سورة البقرةالدرس السادس
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
اللهم اهدنا، وتقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
ما تناولته الآيات السابقة التي سمعناها بالأمس حول بني إسرائيل قدمت فعلاً صورة فضيعة جداً في مختلف المجالات عمن لا يهتدون بهدي الله عمن يعرضون عن هدي الله، وكانت فعلاًُ صورة مقززة، صورة تشمئز منها النفوس، وكيف أن الأمة عندما تعرض عن هدي الله تخسر خسارات كبيرة جداً، وتجلب الخسارات أيضاً على الأمم الأخرى.
من آخر ما تناولت الآيات التي سمعنا بالأمس: اعتراض بني إسرائيل على أن يكون جبريل هو الذي نزل هذا القرآن من عند الله، وذكر بأنهم – بما هو محط سخرية لأطروحتهم هذه، أو عن أطروحتهم هذه – أنهم كانوا وما زالوا يتبعون ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان في عهده، إذاً فكيف يقبل منك أنك لا تريد جبريل وأنت تتبع ما تتلوه الشياطين!.
ذكر أيضاً قضية ما تزال ظاهرة فيهم إلى حد الآن: كيف أنه على أيديهم، وبسبب انحطاطهم الذي فقدوا به الإهتمام بالقضايا الكبيرة، الإهتمام بعمارة الدنيا على أساس هدي الله، هذا الإنحطاط الذي تصل إليه النفوس المعرضة عن هدي الله عندما تصبح لا تقدر للشيء مهما كان مهماً أي قيمة، حضارة معينة كانت يبدو – والله أعلم – كانت حضارة راقية – كما قلنا – من مظاهرها ما كان عليه نبي الله سليمان، وما كان عليه منهم من المقربين لديه من حاشيته، ومن كبار دولته: أنه يبدو أنه كان هناك في ذلك العصر علوم راقية، وتبدو مظاهرها – كما قلنا بالأمس – ما تزال في مصر، وقد يكون من مظاهرها ما هو في اليمن أيضاً، أشياء عندما تتأمل فيها ترى بأنها بعيدة أن تكون من عمل الإنسان بطاقته الطبيعية، وخبراته الطبيعية، أنه يبدو أنه كان هناك علوم تسخر بها أشياء كثيرة من مخلوقات الله سبحانه وتعالى تعتبر أسباباً لإنتاج أشياء لا ينالها الإنسان هو بطاقاته المحدودة.
من أبرز ما حصل في تلك الحضارة، ومن مظاهر ذلك العلم ما حكاه الله سبحانه وتعالى في قصة [عرش بلقيس] كيف أن الذي عنده علم من الكتاب قال: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}(النمل: من الآية40) قضية علمية هذه ليس معناها أنه مسألة دعاء معين، فيما يبدو – والله أعلم – ليست القضية قضية دعاء؛ عنده علم من الكتاب، تسخير أشياء معينة كما قلنا بأن مجمل ما يتحرك فيه الإنسان مهما تطورت العلوم لا تخرج عن مجرد استخدام لأسباب طبيعية الله سبحانه وتعالى هو الذي جعلها في هذا الكون، محيط هذه الأرض، في السماوات والأرض وما بينهما، لكن لاحظ كيف اليهود عندما انحطوا انحطاطاً رهيباً جداً كان الذي يهمهم من تلك العلوم، ومن تلك الحضارة الهامة: هو أن يتعلموا ما يفرقون به بين المرء وزوجه! فأضاعوا العلوم الأخرى، أضاعوا علوماً ابتنت عليها حضارة لهم هم في عهد سليمان كلها في الأخير تلاشت، خلاصة ما تبقى لديهم هي [علوم الشعوذة] – مثلما يقولون – وما زال هذا لديهم إلى الآن.
إذاً وجدناهم بسبب أنهم لم يهتدوا بهدي الله حطموا حضارة قائمة، وأضاعوا علوماً هامة جداً، هذه الحالة ما تزال قائمة فيهم إلى الآن ما تزال إلى الآن الفكرة التي ما يزالون عليها هي تلك التي حكاها عنهم كانت كل هدفهم من علوم معينة: يفرقون بين المرء وزوجه. الآن العلوم الحديثة، هذه الحضارة الحديثة هذه أيضاً معرضة للنكسة على أيديهم هم فعلاً، الآن بعد الثورة الصناعية، وبعد ازدهار العلم حاولوا أن يتغلغلوا في داخل البلدان التي ازدهرت مثل: بريطانيا، في فرنسا، في أمريكا، أمريكا بالذات قد تكون أمريكا من أبرز البلدان الآن في مجال العلوم بل سمعنا في الفترة القريبة: بأنها ربما قد تكون تجاوزت أوروبا بما يساوي أربعين سنة، بالنسبة لأمريكا.
الحضارة، العلم الذي عليه أمريكا، وبلدان أوروبا، والعالم كله معرض أيضاً للإنهيار على أيديهم، هم لديهم اهتمامات معينة اهتمامات هي أيضاً لا يبالون من أجلها أن يتحطم كل شيء فينطلقون بنفس الفكرة: التفريق تجدهم مثلاًَ الآن يفرقون بين الإنسان ودينه، بين الإنسان وربه، بين المسلم وكتابه، يفرقون بين الأمم، يجزؤونها، يفرقون ما بين الحاكم وشعبه، أليست سياسة بارزة الآن؟ قضية بارزة الآن: موضوع التفريق ما بين الدولة والشعب، بغض النظر أن تكون دولة مستقيمة، أو دولة غير مستقيمة أعني: سياستهم بالنسبة لإيران كسياستهم بالنسبة للسعودية تماماً مع الفارق الكبير ما بين النظام في السعودية والنظام في إيران، التفريق ما بين الشعب والحاكم.
يسوقون العالم الآن يسوقون تلك البلدان التي امتلكت حضارة عالية، واحتضنت علوماً مهمة يسوقونها إلى ماذا؟ إلى حالة قد تؤدي فعلاً إلى خسارة علمية رهيبة، إلى خسارة حضارية رهيبة. هم يرون بأنه ليس بإمكانهم أن يحكموا العالم – لديهم مطمع معين: أن يسيطروا على العالم – إلا بعد أن يدخلوا العالم في صراعات رهيبة جداً بالطبع تكون في نتيجتها ضرب مصالح، المفاعلات، المعامل، الخبراء، علماء، مدارس، جامعات كلها تضرب، إذاً فهم كانوا وراء تحطيم الحضارات السابقة، وضياع العلوم السابقة والآن هم في الطريق لنفس ما عملوه في الماضي كما قلنا بالأمس بأن هذه تدل، مجمل ما قدمه الله سبحانه وتعالى، وما ذكره عن بني إسرائيل، بما فيها النقطة هذه: أن أي أمة تصل في علومها إلى درجة عالية هي معرضة للتلاشي بسبب ماذا؟ أنها ليست مهتدية بهدي الله، أن هدى الله سبحانه وتعالى هو من أهم الضمانات لبقاء العلوم الهامة، من أهم الضمانات التي تبنى عليها الحضارات وتدوم وتستمر.
إذاً فما نراه اليوم بالنسبة لليهود ليس جديداً في الواقع، وكثير من المحللين يذكرون بأنه الآن أمريكا هي معرضة للإنهيار هي، بخبراتها العالية، بعلومها، بكل ما عندها معرضة للإنهيار على يد من؟ على يد اليهود فضلاً عن باقي الأمم؛ ولهذا ترى كيف أصبح الكثير يضجون منهم الآن، العالم الآن يضج من اليهود، في مؤتمر القمة الإسلامية سمعنا الوزير الماليزي عندما تحدث عن اليهود، وحصل تأييد له من أطراف كثيرة؛ ضجة من المناطق التي لليهود نفوذ فيها وهيمنة مباشرة عليها كثير من الكتابات حتى كتابات هنا في اليمن أذكر في بحث جميل في مجلة من مجلات الجيش يذكر خطورة السياسة الإسرائيلية وخطط اليهود على أمريكا نفسها، تؤدي إلى تحطيم أمريكا نفسها.
إذاً مثلما قلنا بالأمس لا يتصور الإنسان… لأنه ربما قد يكون من حسن حظنا نحن في الزمن هذا أن رأينا البلدان التي احتضنت العلم: هي معرضة للانهيار وبالشكل الذي ترى فعلاًَ بأن تلك الأمم كانت بحاجة إلى هدي الله، تهتدي بهدي الله: فيما يتعلق بنظامها السياسي، فيما يتعلق باقتصادها، فيما يتعلق بحركتها بشكل عام، فهذا مثل مهم جداً نستطيع نحن عندما نتحدث مع الآخرين، أو نسمع من آخرين ممن يحاولون أن يعتبروا هذا الدين، أو يعتبروا الدين بشكل عام يؤدي إلى تخلف الشعوب والأمم وإلى التأخر، والمفروض نترك هذه الأشياء، ونلحق بركاب الآخرين! أنت لاحظ الآخرين إذا لديك فكرة وفهم، الآخرون معرضون لنكسة رهيبة، وخسارة للبشرية فيما لديهم من علوم، ما السبب في ذلك؟ بالتأكيد هم كانوا بحاجة إلى شيء يشكل ضمانة بالنسبة لهذه الحضارة، وهذه العلوم هو ماذا؟ هو هدي الله.
إذاً فهذا يعطينا ثقة بأن هدي الله سبحانه وتعالى المتمثل في القرآن الكريم، دينه المتمثل في الإسلام بشكل عام هو من أهم ما تحتاج إليه البشرية بشكل عام لتستقيم في كل شؤونها، وليبقى ثابتاً ومتنامياً ومثمراً، أي شيء تتوصل إليه من العلوم مثلما توصلت إليه الآن، وربما قد يكون في علم الله وما تدل عليه أيضاً الآية هذه السابقة وما تدل عليه قصة: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}(النمل: من الآية40) أنه قد نكون ربما ما نزال متأخرين بالنسبة لعلوم سابقة ضاعت، الآن العلم الحديث لم يستطع إلى الآن أن يفسر كيف تمت عملية نقل [عرش بلقيس] إلى فلسطين، من اليمن إلى فلسطين لم يستطيعوا أن يفسروا تفسيراً مقبولاً ومنطقياً ومعقولاً فيما يتعلق ببناء [الأهرام] في مصر ما تزال هاتان القضيتان لغزاً علمياً فعلاً، معنى هذا أن الله عندما قال: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}(الإسراء: من الآية85) ذلك العلم بكله الذي وصل إلى الدرجة هذه استخدام أشياء أخرى يتم بسببها التوصل إلى أشياء ما تزال لحد الآن لغزاً، فالعلم الحديث الآن هو ما يزال فعلاً قليلا ما يزال قليلا بالنسبة لعلوم ضاعت سابقاً وما يزال الكل قليلا مما آتاه الله سبحانه وتعالى {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}(الإسراء: من الآية85) هذه كانت مشكلة وما تزال مشكلة فعلاً ويتم التلبيس بها على كثير من الناس في قضية التحضر والحضارة والعلوم يتصورون بأن معناه نترك هذه الأشياء ونلحق بالآخرين! لاحظ الآخرين الآن العلوم الراقية كيف أصبحت معرضة للإنهيار على يد من؟ من حكى الله هنا في القرآن بأنه طبع على قلوبهم ممن قالوا عن أنفسهم بأن قلوبهم غلف، إذاً ألم تكن تلك الحضارة أو تلك العلوم بحاجة إلى شيء يشكل ضمانة لبقائها يشكل ضمانة لأن تبقى مستمرة تنتج إنتاج خير للناس؟ الآن البشر كلهم يصيحون بأنه احتمال تحصل حروب رهيبة يعني كلهم الآن يصيحون من نتاج العلم أليس من نتاج العلم وما توصل إليه الآخرون في علومهم؟ أصبح الآن يمثل شراً كبيراً من الذي جعل المسألة بهذا الشكل؟ هم هؤلاء أهل الكتاب اليهود بالذات الذين كانوا على هذا النحو.
إذاً فمعنى هذه لو يفهم الكل بما فيهم الأمريكيون أنفسهم بما فيهم الأوروبيون بأن اليهود يشكلون خطورة على البشرية بكلها الخطورة على البشر جميعاً على اختلاف دياناتهم على اختلاف جنسياتهم وبلدانهم.
بداية الآيات التي سمعناها الليلة هي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(البقرة:104) هذه الآية من أهم الشواهد على: أن كتاب الله حكيم، حكيم، وأن هذا القرآن هو من عند الله قضية ليس فيها شك، فعندما يتأمل الإنسان يزداد إيمانه يزداد يقينه بهذه القضية: أن القرآن كتاب أحكمت آياته بالشكل الذي لا يمكن على الإطلاق ولا حتى في وضع آياته في داخل هذه السور أن تكون من رؤى أي مخلوق آخر لا ملك ولا نبي ولا أي شخص آخر.
ما علاقة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا}(البقرة:104) بالموضوع السابق ألا يبدو بأنه توجيه جديد؟ الآن نحن مقبلون على آيات سمعناها معظم ما فيها: توجيه للمؤمنين أليس هكذا؟ توجيه للناس هو اتجه هذا الإتجاه اتجهت هذه الآيات هذا الإتجاه بعدما أعطى صورة كاملة عن من؟ عن أمة لم تهتدِ بهدي الله كيف وصلت إلى أحط مستوى وإلى أسوء نفسية.
إذاًَ هذا الموضوع عندما تعرض حياة أو تاريخ أمة على هذا النحو هي تخلق لديك حالة من ماذا؟ من التسليم لله، وحالة من ماذا؟ من التقبل لما يأتي من عند الله، من أخطر الأشياء على الناس من أخطر الأشياء على الناس تلك القضايا التي تبدوا عادية لكنها ذات أهمية كبيرة جداً؛ فأن تأتي هذه الآيات التوجيه لقضية هي تبدو عادية قد يكون أي إنسان معرض لأن لا يهتم بها ويراها توجيهاً في موضوع يبدو وكأنه غير مهم جداً فلا يبالي به لكن له أهميته الكبيرة، فبعد أن يكون الإنسان قد استعرض الصورة السابقة وحصل لديه قناعة وإيمان بأن الإنسان لا بد أن يلتزم حرفياً بهدي الله ويسلم لله إذاً سيكون عنده استعداد أن يتقبل ولو تلك الأشياء التي قد تكون محط تساؤل لديه أو قد لا يشعر بأهميتها وفي الأخير لا يبالي بها.
من بداية السورة ذكرنا الله بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}(البقرة: من الآية26) عندما يضرب لك مثلاً ببعوضة مثلاً ماذا يعني بعوضة، بعوضة؟ ماذا قيمة أن يضرب مثلاً ببعوضة؟ هو لن يضرب مثلاً ببعوضة أو بذبابة أو بعنكبوتة إلا لأهمية القضية بالنسبة لك عندك صورة مسبقة عن النتائج السيئة يجب أن تخاف وعندما تكون خائفاً معناه لم يبق أمامك إلا أن تسلِّم لله وأن تهتم بكل ما يأتي من عند الله حتى ولو بدت القضية عادية.
{لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا}(البقرة: من الآية104) كلمة بدل كلمة ماذا تعني هذه؟ أليس قد يقول واحد ماذا تعني؟ قد يقول واحد ماذا تعني هذه؟ ماذا يعني: أن لا نتكلم بكلمة: {رَاعِنَا} نحن أهل المدينة وهي كلمة نقولها نحن ونتحدث بها نحن وأسلافنا من قبل {رَاعِنَا} ونحن لا نقولها بنية سيئة إذا كان يوجد يهودي هناك أو اثنين أو مجموعة يهود يستخدمونها بمعنى سيئ نحن نستخدمها بماذا؟ استخداماً عادياً أليس هذا شيء قد يكون مظنة أن يأتي عند الكثير؟ إذاً فموضع أن يؤتى بالقضايا التي هي دقيقة معرضة لأن لا يشعر الكثير بأهميتها وهي في نفس الوقت هامة جداً أن تأتي في سياق كهذا.
فالموضوع عندما نقول: ننظر إلى موضوع السورة فليس معناه تسلسل الموضوع نفسه قد يكون الموضوع هو الشخصية هو الإنسان قد يكون موضوع السورة هو أن يكون عندك ماذا؟ يكون عندك دائرة أمامك هي دائرة اليهود ودائرة المؤمنين ودائرة البشر هذا هو الموضوع؛ لهذا قد ترى في مجمل هذه الآيات التي سمعناها أليست مواضيع متفرقة سمعناها؟ لكن تبدوا هي تشكل نموذجاً من عدة مجالات من عدة مجالات وقضايا هامة تقدم هنا على أساس أن عندك من خلال ما قدم لك عن بني إسرائيل ما يجعلك تتقبل، هي قضايا مهمة جداً في سياق الموضوع الذي هو أنت الموضوع الذي هو الإنسان بشكل عام المؤمنون بما فيهم اليهود؛ لهذا ترى فيها خلطاً أيضاً في الحديث عن اليهود داخلها.
تعطينا مجمل الآيات هذه: فكرة عن المنهج الذي يجب أن نسير عليه في تقديم التاريخ مجمل ما حكى عن بني إسرائيل كان عبارة عن سرد تاريخي أليس سرداً تاريخياً؟ لم يسرده على نفس الطريقة التي يكتب المؤرخون التاريخ بها ولم يقدمها على نفس الطريقة التي يقدم المؤرخون التاريخ عليها. بعد ما أعطى نبذة تاريخية عن تلك الأمة بالشكل الذي تعطي عبرة بدأ يوجه بناءً على ماذا؟ أنه قد قدم لك ما هو عبرة بالنسبة لك وعندما نقول بالنسبة لك أعني بالنسبة للمسلمين بشكل عام، المؤمنين بشكل عام إذاً فهو محط أن يقدم لك قضايا وإن كانت متعددة هي قضايا هامة جداً.
تجد في باقي الآيات حديثاً عن التسليم لله، التسليم لله هو أساساً الذي ينبع من التفريط فيه الإعراضُ عن هدي الله إذا لم تكن النفوس مسلِّمة لله سبحانه وتعالى فستكون معرضة عن هديه إذا أعرضت عن هديه سترى كيف سيكون مصيرها؟.
إذاً ما هي الأهمية في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(البقرة:104) أعطاك صورة عن أمة أنظر كيف أصبحت هي في نفسياتها، أصبحت نفوسا خبيثة أصبحت تضيِّع قضايا هامة جداً وأشياء هامة جداً بالنسبة للبشر ألم يأت بها بعد الحديث عن تعاملهم مع علوم؟ {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}(البقرة: من الآية102) ثم قال: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌْ}(البقرة: من الآية102) في عصر سليمان كانت هناك علوم كان هناك علوم عند وزراء عند أشخاص آخرين عنده هو كانوا ينصرفون عنها ويسيرون يبحثون عند الشياطين يتركون ذلك الشخص الذي قال: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}(النمل: من الآية40) ويذهبون يبحثون بعد شياطين يعلمونهم السحر كيف يفرقون به بين المرء وزوجه!.
إذاً هذه الأمة خطيرة جداً معنى مجمل الموضوع: أمة خطيرة جداً أو طائفة من البشر الذين هم اليهود خطيرون جداً ولا يزالون يعملون بنفس النفسية هذه التي قدمناها لكم في هذه الآيات بنفس النفسية وبنفس الروحية، إذاً فيجب أن تكونوا حذرين جداً ودقيقين جداً في التعامل معهم وتعطوا لكل قضية أهميتها في الصراع معهم.
