saadahnews

سورةآل عمرآن الدرس السادس عشر

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

اللهم اهدنا وتقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

هذه الآيات التي سمعناها فيها، أو معظمها، ما هو استكمال لغزوة [أحد] وتقديم ما فيها من دروس وعبر للمسلمين الذين كانوا في هذه الغزوة، ومن بعدهم، وتركزت على كثير من القضايا الهامة التي الناس بحاجة إلى فهمها، فيما يتعلق بالعمل لإعلاء كلمة الله ومواجهة أعدائه، ما كان منها متعلق بقضية الثقة بالله سبحانه وتعالى، وما كان منها عبارة عن توجيهات هامة في مواجهة العدو وتوجيه كيف يجب أن يكون منطق الناس كيف يكون كلامهم ما هي الأشياء التي يبتعدون عنها تماماً، باعتبار الكلام فيها جزافاً أو باعتبار الكلام فيها مما يسر العدو ويرفع معنويات العدو فيؤثر تأثيراً سلبياً بالنسبة للمسلمين بالنسبة للمجاهدين.

نرى أيضاً في ضمن هذه الآيات فيها ما يشخص لنا شخصية رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وفعلا ً- كما نقول – أن القرآن الكريم هو أهم مصدر لمعرفة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) معرفة سيرته معرفة شخصيته معرفة عظمته أو جوانب من عظمته، ما يمكن أن نعرفها بالنسبة له (صلوات الله عليه وعلى آله) وكذلك بالنسبة لأنبياء الله الآخرين، ونحن بحاجة ماسة إلى هذه القضية أيضاً، إلى معرفة الأنبياء وإلى معرفة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) بالذات معرفة كافية.

عرفنا كيف أنه كان قائداً لديه معرفة عالية ويعتمد عليه بشكل كبير في ميدان المواجهة {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ}(آل عمران: من الآية121) كذلك بالنسبة لنفسيته أخلاقه العالية سعة صدره التي تجعله يعرف كيف يتعامل مع الآخرين في الظروف الصعبة في الظروف التي عادة تؤدي إلى اختلاف بين الناس، اختلاف بين المجتمع اختلاف فيما بين القيادة والجنود {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(آل عمران:159) عندما نسمع توجيهات كهذه فيها ما هو حكاية عما هو عليه فعلاً {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}(آل عمران: من الآية 159) أو نسمع توجيهات له وتراها ذات قيمة عالية وهامة جداً، خاصة في وضعية كهذه التي مر بها المسلمون بعد معركة أحد {فَاعْفُ عَنْهُم}(آل عمران:159) وتجد داخل الآيات التي تذكر أحداث معركة أحد وتلك الهزيمة، كم ظهر فيها من كلمات {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}(آل عمران: من الآية155) {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ}(آل عمران: من الآية152) وهكذا فيوجه رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) أيضاً بأن يعفو عنهم {فَاعْفُ عَنْهُم}(آل عمران:من الآية 159) العفو قد يكون التغاضي عن المؤاخذة التغاضي عن كثير من التأنيب والتوبيخ، العفو يختلف عن المغفرة ويكون له مجال خاص غير موضوع المغفرة، ولهذا يأتي في بعض الآيات يجمع بين العفو والمغفرة.

{وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ}(آل عمران:من الآية 159) واستغفر لهم بأن تطلب من الله المغفرة لهم {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}(آل عمران:من الآية 159) لأنه في حالة كهذه عندما يتجه لأن يشاورهم هذه فيها نوع من الأنس، أعني يلمسون بأنه ما تزال نظرته إليهم جيدة وما يزال قريباً منهم، الإنسان الذي تتجه لمشاورته يعني ماذا؟ أن نفسك قريبة منه؛ لأنه – عادة – الهزيمة تترك أثراً كبيراً في النفوس خاصة، وهم عندما انهزموا في أحد تركوا رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في الميدان وكانت قضية كبيرة هذه، فكان هذا شيئاً طبيعياً أن يستحي كل شخص منهم ويخجل ويكون يحاول أن لا يراه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فإذا ما اتجه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) إليهم وشاورهم وتحدث معهم يحسون بنوع من الأنس، فهذه لها أثر كبير في النفوس.

