saadahnews

سورةآل عمرآن الدرس الرابع عشــــر

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

اللهم اهدنا وتقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

ينبغي أن يكون كل واحد منا يفتح ذهنه بالنسبة للماضي من الآيات التي قد سمعنا لا يعتبر أن كل آيات يكون لها موضوع مستقل عما قبلها، هو سياق واحد كله، ففي الآيات السابقة سواء ما سمعناه في [سورة البقرة] أو في [سورة آل عمران] تركز بشكل كبير على موضوع التسليم لله سبحانه وتعالى. هذه هي لب القضية، أساس الدين: التسليم لله. أن يكون الإنسان موطناً نفسه فعلاً أن يكون مسلماً لله ومطيعاً لله. وقد جاء في القرآن الكريم، حشد حشداً هائلاً جداً مما هو من قصص الماضين ما يتجلى من خلاله أهمية التسليم أو خطورة عدم التسليم كما سيأتي بعد من خلال الآيات التي تناولت الحديث عن معركة بدر، وعن معركة أحد كيف كان خطورة عدم التسليم خطورة كبيرة؛ لأن التسليم لله سبحانه وتعالى إضافة إلى كونه حالة نفسية عند الإنسان هو حالة أيضاً في الواقع يتجلى من خلال طاعة واتباع وانقياد وتوجه وفق ما أمر الله سبحانه وتعالى ورسوله.

هنا في موضوع الإنفاق أول الآيات التي سمعناها: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}(آل عمران: من الآية 92) بعد الحديث الكثير والتشجيع الكبير على الإنفاق نبه الناس بأنه كما قال سابقاً: {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ}(البقرة: من الآية 272) أليس هو هكذا..؟ إذاً فـ{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، ما ينبغي للإنسان يبحث عن الشيء الذي لم يعد يعجبه ولم يعد يريده وليس له قيمة عنده وينفقه.. يأتي التوجيه على هذا النحو بعد الكلام الكثير حول أهمية الإنفاق والتشجيع الكبير على الإنفاق من خلال مضاعفة الأجر ومن خلال الوعد بأنه سيخلف، يعني: هذا باعتباره كأسلوب بأن يقال للناس بأنه يجب أو ينبغي أن تنفقوا مما تحبون.

لو تأتي وتقول لإنسان من البداية: انفق مما تحب، قد تكون قضية فيها ثقل على نفسه لكن بعد حديث كثير وواسع على أهمية الإنفاق وأثره والوعود العظيمة بمضاعفة الأجر وبأنه سيخلف على من أنفقوا كان مناسباً جداً أن يأتي بالتوجيه حول أنه {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}(آل عمران الآية: 92) الله يعلم مثلاً بالشيء الذي تنفقه لا يمكن مغالطة في الموضوع، أن تقول هو مما أحب وهو في الواقع ليس مما تحب، ولأنه الشيء الطبيعي بالنسبة للإنسان الذي يعرف أهمية الإنفاق وهذه الفضيلة العظيمة هو أن لا يتراجع عن أن ينفق مما يحب، ومما يحب ليست تعني: أحب ما لديك، مما هو محبوب لديك {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}(البقرة من الآية 267) إذا ما قبلته أنت إلا على تغاضي.

هذا توجيه هام بالنسبة للإنسان المؤمن الذي يريد من خلال ما ينفق أن ينال البر وأنه ينفق ابتغاء وجه الله ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى.

في آية هنا أيضاً لها علاقة بموضوع بني إسرائيل قول الله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(آل عمران: الآية 93) يبين بأنه حصل فيما بعد تحريم على بني إسرائيل لأشياء هي مما كانت حلالاً سابقاً كعقوبة عليهم. يبين هنا كيف كان التعامل من جهة بني إسرائيل مع التوراة وهذه فيها ما يكشف بأنهم كانوا يخفون التوراة وينطلقون هم بديلاً عن التوراة، ما يقدمونه هم، ما يفسرونه هم، ما يكتبونه هم؛ لهذا قال: {قل فأتوا بالتوراة}(آل عمران من الآية: 93) هاتوها، أليست هذه فيها – مثلما تقول – أشبه شيء بتحدي؟ هاتوا التوراة {فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(آل عمران من الآية: 93) فيذكرون محرمات معينة حول موضوع محرمات وما محرمات دعاوى هي مخالفة للواقع ومخالفة لما هو في التوراة مكتوب. إذاً فهي كانت قضية ثابتة لديهم أو تعامل قائم لديهم: إخفاء التوراة، كما قال الله عنهم في آية أخرى: {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً}(الأنعام من الآية: 91) وتخفون كثيراً لهذا لا نعرف الآن أن هناك التوراة ما تزال موجودة ما نعرفه من خلال ما يسمونه: [العهد القديم] تجد أنه ليس التوراة.

يوجد داخله مما يمكن أن يكون من التوراة، أما أن يكون هو التوراة التي أنزلت على موسى هذا غير صحيح ولهذا يغلط البعض عندما يتحدث عن كتب [العهد القديم] ويسميها التوراة، من كُتَّاب مسلمين، أو بعض العلماء المسلمين أنفسهم يقولون: التوراة، والتوراة. لا، هذه كتب ثانية يسمونها: [كتب العهد القديم] على أساس أن مجموعة منها هي التوراة والباقي كتب أخرى مما أنزلت على أنبياء آخرين مجموعة، عدد كبير لكن كلها فيها لعبة، كلها فيها لعبة مكشوفة، بل داخلها نصوص فعلاً من بعض أنبيائهم يصرحون فيها وهم يخاطبونهم بأنهم يحرفون، بأنهم يحرفون الكتب، يعني: شهادة من داخل الكتب على بني إسرائيل من بعض أنبيائهم لا أذكر بالتحديد من هو، أنهم يحرفون الكتب وأن أقلام الكتبة حرفت كتب الله.

فيمكن في مثل هذه {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ}(آل عمران من الآية: 93) فيما إذا كان لا يزال هناك بقايا نسخ نادرة أو فيما هو داخل الحاصل لديهم ما يزال هناك نصوص قد تكون في قضية معينة ما تزال قائمة فيها نصوص تشهد على كذبهم فيما يقدمونه لكن ربما قد يكون الأظهر بأنه التوراة بهذا الإسم، بهذا الإسم إنما تطلق على كتاب الله الذي نزله دون زيادة ولا نقصان لا يعد ممكناً أن يسمي كتباً كتبوها من عندهم وحرفوا فيها أن يسميها التوراة!!.

إذاً فيما نعرف الآن لا يوجد توراة. يوجد كتب عهد قديم ليست هي التوراة، فيها فقرات من التوراة فقط فربما في ذلك العصر أن يكون عند بعض منهم من التوراة، خاصة وأن اليهود الذين كانوا في الجزيرة كانوا بمنأى عن كثير من الهجوم الذي كان يحصل على بني إسرائيل هناك في بلاد الشام، في فلسطين كان يأتي هجوم عليهم، أعني: في حالات كثيرة أحياناً من قِبل البابليين وأحياناً من قِبل المصريين، وأحياناً من قبل الفلسطينيين الذين هم الآن اسمهم الفلسطينيون، ربما تعاملوا مع التوراة على هذه الطريقة: إخفاء، إخفاء حتى ضاعت، ولهذا يحتمل أنه قد يكون هناك نسخ نادرة من التوراة موجودة في ذلك العصر مع اليهود الذين في الجزيرة الذين كانوا بمنأى عن ما كان يحصل من حروب ونهب، وكان يأتي أحياناً إحراق لكتبهم على أيدي البابليين أو المصريين.

وممكن أيضاً في ما يتعلق بالآية هذه أن يكون فيها ما يفضحهم بأنه لم يعد هناك شيء توراة {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(آل عمران من الآية: 93) أنه يوجد توراة، وما يزال عندكم التوراة، وأشياء من هذه. وهذا محتمل أيضاً فيكون الواقع إن ما هناك شيء في الصورة، لا يوجد شيء مما يبدونها هي نفس التوراة. إما لأنها قد أصبحت مفقودة تماماً ويكون في هذا ما يفضحهم، أو يكونوا متكتمين عليها، نادرة ومتكتمين عليها تماماً ففيها فضيحة لهم بأي اعتبار من الإعتبارات هذه.

{فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(آل عمران: الآية 94- 95) ما أخبر الله به هو الصدق هو قال: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ}(آل عمران: من الآية 93) أليس هذا من جهة الله؟! عندما يقولون كلاماً آخر هنا أرشد إلى أن يوقفهم على ما يبين كذبهم {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(آل عمران: من الآية 93) فإذا لم يأتوا بشيء، قل: صدق الله. فُضِحوا فعلاً. ثبت بأنه لو كان عندهم ما يشهد من التوراة نفسها على صحة ما قالوه هم في موضوع حول ما كان محرماً وما كان حلالاً من طعام على إسرائيل أومن بعد إسرائيل أنه ماذا؟ لجاؤا بالتوراة.. لأبدوها.

في نفس الوقت يقول لهم: {فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(آل عمران: من الآية 95) قد تبين بأن ما عندكم صدق عندكم دعاوى لا برهان عليها من كتب الله من التوراة!. إذاً فاتركوا الطريقة هذه، والتشبث بالكذب والتشبث بالتحريف والخرافات وعودوا إلى دين الله الذي هو ملة إبراهيم. يعني فيها استغلال أن يدعوهم، استغلال فرصة.. هذه قضية عملية ففي الوقت الذي ترى طرفاً أخر مثلاً بهت كما قال الله بالنسبة لخصم إبراهيم {فَبَهُتَ} يعني: تجلا، تجلا كذبه، تجلا خطؤه تجلا ضلاله حاول أن تستغل في نفس الوقت، أن تدعوه، قل: أذاً فارجع إلى الصواب، ارجع إلى كذا.

{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: الآية 96). هذا أيضاً شيء آخر فيما يتعلق بالبيت الحرام والحج تجد كيف هو؟ يتجزأ الحديث عنه داخل الآيات التي تتحدث عن بني إسرائيل وتتحدث عن الجهاد والإنفاق وعن دور هذه الأمة، وتحدث عنها، أعني ذكرها كثيراً في خلال آيات كثيرة تحدثت عن بني إسرائيل وعن الجهاد في [سورة البقرة] في أكثر من موضع وهنا في [سورة آل عمران].

{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: الآية 96) قد يكون لدى اليهود دعاوى أخرى مثلاً بالنسبة لشيء يتعلق بالقدس أو بيوت عبادة في القدس أو غيره… يبين أول بيت وضع للناس ليكون قبلة للناس ليكون له الدور الذي أراد الله أن يكون له كما ذكره في أكثر من آية هو ذلك البيت الذي ببكة.. بكة كأنها اسم نفس الموقع الذي فيه البيت الحرام، الذي فيه الكعبة، أعني: وكأنه اسم لذلك الموقع من مكة، بكة {مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: من الآية 96) فيه بركة. ومن بركته أنه يترك أثراً في النفس عندما تشاهد البيت الحرام.. عندما يصل الواحد إلى داخل المسجد ويطل على الكعبة تجد حالة أخرى بالنسبة لنفسيتك ومشاعرك. أجواء دينية تلمس وكأنك في وضعية قريب من الله.. أعني: لا يستطيع الإنسان أن يعبر عن الحالة التي تعتريه أثناء مشاهدته للكعبة {وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: من الآية 96) من خلال المهام التي لهذا البيت التي ذكرها في أكثر من آية.

{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ}(البقرة: من الآية 125) أليست هذه واحدة {وَأَمْناً}(البقرة: من الآية 125) فمجموع ماله من أثر هذا البيت يشمله كلمة: {وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: من الآية 96) {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}(آل عمران: من الآية 97) لاحظ هنا الإنسجام الكامل بين دور البيت الحرام ودور القرآن الكريم ودور الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) هذه كلها {هُدىً لِلْعَالَمِينَ} وفي القرآن يقول أيضاً أنه للناس، للناس، والناس تعني: للعالمين جميعاً، البشر، كذلك يقول عن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أنه أرسله رحمة للعالمين.

ربما قد يكون هناك أشياء أخرى من الناحية العلمية لا نعرفها مما يمكن أن يكون للبيت أثر فيه تعطي هدىً فيه سواء فيما يتعلق بأشياء جغرافية أو ما يتعلق بأشياء علمية أخرى قد يكون للبيت أثر فيها. مما يقال أن موضع البيت الحرام هو يمثل نصف المعمورة تماماً النقطة التي تعتبر قلب المعمورة قلب الكرة الأرضية وبالذات قد يكون المعمورة منها. ربما لو كانت المسألة فيما يتعلق بما يسمى: بـ[خطوط الطول والعرض] بالنسبة للكرة الأرضية لو كانت المسألة تمت على أيدي المسلمين لربما كان موقع الكعبة موقع البيت الحرام هو نقطة البداية بدل أن يعملوا [قرنتش] هذه المنطقة حول لندن، قد تكون الكعبة نفسها كانت هي المكان الذي يصلح أن يكون بداية لرسم خطوط الطول والعرض، لكن الآخرين هم الذين تولوا كل شيء في الأخير.

كلمة {وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: من الآية 96) كما يقول الله عن القرآن الكريم هدى قد تكون تهدي لأشياء كثيرة كثيرة مما قد تجلى للناس ومما يمكن أن يتجلى ولو لم يكن إلا مثل ما يذكر البعض من المؤرخين بأنه ملحوظ بالنسبة لموقع البيت الحرام ومكة بشكل عام على الرغم من أنه يبدوا مكاناً ضيقاً ومكاناً الجبال محيطة به وادي ضيق لكن يستوعب كل من يفدون إليه فليكونوا كمَّا كانوا. إذاً ما هذا فيه آية من آيات الله؟ آية من آيات الله ملحوظة هذه، لاحظ حتى على الرغم من مضايقة السعوديين لمساحات مكة يستغلونها في بنايات شاهقة ويؤجرونها بأغلى الأثمان ما تزال تتسع ملايين، ملايين الناس تتسع لهم مكة وتتسع لهم تلك المشاعر وما تزال ترى أنه يوجد مجال!.

كلمة: {وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: من الآية 96) تبدوا مسألة واسعة واسعة ليست فقط مثل ما يقولون: هدىً للمسلمين مثلاً أو هدى لسكان الجزيرة أو.. {لِلْعَالَمِينَ} بالعبارة هذه، بل ربما قد تتجاوز العبارة هذه تتجاوز عالم البشر، عوالم أخرى. ومن أغرب ما ذكره صاحب [تاريخ الحرمين] (دحلان) يحكي قصة بأنه ناس شاهدوا في وقت لم يكن يوجد عند الكعبة ناس في زمان قديم شاهدوا جملاً يتجه إلى الكعبة حاولوا يمنعونه ما رضي ويتجه ويطوف أربعة عشر شوطاً حول الكعبة ثم يقف عند مقام إبراهيم عند الملتزم الذي يسمونه قريب من الملتزم ورأوه ودموعه تسيل يبكي ثم سقط ومات، وكانوا يشاهدون أيضاً [ضِباً] من تلك الغزلان في وقت لا يوجد أحد يعني يكون الناس قليلاً جداً تدخل إلى هناك إلى عند الكعبة وتحاول تتحيَّن فرصة إلى أن تدخل إلى عند الكعبة الغزلان هذه.

{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}(آل عمران: من الآية 97) مقام إبراهيم ما يزال واضحاً وعندما يقول: {فِيهِ} أي يبدوا أن كان المكان اللائق بالنسبة لمقام إبراهيم أن يكون ملتصقاً بالكعبة لأنه قالوا فعلاً كانت تلك الحجر التي فيها أثر لأقدامه أنها حجر كان مثلما تقول: [سقالة] مثلما يقولون الآن – عندنا – يطلع من فوقها وهو يبني، يبني من فوقها يستعملها فظهر فيها آثار أقدامه وهو يستعمل نفس هذه الحجر لكن فصلوها لأنه عندما يقول: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ}(آل عمران: من الآية 97) أليس هو يتحدث عن البيت؟.

{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}(آل عمران: الآية 96- 97) هنا ذكر فيما يتعلق بكان آمناً {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} وفي آية أخرى أيضاً يذكر بأنه: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً}(البقرة: من الآية 125) بمعنى من يلوذ بالبيت من يكون بجوار البيت يعتبر آمناً لا أحد على الإطلاق يتعدى عليه مهما كان بينه وبينه من عداوة. تجد هذه القضية يتجلى فيها رحمة الله سبحانه وتعالى أن يكون هناك أماكن آمنة للناس وأن تكون تلك المواقع آمنة ما تزال في نفس الوقت يمكن أن تكون مواقع تجارية يمكن للناس أن يذهبوا إليها فيأخذوا أغراضهم ويأخذوا كل حاجياتهم، يجعل أماكن آمنة ويجعل أزمنة آمنة، ألم يجعل الأشهر الحرم أربعة أشهر في السنة يجعلها لا يجوز القتال فيها إلا في ظروف أن يحصل اعتداء من طرف ممن لا يراعون أي شيء من حرمات الله؟ إذاً هنا أزمنة يكون فيها أمن وأماكن يكون فيها أمن؛ لأن البشر بحاجة إلى هذا بحيث لا يكون هناك صراع بينهم لا ينتهي صراع لا ينتهي ولا له حد لا باعتبار زمن ولا باعتبار موقع، أن يكون هناك بالنسبة للأمكنة وبالنسبة للأزمنة يجعلها أزمنة آمنة ومكاناً آمناً.