هذه الآية تتحدث – كما يقولون – بأنه كان اليهود يستخدمون كلمة: {رَاعِنَا} التي هي كلمة عربية مفردة عربية معناها العربي معروف: أمهلنا أو أنظرنا يستخدمونها بمعنى سيئ لديهم سيئ في النفوس بمعنى: شرير أو من الرعونة التي تعني: السفه والحماقة والطيش أي كلمة معناها في النفس داخل وليس في إطلاقها، معناها عند اليهودي سب للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، إذاً هنا قضية يهودية ما زالت في الأعماق داخل اليهودي تعتبر ماذا؟ يحارب بها النبي وهي ما زالت في داخله لم تظهر على لسانه لم تتحرك بشكل موقف ما زالت في الأعماق يجب أن تكونوا دقيقين في التعامل مع هذه الطائفة ليس فقط ما يبرز من اليهود بل ما لا يزال في أعماق أنفسهم نوايا لديهم.
{لا تَقُولُوا رَاعِنَا}(البقرة: من الآية104) توقفوا عن استخدام هذه الكلمة تماماً، عندما يتوقف العرب عن استخدام تلك الكلمة بشكل عام – اتركوها نهائياً لماذا؟ – ليقفل المجال على اليهودي فلا يعد بإمكانه أن يستخدمها، إذاً ألم يكن هذا موقفاً أمام نوايا وقدم التوجيه به توجيها حاسما بعده {وَاسْمَعُوا}(البقرة: من الآية104) واسمعوا ويكفيكم أن تسمعوا وقد سمعتم كيف كان الذين لا يستجيبون لهدي الله ولا يقيِّمون الأشياء التي تقدم إليهم، لا تكونوا كبني إسرائيل تقولون: ما هي الفائدة؟ ماذا لها من فائدة ما هي القيمة لهذه؟ نحن لا نستخدمها غلط؟ لا، اسمعوا، التزموا {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(البقرة: من الآية104) وللرافضين للكافرين نفس اليهود الذين لا زالوا يستخدمون نوايا سيئة وللرافضين منكم الذين لا يسمعون، اسمعوا {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} منكم ومنهم، هذه تعطي – مع أنها تبدو في الصورة قضية عادية – لكن تعطي منهجاً مهماً جداً في الصراع مع اليهود، أي هي ترسخ عند المسلمين حالة على مستوى عالي من اليقظة والحذر والانتباه واتخاذ موقف أمام أي شيء من اليهود وإن كان ما يزال نية في أعماق أنفسهم.
من أين أوتي العرب؟ من أين أوتي المسلمون حتى أصبح اليهود هم الذين يدوسونهم الآن من أين؟ لم يحملوا هذه الروحية التي تعطيها هذه الآية: {لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا}(البقرة: من الآية104) لم يعد لديهم اهتمام حتى بما يشاهدونه بما يلمسونه بما يحسونه من اليهود لم يعد لديهم اهتمام أن يعملوا ضدهم شيئاً، إذاً ألم يفقدوا روحية فقدوا تربية وجهت إليها هذه الآية؟ إذا ترى بأنها قضية هامة وهذا – مثلما قلنا سابقاً – من الأشياء الصعبة بالنسبة للناس القضايا التي هي في واقعها هامة جداً جداً جداً ولكن أمامهم طبيعية جداً هذا الذي يعتبر موقفاً محرجاً جداً؛ لهذا كانت هذه الآية في مقدمة الآيات التي لتوجيه المسلمين بعد تقديم العبرة الشاملة من خلال ما ذكره عن بني إسرائيل.
النفسية هذه التي أضاعت معنى: {لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا}(البقرة: من الآية104) هي نفس النفسية الموجودة الآن عندما نقول: [نرفع شعار يا جماعة، الشعار كلمة عادية بسيطة تقولها في مسجدك في مسجدك الذي تصلي فيه الجمعة] يردون عليك: [ما هي الفائدة منها ماذا يعني أن نرفع شعاراً؟] مع أنه مسلّم بصحة مفرداتها يقول لك: [صحيح الله أكبر وحقيقة أمريكا ملعونة والموت لأمريكا] وسيقول لك أيضاً: [أمريكا ملعونة وإسرائيل ملعونة واليهود ملعونون والنصر للإسلام لكن ماذا هناك من فائدة؟ ماذا له من قيمة؟ هل هي ستؤثر على أمريكا هناك؟ هل، وهل، وهل..!] تلك النفسية السابقة لأنه هذه بداية توجيه إلهي تربوي للمسلمين ليكونوا بمعزل عن روحية بني إسرائيل روحية البقرة نفسية البقرة: ما هي، ما لونها، إن البقر تشابه علينا، الآن جئت بالحق، الآن..! لا، إن الإسلام إن القرآن الكريم قام على أساس أن يقدم للمسلمين تربية، تربية على مستوى عالٍ جداً يستبقون بها الأحداث يستبقون بها الأحداث فلا يكونون عرضة لأن يضربوا ضربات متكررة حتى يصحوا ومتى ما صحى وجد نفسه في وضعية لا يتمكن أن يعمل شيئاً.
عندما يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا}(البقرة: من الآية104) لماذا لا يأتي الخطاب لليهود؟ يا أيها اليهود اسكتوا أو اتركوا استخدام هذه الكلمة؟ ((لأن مفتاح أن يضرك العدو، أن يهينك العدو، أن يهزمك العدو هو من عندك أنت)) ذلك عدو يهودي نصراني كيفما كان إذا كنت مستقيماً تسير على هدي الله على كتاب الله فلن يضرك العدو وستهزمه مهما كان {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً}(الفتح:22).
هذه القضية في القرآن مؤكدة هنا توجه الخطاب إلى المؤمنين كلهم، الإمام علي بن أبي طالب ملزم هو أن يترك كلمة: {رَاعِنَا} وهل يمكن أن الإمام عليا سيستخدم كلمة: {رَاعِنَا} في المعنى اليهودي الذي يستخدمه اليهود؟ لا، لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يقفل المجال على اليهود فلا يتمكنون أن ينطقوا بهذه الكلمة أي تحبط مؤامرتهم – اعتبرها أحبطت مؤامرتهم – إلا بأن تقفلوا أنتم هذا المجال من عندكم وإن كنتم لا تستخدمونها بنفس المعنى الذي يستخدمه اليهود، ((إقفال المجالات التي فيها ثغرات للأعداء تأتي من عند المؤمنين)).
ولهذا حاولنا نقدم هذه الآية فيما يتعلق بالجانب الأمني، الجانب الأمني عندما نقول: [نفتشك] أنت الأخ الصديق الموثوق به بنسبة 100% نفتشك أو نقول تكون متيقظاً تكون منتبهاً كل الإجراءات التي هي تمثل إقفال مجال يجب أن تكون أنت أول من يعملها، المسألة هي إقفال مجالات إقفال منافذ.
عندما نقول: نترك [المصافحة] ونحن إخوة وكل واحد يحب أن يقبِّل الآخر كم مرات أليس هذا إقفال مجال؟ إقفال مجالات؛ لأنه سيأتي يهود أو عملاء يهود ونمط المصافحة لدينا بالشكل الخطير وفي الأخير الزيدية هؤلاء يكفيهم عشرة، عشرين وكفاهم سوف ينهونهم مع تمكنهم من استخدام أشياء دقيقة جداً نحن لا نستطيع حتى أن نكتشفها ولا أن نعرف كيف نقاومها، إقفل المجالات على الأقل عندما يأتي أحد يقول لك: لكن يا خبير أنا أخ وصديق أعرف فلان أو نحن أصحاب يعني هو شاك فيَّا؟ لا، ليس شاكاً فيك هل كان رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يشك في الإمام علي عندما يقول له: أسكت عن استخدام كلمة: {رَاعِنَا} لا، أو يشك في الآخرين ربما قد لا يكون هناك ولا مسلم واحد ولا مسلم واحد إلا إذا هم منافقون من تلك النوعية السيئة سيستخدمونها بالمعنى اليهودي، لكن اسكت يا علي، اسكت يا أبا ذر، المقداد، سلمان، عمار، كلكم اسكتوا، وفاطمة فلتسكت، والكل فليسكتوا عن استخدام كلمة: {رَاعِنَا}.
إذاً فهذه القضية هامة: إقفال المجالات يأتي من عند الناس هم، هم، المخلصون الصادقون المؤمنون بالقضية التي هم فيها لم يكن هناك مجال أن يقول الإمام علي مثلاً: لكن أنا سأستخدمها وليس عندي نية سيئة والله المستعان لماذا توقفني؟ هل يعني أن لديك شك فيّ؟ ما حصل هذا هم فاهمون خاصة عندما تعطيهم صورة رهيبة جداً.
هذه الآية تعتبر شهادة فيما يتعلق بالمقاطعة الإقتصادية ألم يحصل هنا مقاطعة للكلمة؟ قاطع المسلمون في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) كلمة؛ لأن استخدامها يمثل ماذا؟ دعماً لليهود، إذاً فأنت قاطع بضائعهم؛ لأن بضائعهم تشكل دعماً مادياً كبيراً لهم وتفتح عليك مجال لأن تتقبل كل ما يريدون أن يوصلوه إلى بدنك إلى جسمك من سموم أو من أشياء لتعقيمك حتى لا تعد تنجب أو تورث عندك أمراضاً مستعصية أشياء كثيرة جداً مع تقدمهم العلمي يعتبرون خطيرين جداً، سيطرتهم على الشركات التي تعتبر متطورة في صناعات أشياء خطيرة من المواد السامة عناصر كثيرة تستخدم قد أصبحوا يستخدمون عناصر تؤثر نفسياً تقتل عندك الإهتمام تصبح إنساناً بارداً لا تهتم ولا تبالي.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(البقرة:104) ثم يعود بالحديث إلى أهل الكتاب أنفسهم {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}(البقرة: من الآية105) أنتم أمام جهة خطورتها هكذا {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ}(البقرة: من الآية105) يأتي بالمشركين بعد الذين كفروا من أهل الكتاب فيما يتعلق بقلة خطورتهم فعلاً {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(البقرة:105) ما يودون أبداً ليس عندهم ود أن ينـزل عليكم أي خير من جهة الله، وأعظم خير هو هذا الهدى فتتناول هذه العبارة أي خير أي خير من جانبهم هم أو من أي طرف آخر. إذا كانوا لا يودون أن ينـزل على الناس أي خير من جهة الله فبالأولى من عندهم هم.
هذه الآية هامة جداً جاءت بشكل قاطع وبشكل مطلق أمام النفسية اليهودية التي هي خطيرة جداً وهذه سنة إلهية فيما يتعلق بهداه للناس، هداه يقدم بالشكل الذي الإنسان المتفهم الذي يعرف عمق الأشياء تشبع نفسيته وثوابت معروفة للعامة من الناس الذين ليس عنده مثلاً ذكاء ليس عنده فهم بالشكل المطلوب أقل ما يمكن أن يعرف أن أهل الكتاب لا يودون أي خير لنا أليست هذه واحدة من الأشياء التي سيعرفها الواحد من الناس ولو لم يكن يقرأ ولا يكتب؟، وهذه قضية أساسية وثابتة من الثوابت تحصن الناس لم يجعل الباري سبحانه وتعالى قضية وعي الأشياء وفهم الأشياء، الأشياء التي تعتبر من هدى الله سبحانه وتعالى بالشكل الذي تحتاج إلى مفكرين وفلاسفة وباحثين متعمقين ليكتشفوها، يعطي هدى على هذا النحو ويعطي هدى يشكل قواعد عامة وأسساً ويعرفها كل الناس أي إنسان سيفهم من هذه الآية: بأن الذين كفروا من أهل الكتاب – ولا يوجد الآن في زماننا مؤمنين من أهل الكتاب وطيبين من أهل الكتاب هم هم أولئك وأسوأ ربما من السابقين – أنهم لا يودون أن ينزل علينا أي خير من أي جهة.
هذه تعطي رؤية فيما يتعلق بالأشياء التي تأتي من جانبهم هم نراهم يقدمون مساعدات أليس هذا يحصل؟ يعملون مشاريع خدمية؟ يجب أن ترجع إلى هذه كقاعدة لتعرف كيف تتعامل مع ما يقدمونه وكيف تتمسك بالشيء الذي هم يريدون من خلال تقديم هذه الخدمات أن ينسفوه من نفسيتك أن تكون هذه قاعدة ثابتة لديك بأنهم لا يريدون لنا أي خير أنهم لا يودون لنا أي خير على الإطلاق لكن هناك مشاريع بملايين الدولارات الإنسان البسيط يجب أن يفهم وسيرى بأم عينيه حقيقة ما يقدمونه إنما هو عبارة عن طُعم لتدجين الناس وصرف أنظارهم عن الحذر واليقظة أمامهم من أجل ماذا؟ من أجل يحتلونهم ويجتاحون بلدانهم وسيستعيد بالأضعاف المضاعفة من ثرواتك أنت من جيبك أنت بأكثر مما قدم لك، أما إذا أنت تراه قدم مدارس مثلاً مدارس أليس هو يلحقها بالمنهج حقه؟ إذاً المدارس حق من في الأخير؟ حقه هو؟ المدرسة هي لصالح من هو متحكم في المنهج ويكون معناه في الأخير أننا نقدم لهم الشكر ونصفق لهم ونعتبرهم متجملين فينا وإذا المدارس في الواقع فقط نقدم لهم ونعطيهم ولاءنا ونعطيهم أيضاً أبناءنا يعلمونهم كما يريدون.
إذاً ما هذه تطلع في الأخير قضية وهمية؟ ممكن يعطون لنا مثلاً مستشفيات يعطون مراكز صحية يعطون مستوصفات لكن الله أعلم كم سيعملون من خلالها من أشياء تضر بالناس عملياً، إضافة إلى أنه من خلالها يصنعون نظرة إيجابية عند الناس بالنسبة لهم هذه النظرة الإيجابية هي تجعل الناس يغمضون أعينهم أمام ما يحيكونه من مؤامرات وما يسيرون من أجل الوصول إليه وهو أن يهيمنوا عليهم، أليست هذه القضية أصبحت ملموسة الآن؟ هم لا يعملون شيئاً إلا وهم واثقون من حصولهم على ثمنه أضعافا مضاعفة يستلمونها هم.
إذاً عندما يأتي مشروع مستشفى كم فيه مثلاً؟ عشرات الأسرة وخدمات عالية وأطباء مهتمين وممرضين مهتمين يدخل مريض من قرية يهتمون به بشكل كبير سيقول: [هؤلاء ناس طيبين هؤلاء ناس ملائكة، الأمريكيين هؤلاء ناس طيبين باهرين..] سيرجع القرية وعندما تقول أنت: هؤلاء ناس خطيرون هؤلاء ناس يجب أن نقف في مواجهتهم سيقول لك: [ماذا؟ مواجهتهم! ولا أمك ستعمل لك مثل تلك الممرضة ولا أبوك سيعمل لك مثل ذلك الطبيب] قد يقول: [رضي الله عنهم اسكتوا] وإلاّ قد يصلي عليهم.
الخطورة هنا المكسب الكبير للأمريكيين عندما يقدمون المساعدات هي في هذه النظرة التي يخلقونها من خلال مساعداتهم هم لا يقدمون شيئاً بمشاعر إنسانية بشعور بحق عليهم كدول متقدمة أن يعطوا دولاً فقيرة ويساعدونها من منطلق إنساني لا يوجد عندهم هذه على الإطلاق، إذاً فلما كانت هذه القضية هي نفسها قضية دقيقة وما تزال تعتبر دقيقة أمامنا وأمام الكثير عندما يكون الكثير منا لا يعرفون كيف تتم عملية خداع العدو مع أن هذه قدمها القرآن الكريم في قصة آدم مع الشيطان كيف الشيطان؟ ألم يقدم له أشياء تعتبر خير بالنسبة له ويحاول يحمله على أن يأكل من الشجرة؛ لأنه عارف إذا أكل من الشجرة سيخرج من الجنة عاريا، ولا يتركون له حتى السروال حقه فعلاً حاول {قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى}(طـه: من الآية120) ألم يقدم نفسه حريصاً وهو يتردد عليه؟ حريص، حريص أنه يريد لآدم أن يصل به إلى الخلد وملك لا يبلى ويقسم بالله بأنه من الناصحين له هو وزوجته حواء.
أليسوا يقولون هكذا؟، بالطريقة هذه: [نريد نرتقي بالشعوب، ونريد، ونريد، ونريد…] هكذا اعتبرها قضية بديهية في عملية الخداع والتضليل، ففي [سورة البقرة] قرأنا في آيات سابقة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا}(البقرة: من الآية 8-9) ويقول بعد: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}(البقرة:1) يجب أن تفهم بأن الخداع والتضليل لا يتم إلا بأن يقدم على أساس يتقمص ثوباً يشكل جاذبية عندك خير لك نصيحة لك أليس هو يقدم بهذا الغطاء: أنه خير لك ونصيحة لك وحق واهتمام بك؟ لكن هذه هي مترتبة على إيمان الإنسان بالله وثقته بالله، إذا كان واثقاً بالله ومؤمناً بالله مصدقاً بالله أنه أعلم منه بالآخرين، أليس الله قال في آية أخرى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}(النساء: من الآية45).
إذاً فليمسك كل إنسان على أن الله قال: {مَا يَوَدُّالَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}(البقرة: من الآية105) يعمل مشاريع يعمل ما يريد لكن موقفي هو موقفي منه الموقف القرآني يكون موقفك منه الموقف القرآني استفد مما يقدم من خدمات وابق في تعاملك معه التعامل القرآني اتركه في الأخير سواء أراد أن يعتبر نفسه متجملاً أو يندم المهم أن يروا في الناس بأن ما قدموه – وهو بالتأكيد إن ما قدموه عبارة عن طعم كما يقدم الصياد للسمكة قطعة لحم – يرون بأنه لا ينفع عند هذه الأمة لن يقول لك في الأخير: إذا لم يقبل عندكم نحن نريد وجه الله الباري سيكتب أجرنا، هم ليسوا حول هذه يعرفون أن هذه الأمة لا تخدع بما يقدم لها أبداً وإلا فسيكون الناس أغبى من السمكة في البحر التي عندها أن الصياد ذلك فاعل خير نزل لها قطعة لحم أنه جاء من البيت قاصدا وقد ترك شغله وعمله ليقدم للسمكة قطعة لحم وهي لا تدري السمكة أنه يريد أن يأكلها هي بكلها بواسطة قطعة اللحم تلك، إذاً ألم يستفد أكثر مما قدم؟ الصياد ألم يستفد أكثر مما قد؟، كل أعمالهم لا تخرج عن هذا المثل حقيقة قطعة لحم يستفيد بدلها كيلو أو اثنين كيلو أو أكثر على حسب حجم السمكة وغبائها.
وعندما يكونون على هذا النحو والناس لديهم ثقة بالله سبحانه وتعالى ولديهم توكل على الله فلن يستطيعوا أن يحولوا بينهم وبين ما يريد الله أن يحصلوا عليه من خير {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ}(البقرة: من الآية105) هذا الهدى هو خيرات الدنيا هو نعيم الآخرة على الرغم مما لديهم من حقد مما لديهم من ود أن لا يكون هناك أي خير للآخرين فلن يستطيعوا أن يحولوا بين الناس وبين الخير الذي يريده الله سبحانه وتعالى لهم وبين الخير الذي سيحصلون عليه يعطيهم الله من خلال تمسكهم بهديه.
