وجدك رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هو الذي قال له الله: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ}(النساء: من الآية84) قاتل أنت حتى لو لم يقاتل معك أحد. إن عليك أن تخرج إلى ميدان المواجهة بمفردك {لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ}(النساء: من الآية84).
أنت يا من أنت ابن محمد، وابن علي هل كان علي يتثاقل في ميادين الجهاد؟ أم كان ينطلق، ولا يحتاج إلى تكرير كلمتين، لا يحتاج إلى تحريض، لا يحتاج إلى تشجيع، لا يحتاج إلى شيء؟ هو من كان ينطلق، وإذا ما انطلق، انطلق بثبات واستقامة، ينهزم الآخرون ويثبت، هو من كان يبذل نفسه، وماله في سبيل الله، هو من نام على فراش رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) مضحياً بنفسه يوم هاجر رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من مكة إلى المدينة.
إذا لم نكن على هذا النحو فإن مقولة اليهود: [أن محمد مات وخلف بنات]، سيكون واقعنا شاهداً على صدقها، سنكون من يشهد على واقعيتها، أن هذه الآلاف من أبناء محمد في ميدان مواجهة اليهود، لا يختلفون عن البنات فعلاً إذا لم نريهم أننا رجال، وأننا أبناء من هدَّ حصون خيبر. من الذي هد حصون خيبر؟ من الذي فتح خيبر؟ إنه علي.
وهم يعرفون أن أخطر الأمة عليهم هم آل محمد، وشيعتهم، وأنه لن ينتصر عليهم إلا آل محمد وشيعتهم، والواقع يشهد بذلك: أبو بكر انهزم في خيبر، هزمه اليهود، وهزموا عمر، وهزموا شيعتهم في هذا العصر، وهم يمتلكون أفتك الأسلحة، هزموهم وهم قلة من اليهود، وهزموا زعماءهم نفسياً وعسكرياً، هزموهم عسكرياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً.
إن القرآن الكريم يوحي أنه في ميدان المواجهة مع اليهود، مع أهل الكتاب لا تنتصر الأمة إلا بتولي علي ابن أبي طالب، ولن تنتصر الأمة إلا تحت قيادة أبناء محمد وعلي ابن أبي طالب (صلوات الله عليهم).
إن علينا إذاً أن نكون في مقدمة من يجندون أنفسهم في مواجهة اليهود والنصارى وإذا كان أباؤنا أفراداً منهم يواجهون الظلم، والطغيان، وكانوا يقيمون حكم الله سبحانه وتعالى، ويحيون كتابه في أوساط عباده، ويطبقون شريعته على أرضه، وهم أفراد قليلون فإن آل محمد الآن أصبحوا آلافاً مؤلفة، إذا لم تجتمع كلمتهم فلا لوم على الآخرين إن لم يتوحدوا، إذا لم تتوحد كلمتنا نحن فلا حق لنا أن نعاتب الآخرين على أنهم لماذا لم يتوحدوا.
إن الله أمر المؤمنين بالتوحد، وكل أمر إلهي، كل أمرٍ إلهي هو يتوجه تطبيقه إلى أهل البيت بالأولوية، والأولية. إذ ليس من الصحيح: أن يكون هداة الناس، وقادة الناس مقصرون، مفرطون، معرضون، متوانون. وحينما ينهض أهل البيت بمسئوليتهم حينئذٍ ستلتف حولهم الأفئدة التي دعا نبي الله إبراهيم الله سبحانه وتعالى في قوله: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}(إبراهيم: من الآية37) وفي هؤلاء الكفاية في ميدان المواجهة في سبيل الله.
أن يقف آل محمد وشيعتهم في ميدان المواجهة سيحضون بتأييد الله بنصره، سيكونون هم حزب الله الذي وعده الله سبحانه وتعالى بالغلبة، ووعده بالفلاح.
لا تتوقع من الآخرين ممن هم مبغضون لأهل البيت، أو ممن يتثقفون بثقافة غير ثقافة أهل البيت أن ينتصروا في ميدان المواجهة مع اليهود، ألم نر نحن بعد أن بلغ الوهابيون ذروتهم في أفغانستان، وفي اليمن، وفي الجزائر، وفي مناطق أخرى، وأصبحوا يمتلكون الإمكانيات الكبيرة، ويمتلكون الجامعات، والمعاهد، والمساجد، والمدارس، والمطابع، ويمتلكون آلافاً مؤلفة من الشباب، ألم يتلاش هؤلاء أمام هبة ريح من أمريكا؟ ألم يعودوا صفراً؟ ألم يصبح موقفهم موقفاً يشوه الإسلام؟.