{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}(آل عمران: من الآية 97) يجعله حقاً له سبحانه وتعالى ولله على الناس حج هذا البيت وجعل هذا البيت مباركاً وهدى للعالمين ومثابة للناس وأمناً، حج البيت الحج المعروف ثم أيضاً العمرة التي تعتبر مفتوحة في باقي السنة {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ}(آل عمران: من الآية 97) عندما يكون مستطيعاً للحج إلى البيت، أذكر أن بعض الأئمة يقول: بأنه حتى إذا لم يكن الإنسان مستطيعاً أن يحج وقد يكون مستطيعاً أن يعتمر فليعتمر لأنه ماذا؟ ما يزال يصدق عليه حَج البيت أو حِج البيت بالمعنى المصدري أي قصد البيت لكن هناك الحج الحج الرسمي الذي هو ماذا؟ أشهر معلومات وأيضاً أيام معدودات هذه الفريضة كحج لكن أنت قد لا تستطيع باعتبار ظروفك المادية أن تحج باعتبار ظروفك المادية فإنه إذا اتيح لك فرصة أن تعتمر فلتعتمر، العبارة هنا فيها عموم أو شمول أكثر من كلمة الحج في آيات أخرى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوْمَاتٌ}(البقرة: من الآية 197) أليست هكذا؟ الحج قد أصبحت كلمة حج يعنى فريضة معينة معروفة مناسك معينة ومشاعر معينة هذا يقال له {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوْمَاتٌ} هذا فريضة.

كلمة: حِج البيت قد تكون أوسع من كلمة الحج في الآيات الأخرى ولهذا قلت أنه فيما أعرف أن بعض الأئمة كان يقول بأنه فليعتمر إذا لم يكن مستطيعاً – مثلاً – أن يحج وتهيأ له أن يعتمر فليعتمر ومتى ما استطاع، متى ما استطاع بما تعنيه كلمة: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} من استطاع إليه سبيلاً فليحج ولو قد اعتمر، كلمة من استطاع هي دون كلمة: من أطاق، يعني: يتمكن أن يحج باستطاعة، يعني: بوسع يستطيع بوسع هي ممكن، الإنسان قد يحج لكن بصعوبة بالغة فما يعتبر واجباً بالنسبة له هو إلا عندما يكون مستطيعاً كلمة: مستطيع هي دون كلمة يطيق، أي: أنك ممكن تحج بوسع، يعني: ليس فيه إرهاق لك، إرهاق شديد من الناحية المادية والبدنية.

يوجد تأكيد بالنسبة للحج كبير من رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وترغيب كبير في موضوع الحج وفي وصية الإمام علي يوصي أولاده بأن لا يخلوا البيت الحرام أن لا يخلوا منهم بالنسبة لذريته أن لا يخلوا منهم وجاء فيها بعبارة ((فإنه إن ترك لم تناظروا)) يعني: كأنه وراءها عقوبة.

{وَمَنْ كَفَرَ}(آل عمران: من الآية 97) رفض مع أن الله سبحانه وتعالى ما جعلها فريضة مثلاً فوق ما يستطيع الإنسان يعتبر رافضاً {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} هو غني ليس بحاجة إلى أحد، كلمة: غني هي اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى، وتأتي في القرآن كثير في مقامات كثيرة وهي أيضاً ينبني عليها أشياء كثيرة يعني هي في الأخير توجد خوف عند الناس، أن يعرف الناس أنه إذا لم يستجيبوا فالله هو غني عنهم ممكن يهيء غيرهم، أعني مظاهرها كثيرة مثلما يقول: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ}(محمد: من الآية 38) {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}(المائدة: من الآية 54) هو غني بمعنى أنها فرصة للناس هم، ما معناه بأنهم سيلبون حاجة لله سبحانه وتعالى هو محتاج إليها، أبداً، إنَّ كل هداه لهم وكله فضل لهم وكله خير لهم أما هو فهو غني، هذه نفسها مما تجعل الإنسان دائم الخوف من الله والخضوع لله مهما كان ليعرف بأنه ليس في موقع يمكن أن يكون له منَّة على الله على الإطلاق، هو غني عنه، بل تعتبر بأنها منَّة من الله عليك أن هداك {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ}(الحجرات: من الآية 17).

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ}(آل عمران: الآية 98) لاحظ هنا الكلام عن بني إسرائيل قبل الكلام عن الحج وبعده، قبل الكلام عن البيت وبعده، وهنا توثيق للموقع أليس توثيقاً هنا؟ يعني: هذه تشعر مثلما كان هناك توثيق للزمان زمن الفريضة الحج {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}(البقرة: من الآية 197) ويذكر هناك أياماً معدودات {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}(البقرة: من الآية 203) وهنا توثيق للموقع نفسه، يعني لو جاء شيء مثلاً يضرب هذا البيت القائم يمكن إعادة بنائه لكن في نفس الموقع لا يقبل أي اقتراحات أخرى ما تقبل أي اقتراحات أخرى بأنه ممكن نعطي لكل شعب بيت مثلما قالوا: إنها فكرة حصلت عند [أبرهة] يريد يعمل للعرب هنا في صنعاء بيتاً أو يريد يحجون إلى الكنيسة. وفي أيام بني أمية في أيام عبد الملك بن مروان حاول أن يحج الناس إلى الصخرة التي هناك، وقالوا عمل مسجداً عليها أو قبة وقال يحجون هناك إلى الشام.

ومعنى هذا بأنه هذا الموقع وهذا البيت الحج والبيت هو محط مؤامرة من قبل بني إسرائيل وفعلاً لهم موقف منها من زمان من زمان وما زالوا مستضعفين ما بالك الآن وهم في زمن قوة أنه مما صرفهم عن البيت عداوتهم لإسماعيل وبني إسماعيل كارهين لذلك الموقع كارهين له لعدة اعتبارات وبالطبع عندما يكونون مستقوين عندما يكونون يرون أنفسهم أقوياء ونافذين يتآمرون والمؤامرة قائمة فعلاً مؤامرة بني إسرائيل لا تكون فقط بشكل تدمير موقع فقط بل أيضاً يحاولون أن يكون بالشكل الذي يصرف الناس، هنا جاء توثيق للزمن وتوثيق للمكان. وفريضة أن يحج الناس إليه في أي ظرف كان أن يحجوا إليه وأن هذا البيت والحج إليه واجتماع المسلمين حوله يمثل قوة بالنسبة لهم يمثل معلم من معالم القوة بالنسبة للمسلمين.

فعندما يتجه بنوا إسرائيل إلى المؤامرة على الحج على البيت لعدة اعتبارات لديهم: كراهية لهذا البيت كراهية لمن هم مرتبطين بهذا البيت من بني إسماعيل ولإسماعيل، كراهية لأثره الهام بالنسبة للمسلمين أنه يعتبر معلماً يبرهن أن هذه ما تزال أمة واحدة ما تزال أمة واحدة.

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ}(آل عمران: الآية 98) وقد ذكر سابقاً كيف كانوا يكفرون بآيات الله ويكفرون بآيات يعلمونها وآيات يشاهدونها وكانت قصتهم عندما كفروا بآيات جاءت على يد عيسى بن مريم قضية رهيبة جداً وغريبة جداً عندما يأتي يصنع من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وهم يشاهدونه يشاهدون كل تلك الآيات وهو يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله وينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ويكفرون بهذا قال هناك: {وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}(آل عمران: من الآية 70) {لِمَ تَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}(آل عمران: من الآية70) وفي مقامات يقول: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ}(آل عمران: من الآية 71).

يبين هذا أهمية ما يسمى بمعالم تاريخية، أو تراث معين هنا مقام إبراهيم أليس مقام إبراهيم يعني حجراً كان إبراهيم يصعد من فوقها وهو يبني الكعبة؟ أثر هذا تاريخي هام له أثره من الناحية التوثيقية ومن الناحية النفسية عندما تعرف بأنه هناك ما يزال أثر من آثار إبراهيم الذي رفع قواعد هذا البيت العظيم وأثر لوحدة الدين؛ ولهذا أن الله قال في آية أخرى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً}(البقرة: من الآية 125) يحاول أن يصلي الناس عنده يتذكرون.

هنا تلحظ أنه لماذا الآخرون يحاولون يضربون كل الآثار والمعالم الإسلامية ويغيرون آثارها في نفس الوقت الذي يحاولون فيه أن يبقوا آثارهم على ما هي عليه تجد في مكة وفي المدينة كثير من الآثار غيروها هذه هي نفسها من الأشياء الرئيسية التي يتجه إليها اليهود، تغيير المعالم، أليسوا في فلسطين يصيح الفلسطينيون أن اليهود يتجهون إلى تهويد القدس، تهويد القدس يعني: ليس فقط تهويد نفوس يريد تهويد المنطقة معالم معينة يهودية ويطمس معالم إسلامية أو عربية فهي آية من آيات الله التي يعرفها بنوا إسرائيل لكنهم يكفرون بآيات الله.

{لِمَ تَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية 70) ألم يقل هناك: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ}(آل عمران: من الآية 97) لكن دائماً هم هكذا الكثير منهم موطنين أنفسهم على أنهم يكفرون بآيات الله يشاهدونها أو يعلمونها وينطلقون على ما يخططون هم من جهة أنفسهم وعلى أهوائهم {وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ}(آل عمران: من الآية 98) توحي هذه بأنه لديهم نظرة سلبية نظرة عدائية بالنسبة للبيت الحرام والآيات هذه البينات التي فيه وللحج أنهم بالشكل الذي طبيعي أن يتآمروا يحصل لديهم مؤامرة لكن الله شهيد على ما يعملون هذه فيها تهديد لهم تهديد لهم مهما تآمروا سيجعل دائرة السوء عليهم يجعل مكرهم كما قال في آية أخرى: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}(فاطر: من الآية 43).

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً}(آل عمران: من الآية 99) تبغونها: أي تطلبون أنتم كلمة بغى. يعني: هو يطلب الشيء يبغيه. يعني: يطلبه، يعمل ليجعلها عوجاء وليس فقط بأنه لن يتدخل [من أراد يؤمن آمن والذي لا يريد فهو حر] ليست بهذا الشكل {تَبْغُونَهَا}(آل عمران: من الآية 99) أي تبغون سبيل الله عوجاً أن تكون العوج بدل سبيله المستقيم {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ}(آل عمران: من الآية 99) وكان أنتم من يجب أن تؤمنوا بالله وتسيروا على صراطه المستقيم وأن تدعوا إلى سبيله بدل أن تصدوا عنها؛ لأنكم ممن أوكل إليهم أن يكونوا شهداء يعني ماذا؟ أن يعملوا ليتجلى من خلال سلوكياتهم ومواقفهم عظمة الدين عظمة دين الله. هنا يذكر بالشكل الذي يدل على أنه فيما يعود إلى مسيرتهم بشكل عام من زمان هم يصدون عن سبيل الله من آمن ويبغونها عوجاً وهم في نفس الوقت شهداء يعني: من مهمتهم عندما كانوا ورثة للكتاب وكانوا هم يمثلون الدائرة التي تعتبر شهداء على الناس أن يحرصوا هم على الإيمان بالله وبرسله وبآياته ويدعوا إلى دينه ويمثلوا دينه في معاملاتهم ومواقفهم وسلوكهم ليكونوا شهداء على الناس.

{وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}(آل عمران: من الآية 99) فما كان يظهر في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من صد عن سبيل الله ومحاولة أن تكون الطرق التي يسير الناس عليها عوجاء إنما هو امتداد لما هو سنة لديهم على طول تاريخهم.

إذاً بعد أن ذكر بأنهم هكذا يكفرون بآيات الله وأنهم يصدون عن سبيل الله من آمن ويبغونها يبغونها عوجاً اتجه لتحذير المسلمين منهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}(آل عمران: الآية 100) هنا قال تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجاً ينتج عنها الحالة هذه يحاولون في المؤمنين أن يردوهم كافرين؛ لأن السبيل المستقيم والصراط المستقيم هو الإيمان أن يبغوه عوجاً معناه ماذا؟ يردون الناس كافرين.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(آل عمران: الآية 101) هذه الآية تعني أن آيات الله {وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية 101) فيها ما يجعلكم بعيدين كل البعد عن أن تكفروا تعتبر حالة غريبة وحالة سيئة جداً أن يحصل من جانبكم كفر وأنتم تتلى عليكم آيات الله ما معنى الآية بأنه معناها ماذا؟ أن هذا لا يحصل منكم، إنما أنه فيما لو حصل منكم طاعة لهم وهم هكذا: يريدون أن يردوكم بعد إيمانكم كافرين، فإن كفركم هذا وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله تعتبر قضية كبيرة جداً وقضية غريبة جداً؛ لأن في آيات الله ما يجعل الإنسان بعيداً كل البعد عن أن يكفر عن أن يتأثر بأي تضليل أو خداع من جانب بني إسرائيل.

{وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}(آل عمران: من الآية 101) هذه الآية مما تشهد بعظمة رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) عظمته وذكائه وفطنته وفهمه ومعرفته لليهود ومعرفته للناس ومعرفته لتضليلهم وخداعهم كيف يكون وقدرته على أن يبين للناس ما يجعلهم بعيدين عن الكفر. القضية هذه نفسها شاهدة بأنه الشيئين لا بد منهما وفق السنة الإلهية: كتاب الله الذي تمثل آياته، ورسوله كعلم [كتاب وعلم] فإن كان هناك رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) ما يزال حياً وإلا فورثة الكتاب من بعده.

{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(آل عمران: من الآية 101) بعد أن ذكر هناك بأن هذه الفئة بني إسرائيل هكذا هم يسعون، تبغونها، يعني: هو يفتش ويبحث ويعمل يطلب كيف يجعل السبل عوجاء ومعناها كيف يجعل المؤمنين كافرين، هذه تحتها – مثلما تقول – قائمة من الأعمال والمؤامرات الرهيبة عندما يكونون على هذا النحو: هم يبحثون ويطلبون أن تكون السبل عوجاء، ومعنى أن تكون السبل عوجاء أن يجعلوا الناس هم عُوجاً؛ لأنه في الأخير مسألة صراط أليس الله يذكر هناك بأنه الصراط ناس الصراط المستقيم يمثل عليه استقامة ناس يتجلى في استقامة ناس، خط يستقيم عليه السائرون عليه، سيجعل الناس هم يسيرون في الطريق العوجاء يكونون معوجين هم، أليس الكفر يعتبر حالة اعوجاج بالنسبة للإيمان؟ إذاً فمعناه أنهم عندما تكون القضية مرغوبة لديهم ومطلوبة لديهم ويتآمرون مؤامرات كثيرة من أجل أن يصلوا بالناس إلى الحالة هذه: يطوعونهم ليجعلوهم كافرين أنه يجب على الناس أن يكونوا يبحثون عن أي شيء يلتجئون، إليه ولن يجدوا إلا الله أن يبحثوا عمن يلتجئوا إليه وهو الله سبحانه وتعالى يعتصمون به، كلمة: يعتصم يعني: هي توحي بخطورة في نفسها، أنتم عند حالة خطيرة لا ينجيكم منها إلا الإعتصام بالله، والإعتصام بالله العودة إليه والإهتداء بهديه هذا الذي يعصم الناس من هذه الحالة الخطيرة.

{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(آل عمران: من الآية 101) وإن الإعتصام اعتصام عملي، يعني، التجاء إلى الله ليهدينا إلى الصراط المستقيم الذي من خلاله نثبت على إيماننا ونستقيم ونعرف كيف نواجه أولئك الذين يبغوننا أن نعوج يبغون المسيرة أن تكون عوجاء وأن نكون عوجاً. فكلمة {فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(آل عمران: من الآية 101) هي توحي بماذا؟ توحي بحركة، عمل، ليس الإلتجاء هنا فقط يتمثل أو يتجسد في أن تدعو [اللهم دمرهم اللهم اهلكهم فقط]. لا. الإعتصام بالله يتمثل في ماذا؟ في الإهتداء إلى صراط مستقيم {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ}(آل عمران: من الآية 101) أي أن المسألة تقدم من البداية وكأنك أنت تستشعر الخطورة وتبحث عن جهة ترجع إليها توجهك كيف تعمل توجهك كيف تعمل وليس أن توجهها أنت لتعمل، يتجه إلى الدعاء أليس معنى هذا أنه ينطلق يقول للباري [أنت..] يوجه الله هو الذي يعمل! لا، إنك أنت تعتصم بالله تتوجه إليه لتمتنع به وليوجهك هو كيف تعمل لتهتدي إلى الصراط المستقيم.

ودائماً كلمة: [هدى] وكلمة: [ضلال] كلها توحي بمسيرة، نفس الكلمتين هذه التي هي في القرآن الكريم واسعة الإستعمال، هدى وضلال معناها: طريق، مسيرة، حركة، ما تتصور أن الأمة هكذا راكدة أو أن الحياة راكدة {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ}(الإنشقاق: الآية 6). الحياة هي حركة ومسيرة فإما أن تطلع إلى الصراط المستقيم وتمشي عليه فيقال هديت إلى كذا، عندما يقال: هديت أي: أنك أنت في طريق ماشي يوجهونك [من هنا تعال كذا] ما يقال: هدي للقاعد، ما يقال في اللغة إنما السائر مثلاً مسافر يسأل من أين؟ أنا أريد شخصاً أن يهديني إلى طريق كذا، أليس موسى قال: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}(القصص: من الآية 22) ما يقال للقاعد اهتدى أو هداه إلى كذا أبداً، يقال لمن هو في مسيره لمن هو سائر.

{وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(آل عمران: من الآية 101) ليعمل الطريقة التي تنجيه من كل مؤامراتهم وفي نفس الوقت يتفوق وليس فقط بشكل منعة بأنهم لن يصلوا إليه بل يستطيع هو مثلما جاء في مسيرة الآيات إلى آخرها أن يتغلب عليهم، أليس هذا الذي حصل في بداية الإسلام؟ ألم يضُربوا وينتهوا في بداية الإسلام؟ فعلاً. فيحصل بهذا الشيء، الإعتصام بالله منعة من تضليلهم الثقافي من محاولات احتلالهم للأوطان من محاربتهم للدين من كل ما تعنيه كلمة عوج، وهم عوج في كل شيء يقدمون ثقافة عوجاء وإعلام أعوج وكل مؤامراتهم كلها بالنسبة للناس إعوجاج.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران: الآية 102) ما هي جاءت أيضاً أثناء الحديث عن بني إسرائيل؟ أنهم {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}(آل عمران: من الآية 100) لو لم يكن إلا فريق واحد فما بالك إذا قد هم متآمرين دول وليس فقط فريق واحد هذا معناه فريق واحد يشكل خطورة كبيرة جداً فما بالك وقد أصبحت دول تتآمر وليس فقط فريق واحد فهنا تنبيه للمؤمنين تذكير لهم بأنهم يجب عليهم أن يكونوا حذرين فيتقوا الله حق تقاته ويكونوا على حذر من بني إسرائيل من أهل الكتاب.

{وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران: الآية 102) معناها ماذا؟ حالة حذر على طول حالة حذر على طول ما تعتبرها حتى مرحلة فقط معينة لاحظ الآن نحن ألسنا نبدوا في الصورة وكأننا بدأنا نتحرك من سنتين مثلاً في موضوع نتحدث عن بني إسرائيل؟ هي من قبلنا، العمل من زمان عملهم وعندما لم يتقوا الذي قبلنا لم يتقوا الله حق تقاته لاحظ كيف كان الأثر السيء لبني إسرائيل كيف كان الأثر السيئ لأهل الكتاب على هذه الأمة عندما لم يتق الله الذين يحكمون الأمة هذه جيلاً بعد جيل، لاحظ كيف وصلت الحالة إلى أسوء ما يمكن أن تتصوره من حالة سيئة لأمة، حالة المسلمين اليوم.

جاءت تفسيرات لمثل هذه الآية بمعنى اتقوا الله حق تقاته بمعنى [أن يطاع فلا يعصى وأن يشكر فلا يكفر] لا بأس هذا هو الشيء المطلوب من الإنسان بشكل عام لكن الآيات في إطار قضية هامة قضية معينة؛ ولهذا قلنا أنه حتى من الناحية البلاغية من الناحية البلاغية غير متناسب {وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} بعد كلمة: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} كيف يوجه مثلاً مؤمنين راقين في إيمانهم إلى أعلى درجات التقوى، ثم يقول: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران: الآية 102) يعني: تحافظ على أقل تقدير تحافظ أنك لا تعود كافراً انتبهوا، انتبهوا هؤلاء قد يردونكم كافرين فاتقوا الله، كونوا حذرين الحذر التام وإلا فقد يردونكم كافرين بعد إيمانكم.

{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ}(آل عمران: من الآية 103) لاحظ عندما قال هناك سبحانه وتعالى {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(آل عمران: من الآية 101) أليس هنا اتجه بتوجيهات عملية؟ توجيهات عملية، تحت كلمة: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} ينفخ فيك روح عملية ما هي هذه؟ {وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران: من الآية) ثم يبين هنا يوجه توجيهات كلها عملية {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: من الآية 103) اعتصموا بنفس المعنى السابق: اللياذ، والإلتجاء لتحصل المنعة تحصل منعة من شر هؤلاء وليستطيع الناس أن يكونوا متغلبين عليهم، اعتصموا، لوذوا بحبل الله واستمسكوا به جميعاً السبب الذي جعله سبباً لكم تمتسكون به ليمثل لكم ماذا؟ عصمة أي: منعة من شر هؤلاء ومن خبثهم ومؤامراتهم {جَمِيعاً} إذا بقي طرف لا يعتصم في الأخير يشتغل هو ضد الطرف المعتصم، خباث اليهود بشكل رهيب يشغلون آخرين من داخل الأمة.

{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: من الآية 103) هذه الآية نفسها وهذا الجزء من الآية فيه ثلاث عبارات كلها تعني ماذا؟ وحدة كلمة ووحدة اعتصام ما تعنيه كلمة {وَاعْتَصِمُوا} وما تعنيه كلمة {جَمِيعاً} والنهي عن التفرق {وَلا تَفَرَّقُوا}.

تجد الآن كيف قضية هامة جداً موضوع: {وَلا تَفَرَّقُوا} المناهج عندما اتجهوا لمحاولة تغيير المناهج وبدأوا يغيرون المناهج أليس موقفاً يتطلب من الناس أن يكونوا جميعاً فيه؟ يعني في مواجهته موقفاً يتطلب موقفاً جماعياً منهم تجدها حالة في الأخير قضية تتناول المدارس في كل مكان في كل بلاد ما الذي يمكن أن يوقف هذه؟ موقف جماعي قد يأتي أهل بلد معين أو أهل قرية معينة يقولون: لا، تجد المنهج حقهم شغال هناك في مناطق أخرى.

هكذا بشكل عام قضية وحدة المؤمنين قضية هي الأساس الذي يتمكنون به فعلاً من أن يكونوا معتصمين بحبل الله والإعتصام بحبل الله جميعاً معناه ماذا؟ وحدة دينية قوامها الإعتصام بحبله ليس معناه وحدة أي وحدة هذه هي الوحدة التي تمثل منجى وتمثل قوة بالنسبة للمؤمنين أن يكونوا ماذا؟ مجتمعين على الإعتصام بحبله وأن لا يتفرقوا ويفارقوا على الإطلاق هذا الأمر الإلهي الإعتصام بحبله.

الإعتصام بحبل الله قضية عملية عملية يعني حتى لو تأتي تفترض أنه حبل حقيقي مدلى ألن يكن معناه أن كل واحد يمسك بيده؟ حبل: معناه أنه قد جعل سبحانه وتعالى للناس سبباً يرفعهم يرتفعون به عن أن ينال منهم أهل الكتاب فيردوهم بعد إيمانهم كافرين ويضلونهم سواء السبيل، كم تحدث عنهم في آيات أخرى ما يريدون أن يكون الناس عليه كافرين ضالين لا ينالون أي خير من أظهر ما تعنيه كلمة حبله: القرآن الكريم بشكل أوضح من الآية السابقة التي قال فيها: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}(آل عمران: من الآية 101) ألا يعني أن هنا حبل سبب يرفعكم عن أن تكونوا كافرين؟ فحبل الله هو السبب الذي جعله الله للمؤمنين يعتصمون به تراه في الأخير يتمثل في ماذا؟ يتمثل في توجيهات يتمثل في طريق يسير الناس عليه يتمثل في الأخير في هدى ليس معناه حبلا حقيقيا بالمعنى المحسوس لكن كلمة حبل تعني فيما تعنيه ماذا؟ انتشال من حالة خطيرة يريدون أن يوقعوكم فيها والوقوع معناه ماذا؟ سقوط إلى تحت إلى الحضيض فيمثل وحدة التوجه وحدة الطريقة وحدة الموقف وحدة الأمة.

كلمة حبل أليست من المفردات التي لا يمكن أن تتصور فيها أكثر من شيء واحد؟ حبل يعني أوضح عبارة تعطيك التعبير عن وحدة المنهج والطريق والموقف والكلمة وأن الله هو يدلي حبلاً واحداً لا يوجد هناك حبال متعددة وكل واحد يمشي على مزاجه ويمسك بالحبل الذي يعجبه ليست هكذا هو وضع حبلاً واحداً هو دلى لعباده حبلاً واحداً يتمسكون به.

إذاً فالوحدة هنا معناها: وحدة دينية، وحدة تقوم على أساس الإعتصام بحبل الله أليست هي تعني في الأخير وحدة عملية؟ إذاً هذه قضية هامة؛ لأن الكثير يفهم أن موضوع الوحدة أن نكون متجمعين هكذا على شيء، نحن نصلي جميعاً في مسجد إذا أحد وجه توجيهاً البعض مثلاً غضب منه وقد هو يريد يخرج، قال الآخرون: [قد فرقتوا كلمتنا] لا. إن الذي يجب أن تجتمع عليه كلمتنا هو الإعتصام بحبل الله فإذا كان هناك توجيه هو توجيه بهذا تذكير بهذا بحبل الله الذي يجب أن نعتصم به التي تتجلى في الأخير بشكل مواقف اتجاهات ومواقف موقف واحد يسير الناس عليه فغضب آخرون هؤلاء اعتبرهم لا يريدون أن يتمسكوا بالحبل لا تأتي أنت تترك الحبل وتلحقهم أو تترك تذكير الناس بأن يعتصموا بما هو اعتصام بحبل الله في الواقع لأجل لا يخرج عليك من ا لمسجد صفان أو ثلاثة.

فالوحدة في الإسلام هي مبدأ وقاعدة هامة ويجب أن تعرف أن كل ما هو هام وكل شيء في القرآن هو يرسم طريقته كاملة يرسم طريقته ليست كلمة وحدة كلمة عائمة لا ندري كيف يريد على أي أساس تكون رسمها رسماً كاملاً ما هي الوحدة الدينية وكيف يجب أن يكون المسلمون ليكونوا متوحدين هذه الوحدة الدينية المطلوبة أعني ليست قضية متروكة للأمزجة متروكة للأطروحات المتعددة أن يقول نتوحد من منطلق [قومي] هذا عنوان أو نتوحد من منطلق [وطني] أو نتوحد من منطلق [قبلي] أو بأي عبارات من هذه، لا، لا يمكن ولا يتم ولا تكون مجدية أي وحدة من هذه إلا إذا كانت وحدة قائمة على أساس الإعتصام بحبل الله.

الآية هنا أليست موجهة للمسلمين بشكل عام موجهة للمؤمنين؟! عندما تجد في الأخير اتسعت دائرة المسلمين هل يمكن أن تقول بأن الآية هذه أصبح العمل بها غير ممكن قال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً}(آل عمران: من الآية 103) لكن لاحظنا إلا وقد المسألة غير ممكنة لم يعد ممكن؟! أنك تأتي تجمع السنية والشيعة وطوائف السنة وطوائف الشيعة وتجمع المسلمين ليكونوا متوحدين. مفرقين الآن ممزقين ومفرقين كطوائف وليس فقط مفرقين في بلدان متعددة كطوائف كأحزاب.

في السنة الإلهية الله قال في كتابه الكريم: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا}(الكهف: من الآية1) لا يوجد حاجة اصطدمت به فعطلته على الإطلاق الطريقة ما تزال قائمة أعني لو يقول واحد الآن [حقيقة أن المسلمين لو توحدوا العرب لو توحدوا ولو.. ولو..] ومن هذه الأشياء لكن أليست عند الكل تقريباً شبه مستحيلة؟ شبه مستحيلة. إذاً فهل القضية انتهت؟ لأن هذه أتت ضمن توجيه إلهي فيما يقعد الناس عن خطورة وشرور بني إسرائيل ومؤامراتهم التي منها أن يردوا الناس كافرين وقضية كافرين خطيرة جداً إذا أراد الواحد منا أن يعرف ماذا يريد لنا بنوا إسرائيل عندما يقول الله: {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}(آل عمران: من الآية100) تصفح في القرآن الكافرين تجد الكافرين كيف قدموا في القرآن أسوء حالة. الكافرين قدمهم في القرآن {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}(محمد: الآية8) {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ}(محمد: من الآية12) {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ}(الأحزاب: من الآية64) وآيات من هذا القبيل.

لهذا تجد صورة الكافرين مخيفة جداً لتعرف بأن من يسعى ويتحرك ويتآمر ليردك كافراً معناه أنه يريد أن يوقعك في أسوء حالة يمكن أن تتصورها ليست قضية سهلة إذاً فما يقدم من توجيهات في إطار إبعاد الناس عن هذه تعتبر كلها نقاط هامة وكلها قابلة التنفيذ ما فيها شيء في الأخير تعتبره أصبح مستحيلاً على الإطلاق لا يوجد فيها ما يمكن نقول: [حقيقة توجيه قيم لكن لم يعد ممكناً] ما في كتاب الله شيء من هذه إلا أن تكون أنت ما عندك توجه أنت فهناك قاعدة أخرى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ}(محمد: من الآية38).

إذاً ما هناك أبداً ما يجعل كتاب الله يصطدم بشيء فيعوج {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا}(الكهف: من الآية1) إذا وجدت أن المسلمين كلهم ليسوا متوحدين، فليس المشروع هنا أنك تحاول تجمع السنة والشيعة وتوحد العرب، حاول [جمال الدين الأفغاني] حاول [الخميني] حاول [محمد عبده] حاول [البناء] حاول كثير ما تمت المسألة. الله رسم طريقة أنه عندما يقول للناس توحدوا هذا شيء، لكن وممكن يكون هناك فئة تتوحد وتنطلق على أساس كتابه وتمثل دائرة، هذه الدائرة قابلة أن تتوسع هي تجد هذه هي القاعدة التي جعلها الله سبحانه وتعالى من بداية وقوع اختلاف بين البشر {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ}(البقرة: من الآية213) إن الله يضع منهجاً كاملاً للتوحد لا يقدم فكرة مؤتمرات أو فكرة تلفيقات بين طوائف هو يضع منهجاً كاملاً يجتمع الناس حوله وتتوسع دائرتهم ويكون بالشكل الذي يكون الآخرون أقرب إلى ماذا؟ إلى الإجتماع حوله وإلى الإلتفاف حوله بأفضل من فكرة تلفيقات من هنا وهنا، هذه لا تتم عليها وحدة بما تعنيه الكلمة أبداً تكون وحدة هشة.

الله ينـزل كتاباً ويصطفي علماً، يعني هنا: بدل أن نقول مؤتمرات ونحاول السنة والشيعة يتجمعون على أساس أنه أنتم يا سنة اسكتوا من كذا والشيعة يسكتون من كذا ونحاول جميعاً أن نكون كذا كذا، هنا أنت ستقدم شيئاً لا يرضى عنه بالكامل هذا، ولا يرضى عنه بالكامل الطرف الآخر، قضية أكيدة أنه في موضوع مثلاً تجميع سنة وشيعة وعلى أساس أن كل طرف يقدم تنازلات من عنده إنما يكون ناتجاً ليس بالشكل الذي يرضى عنه كاملاً الشيعي ولا بالشكل الذي يرضى عنه كاملاً السني؛ لأن هواية الشيعي أن يكون الناس شيعة جميعاً، وعلى رؤيته هو، وما يهواه السني أن يكون الناس كلهم سنيّة على وجهته ومذهبه هو، إذاً سيكون تفاعل الطرفين مع ما قدم تفاعل غير حقيقي، أعني متدني؛ لأنه ليس الشيء الذي هم منشدّون إليه هو دون ما يريدون.

يأتي بديلاً عن كل التلفيقات منهج إلهي [كتاب]، أليس هذا هو فوق التلفيقات فوق، والأطراف كلها على سواء ملزمة بأن تؤمن به وتتبعه، هنا تكون أقرب فعلاً أقرب إلى الإلتقاء؛ لأن السني سيلتقيك هنا على أساس أنه مؤمن بالكتاب وليس مؤمناً بك أنت كشيعي، الشيعي سيؤمن بالكتاب ويتبعه وليس على أساس أنه استجاب للسني كلهم يتبعون قضية هي من فوقهم، هي فوقهم وهم ملزمون بها جميعاً وليست من عند طرف منهم الشيعي يدعو إلى أن يكونوا شيعة والسني يدعو إلى أن يكونوا سنة، أبداً.

{فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ}(البقرة: من الآية213) إذاً أليس هنا قدم [المنهج والعلم] القيادة مشروع متكامل، مشروع متكامل؛ لأن من مقومات الوحدة بشكل صحيح هو ماذا؟ [منهج وقيادة] هل يمكن نتصور أمة يقال توحدت ولا يكون توحدها على أساس [منهج وقيادة]، معروف حتى قَبَلياًّ يكتبون [قاعدة] يعني ماذا؟ منهج، أليست هكذا؟ ويختارون شخصاً كبيراًَ لهم معناه ماذا؟ قيادة.