هذه الآية على أساس أن الله سبحانه وتعالى جعل القرآن الكريم هدى بالشكل الذي يجعل الإنسان يجعل المجتمع الأمة التي تسير عليه لا يصبح ضحية لا للتضليل ولا للخداع ولن يقع في إشكالية لن يوقعه العدو في مشكلة لا يستطيع أبداً عندما يقول الله: {مَا يَوَدُّ} أليس هذا يعني بأنه عندما يتمكن من لديه هذه الروحية سيعمل على أن لا يصيبك أي خير.
برزت هذه يعني عندما تستعرض ما يقدمونه من مساعدات تستعرض أشياء أخرى لا يريدون لهذه الأمة للعرب مثلاً المسلمين بشكل عام أن يحصلوا على خبرات علمية عالية، عندما أصبح العراق لديه نسبة لا بأس بها علماء وخبراء أنا أعتقد قد تكون هذه أيضاً من الأهداف الرئيسية لديهم في ضرب العراق نفسه لم يأتوا على أساس أنهم يزيحون [صدام] كنظام طاغي أو حكم طاغوتي من أول ما كانوا يسألون عنه العلماء العراقيين الخبراء وفتشوا الكليات وفتشوا المعامل وفتشوا حتى المساجد ويحرصون على أن يحصلوا على قوائم لعلماء.
أمس رأيت في إحدى الصحف تحدث بأن العلماء العراقيين يتعرضون لخطورة شديدة، يريدون أن لا تحصل هذه الأمة على خبرات عالية لا تصبح دول مصنعة مع أنها تمتلك ثروات هائلة تبقى سوق استهلاكية وتبقى الثروات الرهيبة الكبيرة جداً التي تربض عليها هذه الشعوب تكون كلها مصلحتها لهم للغربيين، وإلا فبلدان مثل السعودية هي كانت مؤهلة باعتبار ثرواتها أن تصل إلى مثل اليابان وليس فقط مثل كوريا، دول الخليج كذلك رؤوس الأموال الهائلة، العراق كذلك كل شعوب هذه المنطقة كان المفترض أن تكون هي أرقى بكثير مما وصلت إليه أمريكا يحاولون، يحاولون أن لا تنشأ كفاءات علمية، إذا ما حصل أحد على خبرة معينة يحاولون أن يحتووه هم وإلا دبروا حاله، كم حصل من اغتيالات لخبراء وعلماء.
إذاً هم ما يودون على الإطلاق أن يحصل لهذه الأمة خير ولا أن تحصل على خير ولا أن تنهض وما يزال المغفلون منا يأتون ليقولوا نلحق بركاب الغرب، الغرب هو يركلك، هؤلاء لا يريدون أن تلحق بهم يحاولون أن يدمروا أي خبرة تصل إليها، إبنِِ نفسك هنا أنت واعرف كيف تبني نفسك متى ما بنوا أنفسهم كأمة تتجرد تماماً عن التبعية تتحرر تماماًَ عن التبعية يصبح قرارهم بأيديهم يستطيعون أن يحصلوا على خبرات لا سيما وأن الخبرات الآن قد أصبحت منتشرة وليست فقط حكراً على بلدان معينة حتى يستطيع اليهود أن يحولوا بين الناس وبين الحصول عليها؟ استطاعت إيران أن تأخذ خبرات من الصين ومن كوريا ومن بلدان أخرى.
إذاً فما القضية أنك تريد أن تلحق بل هو يريد أن تفوق، تفوق الآخرين، إبنِ نفسك هنا يبني الناس أنفسهم وأن يعرفوا أن أولئك لا يودون أي خير لهم عندما تعمل منح دراسية هناك وفي علوم هذه العلوم الهامة نوابغ من الطلاب برزوا يحاولون يحتوونهم هناك عندهم يشتغلون عندهم كم هناك آلاف من الخبراء والعلماء العرب والمسلمون في كندا وفي أمريكا وفي بلدان أخرى لأنه لا يوجد هنا حكومات تحتضن الكفاءات لا يوجد هنا حكام حريصون جداً على الأمة هذه أن يبنوها!.
قالوا كان اليابانيون يرسلون طلاباً منحاً دراسية إذا رسب الطالب يعدمونه إذا رسب يعدمونه! يرسلونه من اليابان ويعطونه اهتماماً كبيراً جداً لا يسير إلا وقد صار معبأً يشعر بالمسؤولية أنه يعود ليبني وطنه: [أنت تدرس الآن في بلدٍ هم أعداؤك هم الذين دمروا حضارتنا هم الذين ضربونا بأرقى ما توصلوا إليه يجب أن تبذل جهودك] ويختارون طلاباً نوابغ ويعطونهم إمكانيات كبيرة ويدرسونهم في أرقى المراكز العلمية يعودون؛ فاقوا الأمريكيين ألم يفوقوهم تكنولوجياً؟ فعلاً فاقوهم وهم الذين كانوا قد دمروا في [الحرب العالمية الثانية] لماذا؟ لأن هناك أمة هناك قيادات تهتم بالناس تهتم ببناء شعوبها.
إذاً فهذه الآية تعطينا رؤية تجعل الناس، تجعل كل إنسان حذراً فعلاً أمام تضليل أهل الكتاب وهم الآن يستخدمون طريقة الخداع للشعوب بأنهم يريدون أن يبنوها ويريدون أن يساعدوها ويريدون أن يقدموا لها خدمات وأشياء من هذه، كلها خداع وتضليل؛ لهذا ربطت المسألة يعني وعي لدى الإنسان يجب عليه أن يكون معتقداً له عقيدة؛ لأن الله قدم المسألة إخباراً من عنده إخبار من عنده أنت كإنسان مسلم يجب عليك أن تعتقد صدق الله فيما أخبر به يجب علي أن أكون معتقداً: أن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ما يودون أن ينزل علينا أي خير، فهذه قاعدة تعطي وعياً، قاعدة دائمة وثابتة وقريبة التناول لكل إنسان، وتشكل حصانة أمام خداعهم وتضليلهم.
نلاحظ من خلال واقعنا الآن ومن خلال الآية هذه الكريمة كيف كانت الخسارة الكبيرة ربما كنا نحن الجيل هذا من المسلمين ضحية، ضحية عدم اهتمام الأولين بهذا القرآن بأن ينظروا من خلاله إلى الواقع مع أن الإمام عليا قال كلمة، الإمام علي في زمانه قال كلمة جميلة جداً تعطي اهتماما كبيرا بالقرآن بأن يكون هو المقياس للإنسان وهو يقيِّم الواقع وينظر إلى المستقبل إلى الماضي والحاضر والمستقبل من خلاله: ((كتاب الله تبصرون به وتنطقون به وتسمعون به))، البعض منا الآن يقول مثلاً: ما هو وقت أن يكون للناس عمل يقوم على أساس مواجهة توجه أهل الكتاب ضد هذه الأمة ضد المسلمين ضد دينهم أوطانهم ثرواتهم مقدساتهم قد يقول بعضهم: [ما هو وقت أو ليس الآن وقت!] الآية هذه هي كانت تفرض على من كان قبلنا بأربعمائة سنة أو من كان قبلنا بخمسمائة سنة أنهم عندما يرون بدايات مؤشرات النهوض في أوروبا أن يكونوا مهتمين جداً ببناء الإنسان المسلم بأن لا يتجاوزهم الإنسان الغربي الذين معظم الناس هناك هم من أهل الكتاب أن لا يتجاوزوهم.
لأن هذه الآية تقول لك أو تعطيك في الأخير معرفة بأنه فعلاً بأن أولئك عندما ينهضون وهم لا يودون لي أي
خير ماذا سيعملون؟ سيتجهون بكل ما لديهم من شر؛ لأن معنى هذا هم أعداء، الذي لا يود لك أي خير هو عدو لك، العدو ما هو الشيء الذي يريد أن يعمله بك هو الشر هو الضر أن يحولوا بينك وبين أي خير يمكن أن تناله، فكان من واجب من قبلنا بخمسمائة سنة أول ما بدأت مؤشرات النهوض الصناعي في أوروبا كانت أشياء بسيطة من قبل أن تكتشف أمريكا، أليس المسلمون الآن يعانون من أمريكا ونحن كنا نمتلك دولة نحن [الزيود] قبل أن تكتشف أمريكا، والكتاب هذا بين أيدينا من قبل أن تكتشف أمريكا كقارة ويتوافد إليها الأوربيون ويبتنون ويصبحون الآن يشكلون هذه الخطورة الكبيرة.
الآية هذه تعطي نظرة مستقبلية إذا أنت تفهم القرآن وأنت تمتلك دولة أن تحاول وبأي طريقة أن تحصل على خبرات حتى لا يتجاوزك أولئك الذين لا يودون لك ولا لكل إنسان في هذه الأمة أي خير، أولئك الذين سيستخدمون قوتهم لضربك أنت، عندما انشغل الناس بعلوم أخرى وهو يريد أن يستنبط يريد يستنبط من القرآن ما هو الإستنباط؟! لماذا لم تستنبط من قبل لتعرف كيف تتعامل مع واقعك وكيف تعمل ضمانات لمستقبل هذه الأمة فتحاول أن تمتلك ما امتلكه الآخرون وبأي طريقة تحصل عليها.
كم استمروا فيما يذكر البعض كم استمر الإسرائيليون يحاولون أن يحصلوا على نموذج من الطائرة الروسية أول ما صنعوها [ميج 21] ويقتلون أول طيار عراقي وثاني طيار عراقي وثالث طيار استطاعوا بمبالغ كبيرة وإغراءات كبيرة يشجعونه على أن يهرب بطائرة إلى داخل إسرائيل ليعرفوا مكونات الطائرة هذه وكيف يصنعون مثلها أو نماذج تفوقها، ما هم عملوا بكل وسيلة؟.
إذاً فلنقل: الذين قطعوا أوقاتهم فعلاً وهو ضائع بين كتب من أجل يريد يستنبط، يستنبط يعرف ماذا يطلع من القرآن من حكم شرعي في قضية حول: هل الأذن من الرأس أو ليست من الرأس أو أي أشياء من هذه، هذا ضياع فعلاً أدى إلى ضياع الأمة حقيقة يعني ما نقول: إن الإسلام ما جاء إلا بعدما نهضت أوروبا وبعدما نهضت أمريكا نحن [الزيود] سابقون لهم كدولة، و[الإثناعشريين] سابقون لهم كمرجعية تمتلك أموالا كبيرة الأخماس تتجمع عند المراجع مبالغ هائلة جداً والمراجع ماذا يعملون بها؟ يدرس فقه ويخرج مدرسين فقه وأصول فقه وفلسفة وأشياء من هذه! وكان باستطاعتهم هم بكثير من الأموال تلك أن يبحثوا من الشباب الذين هم نوابغ أذكياء يعطونهم منح دراسية يقيمون مدارس علمية وهم يعتبرون أنفسهم مراجع ماذا يعني؟ أي مراجع دين.
إذا أنت مرجع دين يعنى تكون فاهماً للقرآن الكريم لو كنت فاهماً للقرآن الكريم لحاولت أن تستغل كثيراً من تلك الأموال وما زلت في فسحة وما تزال في وقت تبني مدارس علمية أو ترسل طلاباً من النوابغ وتصرف عليهم أضعاف ما تصرفه على حوزة كاملة يأتون بعلوم من هذه لماذا؟ لأنها علوم تعطي تمكينا لمن؟ لمن هي بأيديهم ما تدري إلا وهم مقبلون عليك ما الذي حصل؟ الآن النجف من يحكمه من؟ الأمريكيون أسبانيون أوكرانيون وفيهم [آيات الله، حجة الله] وأشياء من هذه عناوين من هذه.
ما الذي جعل الأمريكيين يصلون والبريطانيين والأسبانيين يصلون إلى أن يضربوا هذه الأمة ويهيمنوا عليها ويستعبدوها ويصلوا إلى داخل النجف وكربلاء إلا ماذا؟ عدم فهم لمراجع دين عند الإثنا عشرية وعدم فهم عندنا لأئمة حكموا لهذا القرآن، آية واضحة هذه إذا عندك فهم إذا ما زلت سليم الفهم، إذا أنت تعرف بأن القرآن هو هدى للناس وتعرف أن من الهدى فيما يتعلق بالأشياء هذه، لا أن يكون كل ما تستنبطه من القرآن حول قضايا العبادات والمعاملات المعروفة، تبنى أمم أو تحطم أمم بسبب الإعتماد على القرآن أو الإعراض عنه. عندما لم يهتموا لا سنة ولا شيعة بطوائفهم لا أصحابنا الزيود وهم حكموا على مدى ألف سنة ولا اثناعشرية وهم مرجعية دينية وأخماس تتجمع إليهم بأعداد هائلة مبالغ كبيرة على مدى أيضاً ألف سنة تاريخ النجف كمرجعية في النجف قد تكون ربما ألف سنة.
إذاًَ فنقول لأنفسنا ونقول للآخرين: هو وقت من قبل أربعمائة سنة. الذي يقول لك: ما هو وقت أن تقولوا: [الله أكبر..] أو تحاولوا تعدوا أنفسكم لأن لا تكونوا ضحية هؤلاء الأعداء الذين أخبر القرآن عنهم أنهم لا يودون لنا أي خير.
إذاً ألم تكن خسارة كبيرة جداً عندما لم نعمل بالقرآن ألم نصبح نحن الضحية نحن الجيل هذا نفسه؟ أصبحنا الضحية أصبحت الأمة الجيل هذا من الأمة هو الضحية لتقصير السابقين لانحراف ثقافة السابقين في معظمها في معظمها فعلاً سنة وشيعة تتمثل كلها في ماذا؟في أنهم ابتعدوا عن القرآن.
إذاً نحن أمام وضعية: ما بقي لا دين ولا أمة وأمة متخلفة، أمة منحطة، أمة ضعيفة، أمة يتحكم فيها اليهود يحكمهم اليهود، الشيء الغريب الذي لا يزال الآن غريباً في العراق نفسه العلماء العراقيون المراجع الذين عندهم مبالغ كبيرة جداً الأخماس التي منها أخماس أرباح التجارة صاحب الدكان يكون لديه صندوق في دكانه إذا باع خصلة بخمسمائة معه فيها ربح مائة ريال خُمُس المائة هذه يطرحها في الصندوق، خمسة آلاف ألف ربح يطرح خُمُس الألف هناك خمس الربح من كل سلعة يبيعها تتجمع أموال كثيرة جداً.
أذكر في كتاب ذكر قبل سنين بأنه الأخماس التي من سوق بغداد تكفي للهاشميين جميعاً، أخماس سوق بغداد للشيعة فضلاً عن أسواق أخرى في العراق فضلاً عن أسواق أخرى في الخليج فضلاً عن أسواق أخرى في داخل إيران، إذاً لماذا لم يحصل عند هؤلاء اهتمام بعدما رأوا أن هناك ملاحقة لعلماء عراقيين يحاولون بأي طريقة ولو يصرف على الشخص الواحد مليون دولار أنها سهلة في محاولة أن يهربه من أيدي هؤلاء إلى أي بلد آخر يكون في مأمن فيه؟ لا يوجد شيء من هذا، وما زال يقول: نعم للحوزة، نعم للحوزة، والحوزة التي أضاعتك، أضاعتك في الماضي وتراها الآن أمام أعداد كبيرة من العلماء العراقيين بعدما تهاوى النظام أصبحوا ضائعين، يحاولون بأي طريقة يحصلون عليهم حتى يؤمنوا مستقبلهم ولو يصرفوا على الواحد منهم مليون دولار إنه سهل يهربونهم إلى بلدان أخرى ما يجعلونهم عرضة للمخابرات الإسرائيلية: هذا يقومون باحتوائه ويشغلونه عندهم، وهذا يغتالونه، أليست هذه خسارة؟.
لا بد أن نعرف أيضاً بالنسبة لنا: أن واقع الناس تقريباً وصل إلى ما وصل إليه اليهود في خسارتهم التي عرضها الله في القرآن الكريم بسبب أنهم أعرضوا عن قوله: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ}(البقرة: من الآية63) ما أخذنا ما آتانا الله بقوة فأصبحت النتيجة هي النتيجة السيئة.
نعم كما قلنا سابقاً بالنسبة للموضوع: الآيات هذه عندما تراها تناولت أشياء وتبدو وكأنها آيات متفرقة، لا، الموضوع هنا موضوع ذهني موضوع الإنسان المسلم المجتمع المسلم بشكل عام.
{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}(البقرة:106-107) هذه أيضاً الآية تتناول وبشكل تركز عليه موضوع: التسليم لله سبحانه وتعالى، التسليم له قد عندك درس من الذين لم يسلِّموا له كيف وصلوا؟ هذه الآية، موضوع النسخ هل هناك نسخ في القرآن أو ما هناك نسخ هل يجوز النسخ أيضاً بالأحاديث أو ما يصح؟ موضوع النسخ هو من القضايا التي فيها أخذ ورد كثير، هناك من الناس من يقول: لا يوجد نسخ نهائياً داخل القرآن، لا يوجد آيات منسوخة نهائياً، وهناك من هم مُفرِطون في موضوع النسخ، وقدموه كقضية اجتهادية ورؤية اجتهادية فتناولوا الكثير من الآيات الهامة قالوا: هذه منسوخة، وهذه منسوخة، وهذه منسوخة.
من أخطر ما تناولوه في موضوع النسخ: قضية نسخ آيات في الإنفاق في سبيل الله، جعلوها منسوخة بآية الزكاة، والإنفاق في سبيل الله هي قضية أساسية للعمل لإعلاء كلمة الله، وعمود الجهاد في سبيل الله هو: الإنفاق في سبيل الله، يأتي يقول لك: منسوخة نسختها آية الزكاة!.
النسخ الذي قد نقرأه أو نسمع به من دعاوى نسخ في القرآن الكريم كلها اجتهادية كلها اجتهادات، الإمام [القاسم بن إبراهيم] عنده رؤية بالنسبة لموضوع النسخ على أساس أن كلمة: [نسخ] هي كلمة عربية كلمة عربية هي تعني في اللغة إزالة الشيء تماماً أو نقل صورته: نَسَخَ ورقةً، ونَسَخَ كتاباً أي: نقل صورته إلى أوراق أخرى نَسَخَ عليه، وما تزال تستعمل بهذا المعنى عندنا، قال: [إذاً النسخ باعتبار الكلمة هذه عربية – معناها – ما هناك نسخ في القرآن الكريم]، إذاً عندما نقول: آية منسوخة يعني: آية غير موجودة، ليست موجودة، آية منسوخة أي: آية أزيلت تماماً، معناها هكذا.إذاً أمامك آيات قرآنية لا يمكن أن تقول: هي منسوخة وهي موجودة؛ معنى منسوخة أي: مزالة تماماً.