ألم يكن هؤلاء هم قمة المتمسكين بمبادئ السنية، وها نحن نراهم يتحولون إلى لا شيء وأصبحوا يهربون من ظلهم بعد أن فتحت أمريكا أعينها عليهم، لا تتوقع من أمثال هؤلاء أن ينصروا الإسلام، ولا تتوقع من أمثال هؤلاء أن ينقذوا الأمة، وينقذوا المستضعفين من عباد الله.إن نصر الإسلام، وإنقاذ المستضعفين من عباد الله لا يكون إلا على يد أعلام دين الله، وهذه سنة إلهية.
يوم ظهر [أسامة] وكنا نرى الكثير من الناس يظنون فيه أنه سيكون منقذ الأمة كنا نقول: لا، لن يتحقق أبداً على يديه ذلك, إن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) قال: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) فلن يكون إنقاذ الأمة من الضلال الذي تعيشه إلا على يد عترة رسول الله الذين هم قرناء القرآن.
كنا نقول ونجزم، ونحن لا نعلم الغيب ولكن من خلال فهمنا لمثل هذا الحديث، وللسنة الإلهية: أن إنقاذ عباده لا يكون إلا على أيدي الأعلام الذين اصطفاهم لنبوته أو وراثة كتابه. كنا نقول: أبداً، إن أسامة هذا لن يكون هو منقذ الأمة حتى ولو كان مخلصاً، وإن كانت نواياه حسنة، إنها سنن إلهية ثابتة، وإن الله ضرب في القرآن الكريم مثلاً واضحاً جلياً فيما حصل لبني إسرائيل على يد موسى (صلوات الله عليه) عندما أوحى الله إليه أن يسري ببني إسرائيل، وأن يتجهوا باتجاه البحر، أن يخرج هو وقومه من مصر، اتجه هو وبنوا إسرائيل إلى قرب البحر، وفرعون وهامان وجنودهم والآلاف المؤلفة من ورائهم ماذا حصل؟ عندما بدا طلائع جيش فرعون وراءهم بنو إسرائيل ماذا قالوا؟ {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}(الشعراء: من الآية61) يا موسى إنا لمدركون، هاهم كادوا أن يدركونا ماذا نصنع؟ {قَالَ كَلَّا – كلا – إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}(الشعراء:62).
لأن النصر والفرج لا يكون إلا من قبل الله سبحانه وتعالى، ولا يكون إلا على يد أعلام من عباده هم عظيموا الثقة به، قوية معرفتهم به سبحانه وتعالى.
لاحظ كيف قال موسى (صلوات الله عليه): كلا لن يدركونا {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}(الشعراء: من الآية62) وهو يرى نفسه متجهاً إلى البحر، ومعه الآلاف من بني إسرائيل، وها هم جيش فرعون، وفرعون على مرأى من بني إسرائيل.
هل انفلق البحر لبني إسرائيل تلقائياً؟ لا، كان لا بد أن يتم على يد موسى {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ}(الشعراء: من الآية63) هل أن عصى موسى هي التي شقت البحر؟ هل أن ضربة عصا ستشق البحر؟ لا، إن الله هو الذي شق البحر، ولكن لابد أن يتم على يد موسى بضربة عصى؛ ليقول لهؤلاء ولكل الناس من بعد: إن الفرج لن يتم إلا على يد أعلام، هو الذي اصطفاهم، على يد أعلام دينه، لن يتم فرج أبداً إلا على يد أعلام دينه، لابد من أن يضرب موسى بعصاه البحر ليربط الله تعالى بني إسرائيل بموسى كما ربط العرب بمحمد وآل محمد.
عندما كانوا بحاجة إلى الماء في الصحراء، في مرحلة التيه كان لابد من عصى موسى أن يضرب موسى بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا لماذا؟ ليعلم هؤلاء بأن الفرج من العدو، وأن تحقيق الخير أيضاً لهم لن يتم إلا على يد أعلام دينه، وإلا فلا عصا موسى سحرية هي التي تستطيع أن تشق البحر، ولا عصى موسى هي التي تستطيع أن تحول الحجر إلى حجر يتفجر منها الماء، إنه الله سبحانه وتعالى الذي فجر منها الماء.