الله يضع المنهج يختار هو المنهج ويختار هو القيادة التي ماذا؟ تتحرك على أساس ذلك المنهج وتهدي بذلك المنهج ويلزم الكل بأن يسيروا على هذا المنهج ويتبعوا تلك القيادة، هنا تتم المسألة تبدأ بدائرة وقابلة للتوسع وهو أفضل مشروع وحدوي فعلاً، أفضل مشروع وأرقى مشروع وحدوي، وقلنا في كلام سابق بأن الطريقة هذه هي أضمن لوحدة المسلمين على اختلاف طوائفهم؛ لأنه إذا كان المسلمون الآن مجمل ما لديهم يتعصبون لمسائل، فالطريقة هذه التي قدمت على يد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أنزل عليه القرآن واختِير هو نبي، وعندما تحرك والتفّت حوله دائرة، أصبح في الأخير ماذا؟ العربي من القبيلة الفلانية ومن القبيلة الأخرى ومن أي منطقة تركوا آلهة يعبدونها، أليست مسألة آلهة يعبدونها؟ أرقى من مسائل فقهية في تعصبك لها وفي إنشدادك لها، تركوا آلهة واجتمعوا هناك.

إذاً فهذه القاعدة هي القاعدة المهمة، وهي الطريقة المهمة وطريقة ما تحتاج إلى مؤتمرات، فالتوجيه {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً}(آل عمران: من الآية 103) هو قائم واجب عليكم، وطريقة الإعتصام بحبله هو الذي يختص بها، هذا حبله القرآن الكريم ومن يختاره أن يكون علماً مع كتابه، هنا في الأخير تتحقق وحدة بين الناس وكل واحد لا يرى أنه تنازل لطرف آخر كل واحد يرى أنه تخلى والآخر تخلى ونفوس طيبة ويتفاعلون بإيجابية مع ماهم مؤمنين به بنسبة 100%، لكن عندما يقدم تلفيقات يكون إيماناً 50% أو أقل.

لهذا نقول بأنه عندما نخطب نحن عندما نتحدث مع الناس لا تكون أنت تتحدث معهم دائماً ترسخ في ذهنيتهم ما يبدو أمامهم مستحيلاً [لو توحد العرب ولو توحد المسلمون] هذه مقولة يمكن تقولها لكن يجب أن نتحدث مع الناس بأن الله لم يجعل القضية مترتبة أو معلقة على ما هو مستحيل أمامنا، رسم طريقة فالذي يسير عليها من الناس تتسع دائرتهم تتسع كما بدأت هذه النقطة واتسعت، ألم تبدأ برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وعلي وخديجة؟ ثلاثة، ثم اتسعت الدائرة حتى أخذت الجزيرة ثم حتى تغلغلت إلى داخل بلدان أخرى، هل عمل رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) مؤتمرات بين العرب ومحاولة توحيد الأصنام؟ [بدل ما يكون صنم هؤلاء صغير، وصنم هؤلاء كبير، هؤلاء من الخشب هؤلاء حجر هؤلاء كذا] وتلفيقات وأشياء من هذه، لا، طريقة كلها جديدة.

ولهذا قلنا أنه من معجزة هذا الدين أنه استطاع أن ينقل العرب تلك النقلة الرهيبة، النقلة من التشبث بآلهة يسمونها آلهة يعبدونها ويعتبرونها آلهة، يتخلون عنها ومن أمة فوضوية إلى أمة انتظمت فعلاً، ما هي انتظمت؟ ولو لم يكن إلا في فترة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) لكان شاهداً كفاية وفوق الكفاية أن يشهد بعظمة هذا الدين، استطاع أن يجعل أولئك العرب الذين كانوا يتقاتلون بما فيهم أهل المدينة التي هاجر إليها، كانوا فئتين متقاتلة هم كل فترة، وخرجوا إلى خارج المدينة يتقاتلون ولهذا قال هنا: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}(آل عمران: من الآية 103) فعندما تقول [حقيقة الوحدة قضية لكن يوجد عداوات ويوجد ويوجد] فيجب أن تفهم بأنه أن نعتصم بحبل الله هو الذي سيوجد من جهة الله سبحانه وتعالى وسيأتي من جهته تدخّل إلهي فيؤلف بين قلوب الناس وإن كانوا أعداء.

إن هذا فيه توجيه هنا يجب أن نركز على النقطة هذه؛ لأَنه كثير من الناس قد تلمسهم عندما تسمعه يقول لك [حقيقة هم أعداء والأمريكيين ملاعين واليهود ملاعين والنصارى كذلك لكن! العرب ما توحدوا] هو في الأخير يرى هنا العرب مشتتين فيتردد؛ لأنه في الذهنية أن القضية هي هكذا، إنما فقط إذا توحد العرب جميعاً إذا توحد المسلمون جميعاً فيمكن، يراها مستحيلة، وعزم يجلس، فرأى من يتحركون بأنهم ناس هؤلاء مغفلين يتحركون وهم قليل يتحركون و..! لا، لأن هذه هي البداية الصحيحة عملياً لتوحيد أمة تكون هي هناك بالشكل هذا المتكامل، لا يكون تلفيقات، لهذا نقول بالنسبة لنا ما هو ممكن أن يكون مؤثراً علينا مثلاً في مسيرتنا أن يكون الناس منتبهين تماماًَ، لا يأتي أي شيء بين سنة وشيعة وإلا ضاع كل شيء، ما المسألة معلقة على هذا فعندما نأتي نعتبر مثلاً بأنه لن ينجح المسلمون إلا إذا توحد سنة وشيعة، أليس هكذا؟ أو يجب أن يتوحد السنة والشيعة ويجب أن لا يكون هناك أي طرف من هنا أو من هنا قد يكون من عنده ما يوجد خلاف بين سنة وشيعة هذا موضوع أنت هنا تعلق الفرج على المسلمين، تعلق مثلاً أن يكونوا منتصرين على أعدائهم، بما هي في الذهنية شبه مستحيلة أليس باستطاعة الآخرين أن يحرّكوا من داخل الشيعة، ويحرّكوا من داخل السنة؟ هل باستطاعتك أن تغلق هذا الباب؟ كيف تعلق المسألة على قضية أنت لست باستطاعتك أن تقفلها؟ هذا معناه أنه مستحيل، معناه في الأخير مستحيل.

لكن هذه القضية ليست معلقة على توحد سنة وشيعة، هو مطلب أن يتوحد الناس {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً}(آل عمران: من الآية 103) لكن عملياً لو تقول: هي متعلقة على هذا، كان معنى هذا أن الآية هذه اصطدمت بواقع مستحيل، أليس المعنى هكذا؟ والله يقول في القرآن: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قيماً}(الكهف: الآية1) قيّماً ما يمكن شيء يصطدم به يجعله يعوج ويرتد على نفسه وفشل، أبداً، فقط الناس يفشلون هم، نفشل نحن أما نفس ما قدمه الله فهو قابل للتنفيذ، وفي الأخير ما تدري وتصبح مشكلة فيما بين الشيعة هم، وما بين السنية هم، يأتي الأمريكيون يحرّكون من داخل السنية سنييّن يشاغبون ضد الشيعة، السني الذي هو حريص على أنهم يتوحدون [وضروري يتوحدون وإلا فما نستطيع نعمل شيئاً] وفي الأخير يتحرك ضد ذلك، وإذا بالسنية من داخلهم قد هم متصارعين إضافة إلى ما سيحصل من تأثر بما يشتغل به الآخر من داخل السنة أو من داخل الشيعة، يعني القضية لا يستطيع أحد أن يغلقها ما تستطيع تقفلها أبداً.

عندما ترتب المسألة على هذه، فمعنى هذا أن العدو عندما نقول: نحن لا نستطيع أبداً أن نقف موقفاً إيجابياً في مواجهته إلا إذا توحدنا كلنا سنة وشيعة، فيكون هو يركز على المسألة يركز على أن يوجد خلاف دائم بين سنة وشيعة ويثير من داخل شيعة ويثير من داخل سنة، فكل ما وجد إنسان مَهمَا كان مخلصاً ومتفاعلاً أنهم ما رضيوا يتوحدون، كلما ماذا؟ حصل عنده إحباط وفي الأخير يجلس ويقول: [المسئولية على السنة والشيعة لم يرضوا يتوحدوا].

هذه الطريقة فيها ما يطمّع العدو، أن تقدم له بأنه ما يمكن أن تقف في مواجهته إلا إذا قد توحدت الفئتان اللتان بعيد أن تتوحد على ما هي عليه، فالمشروع الإلهي قابل للتنفيذ، و على القاعدة هذه القرآنية والتي عملها رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) والتي تحقق نصراً؛ لأن الوعود الإلهية ليست متعلقة على أن يتوحدوا سنة وشيعة، هذه الوعود الإلهية نزلت والمسلمون ربما أقل من سكان محافظة من المحافظات هذه في اليمن في عددهم، وعود إلهية بالنصر بالتأييد بأن يؤلف بين قلوبهم، لا يقول: إنما فقط إذا كان سيجتمع العرب جميعاً أو يتوحدوا سنة وشيعة سوف يؤيدهم بنصره، أما إذا هناك ناس آخرين سيتوحدون ويسيرون على كتابه فيقول لهم: لا، هو رحيم سبحانه وتعالى عندما يكون هناك مثلاً يوجد إلى حدود ألف ألفين مستعدين أن يتوحدوا على كتابه هل يمكن أن الله يقول لهم أبداً روحوا لكم، إنما فقط إذا توحدوا سنة وشيعة؟ أبداً، وعوده تصدق حتى على أقل منهم.

إذاً، فالطريقة القرآنية هي طريقة قابلة للتنفيذ وقابلة فعلاً بأن يتوحد حولها سنة وشيعة، لأنه ما الذي عند السني وما الذي عند الشيعي؟ أليست مسائل معينة، تشبثه بها قد يكون دون تشبث العربي السابق بإله؟ كلمة إله قضية ليست سهلة عنده، تركوا الآلهة وساروا بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ودانوا بتوحيد إله واحد وهو الله، إذاً فالدين الذي نزل على العرب وجعلهم يتركون آلهتهم ممكن يجعلهم يتركون مسائل معينة، سواء ولاءات لأشخاص أو مسائل فقهية أو مسائل من هذه هي اعتقادية، هي كلها دون ما كان عند العربي الأول باعتبار تشبثه بها، ولن يمس الإعتصام أو هذا المشروع القضايا الأساسية عند الكل، أليسوا مؤمنين بالله؟ ومؤمنين بأنه لا يجوز أن يكون له شريك؟ أليسوا مؤمنين بوجوب اتباع ما جاء من عنده؟ أليسوا مؤمنين بالقرآن ووحدة القرآن؟ وحدة نصّه ووجوده تعتبر نعمة كبيرة جداً، نعمة كبيرة أنه ما زال موجوداً القرآن الكريم والعرب والمسلمون جميعاً متفقون عليه، ليسوا مثل اليهود والنصارى كم معهم أناجيل النصارى! اليهود قد ضيعوا التوراة، والنصارى معهم كم أناجيل أربعة على الأقل الموجودة الآن تتداول بينهم، وكل إنجيل فيه خلاف الإنجيل الثاني! أما العرب أما المسلمون فما زال معهم القرآن كلهم متفقون على الإيمان به كلهم متفقون على وجوب العمل به متفقون على الإيمان برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) محمد، متفقون على قبلة واحدة ما يزال هناك عناوين يمكن أن تشكل اتفاقاً، يعني عندما يأتي أحد بمشروع على أساس القرآن هل سيكون في الأخير سيلامس قضايا أساسية لديهم يتخلون عنها؟ أليسوا متفقين كعناوين على صلاة زكاة حج صيام جهاد وحدة؟ متفقين على أنها كلها واجبات.

إذاً فالخلل هو من مسألة التقديم، مسألة من يقدم من يثق بأن الطريقة هذه قابلة ويعرف أنها ناجحة كما أنها نجحت في العرب الأولين فنقلتهم وتركوا آلهة، هؤلاء سيتركون ما هو دون الآلهة فعلاً، يجتمعون على الكتاب على طاعة الله وطاعة رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) لكن إذا قدم بطريقة صحيحة، أما يأتي واحد من داخل الشيعة يؤقلم القرآن معه ويريد يجعل السنة يتشيعون يعني يكونون مثله على رؤيته ومذهبه وطريقته أو واحد من داخل السنية يقول [فعلاً الكتاب لكن تعالوا الكتاب هذا تفسيره] ويؤقلمه معه ويقول للناس يتحولون إلى سنة، هذه لا تتم لازم القرآن يُقدّم بطريقة صحيحة، طريقة تنفي أي خطأ هنا أو هنا، طريقة تعطيه أولوية لا تؤقلمه أبداً لا وفق أشخاص مهما كان ولاؤك لهم، ولا وفق مذهب مهما ترسخ في ذهنك وتكرر في ذهنك الولاء له، لا، أن تجعل القرآن هو الأصل، هذه القاعدة المسلمون متفقون عليها، يعني حتى هذه هم متفقون ويقولون عن أئمة المذاهب أن كل واحد يقول اعطوا أولوية لكتاب الله وسنة رسوله، أليس كل واحد يقول هذه؟ يقولون عنهم إن كل واحد من أئمة المذاهب يقول: [إذا صح لكم عن رسول الله كذا فارموا بقولي عرض الحائط].

إذاً أليس بالأولى فيما يتعلق بالقرآن، يعني ما أحد سيقول أن عنده عقيدة أنه سيتبع فلان وإن كان مخالفاً للقرآن هذه كعقيدة غير حاصلة وإن كانت واقعاً قائمة لكن كعقيدة هم متفقون على أن القرآن هو له الأولوية على أي شخص من أئمة المذاهب، هذه قاعدة حاصلة، هذه ما تزال نعمة إذاً فعندما يقولون: [مقومات التوحد متوفرة] لكن تكون الغلطة في الطريقة من البداية كيف تكون عندما يقول [إذاً نحن متفقون على صلاة وصيام وزكاة إذاً نحاول نؤقلم صلاتنا..] وكيف نؤقلم، يعني ماذا؟ لفلفة ولملمة وتلفيقات، لا، إنَّك شغل هذه العوامل التي تسميها عوامل توحّد، أن تعتبرها أرضية قابلة لماذا؟ لأن يسيروا على هذا الشيء الذي هم متفقون عليه فعلاً وهو القرآن الكريم، لا أن تنطلق في الأخير إلى هناك. إلى داخلهم وتعمل بينهم لملمة وتلفيقات وكل واحد ما يزال متمسكاً بما هو عليه.

لهذا، لاحظ كيف في القرآن الكريم تكررت كثيراً وهو يدعو اليهود إلى الإيمان، ألم يقل فيه: {مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ}(النساء: من الآية47)؟ لكن عندما قال: {مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ}(النساء: من الآية47) على أساس أنها تعتبر أرضية تجعلكم قابلين للإيمان بهذا، ما معناه إذاً ما دام معكم شيء صحيح وهذا صحيح فتعالوا نعمل تلفيقاً ونعمل وثيقة مشتركة بين الطرفين، لا، عندما يقول: {مصدقاً لما معكم}(النساء: من الآية47) {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ}(آل عمران: من الآية99) ولهذا يقول: {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ}(آل عمران: من الآية99) أي هذه الحالة التي لديكم هذا لا يتنافى معها من حيث المبدأ فيجب عليكم أن تتجهوا للإيمان به، هذه طريقة أساسية في موضوع توحيد المسلمين أنك هكذا تدعوهم، ألسنا مؤمنين جميعاً بالقرآن؟ أليس كل واحد من أئمة مذاهبنا يقول بأن نرمي بكلامه عرض الحائط إذا كان مخالفاً لكتاب الله ورسوله؟ إذاً فتعالوا نعطي القرآن أولوية أليست هذه قضية قريبة؟.

ثم من الناحية الأخرى لا تتمثل في موضوع مجرد حوار، يجب أن تكون هناك حركة قائمة على أساسه؛ لأنه لا تنتهي المسألة إلى مجرد دعوة ومجرد حوار ومجرد مناظرات ستنتهي إلى – تقريباً – لا شيء، يجب أن تكون بهذا الشكل، دعوة على هذا الأساس، وحركة قائمة على هذا الأساس؛ لأنه من خلال الحركة للأمة يحصل تأييد إلهي فيلمس في داخلها ما يجذب الآخرين إليها، هذه قضية أساسية في توحيد المسلمين ليست مجرد حوارات.

إذاً فالبعض عندما يقول: [نحاول أنه يبتعد الإنسان أنه لا يقدم حاجة تكون مثيرة لآخرين نكون نحاول نسكت عن بعض أشياء ونحاول، ونحاول من أجل تبقى كلمة المسلمين أو إذا ما يزال بالإمكان أن يتوحدوا] هذه طريقة تلفيقية، هذه غلطة، إذا أحد من داخل أيِّ مذهب كان ينطلق مع الناس على أساس يجرهم إلى مذهبه هذا لن يحصل يبقى صراع دائم، لكن أن تأتي وتقول: القرآن الكريم هو الأساس، رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، فننقد ما عندنا جميعاً عندما تنقد ما عند الكل عندما تنقد هذه الأشياء باعتبار أنها تعيقهم عن اتباع القرآن الكريم وأنها وراء الحالة التي وصلنا إليها، هذه القضية ما تسمى مذهبية ما تسمى دعوة إلى طائفة معينة ما تسمى حركة من قبل مذهب يريد أن يدخل الآخرين فيه على ما هو عليه.