الكلام حول النسخ هو على أساس النظرة الفقهية البحتة، يبحث داخل هذا القرآن العظيم الواسع الذي هو أوسع من شؤون الحياة هذه كلها يسميها حكماً شرعياً في موضوع عبادات معاملات دائرة محدودة جداً بالنسبة لباقي ما تناوله القرآن، فقدر هذه الآية باعتبار فيها – بحسب إطلاق لفظها – فيها صيغة تفيد أمراً أو صيغة تفيد نهياً إذاً طلََّع له حكماً شرعياً في الأخير يقول: المقصود من الآية هذه، أو كل ما يتوجه إليه نظره في الآية هذه هو موضوع الحكم الشرعي هذا الذي كان الدليل عليه مفردة في الآية جاءت بشكل أمر بصيغة أمر أو بصيغة نهي قال: منسوخة، هذا الحكم منسوخ، لا يقولون حتى: الحكم منسوخ، في الأخير يقول: الآية، والآية لا يرى فيها إلا موضوع ذلك الحكم، فعنده ما دام إن قد الآية الأخرى يبدو الحكم ذلك فيها بشكل آخر قال: الآية منسوخة، منسوخة، وآية منسوخة، وآية منسوخة بهذه العبارة! وهي عبارة غلط أن يقال: آية منسوخة، قل: حكم منسوخ، عندما تتجاوز، قل: حكم منسوخ أكثر ما يمكن أن تقوله إذا كان بالإمكان أن يكون صحيحاً.
إذاً في الأخير ظَهَر تساؤل معين: الآية القرآنية هذه بعد نسخ الحكم ماذا بقي لها من معنى أن تبقى؟ قالوا ما تزال القيمة في وجودها أنها تصبح للتعبد فقط، تتلى للتعبد، للتعبد بتلاوتها وإلا فقد صارت في الواقع قد هي فاضي لم يعد فيها شيء لم يبق فيها حكم قد صارت فاضي الآية! هذه أي: نفس الكلام حول النسخ بهذا الشكل يرد عليه قول الله تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}(هود: من الآية1) كلها محكمة لا يوجد فيها آيات قد صارت فاضي، الإمام علي يقول في القرآن هذا: ((بحر لا يدرك قعره)) الله يقول: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً}(الكهف:109) يأتي ليقول لك: آيات فاضي! وطلعوا كتباً معينة في [الناسخ والمنسوخ] هذه الآية منسوخة، وهذه منسوخة وهذه منسوخة؛ ولأنها قضية اجتهادية فعلاً تراهم مختلفين في دعاوى النسخ، هذا يقول: هذه منسوخة، والثاني قال: لا، ليست منسوخة، هذا يدعي: أن هذه الآية منسوخة، والآخر قال: لا، ليست منسوخة.
أنت عندما تنظر بالنظرة الأساسية فيما تناولتها السورة هذه، قضية: إن الدين هو واحد لا يصح كلمة: ديانات؛ ولهذا نحن نقول: خطأ كبير استخدام كلمة: ديانات! لا يوجد ما يسمى ديانات، هو دين واحد الدين عند الله واحد، داخل مسيرة الدين هذا قد يكون هناك في مرحلة معينة أشياء مشرَّعة في مرحلة أخرى لا تكون مشرََّعة، هذه تأتي في إطار ماذا؟ التوجيه للناس بأن يسلِّموا: أن الحكم هو لله، الأمر هو لله، الهدى، التشريع هو من اختصاص الله سبحانه وتعالى فليسلِّموا. إذا كان مثلاً في شريعة موسى أشياء شرعت، في أيام عيسى حصل تغيير في نفس الأشياء السابقة أشياء كانت محرمة لاعتبارات معينة أحلت، أشياء كانت حلال لاعتبارات معينة حرمت أو أتى مثل هذا في شريعة محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) بالنسبة لما كان في شريعة موسى وما كان في شريعة عيسى، فافهم بأن الله عندما يحصل شيء من هذا النحو لا يكون تغييراً إلى ماذا؟ إلى الأدنى، فإذا نسخ شيئا من شريعة سابقة فسيأتي بما هو مثله أو أحسن منه بالنسبة لأصحاب الشريعة الحاضرة.
{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(البقرة: من الآية106) لاحظ لها علاقة بهذا الموضوع موضوع التسليم؛ لأن اليهود عندهم فكرة بأنه: أبداً دينهم دينهم ولا يصح أن يكون هناك أي تغيير فإذا هناك في الإسلام تشريع جديد يقولون: أبداً نحن لا يجوز هذا ويطلعون شبهاً أخرى، نحن نقول: بلى يجوز في شريعة الله أن تنظروا إلى الدين واحد هو دين واحد {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِِسْلامُ}(آل عمران: من الآية19) مسيرة واحدة أمة من الأمم قد يكون يشرِّع لها شيئاًً معيناً، في موضوع التشريع، التشريع جانب من الدين، التشريع جانب من الهدى فقط قد يكون تشريع لأمة معينة على هذا النحو، أمة أخرى..، ولهذا حكى الله عن عيسى وهو يقول لبني إسرائيل: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}(آل عمران: من الآية50) وهنا بالنسبة للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}(الأعراف: من الآية157) لأن بني إسرائيل بسبب عنادهم شرعت أشياء ألزموا بها هي نوع من ماذا؟ من العقوبة، حرم عليهم كثيراً من الطيبات يعتبر حراماً فعلاً بسبب ماذا؟ بسبب عصيان بسبب مخالفات بسبب عناد حرم عليهم؛ ولهذا جاء في الدعاء الذي هو عبارة عن دعاء حكاه الله عن المؤمنين بشكل عام: {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}(البقرة: من الآية286) لأنه فعلاً حصل في تاريخ بني إسرائيل أن شرعت أشياء تشريعها مثلاً يعتبر من ماذا؟ من العقوبة عليهم؛ فحرمت عليهم كثيرا من الطيبات بسبب عصيانهم.
{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(البقرة: من الآية 106-107) الله له ملك السماوات والأرض؛ فهو ملك الناس ويشرع كما يريد وهو العالم بمصالح عباده هو على كل شيء قدير وله ملك السماوات والأرض فأنت عليك أن تسلِّم له.
إذاً فيبدو أن الموضوع قد يكون فعلاً {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَة} بالشكل الذي داخل التشريع الإلهي المسيرة الواحدة الطويلة. هي نظرة غير صحيحة أن نحمل مفهوم النسخ على ما يقدم هنا لنا [في أصول الفقه] ثم تأتي إلى القرآن وتنظر إلى آيات القرآن من خلال تلك المفاهيم التي حصلت عليها من خلال قواعد أصول الفقه؛ لأنه في الأخير يطلع منه أخطاء كبيرة جداً، [آيات منسوخة] أن يقول: إنها منسوخة يعطل العمل بها عند الناس ألم يصبح الإنفاق في سبيل الله قضية غريبة عند الناس؟ الإنفاق في مجال إعلاء كلمة الله أصبح غائباً عند الناس بسبب الذي يقول: منسوخة، منسوخة.
تلاحظ هنا: أنه يقدم أشياء تبدو متعددة هي ليست متباينة عندما ترى أن الموضوع هو ماذا؟ ما يستخلص من عبرة من خلال ما قدم مما قدمه وعرضه عن بني إسرائيل وكيف آلت إليه حالتهم بسبب إعراضهم عن هدي الله وبسبب عدم التسليم لله، فعندما تكون مسيرة المسلمين في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هي كانت في واقعها بهذا الشكل يكونون ملزمين أحياناً أن يعملوا عملاً معيناً وأشياء معينة ثم في مرحلة أخرى يقول: يكفي، ثم في مرحلة يأتي.. حصلت هذه في مسيرة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) لا يقول: لماذا كل فترة ومعك كلام، كل فترة ومعك كلام، كل فترة ومعك كلام، هو مبلغ عن الله سبحانه وتعالى هو مشرع عن الله سبحانه وتعالى يأتي بِشِرعة يسلم الناس له بل هذه تحصل ليس على أساس النظرة بالنسبة للنص تحصل في مسيرة الناس على أيدي من هم قائمين مقام أنبيائه.
تحصل هذه فعلاً عندما تنظر إلى واقع الناس مثلاً نحن قرأنا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا}(البقرة: من الآية104) هذه الآية ألم يعمل بها في مرحلة معينة وبهذا التهديد الشديد؟ من بعد لن تجد أحد الفقهاء يقول: بأنه لا يجوز لأحد أن يستعمل كلمة: {رَاعِنَا} في هذا العصر هل أحد يقول هذه؟ ما الذي نسخها بمفهوم النسخ الذي قدمه أصول الفقه؟ يوجد شيء نسخها؟ لا يوجد.
هناك نسبة كبيرة من التشريعات تكون على هذا النحو وغالباً ما تكون في المجالات العملية في مسيرة الأمة العملية أو لاعتبارات ووضعيات معينة ليست هي مهمة أي شخص هي مهمة أنبياء الله ومهمة ورثة كتبة، كلمة {لا تَقُولُوا رَاعِنَا}كم استفدنا منها كثيراً هذه الآية جداً في العصر هذا: من الناحية الأمنية، من ناحية الدفع في مجال مواجهة بني إسرائيل، فيما يتعلق بالمقاطعة الإقتصادية، ألم تعطنا هدى كثيراً؟ مع أنها آية عملياً باعتبار أنها نهي عن: {لا تَقُولُوا رَاعِنَا} عندما تقرأها من أولها إلى آخرها البارز فيها {لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا}(البقرة: من الآية104) أليست هذه ما يزال داخلها هدى كثير جداً جداً في قضايا هامة جداً؟.
إذاً هي شغالة الآية هذه إذا كان في مرحلة معينة {لا تَقُولُوا رَاعِنَا} انتهى الموضوع ومقتضاه أن يتركوا {رَاعِنَا} الآية باقية. أليس النسخ حصل هنا في الواقع، في الميدان؟ انتهت الإعتبارات والمقتضيات والوضعية التي عليهم أن لا يستخدموا: {رَاعِنَا} فيها عندما انتهت طبيعي استخدام كلمة: {رَاعِنَا}. {رَاعِنَا} شغالة لو تصل بمضمونها، بمضمونها، تأخذ من كلمة: {رَاعِنَا} منهجية كاملة مثلما حاولنا أن نأخذ منها، ألم نتحدث عنه في ماذا؟ تصبح من أهم الأشياء على أهمية المقاطعة الإقتصادية، إذاً أليست آية شغالة؟ {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}(هود: من الآية1) {وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ}(الأنعام: من الآية154) ليست آية فاضية لا يوجد {رَاعِنَا} قد هي فاضي! تعطي، تعطي مفاهيم هامة، وتعطي هدىً واسعاً جداً.
الدين وفق الرؤية الفقهية المبنية على ماذا؟ على قواعد أصول الفقه ما الذي نتج في الأخير؟ رصات كبيرة جداً من كتب الفقه وتراها غير مواكبة للحياة في الأخير فعلاً يقولون: هذا الزمن قد هو بحاجة إلى فقه جديد صار بحاجة فقه! وتلك الرصات الكثيرة؟ الفارق بينها وبين القرآن الكريم من خلال النظرة التشريعية النظرة التشريعية، الفقهاء كل واحد وطلع من القرآن الحاصل ما عاد معه شيء، وتجد معهم ما زال يوجد فرضيات أقوال كثيرة وفرضيات فيها وما تزال قاصرة عن مواكبة الحياة بل في نفس العصور التي كان فيها فقهاء كثيرون وكتََّاب للفقه كثيرون: مفرِّعون، مخرِّجون كان في مجال إقامة الدين العمل هذا الذي هو ميدان، ميدان الدين، موضوع إقامة الدين، وإقامة الدين ميدانه الأمة والحياة ما تدري واصطدم أحد من أهل البيت عندما يتحرك بكثير من المسائل الفقهية ما تقول أنه بالشكل الذي قد صار أشياء جاهزة أمامك ما عليك إلا أن تشتغل بل تجد مطبات.
تجد القرآن الكريم يبدو – هم عندما يحاولون أن يستخلصوا الآيات التي تتناول أحكاما شرعية يطلعون خمسمائة آية من أكثر من ستة آلاف آية – القرآن الكريم نفسه مواكب تماماً لكل الأزمنة يستوعب الحياة بأكملها لكن لو تأتي تنظر إليه وفق الرؤية الفقهية النابعة من اعتماد قواعد أصول الفقه ماذا سيطلع؟ لن ترى فيه سوى خمسمائة آية، خمسمائة آية فقط! تأتي قضايا كبيرة تريد أن تعرف كيف تعمل فيها لا يوجد؛ الخمسمائة آية هي تناولت مواضيع معينة تعتبر محدودة جداً مع أن الله يقول في موضوع الدين: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}(التوبة: من الآية122) فقه الدين ليس فقه الخمس المائة آية فقط، فقه الهدى هذا الواسع فقه الهدى الواسع فقه الدين الواسع.
الصياغة الفقهية – إذا صحت العبارة – في القرآن الكريم تختلف كثيراً عن الصياغة الفقهية في كتب الفقه بل إن الكثير من المشاكل التي طرأت الآن مثلاً في قضايا المرأة وأصبح اليهود يستغلونها كثير منها نتيجة عبارات فقهاء ومحدثين ومفسرين يأتون بعبارات غير لائقة استخدمها الأعداء.
تأتي إلى القرآن الكريم كتاب أحكمت آياته يستوعب – لكن وفق الرؤية هذه – كمثال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(البقرة:104) فمثلاً ستطلع منها توجيهات هامة فيما يتعلق بالجوانب الأمنية بالنسبة للمسلمين، فيما يتعلق بالإهتمام في مواجهة هؤلاء الأعداء الخطيرين، فيما يتعلق بالمقاطعة الإقتصادية ولم تستوفِ ما فيها الله أعلم كم بالإمكان أن تعطي لنا ولغيرنا وكم كان بالإمكان أن تعطي لمن قبلنا. هناك التدوين الفقهي لا يعد بالإمكان تقولب النص تقولبه لأنه يوجد فارق كبير جداً في التعبير فارق كبير جداً تجد أنك لو تأتي تحاول تنقل المسائل الفقهية من داخل القرآن ستجدها قليلة: صلاة، صيام، زكاة، حج، نكاح، طلاق، ربا، بيع وشراء، تجارة، أيمان، قصاص، ستطلع ملزمة بحسب العناوين الفقهية لكنه كتاب يستوعب الحياة كلها ويغطي كل القضايا في أي عصر كان وباتجاه واحد باتجاه واحد يعني في إطار مسيرة واحدة ليس المعنى أنه هو يتأقلم هو يتأقلم مع الأشخاص يتأقلم مع الناس يتأقلم مع القضايا أبداً.
أعني: عندما نأخذ من هذه الآية أهمية المقاطعة الإقتصادية هل هي تتنافى مع {لا تَقُولُوا رَاعِنَا}(البقرة: من الآية104) أصبحت إتجاهاً مغايراً؟ لا، هي منسجمة من حيث مضمونها وهو يقول لك: {لا تَقُولُوا رَاعِنَا} وعندما تقول: إذاً هذه تؤكد أهمية المقاطعة الإقتصادية تراها في سياق واحد تخدم الموقف الواحد بدون تناقض بدون اختلاف، هكذا القرآن الكريم سعته هي على هذا النحو ما معناها سعة ماذا؟ قولبة، تأقلم، أبداً هذا كمثال ليس سعة قولبة وتأقلم أبداً.
{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ}(البقرة: من الآية108) لاحظ أليست الآيات كلها توجه في معظمها توجيه للمسلمين جاء على أساس أن لديهم عبرة مما عرضه من تاريخ بني إسرائيل، القضية هي ماذا؟ يجب أن تفهموا من مجملها أعني: كأن الآية تقول: أن تفهموا من مجملها على الأقل تأخذوا منها هذه العبرة أن تكون العبرة منها: التسليم المطلق لله، إذاً لم يعد هناك تساؤلات أخذ ورد وسؤال وتساؤلات {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ}(البقرة: من الآية108) عندما يقول لكم تعملون كذا اعملوا، يقول لكم إلى هنا ويكفي، يكفي انطلقوا في موضوع آخر انطلقوا وهكذا.
{وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}(البقرة: من الآية108) يعني أن هذه الروحية تؤدي في الأخير إلى كفر، الروحية هذه لوحة من روحية بني إسرائيل في موقفهم من رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ستنتهي المسألة إلى ماذا؟ إلى رفض أنه ما هي الفائدة من هذا؟ في الأخير ما تعقل الفائدة يقول: إذاً لا يوجد حاجة لهذا، ما هي الفائدة من {رَاعِنَا} أننا نتركها وهي كلمة أباؤنا وأجدادنا يستخدمونها ونحن لا نستخدمها بسوء نية إذاً لن نتركها أبداً، الحالة هذه، الروحية هذه تؤدي إلى ماذا؟ إلى كفر: رفض لهدى الله ولتوجيهات رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله).
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(البقرة:109) الآية هذه نفسها قد ترى فيها علاقة بين {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا}(البقرة: من الآية106) لأن التوجيه بالإلتزام وترك التساؤلات مثلما كان يحصل من بني إسرائيل مع موسى لأنه في مستقبل معين قد يأتي تصرف آخر مع بني إسرائيل قد لا تفهم النسخ داخل النصوص، الواقع لا يوجد نسخ داخل النصوص، هناك في مواردها باعتبارات المواضيع في الساحة هناك مرحلة معينة سيعفون ويصفحون حتى يأتي الله بأمره ولله أمر سيفتح عليهم ثغرة إذا لم يستجيبوا سيتآمرون فيضربون فعندما يكونون يضربونهم لا يأتي منكم تساؤلات: لماذا أما الآن تقول: نقاتلهم وقبل هذا كنت تقول: فاعفوا عنهم واصفحوا؟! هذا لا يوجد فيه نسخ هو عمل بالنصوص، بالنصوص هذه التي تواكب كل الإعتبارات والوضعيات والمتعددة الإعتبارات.
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً}(البقرة: من الآية109) وهناك قال قبل: ما يودون لكم أي خير أليست هذه واحدة؟ وهنا يودون أن يردونا كفاراً. أن تأتي في هذه الآية بعد التأكيد، التأكيد في ماذا؟ في إلغاء روحية التساؤل، يعني ماذا؟ يعني: أن النفسية هذه نفسية التساؤل التردد هي قد تكون ثغرة من ثغرات بني إسرائيل فعلاً قد يكون من أمثلتها حاصلة نقول: نقاطع بضائع الأمريكيين، يقولون: كيف نقاطع والله يقول: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}(المائدة: من الآية5)؟ أليست هذه من التساؤلات؟ وسيقتنع ويستمر يشتري من طعامهم ويستمر يورد كل ما عنده إلى جيوبهم، وكل ما تقدم قضية يكون مليئاً بالتساؤلات ما تدري في الأخير وإذا هو أو أولاده هو باعتبار موقفه وأولاده قد حولهم إلى كفار.
فعلاً الروحية هذه معناه أنها خطيرة، خطيرة جداً على الناس في زمن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أو في أي زمن هم فيه في حالة صراع مع أعداء الله وخاصة أعداء من هذا النوع من أهل الكتاب، تأتي هذه الحالة من الحالات التي تعتبر منفذاً للشبه؛ لأن الكثير من الشبه تكون مصبوغة بتساؤلات تساؤلات إذا عندك روحية التساؤلات فذلك يجعله يقدم لك شبهة ثم يجعلك تتساءل وكأنها الفكرة أو القضية الثابتة لديك ويجب أن تكون أنت المستوعب لكل شيء وعارف لعمق كل قضية ولأبعاد كل قضية، المسألة الهامة هي تبتني على التسليم لهدى الله التسليم لهدى الله هذه قضية أساسية، إذا ما هناك تسليم سيحصل ماذا؟ تساؤل إذا هناك تساؤلات تكون القضية في الأخير ماذا؟ هو قدم لنا مثلاً من أول الآيات التساؤلات حق بني إسرائيل: ما لونها، ما هي، ما لونها، وأشياء من هذه، أليست تساؤلات؟ هذه الروحية أصبحت عندهم كانت من العوامل الهامة أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه من ضلال حتى سماهم كافرين وفي الأخير لعنهم وسماهم كافرين.