هو الله سبحانه وتعالى الذي شق البحر، وشق لهم في البحر طريقاً يابساً لكن لابد أن يتم على يد أعلام دينه، على يد موسى.. كنا نقول: أبداً، وكان كثير منا نحن [الزيدية] شيعة أهل البيت الذين لا نفهم النصوص في أهل البيت، لا نفهم السنن الإلهية.
كان البعض ينشدون إلى أسامة، ويصفقون إذا ما ظهرت صورته على شاشة التلفزيون، ويترضُّون عليه، وهو وهابي! كنا نقول: مهما كان هذا الشخص لن يتم إنقاذ الأمة على يديه، هذه سنة إلهية، لو أن هناك شيء آخر يمكن أن يتحقق للأمة النجاة به خارج إطار [الثقلين] لما كان هناك معنى [لحديث الثقلين] فقط اثنين، ثقلين فقط.
لن تنجح الأمة، ولن تخرج الأمة من أزماتها، ولن تنقذ الأمة من الوضعية المهينة التي تعيشها إلا بالعودة إليهم ((ما إن تمسكتم به لن تضلوا)) فإذا لم تتمسكوا ستضلون، سنن إلهية ثابتة. حينئذٍ ليتعبد المتعبدون، وليدع الداعون، وليتصدق المتصدقون، وليتركع المتركعون، لن يستجيب لهم إلا بالعودة إلى ما أرشدهم إليهم.
أوليس المسلمون يحجون كل عام؟ ويدعون الله هناك على اليهود والنصارى وعلى إسرائيل؟ أوليسوا في المساجد، في شهر رمضان، وفي غيره يدعون من مكبرات الصوت، على إسرائيل, يدعون على أمريكا، على اليهود والنصارى؛ لم يمسسهم سوء، وإذا ما مسهم شيء هناك فلن يكون ما يمسهم فيه إنقاذ لنا هنا.
إن الله قد هدى الناس، وقد عمل على إنقاذهم، وأرشدهم إلى ما فيه إنقاذهم من قبل أن توجد إسرائيل بمئات السنين عندما قال على لسان نبيه (صلوات الله عليه وعلى آله): ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً)) والضلال هنا: الضلال عن الهداية، الضلال في الحياة، الضياع، الجهل، التخلف، الذلة، الإستكانة، التفرق، التمزق.
الضلال في اللغة العربية كلمة تعني: الضياع، إذا لم تتمسكوا بالقرآن وبأهل البيت فستضيعوا، ستضلوا في معتقداتكم، تتيهوا في حياتكم، يتغلب عليكم أعداؤكم، تتفرق كلمتكم، تفسد نفسياتكم، يدوسكم الجبابرة، والطغاة، والظالمون، هذا هو الضلال الذي ما كان يمكن أن تقع الأمة فيه لو تمسكت بالثقلين من بعد موت رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).. وأول العترة، وأول الثقل الأصغر هو: علي ابن أبي طالب (صلوات الله عليه).
وها نحن نرى مصداق ما كنا نتوقع ونقول، أين أسامة؟ وأين طالبان؟ أولئك الآلاف المؤلفة من الشباب الذين تخرجوا متمسكين، وملتزمين بقواعد السنية وعقائدهم, وحتى في المندوبات، والمستحبات والهيئات، أين هم؟ أين أسامة؟ كلهم تلاشوا، وتبخروا.
لكن مثل ذلك لن يحصل أبداً في آل محمد إذا ما وقفوا بصدق؛ لأن الله سيقف معهم, إذا ما وقفوا هم سيقف شيعتهم معهم، وسيقف الله سبحانه وتعالى معهم, لكن إذا ضيعوا سيتيهون، ويضيعون هم. وها نحن نرى أنفسنا ضائعين، أوليس ذلك شيئاً ملموساً، العلماء منا كل منهم قد ركن إلى عذر يرى أنه فيما بينه وبين الله معذور! وتمشي السنين، وتمشي الأحداث وهو راكن إلى ما قد اتفق عليه مع نفسه أنه مبرر له أمام الله.
إن أهل البيت لا يجوز أن يكونوا من النوع الذي يبحث عن مبررات القعود أبداً، لا يجوز أن يكونوا ممن يبحث عن التخلص من النهوض بمسئوليتهم، إنها جريمة كبيرة. وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد هدد نساء النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}(الأحزاب: من الآية30) لأنهن من حاشية أهل البيت؛ فأهل البيت بالأولى إذا ما ضيعوا، وقصروا، وعصوا، ودنسوا ساحتهم فعلاً ستكون جريمتهم أكبر؛ لأنهم هداة، ولأنهم قدوة، يجب أن يكونوا هم بالشكل الذي يشد الأمة إليهم، يجب أن يكونوا هم في واقعهم بالشكل الذي يجعل أفئدة الناس تهوي إليهم، وهذا هو ما ركزت عليه ودارت حوله آية التطهير: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(الأحزاب: من الآية33).