ألسنا ننقد الكل داخلنا نحن كزيدية وداخل الإثنا عشرية وداخل السنية بشكل عام؟ نحن نقول للجميع: يجب أن نعود جميعاً وعندنا أخطاء جميعاً لنعتصم بحبل الله جميعاً وليس كل واحد يصلح له حبل ويدعو الآخرين أن يعتصموا به؛ لأنها غلطة من الأساس هم طوائف وكل طائفة تعتبر نفسها معها حبل أو أن حبلها هو حبل الله والآخر يقول: أن حبله هو حبل الله، وهكذا، لا، نعود إلى حبل الله الذي نعرفه جميعاً ومتفقون على نصه وهو القرآن الكريم؛ لأن الله ذكر في كتبه أنها بالشكل الذي يمكن تُوحد بين ملتين عندما قال: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ}(البقرة: من الآية113) أليس معنى هذا أن في الكتاب ما يمكن أن يوحدهم؟ وهم هنا ملتين ويلعن بعضهم بعض ويكفر بعضهم بعض وهنا يقول: {وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ}(البقرة: من الآية112) لأن الكتاب بالشكل الذي يمكن أن ينسف هذا الخلاف الذي بينهم ويجعل منهم أمة واحدة، أفلا يستطيع الكتاب نفسه أن يجمع المسلمين وهم ما يزالون ملة واحدة؟ إنما فقط مذاهب داخلها وما زال المجموع عبارة عن ماذا؟ ملة واحدة.

تلاحظ أنه في هداية الله سبحانه وتعالى، في توجيهاته هو يعلم ما يمكن أن يخطر عند الناس من أشياء تجعل ما دعا إليه وكأنه مستحيل {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً}(آل عمران: من الآية103) قد يقول: [لكن كيف ونحن قد يكون هناك أعداء وعداوات ونفوس متباينة] هو هنا يذكرهم بأنه يتدخل متى ما اتجهتم بصدق إلى أن تعتصموا بحبله جميعاً فهو سيغير النفوس {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}(آل عمران: من الآية103) هذه تعني بأنه ما يمكن في موضوع الوحدة أن تشكل لجنة من هنا وهنا ويضعوا خطة ليلتقي عليها الكل؛ لأن القضية لازم أن تكون الخطة فيها هي الخطة التي يكون الله معها ويقرها هو، لماذا؟ لأن القضية تحتاج إلى تدخل إلهي، القضية تحتاج إلى تدخل إلهي بالنسبة للنفوس، كما قال هنا: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}(آل عمران: من الآية103) مجتمع مُتعادي هل هو قابل لأن يعتصم بحبل واحد، هل هو قابل؟ إذا حصل عنده توجه ونية وآمن من حيث المبدأ واتجه الله يتدخل فيؤلف بين القلوب، إذاً فلازم أن تكون خطة الوحدة أو الخارطة – لمن هم يقدمون خرائط – أن تكون ماذا؟ هي الخطة التي يكون الله معها، لأنها مسألة لازم من تدخل إلهي فيها.

{وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(آل عمران: من الآية103) وباعتبار آخر يذكّر المسلمين بأنه أهل الكتاب سيوقعونكم في خسارة لكل ما أوصلكم هدى الله إليه من النعمة العظيمة.

{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}(آل عمران: من الآية103). فلا تخسروا هذه النعمة، نعمة الهدى نعمة الإيمان، حتى أصبحتم على هذا النحو، فلا تخسروا هذه النعمة التي أنتم فيها، يعني فيها ما هو توجيه قبل أن يكون الناس على هذا النحو وفيها ما هو توجيه لهم وهم على هذا النحو؛ لأنه عندما يقول عن أهل الكتاب: {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}(آل عمران: من الآية 100) ما معناها خسارة لكل ما أوصلكم هدى الله إليه؟ {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا}(آل عمران: من الآية103) وهؤلاء يريدون أن يردوكم كافرين فتكونون في ماذا؟ ليس فقط على شفا حفرة بل في الدركات السفلى من جهنم {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(آل عمران: من الآية103) أليس هذا يوحي بطريقة عملية؟ اهتداء لحركة، اهتداء لمسيرة اهتداء لرؤية. هنا يبين الله لكم آياته نفس كلمة آيات تعني بينات وأيضاً يبين البينات، أليس هذا من كمال الرحمة؟ ومن أعظم مظاهر رحمة الله بعباده؟ {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(آل عمران: من الآية103).

{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(آل عمران: من الآية104) اجعلوا من أنفسكم أمة على هذا النحو، أليس هذا توجيها عمليا، أوامر عملية؟ إذاً، ترى في الأخير أنه غير مقبول أن يأتي أحد من الناس يقول: [حقيقة أنه وضع سيء، ولكن با ندَّعا ويكفي] أوامر كلها عملية اهتداء {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(آل عمران: من الآية104) فعندما يقول: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}(آل عمران: من الآية104) هل سيترك المسألة مبهمة، أو تترك لأمزجة الناس في كيف يكونون أمة؟ هذه قاعدة قرآنية كلما وجَّه به هو يرسم طريقته كاملة عندما يقول: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}(آل عمران: من الآية104) هو سيوجه إلى كيف يعمل الناس ليجعلوا من أنفسهم أمة.

من البداية قال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً}(آل عمران: من الآية103) أليس هذا التوجيه إلى المنهج الذي يسيرون عليه؟ وللمسئولية التي يتبنونها أو ينهضون بها؟ ما معناه {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}(آل عمران: من الآية104) تتجمعون تكون الشوارع ملان والسوق ملان والـ.. لا، أمة مجتمعة على اعتصامها بحبل الله تنهض بمسئولية، هي هذه مسئولية كبيرة تشمل تقريباً كل شيء {يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(آل عمران: من الآية104) هذه ثلاثة عناوين كبيرة تحتها تقريباً كامل المسئولية فيما يتعلق بدين الله وإقامة دين الله، إعلاء كلمة الله، مواجهة أعداء الله تتناول القضايا التربوية العملية كل شيء، الآية هنا عندما يقدم {يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}(آل عمران: من الآية104) معناه أمة كلما هو مسيطر على مشاعرها على نفسيتها أنها داعية إلى الخير، تدعو البشر جميعاً إلى الخير، هذه القاعدة أساسية لديها، يعني هنا لا يجعل تكتلات – كما يقال – تكتلات ذات مواقف إقليمية أو شخصية من أطراف أخرى أبداً، تكتل ديني الشيء الذي يريده للبشر جميعاً هو الخير فيدعون إلى الخير يدعون إلى الخير، والجهاد بكله هو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن أجل إقامة الخير {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(آل عمران: من الآية104).

عندما يقول: {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(آل عمران: من الآية104) تجد أن قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي مسئولية جماعية، أي القضية أو الواجب فيها هو مترتب على خطاب جماعي، فيما يتعلق بك أنت كفرد تتناول ما يمكن أن تلحقه يدك من أمر بمعروف ونهي عن منكر ما يمكن أن تلحقه، ما معناه فقط، أيضاً يجب أن يكون الناس أمة لأن هناك من المنكرات ما لا يستطيع شخص أن يغيره يحتاج إلى أمة وهناك من المعروف ما لا يستطيع شخص أن يأمر به ويقيمه.

ونفس العبارة يأمرون وينهون لا تتم إلا عندما يكون الناس أمة وإلا لكانت العبارة البديلة [يفتون] هنا لا يوجد هكذا فتوى [يفتون] بل قال يأمرون وينهون، ما معنى يأمرون وينهون؟ هم في موقع قوة، يأمر وينهى يعني ماذا؟ أشياء عملية أليست أشياء عملية هنا؟ ما يقال بأنه فلان أمر أو أنه نهى إلا إذا كان في موقع تنفيذي وإلا هو فقط يقال: قضى أو يقال أفتى، ليس معناه أمة تفتي فقط، بل تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر هذا توجيه عملي.

{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران: الآية105) لاحظ هذه الآيات كيف هي مليئة بالتوجيه بوحدة الكلمة أمة متوحدة ومعتصمة بحبل الله جميعاً، عندما يقول: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}(آل عمران: من الآية104) أليس هذا توجيهاً يشبه {جَمِيْعاً} يأتي بعدها {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}(آل عمران: من الآية105) لأن مسئوليتكم كبيرة، ومسئولية لا تنهضون بها إلا إذا كنتم أمة، تجعلون من أنفسكم أمة أو تقول هي مسئولية تحتاج في النهوض بها إلى أمة، الأمة يطلق على قليل أو كثير يسمى أمة إذا قد هم مجموعة متحركة.

فالخطاب يتناول المسلمين جميعـاً أنه يجب أن يكونوا هكذا كتوجيه، يجب أن يكونوا هكـذا لكن عملياً لا يتوقف – مثلما قلنا سابقاً – على أنه لا بد أن يجتمعوا كلهم جميعاً فيكونون هكذا.

{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا}(آل عمران: من الآية105) لاحظ عندما عرض علينا تاريخ أولئك الذين تفرقوا واختلفوا كيف أصبحوا بدل أن ينهضوا بمسئوليتهم في أن يكونوا أمة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر كيف كانوا؟ أصبحوا شراً بلغوا إلى درجة: و يقتلون الأنبياء بغير حق، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، ويكفرون بآيات الله، ويضلون عباد الله، فالتحذير عن التفرق والإختلاف معناه أنها قضية هي التي تضرب هذه المسئولية الكبيرة، أن أي أمة تصبح متفرقة معناه أصبحت أمة عاجزة عن النهوض بمسئوليتها ولا يكون البديل عندها إلا ماذا؟ إلا ضلال، لا تعد تقدم إلا ضلالاً؛ فنهانا ونهى الناس بشكل عام أن نكون كأولئك {الَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}البينات التي ترسم لهم طريقة واحدة يسيرون عليها فلا يتفرقون ولا يختلفون، بينات كيف يكون توحدهم، بينات بكل ما تعنيه كلمة بينات أي واضحات، هم تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم بينات، ماذا يعني عندما يحصل هذا الإختلاف والتفرق بعد البينات؟ أليس معناه تعمد ولهذا قال: {وَأُولَئِكَ} من يتفرقون ويختلفون من بعد ما جاءهم البينات {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} هو أيضاً أكبر من أليم {عَذَابٌ أَلِيْمٌ}.

كما قلنا سابقاً بأنها قاعدة قرآنية متى ما أمر بالتوحد فاعرف بأنه سيرسم طريقة التوحد، متى ما نهى عن التفرق فاعرف بأنه سيرسم الطريقة التي تبعد الناس عن التفرق، إذاً كيف عندما يأتى كثير من الناس يقولون [لكن التفرق ضروري الإختلاف ضروري وأنه ضروري نختلف] ماذا يعني هذا؟ يعني جهل بالله سبحانه وتعالى في المقدمة جهل بالله وكأنه يوجه توجيهات ما يعلم بأنها ستصطدم بالواقع! أليس هذا شأن القاصر الذي لا يعلم الغيب والشهادة؟.

عندما يقول: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا}(آل عمران: من الآية105) بمعنى أنه قدم طريقة تجعل الناس الذين يسيرون عليها لا يتفرقون ولا يختلفون لا في كبيرة ولا في صغيرة على الإطلاق، لاحظ أنه يقول هناك: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} فيبين بأنها سنة لديه أن من وجدناهم اختلفوا من قبل الأمم السابقة ما كانوا يختلفون لتقصير من جانب الله سبحانه وتعالى، إنما كانوا يختلفون متعمدين ويخالفون بغياً من عندهم عمد عدوان، مخالفة واضحة لبينات الله.

عندما ينهانا نحن الآية هذه موجهة إلى المسلمين بالذات ينهاهم عن التفرق والإختلاف، أن لا نكون كأولئك الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات، أليس معنى هذا بأنه بالتأكيد أن الله قد وضع بينات للناس للمسلمين أنفسهم توضح لهم الطريقة التي إذا ساروا عليها لا يختلفون ولا يتفرقون، ما الذي حصل؟ ولهذا نقول أننا نشتكي من ثقافة رهيبة جداً في أخطائها، هم محاولون كيف يسيرون على طريقة هم قد علموا قطعاً بأنها تؤدي إلى الإختلاف! طريقة [أصول الفقه] و [علم الكلام] وهذه المناهج التي قدمت تؤدي إلى الإختلاف وجربت وأدت إلى الإختلاف وأصبح الإختلاف باباً من الأبواب التي تبحث فيها، أعني من المباحث التي أصبحت تتناوله كتب علم الكلام وكتب أصول الفقه نفس الإختلاف، وقدموا المسألة ضرورية يعني لازم اختلاف، ثم انطلقوا يحاولون كيف يجعلون الإختلاف مشروعاً أليست هذه طامّة ثانية؟ أي كان المفروض أنهم إذا عرفوا بأنهم عندما ساروا على منهجية معينة أدت بالسائرين عليها إلى الإختلاف، أن يحصل تقييم يقولون: [إذاً هذه طريقة غلط نحاول ننظر إذا كان هناك طريقة إذا سرنا عليها لا نختلف] بدل هذه اتجهوا إلى ماذا؟ إلى أن يحاولوا أن يضفوا على الإختلاف شرعية! أليست هذه تعتبر طامّة ثانية؟.

يقول لك: يجوز الإختلاف في كذا وكذا وكذا فقط، لا يجوز الإختلاف في ماذا؟ في الأصول، مجرد عنوان وجدناهم مختلفين في الأصول والفروع، إذا كانوا متفقين على عنوان فهم يختلفون في تقديمه وفي النظرة إليه وفي تقييمه.

ألم يكن الشيء الطبيعي أنه من هذه الآية وحدها، هذه الآية وحدها تنسف كل المنهج الذي قدم للناس ورأوا هم، رأوا هم ورأينا جميعاً بأنه أدى إلى الإختلاف، هذه الآية نفسها، أليست تكفي؟ ألم يكن التصرف الطبيعي لو كان ما يزال هناك اهتداء لو كان هناك اهتداء بهدى الله هو أن يعودوا إلى البينات ليبحثوا البينات هذه ما هي البينات؟ لأن الله عندما يقول: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} وتوعدّ بعذاب عظيم إذاً فكان يجب أن تنصرف الذهنية كلها إلى البحث عن البينات هذه لأنها بالتأكيد بينات ترسم لنا طريقة لا نختلف عليها.

هل تجد مبحثاً في داخل كتب علم الكلام أو داخل كتب أصول الفقه عن البينات هذه ما هي؟ لا يوجد، أليس هذا يدل على ضلال رهيب جداً؟ ضلال رهيب جداً حصل داخل المسلمين بشكل عام عندما يبقون على المنهجية هذه؛ لأن هذه قضية قريبة وأنه عندما يقول: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} أنه بالتأكيد هناك بينات بالنسبة لنا إذاً فلا نتفرق ولا نختلف ننظر ما هي البينات لنسير عليها جميعاً هذه ما حصلت، ما بحثت! انشغلوا بإضفاء شرعية على الإختلاف كيف يكون سائغاً بل كيف يجعلونه طبيعياً وكيف يجعلونه من ضروريات الحياة، وأنها قضية طبيعية عند الإنسان! لكن لاحظ لما تفرقوا واختلفوا ونبذوا البينات جانباً ألم يظهروا ضعافاً؟ أليس المسلمون ظهروا ضعافاً؟ ضعافاً بشكل مخزي في مواجهة بني إسرائيل في مواجهة أهل الكتاب الآن في الزمن هذا؟ ألم يصبح بعضهم قد صار يشغل علومه واجتهاداته لصالح اليهود من حيث يشعر أولا يشعر؟.

يبين لك أهمية أن لا يكون هناك تفرق ولا اختلاف في مواجهة بني إسرائيل بشكل رئيسي، وهي قضية لا بد منها أعني في مسيرة الدين أنه قدم بالشكل الذي لا يؤدي إلى تفرق ولا اختلاف، لكن التأكيد على هذه هو تأكيد بزيادة التأكيد بشكل رهيب جداً أعني تذكير بما هو قائم؛ لأن دين الله هو قدم على هذا النحو الذي ليس فيه تفرق ولا اختلاف، ومع هذا نبه المسلمين بأن لا يكونوا كأولئك، لم يعملوا بهذا التوجيه؛ تفرقوا واختلفوا فوجدناهم ضعافاً أمام بني إسرائيل، بل وصل الإختلاف والتفرق إلى درجة أن نسفت المسئولية، أعني ليست المسألة الآن أنك تقول أنهم فقط مختلفون في طرق مواجهة بني إسرائيل، أهل الكتاب، أن لديهم روحاً عملية إنما هي فقط طرق مختلفة! عند كثير لا يوجد روح عملية نسفت المسئولية تماماً.

إذاً، عندما يقول البعض: إن الإختلاف هو طبيعي بالنسبة للإنسان، أليسوا يقولون هكذا؟ نقول: حقيقة أن الناس يختلفون لكن لأن الله يعلم هذا لم ينـزل دينه إلى الناس يمزقونه، جعل دينه بشكل يكون نظاماً يلتقي حوله الناس فلا يختلفون ويتولى هو رسم المسيرة كاملة؛ ولهذا قال: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}(الليل:12) لو ينـزل المسألة إلى بينهم سيختلفون وهذا الذي حصل، ألم يحصل؟ قدّم أي شيء بين الناس، قدّم دستوراً أو قدم قانوناً أو قدم فكرة معينة وقل تفضلوا واتركهم يبحثونها ويقدمون رؤى، أليسوا سيطلعونها مختلفة؟ فهذا يمثل في حد ذاته شاهداً على أنه لا يصح أن الله ينـزل دينه هكذا للناس ويقول كل و احد يمشي على ما ترجح وعلى ما فهم لأنهم سيختلفون بالتأكيد.