هل – عندما يقول لا يوجد تساؤلات – أن الدين هذا نفسه يريد يترك الإنسان لا يكون فاهم شيء؟ هدى الله هو بالشكل الذي يعطيك المعارف الكاملة المعارف الوافية بشكل لتشبع، لتشبع فعلاً هدى الله يقدم بالطريقة التي يكون المطلوب منك هو: أن تتفهم، تفتح ذهنيتك تفتح مسامعك وتتفهم ويقدم إليك بشكل واسع جداً بحيث لا يبقى قضية تساؤل، أنت لو تأتي إلى تساؤلات قيلت فعلاً سواء في أيام بني إسرائيل أو في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) تجدها كانت من الأشياء البديهية، ما معناها أنك ستترك غوامض، غوامض ما انتبه لها الله ولا رسوله ولا كتابه تأتي أنت تقول: والله هذه كيف الحل فيها أو كيف كذا يبدو أنهم نسيوا، أبداً.
بنو إسرائيل بعدما قال الله لهم على لسان نبيه موسى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}(البقرة: من الآية67) أليس الله يعلم بأسنانها ما بين فتيَّة وما بين متوسطة وما بين مُسنة ما الله يعلم بهذا؟ فعندما يقولون: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}(البقرة: من الآية70) أي أنهم يقدمون تساؤلاً عن قضية ليست غائبة عن الله سبحانه وتعالى ولا حتى عن نبيه موسى هو يعلم أن البقر إما أنها متعددة الألوان أو متقاربة متشابهة، هذه قضايا معلومة فعندما يقول لك: بقرة هو قالها بعد وهو يعلم بأنها متعددة وأنها متشابهة وأنها.. وأنها.. إلى آخره، هو هذا أنهى القضية بالنسبة لهم إلى أنه يعلم ببقرة قد تكون هي الوحيدة {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا}(البقرة: من الآية69) لا يسنون عليها ولا يحرثون عليها وسنها متوسط قد تكون بقرة واحدة في الأخير ما هذا عبرة لهم بأنه يعلم كل شيء؟ إذاً فعندما يقول: بقرة ليس معناه أنه ناسي أن البقر تتشابه وأن البقر فيها فتيَّة وفيها مسنة وفيها شيء يحرثون عليها ويسنون وبعضها جالس لا يحرثون عليها ولا يسنون.
تطلع التساؤلات في الغالب تساؤلات في الأشياء التي لا تعتبر غرائب أن الله في هداه ناسي لها وأنه لم يشملها، ما معنى المسألة هنا بأن هدى الله سيجعل الناس بالشكل الذي لا أحد يفهم شيئاً يقولون: اسكت لا تتساءل لا تقدم سؤالاً لا تستفسر أي: ابقَ مقفل فمك أي تبقى ثور، ليست القضية بالشكل هذا من البداية الله يقول لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله): إن المهمة الرئيسية لديه يعلمهم، يعلمهم أليس معناها يعلمهم؟ الكتاب والحكمة ويزكيهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور ما معنى هذا يعطيهم معارف واسعة عندما يكون يعلمهم، يعلمهم ماذا؟ هدى الله الذي قال عنه الإمام علي: ((بحر لا يدرك قعره)) ما معنى هذا أنه سيعلمك معارف واسعة جداً؟ فلماذا ما زلت مشغولاً بأن تقدم تساؤلات هي بديهيات؟
{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ}(البقرة: من الآية108) لاحظ الأسئلة حقتهم. حصل أيضاً أمثلة من داخل الأمة هذه تساؤلات مع النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}(البقرة: من الآية189) قضية هذه معقدة وقضية من الغوامض!! وكأنها من القضايا المعقدة والغوامض {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} اعتبر هذا التساؤل لا قيمة له {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}(البقرة: من الآية189) بل عرض في مواضع أخرى بالنسبة لبني إسرائيل روحية التساؤل الذي يدل على أنهم ناس أصبحوا أعني وصلوا إلى حالة من الفراغ ليس لديهم شغل ولا عمل إلا تساؤل وانشغال بقضايا تعتبر هامشية جاء بها في [سورة الكهف] بتعبير فيه نوع من السخرية
{سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}(الكهف: من الآية22) أخذ ورد وحوارات ونقاش على هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم أو خمسة وسادسهم كلبهم هل هذه قضية هامة؟! ليست هامة.
هكذا الناس أيضاً إذا انصرفوا عن هدي الله تصبح علومهم علوماً كثيرة وكتباً كثيرة لكن قضايا هامشية لا قيمة لها في معظمها وأوقات طويلة تضيع، وأعمار تضيع، ومواهب تضيع فعلاً. عندما تقرأ في التاريخ عن أشخاص كان لديهم مواهب عالية في الحفظ مثلاً في الذكاء ما الذي أضاع مواهبه؟ تراه منشغلاً بقضايا هامشية، ينطلقون ليفكروا بأنه: ما هي الطريقة من أجل يعرف الشخص دين الله، والله قد قدم الطريقة كاملة ويقول: اتبعوا، الموضوع جاهز وصراط مستقيم جاهز. كم يأخذ فن [أصول الفقه] من أوقات الناس ومن مواهبهم ومن أعمارهم ومن أموالهم؟ معناه: أن دين الله هو لتوعية الناس وتبصير الناس يعطي الناس نوراً وبصيرة ومعرفة ووعياً وفهماً بشكل لا يصل إليه أي إنسان مهما كان ذكياً هو من خلال نفسه أبداًَ، فعندما يقول: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ}(البقرة: من الآية129) أنت ارجع إلى الكتاب {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}(الأنعام: من الآية38) {وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ}(الأنعام: من الآية154) {تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ}(النحل: من الآية89) ((بحر لا يدرك قعره)).
إذاً هل هذا تجهيل؟ عندما يقول: أنت المهمة بالنسبة لك حتى تكون تعرف وتزداد معرفة تتوسع معارفك هو أن تستمع، تستمع، هذه أيضاً من الرحمة الإلهية: أن يقدم للإنسان ما يجعل معارفه واسعة ما يجعله حكيماً في رؤاه في تصرفاته في مواقفه في تقييمه بطريقة سهلة أيضاً، تذكَََّر فقط، تفهََّم، اصغ، استمع، وفقط، أليست هذه أقرب طريقة؟ لا حاجة بك أن تتساءل تساؤلات قد تتساءل في قضية هي من البديهيات أن تكون معروفة لديك أو قضية هامشية. أيُّ قضية هامة هدى الله يصل إليها وطريقته في المعرفة – مثلما نقول أكثر من مرة – طريقة راقية جداً أنه ربط المعرفة بالعمل، ربط المعرفة بالعمل، إذاً اتجه اتجاهاً عملياً وستستفيد المعارف الكبيرة جداً جداً من خلال هدي الله.
هنا يذكِّر بخطورة أخرى من مخاطر بني إسرائيل بالنسبة للأمة بالنسبة للمسلمين: {وَدَّ كَثِيرٌ}(البقرة: من الآية109) الود معناه: الرغبة والميل إلى هذا الشيء رغبة بميل {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً}(البقرة: من الآية109) قد أنتم مؤمنين وعاد عندهم رغبة شديدة وميل إلى أن يردوكم كفارا ً{حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}(البقرة: من الآية109) يعرفون قيمة الدين وأهمية الدين وما يقدمه للناس فحسدوا الناس على هذا حسداً من عند أنفسهم {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}(البقرة: من الآية109) يعني: أنهم في حركتهم لا ينطلقون على أساس أن هناك باطلاً يريدون أن يحاربوه وأن يقدموا حقاً من لديهم بل هم يفضحون أنفسهم في هذا الموضوع، أليسوا هم يقدمون أشياء باطلة في محاربة هذا الشيء باطلة هي باطلة في كتبهم هي باطلة في شريعتهم؟
أليسوا يعملون على نشر الفساد الأخلاقي؟ هل هذا عمل أناس يسعون لإزاحة باطل والإتيان بحق، أبداً عمل أناس حاسدين وحاقدين ويعتبرون ما أمامهم هو حق، ما لديهم أبداًَ أي وسيلة ليحاربوا إلا وهي وسيلة باطلة فيستخدمون وسائل هم يعرفون بأنها باطلة حتى في شريعتهم: المخدرات ونشرها الفساد في الأرض بنشر الأمراض الفساد بمختلف الوسائل الفساد الأخلاقي بإفساد الإنسان إبعاده عن الله أن يصلوا به إلى الشرك أن يطلع مشرك أو يطلع ملحد بل قالوا: هم كانوا وراء الشيوعية هم الفلسفة التي تجعل الإنسان ملحدا منكرا لله منبعها من عندهم هم، هل هذا من شريعتهم؟ هل هذا هو من الحق الذي لديهم في مقاومة الباطل الآخر؟! لا.
إذاً فهذا يبين فعلاً أن ما لديهم من ميل لمواجهة هذا الدين هذا القرآن الكريم إنما هو ماذا؟ بدافع الحسد من بعد ما تبين لهم الحق، وكلمة حق تبيين الحق قد يكون على أقل تقدير لكبارهم مثقفيهم أحبارهم هم الذين يحركون الناس. يعطيك هذا مثلاً واضحاً: أن ليس لديهم دوافع حق لأنك تراهم يشغلون باطلاً وهم يعلمون أنه باطل في مواجهة هذا الشيء الذي عندك، هل هذا عمل من يسعى لأن ينشر حقاً أو عمل من يعمل لمواجهة باطل؟ أبداً هذا عمل من يعمل لمواجهة حق لا يمتلك إلا باطلاً لا يمتلك إلا وسائل باطلة.
هذه الآية أيضاً جاءت بالشكل الذي ماذا؟ فيها إطلاق أن هذه رغبة مستمرة لديهم وأن الوقت الذي يتحركون فيه بشكل أكبر هو على حسب إمكانياتهم، كلما تمكنوا كلما اتجهوا إلى ماذا؟ لتنفيذ هذا الشيء الذي يرغبون فيه وهو أن يردوكم كفاراً. في العصر هذا ماذا يعملون؟ ألم تصبح قضية واضحة: محاولتهم أن يردوا الناس كفاراً من بعد إيمانهم، ألم يتجهوا إلى أن يهيمنوا على التثقيف وفرضوا فرضيات معينة في مجال التثقيف إزاحة كثير من آيات القرآن الكريم هذا يشهد لك بأن الرغبة ما تزال قائمة لديهم من يوم ما نزل القرآن إلى الآن وإلى نهاية آخر يهودي: أن هذه رغبة قائمة لديهم: أنهم يودون أن يردونا كفاراً بدافع الحسد من عند أنفسهم.
تعطينا هذه وعياً وبنفس الطريقة الأولى، الآية الأولى، للإنسان الفاهم والواسع الفهم وللإنسان العادي البسيط التفكير أن يفهم: أن الله يقول: إن هؤلاء أهل الكتاب يودون أن يردونا بعد إيماننا كفاراً، أنت واثق بالله ومصدق لله؟ إذاً امسك على هذا، أليس كل واحد يفهم هذه ولو لم يكن يقرأ ولا يكتب؟ يفهم هذه: أن الله يقول لكل واحد منا: أن هؤلاء الأعداء من أهل الكتاب هم يودون أن يردوكم كفاراً من بعد إيمانكم إذاً فكونوا على حذر منهم تبتعد عن ثقافتهم ابتعد عن تضليلهم لا تصدقهم بشيء لا تصغ إلى شيء من عندهم لا تقبل أي تثقيف من لديهم نهائياً.
{حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}(البقرة: من الآية109) البواعث هي لديهم هم ليس على أساس أن هناك تعاملا سيئا من جانب آخرين يوجد تعامل سيئ من جانب المسلمين، بل وقع في التاريخ ما يعتبر شاهداً عليهم هم، هم عاشوا مثلاً هنا في اليمن كمثال فضلاً عن البلاد الإسلامية بشكل عام عاشوا فعلاً في البلدان الإسلامية وضعية كمواطنين مثل بقية الناس يأمنون على أنفسهم وعلى أموالهم ويتحرك كمواطن في أي بلد هو فيها في ظل الدولة الإسلامية هنا في اليمن على مدى تاريخ طويل قد يكون أكثر من ألف سنة أيضاً عاشوا في وضعية طبيعية فلماذا نراهم الآن يتوجهون بروح عدائية شديدة بحقد وتغيض ورغبة في ماذا؟ في أن يجعلوا الناس كفاراً وأن يهيمنوا على كل قدراتهم وأن يدوسوهم إلى أن يحطوهم إلى أحط مستوى دوافع من عند أنفسهم من عندهم هم.
هذه ترد على أي واحد منا عندما يقول: اترك العمل ضدهم لا تثيرهم علينا..لا تقولوا كذا أو كذا..ستثيرونهم علينا.. أليس الله يقول لك: {مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}(البقرة: من الآية109) هم أنفسهم شغالين، لو تعاملك معهم حسن لو أنت تعاملهم تعاملاً حسناً هم يعملون أثبت الواقع فعلاً هذه: السعوديون كيف تعاملهم مع الأمريكيين؟ أليس تعاملاً جيداً على مدى ستين سنة؟ والآن كيف توجههم ضدهم مع تجاوبهم لطلباتهم المتعددة حتى أزاحوا أئمة مساجد وخطباء مساجد يقولون أكثر من ألف شخص أزاحوهم! هل عملوا شيئاً يثيرهم أم أنه من هناك من عند أنفسهم؟ إذاً فلنفهم نحن: أن ما المعنى أن عملك هو الذي سيثير الآخرين أبداً بل سكوتك هو الذي سيطمئنهم أما الإستثارة هي موجودة هناك عندهم عند أنفسهم في داخل أنفسهم لو أنت صديق لهم لو أنت عميل لهم فعندهم الدوافع الكاملة بأن يردوك كافراً بعد إيمانك، لأن يردوك تابعاً لهم أشبه شيء بالحذاء وليس في الواقع كمثلهم ولك مالهم وعليك ما عليهم أبداً.
معنى هذا تعتبر من أسوء الأشياء لأنه حين يقول: نحن نريد نيهود الناس يكونون يهوداً ولا لهم ما لنا ولا عليهم ما علينا، لاحظ كيف هم في القرآن كيف قدمهم ألم يقدم لهم صورة بشعة جداً؟ أفضع نفسية وأفضع واقع قدمه لهم، أعني: أن عملهم يعتبر حرباً لك حتى لو كان تحت عنوان أنهم مستعدون أن يكون لك ما لهم وعليك ما عليهم ومع هذا ماذا؟ أبداً هم ليسوا مستعدين أن يكون لك ما لهم وعليك ما عليهم أبداً! يكون ما معك لهم وما معهم عليك.
{حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}(البقرة: من الآية109) لو لم يكن هناك أي بواعث أخرى من عندكم نهائياً ولن يثنيهم عما عند أنفسهم أي تعامل جيد من عندكم.
هذه الآية ترد الآن على الذين يقدمون أطروحات أخرى: [كونوا معتدلين ومتسامحين نتجنب الأشياء التي تثير الآخرين علينا] أليسوا يقولون هكذا؟ وبعضهم يكونون علماء يكون – كما يزعم – عالماً بكتاب الله وعالماً بسنة رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) هذه الآية ترد عليه. أي: أنت توجِّه على أساس أن الآخرين طيبين أنهم ليس لديهم دوافع ضدنا إلا إذا حصل من عندنا شيء يثيرهم، قالوا: [يكفي يا جماعة، اعتدال، تسامح، وسطية، اسكتوا] الذين يمسِّكون الناس في المسجد في [الجامع الكبير] هم ليسوا فاهمين الآية هذه [يكفي اسكتوا حتى لا تثيرهم علينا.!]. هم مستثارون – كما قلنا في محاضرة سابقة – هم مستثارون علينا من أصلهم مستثارون علينا من أصلهم هم يلفقون هم راحوا يفجرون السفينة حقتهم في ساحل عدن من أجل ماذا؟ من أجل يلصقون بنا تهمة معينة: أن هناك إرهاباً وإرهابيين! وهذا العمل هو ضد الإرهابيين! وهو عمل مفضوح.
إذاً فالآية هذه هامة جداً جداً في موضوع: أنها تعطي وعياً، تعرف نفسيات أهل الكتاب؛ في الأخير يترتب عليها مواقف كثيرة ويترتب على الجهل بها أخطاء كبيرة جداً، في فلسطين عندهم أن [حركة حماس] هي التي تثير إسرائيل [وحركة الجهاد] هي التي تثير إسرائيل مع أنهم قد قدموا براهين من عندهم، هم عملوا هدنة وتوقفوا عن العمليات الإستشهادية تقريباً أربعة أشهر فلم تتوقف إسرائيل، خلالها اتجهت لاغتيال قاداتهم والشخصيات البارزة فيهم. هل انسحبت إسرائيل خلال الهدنة خلال استعدادهم أن لا يقوموا بأي عملية وتنسحب؟ ما انسحبت.
إذاً {مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}، لا فهمت الحكومات العربية، ولا فهمت السلطة الفلسطينية نفسها، في الأخير يرجعون علينا نحن، أنه من عندنا نحن، يا أخي لا، الله يقول: {مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}(البقرة: من الآية109) لأن الكلمات هذه: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}(البقرة: من الآية109) الآية الأولى وهذه الآية {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} أي: هذا الود تحته من الناحية العملية أساليب كثيرة جداً أساليب كثيرة جداً، أعني ممكن تعتبر الإحتلال واحدة من وسائل أن يردوا الناس كفاراً، إذاً كيف نحاول أن نسيطر على ثقافتهم فنحولهم إلى {كُفَارَاً} لا بد أن نكون مهيمنين عليهم، إذاً محتلين، أفضل طريقة: أن نكون ضاغطين ومحتلين أن نصيغهم كفاراً كما نريد.. ما معناها ودّ هناك، وميل هناك محله، وفي نفس الوقت مجرد أمنيات. هذه الأمنية متى ما اتجهت الفئة التي تحملها هذه الرغبة سترى قائمة طويلة عريضة جداً من الأعمال، أي انظر كمثال عندما يقول: العمل لإعلاء كلمة الله أي أن يكون الناس يودون أن يكون البشر مؤمنين، تعال انظر إلى كم ستكون أمامك قائمة طويلة عريضة جداً من الأعمال، أليست ستكون أعمالاً طويلة عريضة جداً؟ تحت عنوان: أن الناس يودون أن يردوا البشر مؤمنين بعد كفرهم، ضع خطة لتنفيذ هذه كيف ستكون؟ واسعة جداً وأعمال واسعة جداً، الجهاد سيظهر واحدة منها فقط واحدة منها الجهاد المسلح يكون واحدة من هذه.
إذاً هذه الآية نفسها هي التي تجعلنا نحمِّل السابقين المسؤولية السابقين من المسلمين الذين عاصروا بداية نهضة أوروبا وبداية نهضة أمريكا أم أنه ما كان يوجد مسلمون في الساحة هذه؟ ما كان يوجد زيود ولا اثناعشرية ولا شوافع ولا مالكيين ولا أحد، ألم يكونوا هم حاكمين في المنطقة هذه؟ حاكمين زيود، وحاكمين سنية هناك.