وعندما ينطلق رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يتعامل على هذا النحو من منطلق معرفته للناس كبشر يعرف الناس كناس ويعرف الوضعية أنه ليس صحيحاً أو ليس أسلوباً صحيحاً أن يتجه إلى توبيخ ومقاطعة لهم ونفور منهم هذا سيزيد من ماذا؟ من ارتياح العدو؛ لأنه أوجد هزيمة جعلت هذا المجتمع يتفكك تماماً وكل إنسان هو وإن زل قد يكون قريباً إلا نوعيه منهم تحدث عنهم: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}(آل عمران: من الآية154) هذه نوعية ثانية لكن آخرين قد تكون أحياناً متى ما زلّ زلة كل واحد يعرف زلته، وكل واحد يكون لزلته أثر في نفسه وبالإمكان إذا ما تزال نفسيته صالحة يكون قابلاً لأن يوجه أكثر ويتفهم أكثر ويأخذ دروساً وعبراً مما حدث فيكون فيما بعد على مستوى أفضل.

{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}(آل عمران: من الآية159) أي يقول هنا في توجيهات {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}(آل عمران: من الآية159) توجيهات هامة جداً وبالتأكيد أن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) كان على مستوى العمل بهذه التوجيهات.

إذاً فهنا تعرف شخصية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قد تكون في كتب السير تاريخاً يعرض فقط أحداثاً معينة مؤرخة ونكتب فيها أرقاماً معينة، لكن التحليل لشخصيته قضية ثانية، التحليل لمنطلقاته في عمله في تكتيكه العسكري في اختياره للقادة في اختياره للموقع وأشياء من هذه لا تتناولها معظم السير فعلاً، وهي قضية هامة، أي ليس المطلوب فقط من السير أو من التاريخ أن نعرف متى وقعت الغزوة الفلانية وكم كان عدد المسلمين وكم كان عدد الكافرين وانتهى الموضوع، المطلوب أن نعرف كيف كان – بطريقة تحليلية – كيف كان تفكير النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) كيف كان تخطيطه كيف كانت مشاعره كيف كان تقييمه كيف كانت الوضعية بشكل عام، وضعية جانب المسلمين ووضعية الآخرين الكافرين الوضعية بشكل عام، وضعية العالم في ذلك الزمن بشكل عام حتى يكون التاريخ له أثر في النفوس ويعطي دروساً مهمة ويعطي عبرة وتعرف من خلاله النفسيات.

لاحظ هنا في معركة [أحد] كم حصل من خلالها من غربلة، غربلة كما قال بعد: {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا}(آل عمران: من الآية166-167) وسابقاً يقول: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}(آل عمران:141) {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}(آل عمران: من الآية140) {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}(آل عمران: من الآية142).

وهكذا؛ لأن الأحداث مهمة جداً في غربلة النفوس، أعني مهمة حتى بالنسبة لك أنت شخصياً بالنسبة لأي واحد منا من خلال الأحداث قد يتلمس هو ما لديه من نقاط ضعف ما لديه من رؤى قد تكون غير صحيحة، فيصلح نفسيته هو ويحاول أن يصحح وضعيته. إضافة إلى تقييم الناس لبعضهم بعض تقييم المجتمع وغربلته من خلال الأحداث لأن مستقبل الأمة، أي أمة تستفيد من الأحداث على هذا النحو تكون خططاً قائمة على معرفة خططاً واعية قائمة على معرفة تعرف أن هذا الإنسان كذا وهذا كذا وهذا كذا وتلك القبيلة كذا وسكان تلك القرية كذا وهكذا تستطيع أن تعرف فتكون خططك بالشكل الذي لا يكون فيها أخطاء متكررة، قد توكل مهمة إلى شخص أو إلى مجموعة من الناس هم في الواقع غير جديرين بأن يقوموا بتلك المهمة وهكذا.