فالقضية أصبحت معروفة عند البشر أنفسهم، وداخل الأنظمة الديمقراطية نفسها، أليسوا في الأنظمة الديمقراطية يقولون: حرية كلمة وحرية تعبير وحرية تعدد وأشياء من هذه؟ لكن هل يسمحون في الدستور أن يكون خاضعاً لأصحاب الآراء المتعددة والأحزاب المتعددة، أم أنه يكون نصوصاً واحدة، دستور واحد ونصوص واحدة، ومتى ما نزل قانون يجب أن يكون بنوداً واحدة، هل تركوا المسألة بأنه كل حزب يقدم دستوراً وكل حزب يقدم قانوناً؟ لا، أي أن القضية معروفة حتى عند البشر، لماذا لا تتركوننا وأنتم تقولون حرية الرأي والرأي الآخر وتعدّد وحرية الكلمة وحرية كذا.. لماذا لا تتركوننا كل واحد يصلح دستوراً على كيفه، كيف سيقولون؟ سيقولون: لا يمكن، لا يمكن أن يكون هناك نظام يترك لهذا الأسلوب؛ لأنه يعني في الأخير لا يحصل شيء لا يحصل نظام يمكن أن ينظم مسيرة أمة على الإطلاق.

إذاً، أليست هذه قضية معروفة حتى داخل الأنظمة التي تدعو إلى ماذا؟ إلى التعددية الحزبية وحرية كلمة ورأي ورأي آخر، أقفلوها، إلا في دين الله قالوا يجب أن تبقى مفتوحة، اجتهادات وترجيحات ورؤى وكل واحد على ما ترجّح لديه وعلى ما غلب في ظنه وعلى ما فهم هو، أليس معنى هذا أنه ينسف تماماً أن يكون الإسلام نظاماً؟ أليس معنى هذا يقطع الحبل هذا تماماً ويحوله إلى ستين حبلا؟ لا تصبح حتى حبال يمكن تتمسك بها يجزئه تماماً، في الأخير يعني لا تبتني أمة ولا نظام وهذا الذي حصل، أليس هذا الذي حصل عند المسلمين الآن؟ كيف وضعيتهم؟. لا الإسلام في الداخل بشكل واحد، ولا الأمة هذه بقيت متوحدة، كلهم كل واحد معه حبل وكل واحد يمثل أمة لوحده. ليس معناه أنه إذا الإختلاف طبيعي بيننا، إذاً فنشتغل في الدين نحن، لأن معناه ماذا؟ سنجزأ الدين.

ألم تكن القضية هذه يجب أن ينظر إليها كشاهد على أنه لا يجوز أن يخضع الدين لآرائنا وأفهامنا وأهوائنا واجتهاداتنا وأنظارنا؟ لأنه سنختلف، سيختلفون وإن كان عندهم حسن نية، لأن البعض يقول: [إنما يخالفون عن هوى!] لكن هل تقول: كل المخالفين لك كلهم انطلقوا عن هوى وهم يعرفون الحق؟! هذه قضية غير صحيحة أن يكون واحد من الناس أو يكون مثلاً طائفة معينة عندها الحق هو الذي معها وتلك الرؤية التي هي تراها، والآخرون لماذا يخالفون؟ قال: [عن هوى، عن هوى، عن هوى كلهم!] ماذا معنى عن هوى؟ أي أنهم مخالفون للحق متعمدين وهم يعرفونه وإنما هوى! هذه قضية غير منطقية، لا، والآخرون هم مثلك يعتقد أنما لديه هو الحق ومقتنع به ويدين الله به ويبكي، يبكي من إخلاصه لله مثلما تبكي أنت إذا لديك أحد يبكي.

غير طبيعي عندما تقول: أن كل البشر هؤلاء داخل المسلمين هم يخالفون عن هوى، إذهب إلى الحج ترى الناس كيف هم ستراهم كمثلك، وكل واحد عنده أن طريقته هي دين الله وهو يتعبد لله بها، ليس أنه يخالف الحق وهو يعلم!.

تجد مما ينسف فكرة اجتهادات وترجيحات وآراء متعددة وأشياء من هذه، التأكيدات الإلهية على التسليم له هذه هي قاعدة هامة، إذا كان هناك معرفة بالله، لأنه كيف يمكن أن يقول للناس أن يكونوا مسلمين له، ولا يرسم الطريقة التي تمثل إسلامهم له هل سيتركها لأمزجتهم؟! التوجيهات التي رأيناها في [سورة البقرة] وفي [سورة آل عمران] وفي سور أخرى على أن يكون الناس مسلمين له، مسلمين {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ}(آل عمران: من الآية19) لا يمكن أن يقول لك هكذا، إلا وقد رسم الطريقة تماماً التي تسلم نفسك باتباعها، بالسير عليها، ولهذا سماه صراطاً مستقيماً، وسماه سبيلاً، ألم يسمه سبيلاً، وسماه صراطاً مستقيماً؟. لا يقول: مسلمين أن تكون مسلماً لله أن تسلِّم لله وتسلِّم نفسك لله ثم في الأخير كل واحد يتحرك من عنده يقدم رؤى ويقدم مناهج ويقدم أشياء، ويعتبر أنه لأجل يسلِّّم نفسه لله ويسير عليها، أليس معنى هذا بأنه سيعتبر تقصيراً من جانب الله لو أن المسألة بهذا الشكل؟ أبداً، لا يمكن أن يكون هناك تقصير من جانب الله؛ لأنه لا أحد يمكن أن يقول لك أن تكون مسلماً إلا وقد قدّم طريقة يمثل سيرك عليها التسليم له.

إضافة إلى الحالة النفسية لديك، إخضاع نفسك هناك طريقة {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}(النساء: من الآية80) {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}(الأنعام: من الآية153) هنا معنى التسليم {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ} و{فَاتَّبِعُوهُ} أليس معنى التسليم؟ عندما يقول تسليم هنا، أليس فيه طاعة واتباع؟ أليس هناك فيه أشياء واضحة صراط وهناك رسول؟ ألم يجعل التسليم قضية عملية؟ أن يكون التسليم قضية عملية، يعني هناك منهج متكامل يمثل تسليمك لله أن تسير عليه.

إذا ما فهمنا هذه سنغلط حتى في إخلاصنا لله، ألسنا نقول: ممكن أن تغلط وأنت مخلص؟ لأن أول فاتحة إخلاصك لله أن تسير على كتابه وإلا فأنت غير صادق أنت مخادع لنفسك أنت تشتغل بالمقلوب تخلص لله بباطل، أحياناً قد يكون عندك ضلال يكون عندك باطل، وعندك أنه من دين الله وتكون أنت تقدمه لله وتخلص له به، هذه قضية غريبة تقدم لله شيئاً هو كاره له ولا يريده وبإخلاص له.

فالإخلاص لله، الذي هو ماذا؟ يعني التسليم لله أو مظهر من مظاهر تسليم الإنسان نفسه لله يجب أن يكون معروفاً لدينا بأنه يتجسد في ماذا؟ أن يكون عندك فكرة أنك تتبع، تتبع كتاب الله، تتبع هدى الله هذا يتمثل فيه إخلاصك لله.

كيف يمكن أن يقول أو يؤكد على أن يكون الناس مسلمين له؟ كيف نستطيع أن نوفق بينها وبين ما قدم في الأخير بأن الدين هكذا [لا يوجد هناك أدلة يقينية لا يوجد جهة نتبعها لا يوجد ولا، ولا إلى آخره معنا كتاب وسنة، لا يوجد جهة نقول بأنها هي قائمة على هذا إنما فقط كل واحد يقوم من عنده يبحث ويجتهد وهو ملزم بما أدى إليه نظرهُ وبحثه واطلاعه وترجيحاته!] هل يمكن أن توفق بين تأكيدات القرآن للتسليم وبين المقولة هذه، لأن معنى هذه أن هذا الموضوع ضائع، أليس معناه هكذا؟ لا يوجد طريقة واضحة، معناه لا يوجد طريقة واضحة! فكيف يمكن أن الله يقول لك أن تسلم له ولا يوجد طريقة تسير عليها؟ لا يصح، هذا لا يمكن أن يصح عند البشر هم، يقول لك امشِ على الدستور تلتزم بالقانون ولم يعمل قانوناً، ممكن يقول لك هكذا؟ تلتزم بالقانون تكون مطيعاً ولا يوجد هناك قانون؟ أو يقول لك تكون مطيعاً ولا يقدم لك شيئاً يعبر عن ماذا؟ أن يكون عملك به طاعة له؟ لا يمكن هذا عند البشر، ما بالك عند الله سبحانه وتعالى.

وللأسف أنه إلى الآن ما نزال نتشبث بالطرق هذه التي تنطلق على أساس أن كل واحد يشتغل من عنده، بل بعضهم يقدمها كمقترح في حلّ لما يواجه المسلمين اليوم من جانب الأمريكيين والإسرائيليين يقول [لازم مزيد من الديمقراطية المزيد من الحرية، التي يسمونها حرية، القول والقول الآخر] يعني مزيد من التمزق، مزيد من الثرثرة، التي لا يبتني عليها شيء!.

وتجد الطريقة هذه، الله رسم من البداية عندما تحدث عن بني إسرائيل، ثم كيف يكون الناس في مواجهتهم، هي هذه طريقة واضحة {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}(آل عمران: من الآية105) قلنا نحن بحاجة إلى أصول دين، أصول فقه، تهتم بالبحث عن البينات هذه، هذا أصول الفقه الصدق، أصول الدين الصدق، أن يكون هناك أصول فقه وأصول دين يبحث هذه البينات التي إذا سار الناس عليها لا يختلفون ولا يتفرقون.

وكان هذا الوعيد الشديد – كما كررنا – الوعيد الشديد هذا: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(آل عمران: من الآية105) كان المفروض أن يكون هو بالشكل الذي يدفع الناس من الذين من قبلنا جيل بعد جيل أن يدفعهم إلى أن يهتموا بالبحث عن البينات التي لا يفترق الناس ولا يختلفون إذا ساروا عليها، لكن الجهل بالله أو تقول النقص الكبير في معرفة الله سبحانه وتعالى يؤدي إلى جهل بكتابه وجهل برسوله وجهل بدينه وجهل بدنياه وجهل بالآخرة وجهل بالإنسان نفسه وجهل بسنن الحياة هذه.

إن هذه من الأشياء التي تعتبر سيئة جداً، أن يجد المسلمون نهياً هنا عن التفرق والإختلاف ثم يحاولون كيف يشرعون ويجعلون الإختلاف مقبولاً، ويردون على الله بأنه: [الإختلاف طبيعي والإختلاف ضروري] أليس هذا يعني جهلاً بالله بشكل كبير؟ جهلا بأنه كما قال في آية أخرى: {قُلْ أَنْزَلَهُ}(الفرقان: من الآية6) نزل هذا القرآن الذي فيه هذه الآية {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِيْ يَعْلَمُ السِّرَّ فِيْ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ}(الفرقان: من الآية6) كيف يمكن أنه ينهى عن الإختلاف والتفرق ثم لا يرسم طريقة تبعد الناس عن الإختلاف والتفرق، هو الذي خلق الإنسان ثم ترد عليه وتقول: الإختلاف طبيعي بين الناس!.

تجد من يدعون إلى الإختلاف في النظام الديمقراطي تعددية حزبية وآراء متعددة، أليسوا يحتاجون أن يحسموا الموضوع فيما يتعلق بدستور وقانون؟ يحتاجون يحسمونه لأنهم عارفون أنه لا يمكن نقول تعددية وحرية في كل شيء بما فيها فيما هو نظام لأن معناه أن لا يكون هناك نظام يحكم الجميع، مثلاً قد نكون مجموعة أحزاب مجموعة شعب مليئ بالناس الذين اتجاهاتهم ورغباتهم وأهوائهم مختلفة، لا بد من نظام يحكم الجميع، أليسوا يعملون قانوناً للأحزاب نفسها؟ دستوراً يقوم عليه التحزب بكله، ثم أيضاً يعملون قانوناً للأحزاب نفسها، يعني ماذا؟ يعتبر نظاماً، نظاماً واحداً، ويقدمونه بصيغة واحدة بحيث يكون ماذا؟ يعتبر منظماً لشئون الأحزاب هذه التي هي متعددة ومختلفة.

ثم ترى مثلاً مدينة معينة، ترى فيها أطباء ومهندسين ووزراء وعسكريين وإداريين وأصحاب مهن متعددة يعملون دستوراً على أساس أنه ينظم حياة هؤلاء ويجب أن يكون من جهة واحدة، وأن لا تخضع نصوصه لتفسيرات الناس ولا لآرائهم وترجيحاتهم، أعني هذا ملاحظ في النظام الديمقراطي فترى أنه كيف أوصل الناس الذين قدموا مناهج أخرى من داخل المسلمين أوصلوا الإسلام إلى أن جعلوه هناك أعني بشكل رهيب جداً، أعني لم يعد ولا مثل الديمقراطية، مفتوح هكذا ثغرات، فلا تبتني عليه أمة ولا يقوم عليه نظام على الإطلاق.

في الديمقراطية هم يحاولون بهذا: أنه فيما لو حصل اختلاف في فهم نص دستوري، فليس الموضوع يخضع لاجتهادات المختلفين، هناك محكمة دستورية فيها شعبة معينة تختص بتفسير نصوص الدستور، وهل يسمحون إلى أنه في القوانين عندما يأتي قانون ينـزل من مجلس النواب يسمحون للقانونيين والإقتصاديين والمثقفين أن يقدموا اجتهادات، وكل واحد ملزم بما أدى إليه نظره؟ وكل واحد يقلد بعده من قلد؟! أعني القضية يعرفها الناس بأنها خطأ وقد أصبحت معروفة بأنها خطأ، بكل وسائل المعرفة وما نزال متشبثين بها في دين الله الذي هو نظام للبشر جميعاً لتقوم عليه أمة واحدة!!.

{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}(آل عمران: 106) بعد التبيين الكامل، بعد هذا الهدى الكامل، لم يبق إلا ماذا؟ بياض وجوه وسواد وجوه، أعمال تسوّد الوجه أو أعمال تبيّض الوجه، مواقف تبيض الوجه أو مواقف تسود الوجه، المختلفون المتفرقون لا يطلع من عندهم إلا مواقف تسود الوجه، كيف مواقف الناس الآن العرب بشكل عام، كيف هي في معظمها؟. مواقف تسود الوجه.

تلاحظ أن هدى الله سبحانه وتعالى لا يقدم كقضية، وعلى كيفك وإلا فلا يوجد تبعات بعدها، يحصل لها آثار سيئة أو آثار إيجابية في الدنيا والآخرة بعد ما يوجه الناس كيف يكونون معتصمين به معتصمين بحبله متقين له ويكونون أمة على هذا النحو، يكونون مبتعدين تماماً عن التفرق والإختلاف يقول بعدها {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ}(آل عمران: من الآية106) يعني هذا هدى يجب أن تسيروا عليه، بعده عقوبات رهيبة بعد التفريط فيه ونتيجة التفريط فيه عقوبات شديدة.

{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}(آل عمران: من الآية106) لاحظ معناها ماذا؟ من د اخل من؟ من داخل من قد أطلق عليهم اسم إيمان، وانتسبوا إلى مسمّى إيمان وإسلام.

{أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}(آل عمران: من الآية106) ماذا يقال للمختلفين الذين يؤصلون التفرق والإختلاف يؤصلونه ويسوغونه بعد ما قال أن هناك بينات وبعد ما نهى عنه؟ أليس هذا يسمى رفضاً؟ يسمى كفراً بعد إيمان، حقيقة، هذا المعنى الذي نقوله دائماً أنه واسع داخل دائرة من هم منتمين إلى هذا الدين.

{فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}(آل عمران: من الآية106) لأن التفريط في هذا الهدى قد يجعل الكثير في الأخير يعملون أعمالاً تسود الوجه، كفر بعد إيمان، أعمال تسود الوجه عندما يكون قد صار يشتغل مع بني إسرائيل ألد أعداء الأمة أخبث أعداء البشرية، ثم تراه قد صار يشتغل معهم تحت أي عبارات أو تحت أي مسميات، أليست هذه قضية ملموسة؟ قد صاروا يحاولون أي توجيه من أمريكا يمشونه، مناهج [مستعدين نغير مناهج] زي معين [مستعدين زي معين] وهكذا! معناه بأنه أسوأ موقف، تنصرف عن هدى الله، ويوصلك هذا الإنصراف إلى أنك تصبح تتبنى مواقف سيئة جداً، تسود وجهك.

{فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}(آل عمران: من الآية106) يقال لهم يوم القيامة: {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ}(آل عمران: من الآية 106- 107) هؤلاء الذين ساروا على هدى الله ووثقوا بأن هدى الله شامل ووثقوا بأن توجيهاته كاملة وأنه يرسم الطريقة المتكاملة التي تسمى صراطاً مستقيماً، تكون مواقفهم في الأخير مواقف تبيض وجوههم.