الآية هذه كانت تنبه، تنبه من كانوا في ذلك العصر عندما يرون مؤشرات النهضة هناك: أن هؤلاء عندما يتمكنون سيتجهون إلينا ليردونا كفاراً بعد إيماننا، إذاً فيجب أن لا نتركهم هم ليتفوقوا، نحاول نحصل على علوم أكثر ونبني أنفسنا أكثر لأن لا يأتي يوم من الأيام يكونون أقوى منا فيفرضون ما يودون أن يوصلونا إليه، عندما يقول البعض: عيب لا تتكلموا في السابقين، نقول: بلى نحملهم المسؤولية الكبيرة، السابقين من قريب والسابقين من فوق من أيام [السقيفة] إلى الآن من أيام السقيفة إلى الآن فعلاً.
هنا يتجلى – أيضاً – فساد الآخرين ككل لم يكونوا بالشكل الذي يكتشف لنا هذه الآية، لم يكن بالشكل الذي يجعل أولئك المثقفين بهذه الثقافة التي فيها نسبة كبيرة من الأخطاء يهتمون بالأمة لأن هذا شيء معلوم أن مثل هذه الآية وأنت في زمن معين تفرض عليك أن تحسب حساب مستقبل الأمة وأنت ترى الآخرين يزداد نهوضهم لاتتركهم ينهضون؛ لأنهم عندما نهضوا مثلاً ألم يأتِ من عندهم هم تغيير نمط الصراع فيما بين البشر كان بالسيف تحول إلى ماذا؟ إلى قذائف وإلى إطلاق نار، من أين بدأ هذا؟ إذاً ما هم حولوا هم وسيلة الصراع، آلية القتال على أيديهم؟ معلوم بأنه عندما يتفوقون عليك في آلية القتال من هناك ما تحسب حساب أن لا تسمح لهم أن يتفوقوا مثل ما هي عندهم الآن، هذه الروحية عندهم الآن وللأسف ومن قبل الآن أن لا يسمحوا لهذه الأمة أن تنهض أن لا يسمحوا لها أن تمتلك قدرات؛ لأنهم يقولون قد تضرب إذا تفوق علينا هؤلاء سيفرضون علينا إسلامهم؛ لأنهم يودون أن يردونا مسلمين بعد اليهودة وبعد النصرنة.
ألم يكن اليهود والنصارى أكثر وعياً من داخل كثير ممن حكموا وثقفوا داخل المسلمين؛ لأن الشيء الطبيعي أن تكون خسارتنا أكثر من خسارة أهل الكتاب؛ لأن القرآن الكريم هو أوسع وأهم من التوراة التي رأينا ما حصل عليهم بسبب أنهم لم يأخذوها بقوة، لم نأخذ القرآن بقوة وإذا بالأمور بشكل آخر الآن برز أمامنا ليس فقط أنها حصلت من الآن لديهم بل تجد سياستهم أمام الأمة هذه من بداية هذا العصر عصر النهضة أن لا تحصل هذه الأمة على إمكانيات أن لا تحصل على قدرات أبداً ومتى ما تمكنوا متى ما أتيحت لهم الفرصة اتجهوا، أليسوا الآن اتجهوا ليردونا كفاراً بعد إيماننا، ومتى اكتشفت بلادهم؟ هل هي اكتشفت قبل أن يكون هناك إسلام ومسلمين؟ قبل أربعمائة سنة فقط، أمريكا هذه التي أهلها متجهون بالأسلحة الرهيبة وملئوا الدنيا قواعد عسكرية وإمكانيات هائلة أليست إنما اكتشفت قبل أربعمائة سنة؟
إذاً لاحظ كيف الخسارة الكبيرة جداً؛ ولهذا نحن نقول: إن مشكلتنا هي في الأساس ثقافية، المشكلة بالنسبة لنا كمسلمين هي ثقافية ثقافة مغلوطة رهيبة جداً صرفتنا عن كتاب الله وجعلتنا غير طبيعيين ولم نعد نحن تقريباًَ ولا مثل الناس الطبيعيين لم نعد نحن على فطرتنا أبداً، فتجد هذا الواقع يكشف فعلاً أحط مستوى وصلنا إليه، مع أن لدينا ما كان يجعل هذه الأمة في أعلى مستوى على الأمم كلها فتأتي الآية هناك: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}(البقرة: من الآية143) كيف قدموا الوسطية الآن؟ أي أن هذا أيضاً استمرار في نفس التثقيف الخاطئ، الوسطية الآن: أن لا تحرك ساكناً أمام هذا العدو أن لا تنبه على خطورة هذا العدو، أن لا يستعد الناس لمواجهة هذا العدو، أن لا يعود الناس إلى دينهم على ما هو عليه ويتثقفون بثقافته ويتخلقون بأخلاقه ويتجهون اتجاهه وينظرون بنظرته.. [لا تكن متشدد.. اجعل نفسك وسطياً!!].
الوسطي من هو عندهم؟ الذي يكون قابلاً أن يكسروه من وسط ظهره فعلاً.. اجعلوا أنفسكم أمة قابلة أن تكسر من وسط ظهرها فلا تقوم لها قائمة، أي: تحمل روح التسامح والقبول بالآخر.. [لماذا أنت متشدد هكذا على اليهود وعلى النصارى وتوجه الناس أن يكونوا منتبهين لهم..ليكن عندك تقبل للآخر..!] والآخر: اليهودي والنصراني! والله قد رفضهم.
بل وصلت المسألة إلى حالة رهيبة جداً أن يقدموا القرآن بين أيديهم هم، وهذا شيء مزعج جداً، القرآن الذي جعل الله هؤلاء الناس قائمين عليه وقائمين به.
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}(البقرة: من الآية143) هي خطاب للعرب في المقدمة وفي مقدمتهم أهل البيت وفي الأخير وإذا بالعرب أنفسهم يريدون أن يسلموا القرآن لبني إسرائيل يؤقلموه كما يريدون يخفون ما يريدون ويسترون على ما يريدون ويمنعون الناس عن قراءة ما يريدون في المساجد والمدارس وغيره بل في صحيفة من الصحف يقول عن العراق: – أعتقد صحيفة – [الشموعٍ] الحاكم الأمريكي في العراق منع أئمة المساجد عن قراءة الآيات التي تتحدث عن الجهاد في الصلاة!.
لاحظ الأمة هذه، ألم تصل إلى أن تسلم كتابها لبني إسرائيل والله يقول هنا كيف عملوا مع كتبه كيف كانوا يحرفون كتبه كيف كانوا يحرفون كلام الله من بعد ما يسمعونه ويعقلونه، ونأتي لنقدم لهم القرآن..؟! هنا قد أصبحوا يوجهون أوامر بأن: لا تقرؤوا الآيات الفلانية، لا تطرحوا في المنهج الآيات الفلانية، الخطيب لا يتحدث بالآيات الفلانية، ولا إمام المسجد، ولا أحد…!! أوامر من الحاكم الأمريكي بأن: لا يقرؤون آيات الجهاد في الصلاة نهائياً، وبالتأكيد ولا في المنهج وتصبح جريمة يعاقب عليها الحاكم الأمريكي عندما يسمعون شخصاً يقرأ آيات الجهاد في أي مكان من الأمكنة ومنافقون عرب يرفعون بأي شخص يسمعونه يقرأ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}(التوبة:29).
معنى هذا سيحصل في العرب من ممكن فعلاً يصلون إلى هذه، بل وجدنا أشخاصاً هنا كم يحاولون من داخلنا يرفعون إلى محافظ أو إلى مدير أمن أو أي جهة حكومية هناك أناس يقولون: [الله أكبر الموت لأمريكا والموت لإسرائيل] يرفعون شعاراً هم هؤلاء عاقبهم! أمة فعلاً قد صارت مكسورة من وسط ظهرها حقيقة، إذا ما عادت إلى القرآن لم تعد إلا مثل الحمار عندما يكسر ظهره فلم يعد يعمل شيئاً لم يعد قادراً أن يحملوا عليه ولا أمكن يقتلوه ولم يعد له أي فائدة.
هذه الآية هي تنبه الناس أن يكونوا حذرين جداً من حالة {كُفَارَاً}، أعني: يجب أن يفهموا خطورة معنى قوله تعالى: {كُفَارَاً} ارجع إلى القرآن الكريم كيف الكافرون وكيف قدم الصورة عن الكافرين وضلالهم في الدنيا، مصيرهم في الدنيا، مصيرهم في الآخرة، وكيف لعن الكافرين، ليست كلمة: {كُفَارَاًً} كلمة عادية، ليست بسيطة، بل اعتبرها أخطر قضية عليك وعلى أولادك وعلى مجتمعك أن يكونوا عرضة لأن يردهم اليهود كفاراً بعد إيمانهم، من مظاهر هذه أو من صفات أو من حالة الكافرين: أن الله لعنهم، ما الله قال: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً}(الأحزاب:64).
لهذا نحن نقول: عندما نلعن اليهود، اليهود هم متجهون إلى أن يحولونا إلى كفار، فإما أن نلعنهم وإلا فسيحولوننا هم إلى ملعونين عند الله، إذاً أليس الأفضل نلعنهم من قبل ومن خلال لعننا لهم سنكون نلعنهم كما لعنهم الله ونحصن أنفسنا من ماذا؟ من أن يحولونا إلى كفار إذا لم تلعنهم سيحولوك إلى كافر يلعنك الله {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً}(الأحزاب:64).
{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِه}(البقرة: من الآية109) من الأشياء المضحكة الآن أن يكون البعض يقول: إن الله قال: إن الناس يعفون ويصفحون! كلمة عفو وصفح عادة لا تأتي إلا في مقام القدرة على المؤاخذة، ما يقال للمقهور للمظلوم للمستضعف للعاجز: اعف واصفح، أبداً، استعمالها عند العرب استعمالها عند الناس ما يقولون للعاجز عن المؤاخذة: اعف واصفح، أبداً، إنما تقال لمن؟ لمن لديهم قدرة على أن يؤاخذوا من لديه قدرة على أن يضرب الآخر يقال: لا يا رجل اعف عنه واصفح إلى وقت آخر، هل العرب الآن في مقام أنه يقال لهم: اعفوا عن اليهود واصفحوا؟! أبداً.
في حركة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في بناء الأمة في صراعه مع آخرين صراعه مع آخرين ما كان يحصل من جانب اليهود كان اليهود لا يشكلون خطورة بالنسبة للميدان، وكانت المواجهة معظمها ميدانية في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هناك قُبُل عربية هناك قريش وقُبُل أخرى شديدين في المواجهة، أعداء ميدان، نزول ميداني، اليهود لا يجرءون وإنما فقط من بعيد من بعيد، هؤلاء لا تنشغل بهم الآن، هذا العدو الذي في الساحة الآن، والآخرين حتى يأتي الله بأمره ستلف عليهم فيما بعد.
لم يكن العفو أو الصفح بمعنى: أما أنتم فأنتم أهل ديانة فلن نكلمكم وأنتم وأنتم..! لا. معناه: اعرض عن الموضوع هذا وليس الآن وقت أن تؤاخذ بالنسبة لهم، في الساحة أعداء ميدانيين يشكلون خطورة عندما تحقق انتصاراً على هؤلاء ستلحق هؤلاء، وفعلاً عندما تأتي إلى قراءة سيرة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) تجد: أن ضربه لليهود كان بعد اتضاح خيانة من جانبهم ومؤامرات وضربهم على هامش حركته، على هامش حركته في بناء الأمة ومواجهة العدو الآخر.
{حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}(البقرة: من الآية109) يأذن، فهي حركة هي مسيرة وليست قضية أحكام شرعية كما يقال: ناسخ منسوخ، ليست قضية أحكام، قضية مسيرة؛ لأن هذا الدين هو دين حركة دين مسيرة دين عمل: أنت هنا لا تنشغل بهؤلاء وإن كان لديك قدرة أن تضربهم اتركهم هناك، ابدأ بهؤلاء حتى يأتي الله بأمره، أمر الله سيأتي في الوقت الذي يمكن يضربهم، عندما ضربهم هل حصل أي ردة فعل من أي طرف آخر ضده؟ لأنها كانت وضعية حكيمة، ضربهم في الوقت المناسب، وضربهم في الوقت الذي ماذا؟ قد حصل بالنسبة لهم وهم أهل كتاب ما يجعلهم يعرفون: بأن هذا الدين حق وما يظهر من خلاله تمردهم وعنادهم ومحاربتهم فكانوا هم برزوا في الصورة من اتجهوا ضده وتآمروا ضربهم في الأخير.
{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(البقرة: من الآية109) لن يفوته شيء {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ}(الأنفال:59) هو على كل شيء قدير، هذه القضية ما كانت خاصة باليهود كان بعض القبل أو بعض الجهات العربية الأخرى يسكت عنهم أو يصفح أو يعفو فترة ويتجه.
العمل يكون فيه أولويات، العمل باعتبار المرحلة باعتبار وضعية زمنية معينة يكون فيه أولويات ولا يقوم الإسلام على أساس أنه يؤمن جوانب أخرى، أحياناً تكون عملية لا أخلاقية يؤمنهم أو يدخل معهم في معاهدات ومصالحات ومتى ما تمكن نقضها وضربهم، هذه لا تحصل أبداً ولا حصلت وكان للطرف الآخر موقف لا نقول: إنه قد أمنهم وأنهم مقرين على ما هم عليه وأنهم لا يصل إليهم شيء منه وأشياء من هذه! ليس منشغلاً بهؤلاء هو يبدأ هنا يشتغل؛ لأن مسيرة العمل تكون مسيرة يجب أن تكون حكيمة في أولوياتها، حكيمة في قراراتها، أي: لم تكن حتى قضية خاصة باليهود هذه في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(البقرة:110) هذه سبق توجيه بها، أهمية الصلاة وأهمية الزكاة كنماذج تمثل مجالا عباديا هاما في موضوع ذكر الله، مجالا عباديا هاما في موضوع ماذا؟ الإنفاق في سبيله وبذل المال في سبيله، هذه الآية هي شبيهة بآية أخرى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}(النساء: من الآية77) هنا يطمئن المسلمين باعتبار: هنا توجد مسيرة، مسيرة هدى صحيحة؛ لأنه أحياناً يأتي التقييم بالنسبة للناس بأنه فرصة لو تبدأ هنا أو هنا.. يقول: لا، استقيموا على ما أنتم عليه، أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، استقيموا على ما يقدم إليكم من توجيهات وعبادات وأشياء من هذه حتى يأتي الله بأمره، أمر الله ما يتلخص في موضوع وحي إلهي ينزل، من أمر الله وضعيات، وضعيات وتغيير وتهيئة مجالات وأشياء من هذه في موضوع تدبير الله، أمر الله هو في تدبيره كما هو في وحيه وتشريعه تماما.
{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}(النساء: من الآية77) لا تقولوا: نحن عندما نعف عنهم هذه المرة ونسكت سيكون مشجعاً لهم علينا، لا، على أساس ماذا؟ أن هناك أولويات ليس معناه مجرد صبر على ما يحصل من لديهم من أذية؟ لا. معناه هناك أولويات أنتم استمروا على ما أنتم عليه وفي الميدان الذي أنتم فيه: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}(النساء: من الآية77) يعني ماذا؟ أنتم لا يكن عندكم أنه إذا لم نهتم بهذه القضية الآن أو لم نستغل الفرصة هذه الآن وأشياء من هذه ستضيع الفرصة أو سيستفحل أمر هذا الطرف أو أشياء من هذه.. لا، توجهوا وامشوا على ما بين أيديكم، استقيموا على ما بين أيديكم مما قدم إليكم من الدين ومن التوجيهات وغيره.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ}(النساء: من الآية77) عندما يقول: كفوا أيديكم، أو اعفوا واصفحوا لا يوجد في المقام ما يسمى: أحكام شرعية بالنسبة للطرف الآخر أنه بمعنى لا يجوز، المعنى: فاعفوا واصفحوا أنه لا يجوز أن تؤاخذوهم باعتبارهم هم، وضعيتهم هم وما هم عليه لا يجوز لأحد يكلمهم! لا، بالنسبة لكم مسيرة بالنسبة لكم مرحلة لها أولوياتها وما هناك شيء سيفوت معناها ما هناك شيء سيفوت {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(البقرة: من الآية109) كما قال.
{قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}(النساء: من الآية77) كأن فيهم تنطط: لا بد من كذا.. {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ}(النساء: من الآية77) كيف قالوا؟ عندما كتب عليهم القتال {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ}(النساء: من الآية77) قد فيهم خشوع وخضوع لكن بالمقلوب {لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}(النساء: من الآية77) يدعون وبالعبارات الرقيقة هذه {رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً}(النساء: من الآية77) ربما قد تحصل حالة كهذه للمتنططين الذين يسمون بهذا، أي ما تكون مسيرتهم مسيرة على أساس من هدى الله والتي تكون الأولويات فيها مبنية على حكمة دقيقة تراهم متنططين هؤلاء ربما قد يأتي لهم موقف ثم يقولون بعد: {رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَال}(النساء: من الآية77) لكن إذا المسيرة تسير بشكل صحيح لن يصلوا إلى حالة كهذه، إذا المسيرة تمشي بشكل صحيح لا يكون فيها مما يعتبر ماذا؟ صدم لتنططهم، لأن هذه الحالة تكون مزعجة بالنسبة للقيادات بالنسبة لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أشخاص هناك قد أنفسهم مليئة بالشجاعة والرجولة فقط مماسكين لهم!.
أحياناً هذه الحالة تربك القيادة في اتخاذ قرارات حكيمة قد يكونون هم لا يفهمون الوضعية ما هو المناسب وما هو الأنسب ومتى وأين، إذاً هؤلاء سيكونون مزعجين قد يورطون أي قيادة تسير بعدهم.
لكن يمشون هم بشكل صحيح: صل وصم ولا شأن لك باعتبار أولئك الذين أنت تركز عليهم الآن وامش في الإتجاه على حسب الأولويات وامش على ما أنت عليه وما يقدم لك من الدين، يعني هنا مقام: لا شأن لك، للمتنططين يقول: لا شأن لك بمعنى: لا شأن لك أمام النقطة هذه ليس القرار فيها إليك وليس تحديد الأولويات فيها إليك احتفظ بشجاعتك هذه، اتركها توظف في مجالاتها. عندما تسير الأمة على هذا لن يمروا بحالة لن يمروا بحالة يصدمون فيها فيحصل تراجع نفسي وبعد ذلك في الأخير يقولون: {رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}(النساء: من الآية77).
لكن المتنططين قد يصلون إلى حالة مثل هذه بمعنى ماذا؟ يأتي التوجيه على أساس الطاعة، على أساس الفهم، على أساس الوعي يوجد أولويات، ألست في بعض الأحيان قد تكون الأولوية لديك مرتبطة بتقييم وضعية في محيط مثلاً البلاد التي أنت فيها المنطقة التي أنت فيها قد تكون الأولويات محسوبة بحساب هي أوسع من دائرة منطقتك، فعلاً مثلاً تجد في الوقت الذي كان المسلمون مع رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في مكة يعذبون وفيهم ناس أبطال ممكن يقاتلون يعذبون وآخرين يهجرون يذهب إلى الحبشة منهم أعداد كبيرة بالعشرات وكان بإمكان هؤلاء أن يقاتلوا لكن لا، ليس الآن ليس باعتبار أنه لا يجوز بالنسبة للطرف الآخر، لا.