معرفة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قضية هامة – كما أسلفنا – في أن يعرف الناس فعلاً أنه نعمة عظيمة من الله ولهذا قال بعد: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ}(آل عمران: من الآية164) وفي نفس الوقت يستوحي الناس من سيرته، يستلهمون من حركته كيف يتحركون وكيف يعملون. في نفس الوقت أيضاً لا يعتبر أن الأشياء كانت مجرد معجزات خارقة في كل الحركة الله سبحانه وتعالى هو على كل شيء قدير، ولكنه حكيم تكون الأشياء تسير وفق ترتيبات دقيقة، رسوله حكيم لم تكن أعماله عشوائية، أعماله تسير وفق ترتيبات دقيقة وخطط محكمة ورؤى صحيحة ومعرفة حقيقية؛ لأن الفارق فيما إذا كنا نتصور أن كل ما كان يحصل كان عبارة عن معجزات خارقة معجزات، معجزات إلى آخرها يقول الناس من بعد: [إذاً محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) قد التحق بالله وما معنا شخص تأتي على يديه معجزات خارقة، خارقة… إلى آخره، إذاً ما نستطيع نعمل شيئا] عندما تعرف بأنه كانت تلك الحركة تقوم على خطط محكمة ورؤية حكيمة وترتيبات حكيمة وأنها مما هدى الله رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) إليه ومن خلال القرآن الكريم، ولهذا ألم يقل في القرآن الكريم بأنه: كتاب حكيم {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}(هود: من الآية1).

أن تكون الأشياء تمشي على الطريقة هذه، معناه ماذا؟ أنها قابلة للإستمرار قابلة أن يسير جيل آخر بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وفق هدى الله وفق ما يؤتيهم الله من حكمة أو ما يأخذون من كتاب الله من حكمة وما يوفقهم الله إليه من حكمة في عملهم، ولو لم يكن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) موجوداً بينهم لكنه موجود بماذا؟ بآثاره، إذا حاولنا أن نعرفه هو وليس فقط نعرف أنه قائد المعركة الفلانية بتاريخ كذا وعدد كذا…. إلى آخره، لا، تعرفه هو لتعرف كيف كان دقيقاً في عمله وكيف كان حكيماً في تعامله مع الأحداث وتعامله مع الناس وكيف كان أيضا،ً كيف كانت نظرته إلى الناس بشكل عام بما فيهم الأعداء.

لأنه فعلاً الذي حصل أنه أبعد الأنبياء عن قائمة أن يكونوا أشخاصاً يستلهم الناس من عملهم ما يفيدهم في حركتهم في مجال العمل لإعلاء كلمة الله والجهاد في سبيله ترافقت عدة أشياء منها: روايات يتجلى من خلالها رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وكأنه إنسان عادي أو غبي وليس فقط عادي إنما لا يفهم شيئاً كما يحكون في غزوة [بدر] أعني: روايات فيما يتعلق بميدان الجهاد وحتى فيما يتعلق بحياته الخاصة وأشياء كثيرة قدموه وإذا فقط فلان يوجهه أنه يحجب نساءه وفلان يقول: لا، أحسن نكون هناك على النهر من أجل عندما نكون في مواجهة مع العدو نكون قريبين من الماء ونسبقهم إلى الماء! وأشياء من هذه يبدو شخصاً بسيطاً لا يعرف شيئاً‍! لا، هو كان شخصاً هاماً جداً حكيماً وقديراً ذكياً فاهماً، قائداً على أعلى مستوى للقيادة فعلاً، حتى أن الغربيين عندما حللوا شخصيته ومواقفه اعتبروه أنه أعظم قائد في التاريخ كما يحكى أنهم فعلاً اعتبروا أنجح وأعظم قائد في التاريخ محمد (صلوات الله عليه وعلى آله).

وكيف كان على الرغم من كفاءته العالية يتوكل على الله {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(آل عمران: من الآية159).