{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(آل عمران: الآية107) سمى الجنة رحمة، وفي رحمته من الدنيا إلى الآخرة، أي رحمة لا يخرجون عنها من الدنيا أما الآخرة فقد هي تلك الرحمة الأبدية.

إذا واحد تأمل في مواقف الناس في الزمن هذا في مواجهة ما يحصل من جانب أمريكا وإسرائيل، ألسنا نجد فيها نحن مع قصور فهمنا كبشر أنها مواقف تسود الوجه عندما تسمع الأمريكي مُتجه، اليهود والنصارى متجهون إلى أن يخفوا كتاب الله، كثيراً من آياته من مدارس ومساجد، وعندما تسمع أنه في العراق فعلاً، في العراق قالوا بأنه نفس الحاكم الأمريكي أصدر توجيهات إلى أئمة المساجد أن لا يقرؤوا الآيات التي فيها جهاد في الصلاة، معناه أنهم قد صاروا يتحكمون في هذا الموضوع ويوجهون الناس أن يخفوا كثيراً من آيات الله ويتأقلمون معها، أليست هذه مواقف تسود الوجه؟ مواقف سيئة جداً.

{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: الآية108) هذه حقائق {نَتْلُوهَا عَلَيْكَ}، ما هي مقترح من أي طرف آخر، من جهة الله سبحانه وتعالى، {بِالْحَقِّ} يعني: هي نفسها حق، وأن تتلى عليك هو حق وأن تنـزل إليك حق، قضية هامة، يعني مثلما تقول تقتضي حكمته أن يوجّه بهذه التوجيهات الهامة.

{وَمَا اللهُ يُرِيْدُ ظُلْماً لِلعَالَمِيْنَ}(آل عمران: من الآية108) هذه التوجيهات الهامة من أول ما يقول لهم أن يعتصموا به يعتصموا بحبله، ويوجه كيف يكونون؛ لأنه لا يريد أن يظلم الناس، العالمين، ما بالك أولياؤه ما بالك من هم متجهون إلى أن يسيروا إلى الإلتزام بدينه {وَمَا اللهُ يُرِيْدُ ظُلْماً لِلعَالَمِيْنَ}(آل عمران: من الآية108) معناه بأنه إذا لم يكن هناك تمسك بهذه سيظلمون، وهو يعلم أنهم سيظلمون ويعلم أنهم إذا لم يتمسكوا، إذا لم يسيروا على هديه سيظلمون؛ فلهذا هداهم لأن لا يظلموا، لأنه لا يريد أن يظلموا، لكن عندما تكون أنت لا تبالي، قد رغبتك أنت أن تظلم، فهناك الله يقول: الله غني عن العالمين، هذه قاعدة تراها في كل شيء يقدم لك هو لا يريد أن تظلم، هذا هدى لك بالشكل الذي يجعلك بعيداً عن أن تظلم إذا ما هناك توجه ولا هناك اهتداء فستظلم وسيعاقبك أيضاً هو من عنده {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه}(آل عمران: من الآية106).

يقول بعد هذه الآية {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}(آل عمران: من الآية109) لاحظ كيف تنسف أي تطانين من داخل قد تقعد الإنسان عندما قال هناك: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً}(آل عمران: الآية103) ذكر أنه يتدخل فيؤلف بين قلوبهم عندما يقول: [نحن أعداء ومفرقين كيف نعمل] ذكر أنه يتدخل. عندما تقول: [لكن الأعداء كبار وأقوياء وكثير وهم، وهم.. إلى آخره] هو يقول لك الذي هدى الناس إلى هذه ولأنه لا يريد أن يظلموا أنه هو له ملك السموات والأرض {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}(آل عمران: الآية109) فإذا أنت ترى أمامك قائمة من الأمور وتراها بشكل كبير أمامك، تحول بينك وبين أن تتوجه تقول: [صحيح، باهر] وهذا هو الذي هو حاصل عند الناس [صحيح وباهر لكن..] أليسوا في الأخير يقولون: [لكن هناك يوجد أمور كبيرة أمريكا وإسرائيل والعرب كذا..] يعمل لك قائمة أمور، أليسوا هكذا؟ وهنا يعمل وعداً للناس إذا ساروا على هداه بأنه إليه ترجع الأمور، كثير من الأشياء هذه هو يزيحها، ويعمل متغيرات كثيرة، فأنت عندما تتجه على هداه، هو إليه ترجع الأمور لا يكون أمامك شيء من هذه الأشياء هو الذي يغير، يغير في هذه الحياة {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ}(هود: من الآية 123) كما قال في أكثر من آية هذه يكررها عدة مرات في القرآن، عندما تقعد عن هذا الهدى على أساس مراعاة لهذه الأمور وكأنك قد ارتضيت لنفسك طريقة تتأقلم بها مع هذه الأشياء الكبيرة أمامك لتسلم، فافهم، لا، {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}(فاطر: من الآية4) سيضربك بمن تحاول أن تتأقلم معهم لتسلم شرهم، مثلما هو حاصل عند العرب الآن، أمثلة كثيرة الآن نعمة أمثلة مَثِّل حتى تشبع من واقع الأمة الآن.

الذين يقولون [ما نستطيع ولا معنا، وهم كذا، وهم كذا معهم ومعهم ومعهم ونحن لا معنا ولا معنا] أليسوا يعملون قائمة أمور؟ أليست تقعدهم الفكرة هذه؟ ناسين للآية هذه {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}(آل عمران: الآية109) وكم كررها في القرآن.

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(آل عمران: الآية110) أن تختار هذه الأمة أن تكون هي التي ماذا؟ تحمل راية الإسلام من داخلها نبي الإسلام، ينـزل في وسطها القرآن الكريم، يكون هذا القرآن بِلُغَتِهَا، اختيرت لتقوم بهذه المهمة على أساس هذا الإعتبار، لا تقول أنه حصل غلطة أنه أوكل إلى هذه الأمة واتضح أنها ليست أهلاً!. لا، في واقعها هي كانت تعتبر أحسن أمة مقارنة بأمم أخرى والإعتبارات تكون أشياء واسعة لا نستطيع أن نحيط بها ولا نعرف القليل منها، اعتبارات أن تكون هذه الأمة أحسن من تلك الأمة بأن تكون هي محطّ لأن تنهض بالرسالة أن يكون الناس منها هم جنود هذه الرسالة، لكن مهما كان أي خيِّر سواء على مستوى شخص أو على مستوى أمة مرتبط بأن يسير على الهدى الذي وجه به أو وجه إليه.

المهم الذي يمكن أن نفهمه من الآية هذه {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}(آل عمران: الآية110) أنه من البداية عندما تختار هذه الأمة لهذه المهمة، معناه ماذا؟ مقارنة بأمم أخرى، هي أحسن أمة يوكل إليها هذه المهمة، يصطفى النبي منها وتحمل هي هذه الرسالة ويكون القرآن بلغتها.

مثلما قال عن بني إسرائيل، ألم يقل: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}(الدخان: من الآية32) هو الذي يختار أمة، والإختيار مبني على أساس فليسيروا على هديه وليلتزموا بكتبه، حصل خلل عندهم، نبذهم، فهذه الأمة ما تزال إلى الآن تقول: [نحن خير أمة خير أمة، وكذلك جعلناكم أمة وسطاً نحن خير أمة…] الخيرية هنا مرتبطة بماذا؟ بمسئولية، بمهمة، وإلا فسيكون ما يقابلها انحطاط، ما يقابلها سقوط.

يلاحظ واحد في التاريخ كم كانت خير أمة؟ فترة قصيرة قد تجدها فقط ربما أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في حركتها كان لها أثر كبير وإنجازات كبيرة، ومن بعد حصل خلخلة رهيبة جداً.

لكن قد تكون ما يزال هناك بقايا مقومات إذا هناك توجيه إليها واستغلال لها وتذكير للأمة، بأن ماذا؟ تستغل ما لديها من مقومات تجعلها فعلاً خير أمة أو تعود إلى أن تكون خير أمة، ألسنا نجد في الحديث عن بني إسرائيل أنه يتكلم كثيراً ثم يدعوهم ثم يقول أنه لا ينبغي أن تكونوا أول كافر به، حتى هناك في هذه الآية {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ}(آل عمران: من الآية 110) وهنا يقول: {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ}(آل عمران: من الآية99) {لِمَ تَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}(آل عمران: من الآية 70).

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}(آل عمران: من الآية 110) ثم يبين بأنها مسئولية عامة للناس، وأن مسئوليتهم هي مرتبطة بالناس جميعاً، هي الرسالة التي هي للعالمين، القرآن للعالمين، والرسول للعالمين، مهمة هذه الأمة هي ماذا؟ أن تتحرك بهذه الرسالة في العالمين في الناس {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(آل عمران: من الآية 110).

إذاً فقد اختار الأمة، وأعطاها التوجيهات الكاملة التي تجعلها فعلاً قادرة على النهوض بمسئوليتها، فحصل الخلل من داخلها، حصل خلل من داخلها بمعنى أنه في الأخير ما تقول بأنه ربما لو اختار الله أمة ثانية كان ربما تنجح القضية أو ربما هناك تقصير في كذا… يختار، ويختار أفضل منهج، لكن تجد الناس أنفسهم هم يحصل خلخلة من عندهم هم، ويحصل ابتعاد من عندهم ويضيعون مسئوليتهم هم، ومع هذا لا يقول يكفي غلطت الأمة هذه ويكفي، ما يزال التوجيه قائماً وما تزال الإمكانيات للنهوض بالمسئولية قائمة يعني: ممكن، أليس القرآن هو كتاب يعطي هدى في كل زمن؟ يعطي هدى في كل زمن يمكن للأمة أن تنهض به من جديد وتأخذ عبرة من ماضيها تأخذ عبرة من تاريخها، كيف تدنت كيف سقطت؛ لتعود لتنهض بشكل صحيح.

{تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(آل عمران: من الآية 110) الآن لاحظ كيف تقدم مسئولية الأمة الآن؟ كيف توجه؟ توجه إلى أن تقبل بالآخر لا تعترض على منكره لا تقدم ما لديها من معروف، أي لا تعد تأمر بمعروف ولا تنهى عن منكر، وتؤمن بالآخر أكثر من إيمانها بالله، وهذا من الأشياء الرهيبة جداً بسبب حكامها بسبب علماء سوء في داخلها.

{وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ}(آل عمران: من الآية 110) بمعنى أن الله سبحانه وتعالى يريد لكل الناس أن يؤمنوا، هذه القضية هامة جداً، سيأتي بعدها حديث عن أهل الكتاب بشكل آخر، بمعنى أنهم في نفس الوقت الذي ترى هذه الأمة بأنها خير أمة وأنها أوكل إليها هذه المهمة ونزل القرآن بلغتها والنبي منها الذي هو للعالمين جميعاً، أنها ما تزال قضية أن تلحظ فتنظر نفس النظرة القرآنية أنها تود أن يؤمن الآخرون كلهم ألم يقل هناك في البداية {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}(آل عمران: من الآية 104) يكون عندها نظرة خيِّرة عندها روح خيِّرة، أعني لا تعتبر نفسها وكأنها متكتلة تكتلاً إقليمياً تكتلاً شخصياً هي تقوم بمسئولية ومهمة هذه المهمة أساسها أن ترغب في أن يؤمن الكل.

{وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}(آل عمران: من الآية 110) يذكرنا أيضاً بأهل الكتاب، كما قال في سورة أخرى عندما ذكر فئات ممن مضوا من بعد نوح، ثم وجه المسلمين توجيهاً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}(الحديد: من الآية28-29) بعد ما قال من أيام نوح أنه أورثهم الكتاب والنبوة ثم يذكر – معنى الآيات – قليل يؤمنون وأكثرهم فاسقون في مرحلتين هو عددها هنا في [سورة الحديد] بشكل أعني بينها علاقة وبين هذه الآية، أي ليفهم الناس أن القضية، أن دورهم هو الدور النهائي فعليهم أن يحذروا أن لا يكونوا كالسابقين.

بعد ما قال: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}(الحديد: الآية25) هذه المهمة الرئيسية للأمم {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}(الحديد: الآية26) لاحظ هنا قال: {فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}(الحديد: من الآية 26- 27) لاحظ يبين إنما ذكر من الأمم [صحطت] على ما نقول؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} هذا تذكير للأمة هذه أنها تعرف مسئوليتها ودورها الهام، مثلما يقول [بقي أنتم] كأنه مثلما يقول: [بقي أنتم الذين أنزل إليكم هذا الكتاب وبعث منكم هذا الرسول].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}(الحديد: من الآية28) لإلتزامكم، ولتقدموا أنفسكم مثلاً أعلى، يكون ماذا؟ في مقابل الذين كانوا ماذا؟ {وكثير منهم فاسقون}(الحديد: من الآية 27) {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}(الحديد: من الآية 28- 29) حتى لا يأتي أهل الكتاب يقولون: [إذاً كل الأمم فاشلة وما أعطي لغيرنا من فضل هو لا يصلح له] يعني اثبتوا جدارتكم، معناها اثبتوا جدارتكم قدموا من أنفسكم شهداء على أن الله يختص برحمته من يشاء ويختص بفضله من يشاء، لا تجعلوا أهل الكتاب في الأخير يتشبثون بما هم عليه ويرون بأنه فعلاً نظرتهم وكأنها واقعية أنه لا يصلح للدين على الرغم مما حصل لديهم إلا هم، وأنه [لاحظوا الآخرين كيف جاء منهم نبوة وكتاب كيف وصل الحال فيهم] معنى هذا أن واقع الأمة خطير جداً مسئولية كبيرة جداً عليها لأنها تمثل شهادة، تمثل شهادة هنا يقول أيضاً: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}(آل عمران: من الآية 110) انتبهوا أنتم أيضاً، أنتم خير أمة اختيرت لهذه المهمة، لا تطلع النتيجة على هذا النحو.

الآن أصبحت المسألة في الأخير إلى أنه مثلما نقول: [كنا أمة أو كانوا] أليس العرب الآن يقولون: [كنا وكنا ويوم كنا وصلنا إلى الصين ووصلنا إلى فرنسا ووصلنا إلى…].

{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً}(آل عمران: من الآية 111) عندما تكونون على هذا النحو وتهتدون بهدى الله وتجعلون من أنفسكم أمة تنطلق بهذه المسئولية على أساس هدى الله، فمهما كان الطرف الآخر ومهما كان لديهم من نوايا سيئة ومؤامرات كبيرة وإمكانيات هائلة {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}(آل عمران: الآية 111) أليس هذا قمة الهداية من جهة الله يعطي الناس توجيهاً ثم يرفقه بأنه وهو يعلم الغيب والشهادة وإليه ترجع الأمور إذا كنتم على هذا النحو، فهؤلاء مهما كانوا كباراً مهما كانت إمكانياتهم، ستكون النتيجة هكذا {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}(آل عمران: الآية 111).

{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}(آل عمران: الآية 112) هذه نقطة الضعف فيهم، لهذا نقول أنه من النعمة على الناس على المؤمنين، أن يكون أعداؤهم هم أعداء الله وهم ممن استوجبوا غضب الله وضربت عليهم الذلة والمسكنة وممن استوجبوا أن يعذبهم عذاباً شديداً وعذاباً أليماً، على اختلاف الآيات في هذا الموضوع، بمعنى أن هذا يمثل أملاً في حد ذاته لأنه عندما يكون عدوك هو عدو الله يكون معناه ماذا؟ نقاط الضعف فيه كثيرة نقاط الضعف لديه كبيرة جداً.

{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية 112) لاحظ هنا فيها قضية أعني في تشخيص نفسية بني إسرائيل أنه فيما يتعلق بالمواجهة بعد أن ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة خوافين جداً من موضوع القتال، هذا يعني ماذا في الأخير؟ ولهذا نقول أكثر من مرة: يجب أن نعرف نتلمس ما يعملون ونعرف بأن بإمكاننا أن نعمل أشياء كثيرة في مواجهتهم لأنهم في المقابل يركزون على الأشياء الأخرى على الحرب النفسية والحرب الثقافية الإقتصادية، أشياء كثيرة، الحرب الإعلامية يركزون على وسائل أخرى بحيث ماذا؟ لا يبدون على أمة من الأمم إلا وقد هي منهارة لأنهم خوافين جداً من موضوع القتال.

إذاً نحن بنظرتنا العربية مثلاً العرب قد يكونون فاهمين موضوع الصراع يعني ماذا؟ قتال، قتال، أليس هكذا؟ لكن يجب أن تفهم الطرف الآخر، العدو الذي يتحرك في مواجهتك، يتحرك عندما يكون من النوعية هذه فاعرف بأنه يشتغل بوسائل أخرى متعددة، هذه هي حالة ضعف كبيرة فيه معظم الوسائل التي يشتغل بها هي عنده وسائل رئيسية أساسية وهي في نفس الوقت بالشكل الذي يمكن للناس أن يواجهوها أن يتحركوا في مواجهتها لكن عندما تأتي عند الناس يقولون: [ما معنا ولا معنا] العربي دائماً ينظر إلى موضوع السلاح فقط سلاح سواء سيف أو سلاح تفجيرات فقط. يقول لك هناك: هذا العدو نفسه خواف من المسألة هذه، يشتغل معك بطرق ثانية إذا نجحت أنت معه في الطرق الثانية هذه في مواجهته لن يصل إليك بالسلاح إذا استطاع الناس أن يفشلوا أعماله الأساسية فلن يبدي عليهم نهائياً.