إذاً عندما تنظر إلى وضعيتهم وأولويات فيها لا تحسبها بحساب محيط مكة أو حتى الجزيرة لوحدها، لا،هناك تدبير إلهي واسع موضوع ما بين الروم والفرس.
بل أحياناً قد يبدو بأنه يتحكم الشيء هذا بحسب إرادة الله سبحانه وتعالى في نسبة الأعداد في نسبة الإقبال فعلاً قد تكون مرحلة معينة ليس مناسب فيها أن يكون الإقبال كبيرا من ناحية مصلحة العمل نفسه قد تحصل هذه لو كان الإقبال كبير مثلاً بناء على ماذا؟ على أنه يوجد أشياء أخرى هناك اعتبارات أخرى محيط آخر قد يكون بالشكل الذي يعتبر ماذا؟ مثيراً جداً لكن لا،اصبروا تحملوا، بعضهم يكون عليه صخرة وهو في رمضاء مكة فوق الرمضاء وفي حرارة الشمس الشديدة يصبرون، هنا يصبرون، لكن العمل الإلهي هناك في محيط العالم بكله بل عندما تتأمل أن الترتيبات تكون ربما من قبل ولادة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ومن قبل أن يبعث هو (صلوات الله عليه وعلى آله) ترتيبات بشأن العالم.
إذاً فموضوع الأولويات أحياناً لا تقاس بمقاييس محيطك حتى ولو رأيت أن بالإمكان أن طرفا معينا تمسحه ربما لا، ما القضية بالشكل هذا لاعتبارات أخرى هي أوسع من محيطك، عندما يقول لهم هنا: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}(البقرة: من الآية109) واترك شجاعتك ورجلتك وكل شيء وفق أمر الله هذا أجمل شيء وأحسن شيء وأفضل شيء تحرك وفق أمر الله لا تأتي تتنطط في وقت ومتى ما جاء أمر الله: {رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ}(النساء: من الآية77) وهي وقت الفرصة كان في الواقع عندها تقول: {رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ}(النساء: من الآية77) {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}(البقرة: من الآية109) وعندما يقول: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا}(البقرة: من الآية109) ليسوا مثلنا أعني: جالسون في المساجد ليس لهم دخل من شيء أي: عند جانب معين لا تنشغلوا بهم وهم في
حركة يرون أنفسهم في مواجهة آخرين مواجهة مشركين مواجهة قتال، ما باستطاعتهم أن يقاتلوا في نفس الوقت اليهود؟ لا، ما هو وقت حتى يأتي الله بأمره {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(البقرة:110).
يعود الحديث إلى موضوع أهل الكتاب اليهود والنصارى {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى}(البقرة: من الآية111) أي: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كانوا هوداً، والنصارى قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانياً {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ}(البقرة: من الآية111) مجرد أماني ومجرد أكاذيب متشاجرين على الجنة وما هم حولها كلهم {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(البقرة: من الآية111) على هذا الإدعاء كيف يستطيعون أن يقدموا برهاناً في الحالة هذه وواقعهم على هذا النحو الذي ذكره الله سبحانه وتعالى؟ هم يعلمون بأنهم قتلوا الأنبياء وكانوا يكذبون ويحرفون، كيف يستطيع أن يدعي اختصاصه بالجنة بل كيف يستطيع أن يدعي بأنه من أهل الجنة؟! ما بالك بالإختصاص: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا والآخر لن يدخل إلا من كان نصرانيا.
هنا يقدم المسألة أيضاًَ بما يتنافى مع ما هو أساسي في الآيات هذه: أن دين الله لا يكون قومية ليس قومية، ليس – فقط – دينا لقومية أو لعنصرية أو لفئة معينة، دين الله هو يتسع للجميع، هم كيف أصبحوا؟ أصبحوا منزويين على أنفسهم بل سموا الدين باسم قوميتهم هم أصبحت اليهودية تعني دينا عندهم سموا الدين باسمهم وجعلوها قومية، وجعلوا دين الله شريعة عيسى أيضاً قومية؛ لأن كلمة يهود وكلمة نصارى هي: قوميات جعلوها ديانات هذه هي من السلبيات ومن السيئات هي في حد ذاتها مما تظهر بأنهم أصبحوا يقدمون الدين على خلاف ما أنزله الله على الإطلاق، هو أنزله للبشر جميعاً، وجعل اسمه عنواناً لا يرتبط بقومية على الإطلاق [إسلام] والإنسان الذي هو يدين بدينه يعني: أسلم وجهه لله {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ}(البقرة: من الآية112) الدين ليس دينا ينبغي أن يسمى ويطلق عليه عبارات قومية عبارات عنصر معين يهودية نصرانية، لا يصح أن تسمي الإسلام عربية أعني: هم بالنسبة للدين سموه كما لو جئنا نسمي الإسلام عربية.
دين الله يحمل عنواناً هو فوق الأشياء هذه بكلها ويستوعب الأشياء كلها مفتوح، لماذا؟ لأنه أحيانأً العنصرية القومية تشكل عوائق أمام الآخرين؛ لأنه في الأخير يترافق معها يترافق معها ماذا؟ تثقيف عنصري تثقيف قومي، والآخر هناك من عنده شكل كل طرف أسوارا على أنفسهم فلم تعد هناك إمكانية لأن يكون الدين بالشكل الذي يدخل فيه القوميات الأخرى، فهذه من مساوئهم الكبيرة.
{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ}(البقرة: من الآية111-112) لاحظ كيف العبارة رفعها تماماً عن موضوع ماذا؟ القوميات {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ}(البقرة: من الآية112) فليكن من داخل مجتمع اليهود أو مجتمع النصارى أو مجتمع العرب أو الفرس أو الأفارقة أو من أي منطقة كان {مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}(البقرة: من الآية112) أليس هذا ردا عليهم ويبين خطأهم في كيف مزقوا الدين وحولوه إلى قوميات وعنصريات ثم الجنة صاروا يتنازعون عليها مثلما تقول: قد آل فلان وآل فلان متنازعون ولم تعد المنازعة عليها تحت عنوان مثلاً دين قد صار نزاعاً بين اليهود والنصارى مثلما تقول: بين العرب والفرس على الجنة، ليست القضية بالشكل هذا، الجنة الله جعلها على هذا النحو {مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ}(البقرة: من الآية112) كلمة أسلم وجهه: أخضع نفسه، عبَّد نفسه، من كان على هذا النحو سيكون قابلاً لأن يسير على هدي الله ويأتمر بأوامر الله وينتهي بنواهيه ويتوجه بتوجيهاته يقبل، هم لو أنهم على هذا النحو: مسلمون وجوههم لله لقبلوا لكن لا، أطروا أنفسهم بأطر قومية؛ ولهذا جاء في سياق الآيات الكلام عن إبراهيم ما كان يهودياً ولا نصرانياً وكان مسلماً وأوصى أولاده بالإسلام ودعا الله أن يجعله وأولاده مسلمين ويعقوب كذلك. تراها أيضاً كيف كانت قضية تحدث عنها بشكل كبير موضوع الإسلام لله.
إذاً نفهم من هذه: أن القضية هامة جداً جداً يعني: قضية تقديم الدين، لاحظ الآن عندما تنظر إلى الأمريكيين أنفسهم من العوائق أمامهم الكبيرة أنهم قدموا أنفسهم للعرب كأمريكيين أمريكا كدولة كأمة مستقلة لم يعد بالإمكان مثلاً أن يقدموا أنفسهم بحيث يكونون قابلين أن العربي إذا ما كان على ما يريدون فهو منهم أو أي بلد يدخلونه سيعتبر أهل هذا البلد هو منا له مالنا وعليه ما علينا، أبدأً يدخل الأمريكي وهو يريد من بلدك أن ينهب ثرواته لشركاته هو، شركات أمريكية أن يفرض نفسه كأمريكي أي كعنصر معين وبلد معين وفئة معينة من الناس.
الإسلام عندما كان يفتح بلدانا كيف يكون أهلها؟ لهم ما لنا وعليهم ما علينا، ألم يكن هو بالشكل هذا؟ الآن تراها عندما قدم الأمريكيون أنفسهم بعنوان قومي أمريكا؛ شكلت عائقا كبيرا أمامهم أليس العراقيون يطالبونهم يخرجون؟ هل كانت الشعوب التي كان يفتحها المسلمون يطالبونهم بأن يخرجوا منها؟ لا،لأنه لا يرى أن هناك فئة احتلته احتلالا بحسب منطق الإسلام العام أبداً مسلمين يعني: لنا ما لهم وعليهم ما علينا غاية ما هناك اتسعت الدائرة فقط، لا يأتي كطرف آخر ينهب ثرواتك هناك مثل لو كان ملكاً له يذهب به إلى هناك، الأمريكيون الآن أليسوا الآن يظهرون يريدون نهب ثرواتهم لمن؟ للإنسان الأمريكي.
إذاً فالمسلمون هم يحملون عنواناً هاماً جداً – من إيجابياته الهامة إزالة عوائق كثيرة تخلق عند الشعوب وتخلق في النفوس، فيما إذا ما قدم الموضوع بعناوين قومية أو عنصرية – إسلام، فإذا دخل المسلمون بلداً غاية ما هناك ماذا؟ لن يجد أهل ذلك البلد أن هؤلاء جاءوا يحتلوننا جاءوا ينهبوننا جاءوا… أبداً، لهم ما لنا وعليهم ما علينا ثرواتهم لهم ثرواتنا أيضاً لهم ثروات الكل لبعضهم بعض، هل يستطيع الأمريكي أن يعتبر العراقي: له الحقوق التي يتمتع بها الأمريكي؟ أبداً، لو تأتي انتخابات في أمريكا سيشركون العراقيين فيها؟ هل يعتبرون أنهم شركاء في الجنسية الأمريكية؟ أبداً، إذاً ترى هذه بأنها شكلت عائقاً كبيراً جداً أمام الأمريكيين على الرغم من قوتهم الكبيرة وتمكنهم الكبير.
لاحظ أحياناً الأمريكيون يتهربون من عبارة: القوات الأمريكية أو الجيش الأمريكي يأتون بعبارة التحالف باعتبار أنه عنوان عائم شيئاً ما كأنهم لمسوا هذه لمسوا من البعض الإشكالية هذه فحاولوا يأتون إلى عنوان يعتبر عائماً نوعاً ما لا يعد يمثل إشكالية معنى التحالف، قوة معينة لم يخرج عن إطار قومية نهائياً؛ لهذا كان مهماً جداً هذا العنوان بالنسبة لدين الله الذي هو لعبادة جميعاً أن يحمل العنوان الذي يمثل الإسلام له الإسلام، تجد كلمة إسلام لا تعني قومية معينة لا تعني عنصرا معينا لا تعني لونا معينا أبداً.
إذاً عندما تأتي مثلاً ترجع إلى موضوع: أن القرآن عربي، الرسول عربي، يقول عن العرب: {جَعَلْنَاْكَمْ أُمَّةً وَسَطَاً} فما المعنى انطلاقات قومية أبداً، معناه ماذا؟ النهوض بمسؤولية هذه المسؤولية كلها لتصل بهذا العنوان، وهو: الإسلام لله، ليس المعنى: أن العرب أنفسهم هم يتحركون ليحتلوا هم كعرب بلدان الآخرين وامتيازاتهم كعرب فيما يتعلق بثروات الآخرين وشركاتهم كعرب فيما يتعلق بثروات الآخرين لا يوجد، هي مسؤولية أن ينهضوا بها هم.إذاً عندما تكون القضية مبنية على أساس أن هذا فعلاً هو دين للعالمين جميعاً ويهدي للتي هي أقوم، العالم يحتاج إلى لغة واحدة لغة عالمية فأن يربط هذا الكتاب الذي هو للناس جميعاً بأرقى لغة والله يعلم بأنها أرقى لغة وأفضل لغة يعني: ربطهم بلغة عالمية ما معناها ربطهم بقومية أبداً.
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}(البقرة: من الآية113) لاحظ كيف الإشكالية ظهرت أي أنه عندما يتأطر الدين بأطر قومية سيصبح محط ماذا؟ اختلاف بين قوميات، عندما يتأطر بأطر قومية أول شيء يتنازعون على الجنة فادعى أولئك أنه لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا، وادعى أولئك بأنه لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانياً، أيضاً وفيما بينهم {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}(البقرة: من الآية113) إذاً لو فهمت القضية لديهم وقدموها إسلام لله، إسلام لله نلتقي عليه جميعاً نلتقي عليه جميعاً لما وجدت أي إشكالية أعني: هذه هي من سلبيات تأطير الدين بأطر قومية ما يترك عنوانه العنوان الإلهي: إسلام.
{وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ}(البقرة: من الآية113) هذا الذي فيه عنوان الدين كيف هو؟ ليس عنوان يهودية ولا عنوان نصرانية؛ لهذا نقول: يجب أن نفهم بأنه من المغالطات الكبيرة عندهم عندما يقدمون اليهودية هي ديانة سماوية النصرانية ديانة سماوية! أبداً، اليهودية قومية، فإذا هم سموا الدين باسمها فلا يمكن أن يكون هو الدين السماوي أبداً، الدين السماوي هو واحد: إسلام لله.
{وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ}(البقرة: من الآية113) الذي فيه ما يحسم هذا الإختلاف يحسمه. الإمام زيد يقول في الآية هذه: ((بأن الله عجبنا من بني إسرائيل فقال: {وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ}(البقرة: من الآية113) أي: وهم يتلون الكتاب الذي هم متفقون عليه)) يعني: التوراة؛ لأنها كانت محط اتفاق ما بين اليهود والنصارى أي: في الواقع هي مازالت محط اتفاق وهم يتلون التوراة ويتلون الإنجيل وفيها ما يحسم الخلاف!.
يؤكد هذا بأن الكتاب الإلهي هو بالشكل الذي يحسم الخلاف تماماً بين الناس لكن أحياناً متى ما أطروا الدين بأطر معينة أحياناً متى ما نزلت ثقافة معينة تعطي مفاهيم مغلوطة في تناول الدين في الأخير يصبح الكتاب بالشكل الذي لم يعد يحسم الموضوع فيما بينهم، لأن كل واحد قد صار يتناوله لا يتناولونه على أساس ليحسم موضوع الخلاف، أعني: لم يعودوا يعتبرون الإشكالية الرئيسية هي: كونهم مختلفين.
هذا حاصل عند المسلمين الآن، أليس القرآن قائم بين أيدينا؟ القرآن موجود وكلهم يقولون: إن القرآن هو مرجع هو المرجع، لكن الإشكالية أنهم يختلفون على مسألة معينة أو موقف معين وكل واحد يحاول يرجع ليعطف القرآن على رؤيته، والآخر مثله، والآخر مثله دخلوا القرآن وخرجوا مختلفين! لو اعتبر أن الإشكالية الأساسية كوننا مختلفين أي: ما دام أنه ظهر ونحن مختلفون إذاً فلنرجع إلى ما يحسم موضوع الإختلاف من حيث هو، أي نرجع إلى ما يحسم الإشكالية وهو كوننا مختلفين وليس إشكالية المسألة فقط التي نحن مختلفون فيها كل واحد يرجع ويحاول يطلع القرآن ويؤوله على ما يسند رأيه هذا قال أبداً وهذا قال أبداً وهذا قال أبداً، وكل واحد تمسك برأيه، وقد دخلوا القرآن وخرجوا وقد طبقوا ما يقولون بأن القرآن يمثل حلا للإختلاف، لكن كيف قدموه؟ بواسطة الطريقة هذه!.
الرجوع الحقيقي: أن المسألة من أولها هو ظاهرة الإختلاف، ظاهرة الإختلاف يجب أن تحسم أي أنه لا بد أن هذا الكتاب يهدي إلى طريقة لا اختلاف فيها لا نختلف إذا سرنا عليها، عندما يرجع إلى الكتاب على هذا النحو فعلاً ستحل الإشكالية التي هي الإختلاف من أصله في المسيرة كلها في المسائل كلها.
{كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}(البقرة: من الآية113) الحكم في الإختلاف شيء البيان الذي يحول دون الإختلاف قد حصل، ليس معناه بأن الله أرجأ المسألة تماماً إلى يوم القيامة، الحكم الذي يترتب عليه الجزاء، أما نفس التبيين للطريقة التي تحسم الخلاف ولا يختلف الناس إذا ساروا عليها فهي بينات عليها قائمة بينات وليس فقط غوامظ، إذاً عندما يصل المسلمون إلى الحالة هذه ماذا يقال عنهم؟ لا يعلمون. المسلمون طوائف، ما كل طائفة هي تعتبر الطائفة الأخرى تقريباً ليست على شيء ونحن جميعاً نتلوا الكتاب؟ وعندما يقول: {وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ}(البقرة: من الآية113) يعني: أنه لو كان هناك فكرة صحيحة في عملية الرجوع إليه فإن من ظاهره من خلال ظاهره، تلاوته وليس فقط التعمق في أعماقه من خلال تلاوته هناك آيات بينات تحسم الموضوع من أصله تماماً ويرجع الناس كلهم إلى الطريقة التي إذا ساروا عليها لا يختلفون في كل المسائل نهائياً.
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(البقرة:114) أليست هذه القضية تبدو متعددة يعني بالنسبة للآيات هذه تتناول أشياء يبدو وكأنه لا انسجام فيما بينها، لو تحاول أن تربطها هي فيما بينها ربما قد لا يظهر انسجام، لكن انظر إلى الموضوع من أساسه من ابتداء العرض الشامل عن أهل الكتاب في حالة الصراع الطائفي قد يصل إلى ماذا؟ إلى أن كل طرف يمنع الطرف الآخر من مساجد الله التي هي لله وللمسلمين لله وفي الأخير تمنع من أن يذكر فيها اسمه، وقد يكون ربما مثلاً النصارى واليهود كل طائفة أصبحت بهذا الشكل، ثم هم عندما أصبحوا طوائف أصبحوا بهذا الشكل.
وصل المسلمون إلى هذه الحالة وصل المسلمون إلى هذه الحالة أيضاً؛ لهذا قد يكون كحالة مما يمكن أن تكون من ماذا؟ من آثار الصراع الطائفي الذي من أسبابه تقزيم الدين وتأطيره في أطر قومية، ومن أسبابه الرئيسية الإعراض عن الطريقة التي رسمها الله سبحانه وتعالى بحيث لا يحصل أي خلاف من هذا وقد تؤدي فعلاً بطرف إلى أن يمنع الطرف الآخر من مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وبالتأكيد يوجد طرف مبطل، بالتأكيد هناك طرف مبطل في القضية في منعه قد يكون منعا – مثلاً – حقا وقد يكون باطلا بالتأكيد في حالات كهذه يوجد طرف عملية منعه هذه تعتبر ماذا؟ من أشد أنواع الظلم.
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}(البقرة: من الآية114) لأنه في الأخير ستأتي مفاهيم خاطئة حول كثير من شعائر الدين كل فئة مثلاً تقدم دوراً للمسجد أو سابقاً للكنيسة أو للمعبد بالشكل الذي يعتبر الطرف الآخر لم يعد يصبح له أن يعمل هذا العمل في هذا المكان أو أن يدخل هو في هذا المكان، أعني: اعتبر هذه بشكل عام من مظاهر الناس عندما ينصرفون عن هدي الله كيف يصبحون متشاجرين على الجنة ثم في الأخير متشاجرين على مساجد الله بالعنوان العام لمساجد الله بيوت الله للعبادة، قد تؤدي المسألة إلى أن يكون هناك طرف وهو في القضية هذه يعتبر موقفه من أظلم المواقف {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ}(البقرة: من الآية114) يكون به من أظلم عباد الله، من أظلم الناس.