لقد كان دور أهل البيت دوراً مهماً في التاريخ كله، ولكنه في العصور المتأخرة، ونريد أن نحذر مما وقعنا فيه في العصور المتأخرة، إذا ما تثقف أهل البيت بثقافة الآخرين كما حصل في الماضي على أيدي [المعتزلة] و[الأشاعرة] و[السنية], إذا ما اتجهوا نحو الفنون التي هي دخيلة عليهم من الآخرين؛ فإنهم سيضلون، وإنهم سيتيهون.
يجب أن نأخذ عبرة من ماضينا، وما نحن فيه في حاضرنا شاهد على الأثر السيئ للثقافة المغلوطة التي زحفت إلينا من الآخرين، ممن هم في ضلال، وفي ظلمات متراكمة بعضها فوق بعض، كذلك نحن يجب أن نحذر من أن نثقف أنفسنا بأي ثقافة أخرى فلا المناهج الدراسية يجوز لك أن تثقف نفسك بها، وتعتمد عليها، خذ فقط من المناهج الدراسية نص القرآن فقط، لا تاريخ، ولا عقائد، ولا فقه، ولا أي شيء أخر تعتمد عليه في المناهج الدراسية القائمة.
لا تكن ممن يأخذ أي كتاب من السوق، أو ممن يحضر أمام أي شخص يتكلم وتكون أذناً سامعة لهذا، وهذا. على أهل البيت أن يكونوا أحرص الناس على ترسم طريق الهداية، وأن تكون ثقافتهم ثقافة قرآنية، ثقافة بعيدة عن كل دخيل مضل؛ لأنهم هم سينطلقون هداة للآخرين، ولأنهم إذا ما فسدت ثقافتهم لن يكونوا مؤهلين لهداية الله سبحانه وتعالى لهم، وسينعكس أثار ثقافتهم المغلوطة الضالة التي هي دخيلة عليهم، فستنعكس بشكل قعود، وإهمال، وتقصير، وتفريط كما هو حاصل الآن فينا.
ألم يكن الواحد من أهل البيت يحرك أمة؟ هاهم عشرات العلماء من أهل البيت لا يحركون ساكناً! أليس هذا واضحاً؟ عشرات العلماء من أهل البيت في اليمن لا يكادون يحركون ساكناً من أين جاء هذا؟ قواعد في [أصول الفقه] وفي [علم الكلام] قواعد ركنوا إليها فجعلتهم يقعدون، وهم من قال الله سبحانه وتعالى لهم: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}(الحج: من الآية78) وفي نفس الوقت يرون الألمان، والأمريكيين، والفرنسيين، والبريطانيين، والإسرائيليين يجوبون بحار الدنيا، فرق مقاتلة في بحار البلاد الإسلامية وأقطار البلاد الإسلامية!
وهذا يقرأ، يقرأ، ثم يبحث له عن مخرج من هذا الواجب، من هذا الأمر الإلهي، ومن هذه الآية القرآنية؛ فضاعوا، وإذا ما ضاع أهل البيت ضاعت الأمة، وضياع الأمة مسئولية كبيرة على أهل البيت، هم مسئولون عن ضياع الأمة، وضلالها.
كلما وجدنا آية فيها شرف لأهل البيت؛ فإنها مسئولية كبيرة أيضاً على أهل البيت، كلما سمعنا حديثاً فيه ذكر بالفضل، والشرف لأهل البيت؛ فإنه أيضاً تحميل لمسئولية كبيرة على أهل البيت.
إذاً فعندما نتحرك – أيها الأخوة – في هذه الأيام فإن علينا أن نكون، ولو لم يكن إلا نحن وشيعتنا, نحن، ولو لم نكن جميعاً، لا تنتظر أن يتحرك العلماء جميعهم، لا تنتظر أن يتحرك الآخرون جميعاً، إذا ما أصبحت أنت تعرف أن ما تدعى إليه حق, وأن الموقف الذي تدعى لاتخاذه موقف حق فإن هذا هو المطلوب.