لو أنهم ناس عندهم جرأة لما أتعبوا أنفسهم في القضايا الأخرى، هم يعرفون بأنه من الناحية المادية فيما يتعلق بقدرات عسكرية بأنه لا يوجد توازن ما بين الناس وما بينهم يمتلكون أن يضربوا الناس من علوٍ شاهق ومن بعد مئات الأميال صواريخهم ومن أعماق البحار من الغواصات ومع هذا كله مع هذه الإمكانيات ليس لديهم جرأة مواجهة مسلحة هكذا يعتمدون بشكل أساسي على الطرق الأخرى، بحيث أنهم لا يبدون على أمة من الأمم أو شعب من الشعوب إلا وقد ضرب أساساً قد هو منتهي، قد هو منتهي].

ولهذا تجدهم على الرغم من أسلحتهم المتفوقة ما يزال يخاف من البندق هذا السلاح الشخصي، أليسوا يطوفون الأسواق ليروا إذا فيها أسلحة؟ ويجلسون يحاولون كيف يلفقون تلفيقات لسحبها، يضيعونها، هذه الأسلحة البسيطة كم الفارق بين الطلقة طلقة رصاص وبين الصاروخ الذي لديهم؟ ما زال خائفاً لأنه لا يريد مواجهة مسلحة لاحظ كيف هم في العراق الآن؟ في العراق ألم يبدو بحالة يعني فيها ضعف كبير جداً، تأتي قذيفة معينة ضربت عليهم مدرعة أو ضربت ناقلة أو ضربت… قتل مجموعة جنود اهتزت أمريكا هناك وتهتز معنويات الجنود في الداخل في العراق، فيتهربون على تركيا وعلى سوريا، لكن متى وصلوا إلى العراق متى ضربوه عسكرياً؟ بعد ضربات أخرى كثيرة ولهذا نحن نقول الناس يشتغلون بالوسائل هذه أشياء كثيرة في متناول الناس يعملونها إضافة إلى إعداد أنفسهم للمواجهة المسلحة لأن هذه قضية أساسية لا يأمن هذا العدو طرفك بأنك لا تواجهه معنى هذا يتجرأ عليك يعرف أنك مستعد بأن تواجهه بما لديك من سلاح مهما كان بسيطاً، وفي نفس الوقت يجب أن تشتغل بالطرق الأخرى الموضوع الثقافي موضوع الحرب النفسية، الحرب النفسية هي حرب واسعة وهم يركزون عليها بشكل كبير نحن نقول مثل موضوع شعار ومقاطعة اقتصادية وتوجيه للناس على هذا النحو يعتبر حرباً، يعتبر تحصين للأمة من ماذا؟ من حربهم الحقيقية.

لكن لاحظ من العجيب عندما لا يوجد رؤية بهذا الشكل وهي رؤية قرآنية يرشد إليها القرآن يقولون (ماذا نعمل؟!) وهم كل واحد يستطيع أن يعمل الكثير [ماذا نعمل؟] وسائل أن تعمل كثيرة، مطبوعات متوفرة أشرطة متوفرة الأموال بأموال الناس بإمكانياتهم الحاصلة يستطيعون أن يكون لهم حركة ثقافية كبيرة حركة دعائية ضد العدو كبيرة؛ لأنها أساس في القرآن فضح العدو وما هو عليه ونواياه كذلك مواقف شعارات الشعار يمثل حرباً نفسية بالنسبة لهم حرباً نفسية لأنهم عندما يضربون في العراق ورأوا الناس هنا ما سكتوا ما يزال الشعار [الموت لأمريكا الموت لإسرائيل] رأوا أن هؤلاء لم يتأثروا نفسياً هو ينهزم نفسياً، هو في المقابل أعني عندما يفجر هناك في الأخير ينظر هنا ينظر كم الذين قد خافوا؟ كيف سيظهر بأنك خفت منه؟ أن نفسيتك انهزمت؟ عندما يراك تراجعت رأى الناس يرفعون شعارات من قبل يضرب العراق ومن بعد أن ضرب العراق وأثناء ضربه وأثناء عمله الكبير الدعائي الإعلامي الذي هو يمثل ماذا؟ حرباً نفسية وجدهم لم يتراجعوا يحاول يسجن يحاول كذا ما تراجعوا، هي في حد ذاتها حرب نفسية كبيرة في مواجهتهم، وإبطال، إبطال لحرب نفسية من عندهم.

{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}(آل عمران: من الآية 112) متى يمكن يعطيهم حبلاً؟ معناه سبباً متى ما ترك الآخرون حبله ألم يقل هناك: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية 103) هناك قدم حبلاً في المقدمة لأوليائه للناس للمسلمين {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية 103) ما لم سيعطيهم حبلاً من جهته سنداً، وحبلاً من الناس يشتغلون الذين تركوا حبله وهم في الأخير يسقطون هم مع الذين تركوا حبله.

لاحظ هذه ألم يذكر هنا كلمة حبل، بعد ما ذكر حبلاً سابقاً {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً} تعتصمون بهذا الحبل ستنتهي المسألة إلى هذه {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}(آل عمران: من الآية 111) [لأنهم كذا وكذا في واقعهم] ذلة ومسكنة وباؤا بغضب، إلى آخره {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية 103) يعطيهم سبباً معيناً {وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}(آل عمران: من الآية 103) أليس معهم حبل من أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومن.. وحبل من داخل الأمة أيضاً يمدون لهم حبالاً من هنا من داخل حكومات العرب. فإذا تحرك الناس واعتصموا بحبله تقطع الحبال الأخرى معنى {ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}(آل عمران: من الآية 111) لا يعد يبقى حبل على الإطلاق معهم؛ لأنه حتى بالنسبة للنصارى هم مكر وهون لديهم إذا جئنا إلى نفس اليهود النصارى مكر وهون لديهم، والنصارى اليهود مكروهون لديهم، وفي داخلهم عداوة وبغضاء فيما بينهم. ومن جهة الله يقطع كل الحبال {ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}(آل عمران: من الآية 111) بهذه العبارة القاطعة.

فعندما يلاحظ واحد مثلاً وجدناهم ينجحون في أشياء معينة، فلأن هؤلاء مفلتين لحبل الله {وَلله جُنُوْدُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ}(الفتح: من الآية 4).

بنوا إسرائيل يقولون هم في تاريخهم، يوم كانوا وضعيتهم كوضعية المسلمين الآن، بالنسبة لرسالتهم كان يسلط عليهم من ألدّ أعدائهم لا تدري أحياناً المصريين وأحياناً الفلسطينيين وأحياناً البابليين.

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}(البقرة: من الآية61) الله ضرب عليهم الذلة والمسكنة وباؤا بغضب منه وتقدم في سورة البقرة غضب على غضب لماذا؟ هل موقف شخصي من أولئك؟. لا؛ لأنهم كانوا هكذا: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}(البقرة: من الآية61) فالعاصين والمعتدين الكافرين بآيات الله، من يحاربون من هم ورثة لأنبياء الله، معناه في الأخير ماذا؟ تضرب عليهم الذلة والمسكنة كمثلهم،! كما ضربت على أولئك.

أي عندما يقول ذلك بأنهم كانوا كذا كذا إلى آخره، فلأن معناه من يكون على هذا النحو فهذا مصيره تضرب عليهم الذلة والمسكنة.

{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ}(آل عمران: الآية 113 – 115).

عندما يقول: {لَيْسُوا سَوَاءً}(آل عمران: من الآية 113) نجد كلما يأتي حديث كثير عنهم حديث كثير عنهم يرفع الإنسان أن يكون له موقف شخصي وعداوة شخصية لماذا؟ لأن هذه مؤثرة جداً في حركتك وأنت تعرف أن هذا الدين هو للناس جميعاً، ثم يؤثر جداً في موقفك عندما تنطلق انطلاقة شخصية، أعني عداوة شخصية، فأنت معرض أن لا تثبت فعلاً لأن الإنسان الذي ينطلق منهم كموقف شخصي، متى ما قدموا إحساناً هم من جانبهم سيمسحونه، ولا تدري إلا وقد هو ماذا؟ وقد هو موالي لهم، لماذا؟ لأنه ينطلق انطلاقة شخصية موقف شخصي عداوة شخصية، هذه نفسها لا تشكل ضمانة على الإطلاق للإستقامة والإستمرار لحمل هذه المسئولية ومواجهتهم، لأن من أساليبهم هم أن يحاولوا أن يقدموا أشياء خدمات معينة أو مساعدات معينة، فعندما يكون لك موقف شخصي منهم باعتبار شخصي وليس باعتبار موقف مسئولية إلهية دينية، معناه في الأخير تكون معرضاً لأنه بمجرد إحسان معين يأتي إليك ومسحوه من نفسك وانتهى، تبرد.

ثم في نفس الوقت سيكون موقفك الشخصي على حساب رغبتك وحرصك أن يهتدي الناس جميعاً تصبح أنت صاداً عن سبيل الله عندما يكونون عندهم رغبة سواء أفراد منهم أو كيفما كانت عنده رغبة أن يعود إلى دين الله، لا يعد لديك أنت رغبة لم تعد تريد يدخل، لم تعد تريد إلا أن تضربه كيفما كان، ولهذا قضية هامة جداً هذه، قضية هامة جداً أن يكون موقف الناس من أعداء الله موقفاً دينياً، تكون نظرتهم إليهم وفق نظرة القرآن الكريم وإلا فلن ينجحوا سيكونون معرضين، وسيكونون صادين عن سبيل الله في حالات معينة، يلاحظ واحد الأشخاص الذين له موقف شخصي منهم بعضهم لا تعد رغبتك أن يهتدي قد رغبتك يبقى كما هو إذا قد هو يريد أن يهتدي، لم تعد تريد أن يهتدي لا تعد رغبتك أن يهتدي؛ لأن لك موقفاً شخصياً منه.. ثم هذا يعطي أيضاً تأكيداً بأن هذا الدين هو للعالمين جميعاً، فيترفع الناس عن النظرة الشخصية النظرة الإقليمية النظرة البشرية، حركة على أساس دين الله، وينظرون للناس على أساس النظرة القرآنية هذه التي تمثل الإستقامة، وتجعل فعلاً هذا الدين فعلاً ديناًَ عالمياً.

تأتي هذه في أكثر من مقام، الآية التي مررنا بها أنك ترى فيها دعوة لهم إلى الإيمان ترى فيها عرض كثيراً من الأشياء التي تشجعهم على الإيمان وترى فيها نظرة يأتي بصفحة أخرى، ألم يذكر صفحة مريم وعيسى وزكريا ويحيى وكل تلك التي قرأناها سابقاً؟ هنا يقول: {لَيْسُوا سَوَاءً}(آل عمران: من الآية 113) فيهم ناس، كان فيهم ناس أما الآن لا يوجد مجال عندما يكون اليهودي على ما هو عليه تقول بأنه تنطبق عليه الآية هذه هل ممكن؟ وهو يعطي صورة كاملة عن بني إسرائيل، عن تاريخ بني إسرائيل أيام تنـزل القرآن وما قبله يقول كان يوجد في داخلهم ناس على هذا النحو، لم يكونوا كلهم على ما ذكر كان الكثير منهم {وَكَثِيْرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُوْنَ}(الحديد: من الآية16) يعني كان هناك على هذا النحو.

من قيمتها هذه: أن تنظر إلى الناس هذه النظرة القرآنية تترفع عن الموقف الشخصي مهما كان لديك أعني ممكن تغضب تكون شديد الغضب، لأن القضية لا تتنافى مع الموقف على أعلى مستوى، يكون الناس أقوياء وغضبهم شديداً وأولي بأس شديد لكن وعندهم إمكانية أن يعود الآخر إلى دين الله فيصبح منهم، له ما لهم وعليه ما عليهم، الآخر وأنت تقدم عليه بهذه الروحية بهذه القوة، يعرف أنه لا يوجد لديك على الإطلاق تأطير للقضية لأنك ماذا؟ تتحرك في إطار دين الله ما عندك تأطير لنفسك بحيث يعتبرك محتلاً ومستعمراً، الأمريكيون هم فشلوا لاحظ كيف كانت عقبة أمامهم لديهم الحركة على هذا النحو لكن ويحتاج يقدم نفسه أمريكي ومرتبط بإقليم معين هي ماذا؟ أمريكا، ليس باستطاعته أنه يجعل العراقي ينظر إليه كما ينظر إلى أي واحد من العراقيين وليست نظرته هو إلى العراقي كما ينظر إلى أي واحد من الأمريكيين، هل يستطيع الأمريكي في العراق أن يقول للعراقيين لكم مالنا وعليكم ما علينا؟ أبداً.

العراقي يراه إنساناً منطلقاً من هناك مؤطر نفسه بماذا؟ بنظرة إقليمية معينة وهو يريد أن يستغل ثرواتي لصالحه هناك هذه القضية تعتبر عقبة كبيرة أمام الأمريكيين، لا يستطيعون أن يدجّنوا الناس إلى درجة أنه يعتبرون أنفسهم كالأمريكيين سواء، أو هم ينظرون إلى الناس وكأنهم أمريكيين تماماً، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، لأن انطلاقتهم هي انطلاقة ماذا؟ إقليمية فئوية طائفية.

{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}(آل عمران: من الآية 113- 114) تجد هنا بياناً للصالحين نحن نقول: أنه من الأشياء التي تحصل فيها غلط بالنسبة لنا معاني كثير من العناوين الدينية: متقين، مؤمنين، صالحين وأشياء من هذه، من خلال القرآن تعرف المتقين، من خلاله تعرف الصالحين هو قال في القرآن في آية أخرى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}(الأنبياء: الآية 105) هل يريد الناس أن يكونوا صالحين فيكونوا من ورثة الدنيا والآخرة؟ يجب أن يعرفوا كيف هم الصالحون كما عرضهم القرآن لا أن تأتي أنت على ما أنت عليه من أخطاء ورؤى بعيدة عن القرآن ومفاهيم خاطئة تعتبر نفسك صالحاً ثم تقول في الأخير [لكن ما ورثنا الأرض إذاً فقد يراد بالأرض هنا أرض الجنة] ابعدوا الآية عن أن تكون معناها هنا الأرض أي هذه الأرض؛ لأنه اعتبروا أنفسهم صالحين ورأوا أنفسهم ما ورثوا لا هم ولا أضرابهم، إذاً فالآية هي ثانية أليس هنا رد الآية وحولها على الآخرة؟.

هنا يذكر عن الصالحين في أكثر من مقام من الأسس عند الصالحين أن يكونوا مسلِّمين لله، هذه قضية أساسية ألم يقل عن إبراهيم نفسه عندما قال: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ}(البقرة: من الآية 128) قال في مقام آخر: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}(البقرة: من الآية 131) ألم يقل هكذا؟ ماذا قال عنه؟ {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}(النحل: من الآية 122) من الصالحين، هكذا الصالحون، والصالح في الدنيا وفي الآخرة، لاحظ نبي الله سليمان كان عنده قضية أساسية، موضوع صالحين، صالحين، ألم يقل هناك: {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}(النمل: من الآية19) وهنا يقول أيضاً: {وأولئك من الصالحين}(آل عمران: من الآية114) بعد ما قال عنهم: {أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}(آل عمران: من الآية 113- 114) هذه نوعية {مِنَ الصَّالِحِينَ}.

حصل أخطاء كبيرة، اعتبرنا أنفسنا أهل حق، واعتبرنا أنفسنا صالحين، ورأينا ما استطعنا أن نقيم حقاً ولا نرث أرضاً، ولا شيء فقلنا: [إذاً الحق ليس معه مكان والدنيا هي لأهل الباطل وأهل الحق دائماً يكونون ضعافاً لا يستطيعون أن ينجحوا في شيء] ما هم رجعوا على الأسس والقيم هناك يضربونها على أساس أن قد هو على حق! لا، إنه قيِّم نفسك هنا اترك القرآن على أصله وأعرض نفسك، وأعرض ما لديك عليه، لا أن تحاول أن تؤقلمه هو ومصطلحاته معك وتنطلق تفسره تفسيراً آخر.

أما هو فيرد ويرفض أي تفسير يتنافى معه [نحن أهل حق لكن الحق هذا ما استقام، إذاً أهل الحق لا ينجحون في الدنيا نهائياً] قل هذه واحدة.

[صالحين صالحين لكن وجدنا صالحين لا ينجحون إذاً فالدنيا ليست مكاناً للصالحين فوراثة الأرض يعني أرض الجنة] أليست هذه كلها مبنية على نظرة أنه متمسك هو بمفهوم الحق لديه ما هو ويجعل ما لديه هو حق؟ بدل أن يقيَّم نفسه على القرآن يحاول يرد القرآن لديه وينـزل مفاهيم معارضة بشكل كامل للقرآن الكريم حتى أيضاً يضل الذي بعده!.

إلى هنا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين،،

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

التعليقات مغلقة.