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(البقرة:114) فبعد أن يبين دور المساجد مساجد الله وأهم مساجد الله هو المسجد الحرام، وهذه الظاهرة حصلت بالنسبة للمشركين في عملهم مع المسلمين أيضاً حصلت بالنسبة لليهود من جانب آخر قد تأتي أيضاً في موضوع آخر سيأتي الحديث عن مسجد الله الذي أصبح في الأخير قبلة والذي أسسه إبراهيم، إبراهيم هو الذي أسسه والذي يحاول اليهود والنصارى أن يتنافسوا على أولويتهم به كيف انتهت المسألة بالنسبة لهم؟ أخيراً لم يعودوا يتخذونه قبلة، من أين جاءت هذه؟ أشياء كثيرة قد يكون منها ومن أبرزها موقفهم السلبي من إسماعيل وبني إسماعيل، كان إسماعيل وبنوا إسماعيل هم هؤلاء في المنطقة هذه وفي محيط المسجد الحرام ومكة، وفعلاً تجد أنه كان هناك نظرة لديهم وتعصب شديد ضد إسماعيل وبني إسماعيل، محاولة غمر لهم وتهميش لهم.
هنا عملية المنع ليس معناه المنع المطلق تماماً إنما المنع من أن يؤدى في مساجد الله الدور الذي هي من أجله بنيت وأقيمت وشرعت {أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}(البقرة: من الآية114) يذكر فيها اسمه {وَسَعَى فِي خَرَابِهَا}(البقرة: من الآية114) خرابها العبادي للهدف أو الغرض الذي من أجله شرعت، أما عندما تحرَّف المساجد ويحرََّف دور المسجد نفسه وتحاول أن تعيد للمسجد حيويته وتفهم بالدور الرئيسي للمسجد والدور الشامل للمسجد والآخرين يقولون: لماذا، أو لم يعودوا يحضرون المسجد ما يعتبر من هذا القبيل من الظلم يجب أن يفهم من البداية الدور المهم والأساسي للمسجد وبعدها نحن كلنا نقول: من منع مساجد الله أن يؤدى فيها هذا الدور الذي من أجله بنيت على هذا النحو ولهذه الغاية فهو ظالم ومن أظلم عباد الله.
إذاً هذه قد تكون خطيرة بالنسبة للناس الذين يحاولون يمنعون من يرفعون شعاراً في المساجد في وضعية نحن بحاجة إلى المساجد فيها في تقديم هذا العمل وباعتبار السيطرة الواسعة على الشوارع أصبحت الشوارع نفسها خاضعة للأحكام العرفية لحالات الطوارئ لقوانين متعددة، معك المسجد يمثل آخر معقل أول معقل وآخر معقل للمسلمين أول وآخر معقل لهم، إذا جئت تريد تخرج الشارع، الشارع مليء بالقوانين، الشارع مليء بالثغرات، أن يدخل الكثير من عملاء أمريكا في صفوف الناس فيشوهونهم، هم يرفعون شعارات معادية لأمريكا وإسرائيل فيشوهونهم بتكسير سيارات ونهب محلات وتكسير لوحات السيارات ولوحات الدكاكين وأشياء من هذه حتى يجعلوا الناس في الشارع يلعنونهم هم، تكون أنت تلعن أمريكا وإذا الناس يلعنونك.
عندنا في اليمن جعلوا الشوارع فيما يتعلق بالمظاهرات ممنوع إلا بأن تستأذن وأن تبين الشعار الذي تريده ما هو وفي نفس الوقت من أين تبدأ وأين تنتهي ومن الذي ينظم المظاهرة… هذا القانون قدم والوضعية بالنسبة لهم بالشكل الذي لا يستطيعون أن يسمحوا لنا أن نخرج الشارع وإلا فقد قلنا لهم: هاتوا لنا إذناً، ومستعدين نخرج الشارع في صنعاء، نحن شعارنا: [الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام]. أعطوا لنا ترخيصاً ونحن نخرج الشارع، لن يجرؤ أن يعمل لك ترخيصاً؛ قد قيدوا أنفسهم هم.
إذاً فما دام أنه يرى نفسه قد أحبط وخرج الشارع من يده فعلاً أصبحت الهيمنة الفعلية للأمريكي على الشارع إذا لم يعد باستطاعتك أنت وأنت وزير داخلية أو أمين عاصمة لم يعد بإمكانك حتى ولو أنت ترى أمريكا عدوة لك وتريد أن تزيلك وتزيل النظام التي أنت منه أن تسمح بشعار يرفع في الشارع، إذاً فلم تعد إلا مجرد هيكل وصورة، قد الهيمنة في الحقيقة للأمريكي، هل تستطيع أن تعطي ترخيصا أن نرفع الشعار بشكل مظاهرة كل يوم جمعة في الشارع؟ فاعطنا ترخيصا هذا شعارنا نبدأ من المكان الفلاني وننتهي في المكان الفلاني ومظاهرة سلمية على أرقى درجات السلمية، فقط أسلمونا المشاغبين من داخلكم، أي: حاولوا تؤمنونها أن لا يكون هناك من يخترقها من المخابرات الأمريكية وعملاء أمريكيين يحاولون يشوهونها. لكنه لم يعد يجرؤ.
نحن نقول: نتحدى ونطلب من وزير الداخلية أو من أمين العاصمة يعطينا ترخيص بأن تأتي مظاهرات كل جمعة لهؤلاء الناس يرفعون فيها الشعار هذا؛ لأنه لا بد في إعطاء الترخيص أن يعرف ما هو الشعار، قد خدعوهم الأمريكيون أو ناس لهم علاقة بالأمريكيين وتحت عنوان: [تنظيم مظاهرات] يكون بالشكل الذي يمنع ويحول دون مظاهرات مضادة ومعادية لأمريكا وإسرائيل، عندما يمنعون الناس أن يرفعوا شعاراً هو الذي ينسجم مع شرط رئيسي ذكره الله في الآية {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ}(التوبة: من الآية18) أخبرني ما هي النقطة الآن في المساجد الذي يمثل عمارها فيها وبإقامتها قول الله تعالى: {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ}(التوبة: من الآية18) الآن بالنسبة لما هم عليه في المساجد هو يعرف يمكن أن يصلي ويؤذن ويخطب يحاول يؤقلمها كلها بالشكل الذي يظهر أنه يخشى غير الله فقدم الصلاة ميتة وقدم الأذان ميتا والخطبة ميتة والجمعة ميتة والناس يخرجون من عنده أموات بمعنى كما قال الله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}(الأنعام: من الآية122) يخرج من عندهم إلى ظلام ميتين لا يوجد معهم نور يمشون به في الحياة هذه وفي وسط البشر بشكل عام.
إذاً معنى هذه بأن المساجد من دورها أو شيء قد يكون فيها بالشكل الذي قد يكون فيه إثارة لآخرين، فيجب أن يكون عمارها ممن لا يخشون إلا الله؛ لأن منبر المسجد مهم جداً منبر المسجد يجب أن يكون بيد من لا يخشون إلا الله؛ لأنه هو الذي يستطيع أن يوجه الناس ويعطيهم نوراً يمشون به في الناس، أما إذا كان منبرا عليه هيمنة معينة، الخطيب يخشى، أصحاب الصف الأول والذين هم ملازمون للمسجد يخشون، الذي بنى المسجد يخشى في الأخير يقولون للخطيب: اسكت، ويقولون لإمام المسجد: اسكت، وإذا ما جاء الأمريكي لا تقروا آيات جهاد ولا تقروا آيات حول بني إسرائيل! سيقولون: مستعدون، اسكت، اسكت.. ويصبح في الأخير المسجد مسجدا أمريكيا، يصبح في الأخير ساحة لمن يخشون غير الله والله يريد منه أن يكون بالشكل الذي يكون عماره، ومن يخطبون فيه ومن يؤمون الناس فيه ومن يأذن يكونون ممن لا يخشى إلا الله.
لأنه سيصبح المسجد هاما جداً؛ لأنه أين يمكن أن تتحرك؟ هل المدرسة بيدك؟ هل الشارع بيدك؟ هل الإدارات الحكومية بيدك؟ هل لجنة المناهج بيدك؟ لا. معك المسجد لأن الله قد سماها بيوتا له مساجد الله ليست مساجد أحد هي مساجده هو يجب أن ينطلق منها نوره هو وبالتأكيد والشيء الطبيعي بأن ما يحصل في المساجد على أصلها وعلى دورها الحقيقي أن يكون بالشكل الذي يثير الآخرين، يثير أعداء الله، شيء مؤكد.
فإن كان العمار بالشكل الذي يخافون من الآخرين جعلوها لا شيء، وإن كانوا بالشكل الذي لا يخشون إلا الله جعلوا منها منابر نور وجعلوا منها أماكن تصنع عند الناس حرية وتعطي الناس هدى وتعطيهم حركة فيكون معناها ميدان نزول هدي الله وربطها الله به كما ربط الكعبة به وسماها هناك جعلها بيتا له وجعل لها دوراً معيناً على مستوى الناس جميعاً على مستوى البشر جميعاً عباده الموحدين جميعاً المسجد جعله له {مَسَاجِدَ اللَّهِ}(البقرة: من الآية114).
إذاً عندما يأتي عمل معين يكون بالشكل الذي يثير آخرين ويتجلى خشية لغير الله داخل المساجد في الأخير يتضح لك أن كثيراً منها بني لغير الله ما بناه لله؛ لأنك عندما تبنيه لله تحاول وتعمل على أن يكون يقدم منه نور الله بالشكل الكامل. يأتي تاجر من التجار يبني مسجداً ثم يقول: يكفي سيؤاخذونني سيؤثر على مصالحي.. لكن أنت، أنت بنيته باسم لله وعملت له حزاماً وآيات قرآنية فيه ومنارة والله أكبر وأن المساجد لله بعضها أيضاً يكتبون فيها {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}(الجـن: من الآية18) دورك أنك بنيت المسجد لله عندما يقولون: لماذا؟ قل: أنا لم يعد لي أي تدخل، أنا بنيته لله هو لله يقدم منه دين الله.
فإذاً هي قضية هامة فهم دور المسجد على أساس الآية هذه: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ}(التوبة: من الآية18) هذه صفة هامة تجعل للصلاة وللأذان وللخطبة حيوية تقدم على أصلها ويكون لها فاعليتها ويكون لها أثرها. إذاً فهم الجديرون بأن يمنعوا من مساجد الله عندما قال الله هنا: {أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ}(البقرة: من الآية114) الجديرون بأن يمنعوا من المساجد هم الذين يحولون دون أن يذكر فيها اسمه، وهذا عنوان عام وعنوان واسع أن يذكر فيها اسمه {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} مسألة ذكر اسمه ليس فقط مجرد أن أحد يقول: الله أكبر، وإنما: الله أكبر بفاعلية فعلاً.
ولهذا انظر الفارق أليسوا يقولون: الله أكبر المصلون؟ عندما يقول الشباب: [الله أكبر..] هل يوجد زيادة على ما يقولونه هم: الله أكبر؟ فلماذا ينطلقون بقوة عليهم ويمسكونهم ويسجنونهم؟ هذه مواقف تنطلق من إعطاء النفس حيوية على أساس إعطاء ماذا؟ ذكر الله حيوية، الله أكبر هذه معناها هام جداً جداً يعني إذا كنت فعلاً اعرف معنى اسم الله الذي أذكره به فهو يعطيني انطلاقة هامة لا أخشى غيره، فعندما أقول: [الله أكبر] هو أكبر من أمريكا وأكبر من إسرائيل أكبر من أي طرف آخر، إذاً فأنطلق لأرفع شعاراً ضدهم وأقول: الموت لهم [الموت لأمريكا الموت لإسرائيل]، ما هذه من قيمة ذكر الله بمعناه الحقيقي، أي إعطاء ذكره إعطاء اسمه فاعلية، والتعامل معها بإيجابية بحيوية، وإلا فهناك كثير من الناس من يقولون: {آمنا} هكذا مجرد الكلام {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}(الزخرف: من الآية87) مجرد الكلام لا يكفي لوحده، لا بد أن يكون بالشكل الذي يعطي فاعلية يعطي أثرا منسجما مع مضمون الإسم الإلهي: [الله أكبر] التي هي من أبرز الكلام في المسجد يدعى بها إلى الصلاة.. الله أكبر الله أكبر في أول الأذان، وتفتتح بها الصلاة، وتتكرر داخل الصلاة، مضمون هذا الإسم يجب أن يكون بالشكل الذي إذا أنت ترفعه إذا أنت ترفعه وتعمل على رفعه فيجب أن يكون بالشكل الذي يترك مضمونه أثراً لديك يتمثل في مواقف تنطلق فيها وإلا فسيبقى مجرد كلام مثل كلمة المشركين: [الله] {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}(الزخرف: من الآية87) لكن هل انطلقوا على مضمون هذه ليوحدوه ويتركوا الآلهة الأخرى؟ لا.
{أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(البقرة: من الآية114) وقد يكونون فعلاً من يسمحون لأنفسهم إلى أنه لكونه يخشى غير الله يصبح خوَّافاً دائماً، عندما يأتي يقدم خطبة ينتبه لا يقول كلمة يمكن تثير الآخرين يكون هو خائفاً باستمرار خائفاً وينبغي أن لا يدخلوها إلا خائفين {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ}(البقرة: من الآية114) وهذه حالة خطيرة جداً؛ ولهذا في بعض الروايات إنه قال: ((في آخر الزمان يكون عمار المساجد وفقهاء الأمة من شرار عباد الله)). رواية عن الإمام علي؛ لأنه في الأخير يظهر لك منهم أنهم يجعلون المساجد أمريكية أعني: يخشون غير الله فيها وهو يقول: عمارها يجب أن يكونوا ممن لا يخشون إلا الله، وهذه القضية ليست سهلة في الأخير يترتب عليها عملياً مواقف كثيرة إذا كانوا يخشون غير الله سيؤقلم الخطبة على ما يريد غير الله، الصلاة على ما يريد غير الله، تقديم القرآن على ما يريد غير الله، تعليم الناس من فوق المنبر على ما يريد غير الله وهكذا، وفي الأخير وإذا بالقضية تطلع خطيرة؛ لأنه تصبح في الأخير الصلاة ذهنيته وهو يصلي يؤم الناس، ذهنيته وهو يخطب وهو يعلِّم كلها تكون نابعة من أن يؤقلم الموضوع مع الطرف الآخر الذي يخشى منه، أي تصبح الصلاة في الأخير لغير الله، الأذان لغير الله، المسجد لغير الله بكله؛ لأنها عبارة هامة: {مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} مساجد الله {أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}، لا يمكن تبقى مساجد لله إلا إذا كان عمارها ممن لا يخشون غير الله، هذه قضية أكيدة، لن تبقى المساجد لله ويرفع فيها اسمه إلا إذا كان عمارها ممن لا يخشون إلا الله.
فهي قضية تبدو خطيرة وقضية تبدو واقعية عندما يقول عنهم: إنهم سيكونون من شرار عباد الله؛ لأنك لاحظ أليست الأمة الآن في مواجهة أشر أعداء الله؟ أليست المساجد من أهم المنابر للدفع بالناس إلى مواجهة هؤلاء الذين هم أشر أعداء الله وأعداء دينه وأعداء عباده؟ إذاً عندما يصبح عمارها يحولون دون هذا العمل الذي هو ماذا؟ عندما يعطلون دورها لكونهم يخشون من هو أشر خلق الله يطلعون فعلاً من شرار خلق الله أو أشر خلق الله حقيقة، عندما يقول: في آخر الزمان آخر الزمان توافق مع ماذا؟ مع بروز أشر خلق الله، ومن يحولون دون عمل هو في مواجهة أشر خلق الله يعتبرون هم من شرار خلق الله.
تناول في العبارة هذه الفقهاء وعمار المساجد يعني المتعلمين أو العلماء وعمار المساجد، وإلا قد يكون مثلاً في تاريخ الأمة المساجد فعلاً حرفت لكن ما هو اختصاص آخر الزمان، آخر الزمان أليس هذا هو الزمن الوحيد الذي برز فيه اليهود على أعلى مستوى وأصبحوا هم يتحكمون ويسيِّرون الدول الكبرى؟ إذاً برز شرار عباد الله أو أشر أعداء الله.
المساجد لها دور هام جداً في مسألة تقديم دين الله وحث الناس على أن يتحركوا في سبيل الله وتبصير الناس وتذكيرهم بمسؤوليتهم في مواجهة أعداء الله وتذكيرهم بأن دينهم يمثل حلاً يلجئون إليه ويتمسكون به، ما هو المسجد؟ هو المسجد الذي يلتقي فيه الناس تلقائياً ومربوط بعبادات يسير الناس إليها، فعندما يقفل هذا المجال فهو يعني ماذا؟ قضية خطيرة ترى الشارع مملوكا والمدرسة مملوكة والساحة مملوكة ووسائل الإعلام مملوكة والصحف مراقبة ومؤسسات الدولة كذلك مملوكة كل شيء مملوك، لم يبق إلا المسجد الذي هو لله، فيجب أن يبقى لله.
إذاً لم تعد هذه المنابر لله بسبب من؟ من أين ظهر؟ من قبل عمََّارها يؤكد لك بأن هذا الحديث فعلاً في وقته وأنهم فعلاً من أشر خلق الله ومن أشر عباد الله؛ لأنهم يحولون دون أن تكون المساجد منابر ينطلق الناس منها لتبصير بعضهم بعض بمسؤوليتهم أمام الله ليواجهون شر وأشر أعدائه وهم اليهود؛ لأن أعداء الله هم يتفاوتون في الشر وفي الخبث يتفاوتون أناس أشر من ناس وناس أكفر من ناس وناس أخبث من ناس، ألم يقل عنهم: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ}(البقرة: من الآية90) وقال في آية أخرى: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً}(النساء: من الآية151) وهكذا تجد أنه كفرهم مركز، الغضب عليهم الشر عندهم كلها مركزة تركيز، أعني هي مضاعف قمة الشر قمة الخبث قمة العداوة.
لهذا يقول عنهم: إنهم يودون أن يردوا الناس كفاراً، وهم يعرفون ماذا يعني كافر بالله، أليس معناه عداوة ظاهرة لله سبحانه وتعالى؟ وإلاََّ فالمفروض أنهم يفرحون أن العرب هؤلاء تحولوا من عبادة أصنام إلى عبادة الله، فأصبحوا يوحدون الله وهم يدَّعون لأنفسهم بأنهم موحدون لله، أليس المفروض أنهم يفرحون؟ لكن لا، ليكونوا كفاراً بالله وكفاراً بدين الله ما هو معنى هذا؟ عداوة لله سبحانه وتعالى هو يعني هذا أنهم يودون أن يكون الناس كافرين بالله، ولا يكونون موحدين بالله ما دام القضية ليست على هواهم وعلى ما يريدون هم.
إلى هنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله.
[الله أكبر / الموت لأمريكا/ الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود/ النصر للإسلام]
التعليقات مغلقة.