ثم اسأل الآخر تجد أنه لا يرى أن موقفه موقف حق، إنما يرى أنه قد يكون – إن شاء الله – معذور، له عذره! ليست المرحلة مرحلة البحث عن الأعذار، والتبريرات، إنها مرحلة البحث عن الإمكانيات، ووسائل الإستطاعة للمواجهة، لمواجهة اليهود والنصارى، لا يجوز لأحد في هذه المرحلة أن يفكر في البحث عن التبريرات والأعذار ليقعد، وليسكت، وليتخلف.
مرحلة البحث عن كل وسائل الاستطاعة لمواجهة اليهود والنصارى، ونقول لأولئك الذين يبحثون عن تبريرات من علمائنا – مع احترامنا الكبير لهم – : انتبهوا، اقرؤوا ما عمل اليهود في البلدان الأخرى، هل أنت منتظر حتى ترى [الأمن السياسي] في اليمن مطعماً بشخصيات يهودية تحت عنوان: خبراء؟ سيعذبونك، ويعذبون أمثالك بأوهى الحجج، ممكن أن يبحثوا عن أوهى مبرر من أجل أن يأخذوك فيزجون بك، وبأمثالك إلى أعماق السجون، ثم يعذبونهم أشد العذاب؛ فترى اليهودي الذي كنت لا تفكر أن تصرخ في وجهه يوم وطأت قدمه بلادك، تراه هو من يعذبك بالكهرباء، وبالنار، وبأبشع وسائل التعذيب.
يجب أن تبحثوا عن الكتب ككتاب [اليهود وراء كل جريمة] وكتاب آخر اسمه: [قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله] وكتيبات من هذا النوع التي تتحدث عن جرائم اليهود، وما عملوه في الهند بعلماء المسلمين، ما عملوه في بنقلادش، ما عملوه في مناطق أخرى بعلماء المسلمين، أعمال رهيبة جداً، جداً.
هذا الذي يبحث عن أعذار الآن لقعوده قد يراه في يوم من الأيام يقودونه، ويسحبونه بأقدامه إلى أعماق السجون، ثم يعذبونه أبشع التعذيب، وهو لا يعرف لماذا يقودونه، ماذا عمل! يلصقون به أي تهمه؛ لأن أول هدف لليهود هم علماء الإسلام، ولا سيما إذا ما كانوا من أبناء محمد فإنها الشيء الذي يشتهي اليهودي أن يقطِّع الشخص، هذا العالم عالم دين، وأيضاً من أبناء محمد، سيرى في تعذيبه أنه ينتقم من [خيبر].
هم كانوا يقولون: [يا لثارات خيبر] وهم في القدس يهتفون [يا لثارات خيبر] ما تزال أحداث خيبر ماثلة أمام أعينهم، ما يزال ما حدث على [بني قريظة] ماثلاً أمام أعينهم!.
من الذي عمل هذا؟ هو محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وعلي, محمد وعلي قد ماتا إذاً هؤلاء هم أبناؤهما سيشتهون أن يعذبوهم، وستجدون من أولئك الذين ينصبون العداء لأهل البيت، من سيتحول إلى عميل لليهود، إلى عميل لليهود! وها نحن نجد في فلسطين من يتحول إلى عميل لليهود ضد أبناء وطنه، وفي لبنان من يتحول إلى عميل لليهود ضد أبناء وطنه، ويقومون بعمليات القتل، والتعذيب خدمة لليهود من أبناء المسلمين، من أبناء لبنان، من أبناء فلسطين.
وإذا ما تمكن اليهود في اليمن، إذا ما دخل الأمريكيون اليمن فستجدون عملاءً كباراً لليهود، وستجدون الكثير ممن يتحولون إلى عملاء يستلمون بالدولار مرتبات ليكونوا عملاء يخدمون ليل نهار، وبإخلاص لليهود ضد علمائنا، ضد ديننا، ضد شبابنا، وضد كل شيء له علاقة بنا وبديننا.
إذا فلنفهم جميعاً، وهذا هو كلام على ضوء كلمة أستاذنا الفاضل [زيد] أن مسئولية أهل البيت كبيرة، وأنه لا ينبغي أن نكون في واقعنا نحتاج إلى حديث كثير، كثير, وحتى شيعتنا، وحتى شيعتنا أنفسهم ستطمئن قلوبهم إلى أن عقيدتهم صحيحة. هناك شيعتنا في هذه المرحلة لولا إيمانهم بالنصوص، لولاء إيمانهم بالنصوص القرآنية, وبأقوال الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) لما كان فينا ما يشدهم إلينا، لكن إذا ما كنا فعلاً كما أراد الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، فنحن أيضاً من سنوجد الطمأنينة في قلوب شيعتنا، فيرون أنهم لديهم الشواهد على أن اعتقادهم صحيح.
ولقد برز من شيعة أهل البيت شخصيات عظيمة جداً في أيام الرسول وفي أيام الإمام علي، وفي أيام الحسن والحسين، وفي أيام زيد، والقاسم، والهادي، وغيرهم من أهل البيت (صلوات الله عليهم)، واليمن نفسه هو من البلدان المرتبطة بأهل البيت، الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) كان يرسل الكثير من الناس إلى مناطق أخرى لكنه اختار لليمن، وخاصة لهذا الإقليم من اليمن اختار له علياً (عليه السلام) أن يخرج إليه ليربط اليمنيين بعلي؛ وارتبط اليمنيون في تاريخهم الطويل بعلي بن أبي طالب، وبأهل البيت.
هم من استدعوا الإمام الهادي إلى اليمن، هم من كانوا ينصرون من يأتي من أهل البيت من أقصى الدنيا، من [الديلم] هم من نصروا الإمام [القاسم بن علي العياني] عندما جاء من الحجاز، قلوبهم منشدة نحو أهل البيت؛ لكن إذا ما كان أهل البيت على المستوى الذي يشد الناس إليهم، وكان أولئك الذين يأتون من أهل البيت يسهرون على مصالح الناس، يحرصون على هداية الناس، يكظمون غيظهم، يعفون، يتسامحون، منطقهم لين مع الناس، يتعاملون مع الناس كما يتعاملون مع أبنائهم أو أشد.
وكان أهل اليمن في تاريخهم يجاهدون تحت راية أهل البيت، ويتركون سلطنات أخرى قائمة على تراب هذا الوطن من [آل الضحاك] و[بني حاتم] و[آل يعفر] وغيرهم من السلطنات اليمنية، لم يكونوا يقولون: هؤلاء هم أبناء وطننا وأولئك دخلاء، إنهم منشدون إلى أهل البيت؛ لأنه كان في أهل البيت ما يشد الناس إليهم، كانوا يلمسون العدل، يلمسون الحق، كانوا يرون في الإمام الهادي، وفي أمثاله من أئمة أهل البيت روح محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)، ودولة علي, كانوا يرون العدل، والرأفة، والرحمة، والهداية، والحرية، والكرامة.
اقرؤوا أنتم، وأنتم أبناء الإمام [القاسم بن علي العياني](1) ذلك الإمام العظيم، اقرؤوا سيرته وهي مطبوعة، إمام سيرته من أجمل السير، إمام بذل حياته جهاداً في سبيل الله, ولم يكن يتوانى، كان أحياناً يتفرق عنه أصحابه فيعود إلى أن يشتري له قطعة أرض، ويزرع في بلاد [سفيان] لكن لم يكن ييئس، هي فترة ويتحرك من جديد، ويحرك الناس من جديد، وينهض من جديد.
علينا أن نتعرف على أهل البيت، وعلى شيعة أهل البيت، نتعرف على تاريخنا، نتعرف على مسئوليتنا أمام الله سبحانه وتعالى.
هذا ما أريد أن أقوله على ضوء الكلمة التي سمعناها سابقاً، وأنا واحد منكم، لا أسمُ نفسي بالصلاح، ولا أسمُ نفسي إلا بالتقصير كأي واحد، وإذا ما تحدثت عن العلماء فليس حديثاً بالسوء عنهم إنما على ضوء ما نعرفه، ويعرفونه هم من تاريخنا، وتاريخ أئمة أهل البيت، أن هذه الحالة نحن نعرف أنهم غير راضين عنها، ولا نرضى عنها جميعاً خاصة في ظروف شديدة كهذه، ووضعية سيئة كهذه، ليس تهجماً على الآخرين بقدر ما هو تذكير بالمسئولية، ونصيحة لأنفسنا وللجميع.
أسأل الله أن يوفقنا إلى ما فيه رضاه إنه على كل شيء قدير،،،
والسلام عليكم ورحمة الله.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
(1) – [كلمة الأستاذ/ زيد علي مصلح ألقاها قبل هذه المحاضرة]
(1) – [يخاطب أهل منطقة نواس بمديرية ساقين]
التعليقات مغلقة.