فيما يتعلق بالمواجهة التي حصلت في يوم [أحد] وما قبلها وما بعدها، والعادة أنها قد تحصل غنائم يغنمون عندما ينتصرون على العدو، هنا يوجد طمأنة للمسلمين أن يفهموا بأن الشخص الذي يقودهم ليس إنساناً ممن يحاول {أن يَغلّ}. الغل معناه: الأخذ من الغنائم لنفسه بطريقة خفية، لهذا يقال بأنه كان هناك حالة معروفة يسمونها: [الصَفِيّ] من الغنائم بطريقة معروفة علناً، خصلة واحدة يأخذها على الرغم من أن أمر الغنائم إليه؛ لأن قضية الغنائم قضية المال قضية حساسة قضية مما يحصل فيها منفذ للشيطان ولأولياء الشيطان للتشكيك في موضوع المال، فهنا يطمئنهم بالنسبة له (صلوات الله عليه وعلى آله) وبالنسبة للأنبياء بشكل عام من قبله، أن أي نبي من الأنبياء لا يمكن ما ينبغي على الإطلاق، ولا يحصل من جانبه {أن يَغلّ}.

فيها فيما يتعلق بالمؤمنين أنفسهم بعد أن قال: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}(آل عمران: من الآية161) أن يعرفوا بأنه إذا كانت القضية خطيرة فيما لو وقعت من نبي من أنبياء الله فهي قضية خطيرة أن تحصل من أي إنسان أن يغل من الغنائم، يحاول أن يأخذ شيئاً خلسة يخبيه لنفسه من الغنائم فعندما تكون القضية على هذا النحو فعلاً {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}(آل عمران: من الآية161) لكن قيمتها من الناحية النفسية فيما يتعلق بالناس، الثقة، تعظم لديهم الثقة في هذا الشخص بحيث أنهم لا يكونون يرون أنفسهم في الأخير وكأنهم يقاتلون ويجمعون غنائم وهو يأخذ الجيد الجيد لنفسه ويخبيه يخفيه ويعود به إلى بيته، أليس هذا يؤدي إلى حالة من الوهن في النفوس؟ هم مطمئنون فهي قيادة ليست ممن يعطي للمال أي قيمة بحيث تصبح خائفاً بأنه قد يأخذ هذا أو هذا أو هذا لنفسه هذا على قراءة: {يَغُلّ}.

{أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية162) حالة مقارنة عامة أن يقيِّم المؤمنون أنفسهم في مقابلة الطرف الآخر الذي سخط الله عليه وهم أ عداؤه من الكافرين والمنافقين واليهود والنصارى {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّه} يعتبر سواء، مستوياً مع من هو في الواقع قد باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ليطمئن الإنسان ويطمئن المؤمنون بأنهم في طريق يحضون فيها برضوان الله، وأنه لن تكون الحالة مستوية كحالة يعني فيما بينهم وبين منهم ماذا؟ من باءوا بسخط من الله، يعني: في إطار تدبير الله سبحانه وتعالى، وهذا ما لمس أخيراً كيف انتهت المسألة فيما بعد، على الرغم من أنه حصل هزيمة في أحد لكن كيف انتهت القضية في الأخير؟ ألم يكونوا من اتبعوا رضوان الله هم الأعلون في الأخير؟ وتلاشى كل أولئك الذين باءوا بسخط من الله والذين كان لهم انتصارات في بعض المواقع منها أحد، لكن في الأخير لم يكونوا سواء أبداً، أولئك ضاعوا وتلاشوا وقهروا وغلبوا ومن اتبعوا رضوان الله كانوا هم الأعلون وتحقق لهم النصر الأخير، النصر النهائي في الصراع ألم يحصل هذا؟ على مستوى الجزيرة أولاً، دخلوا بعد فترة قصيرة مكة فاتحين وانتهى الموضوع تماماً بالنسبة للجزيرة، انتهى بقي حنين بعد الهزيمة التي حصلت في [حنين] حصل انتصارات المهم في الأخير انتهى أولئك الذين باءوا بسخط من الله وتلاشوا.

هذه مهمة، أن يعرف الإنسان بأنه في تدبير الله سبحانه وتعالى أن يعرف المؤمن أنه في تدبير الله لأن الله هو الذي إليه يرجع الأمر كله، وهو مدبر شؤون السموات والأرض من المهم أن يكونوا واثقين بأنه لن تكون الحالة مستوية لن تنتهي المسألة إلى أن يكون من باءوا بسخط من الله هم الأعلون على الإطلاق، بل تنتهي إلى هذه تعطي الناس طمأنة باعتبار لو حصل تقلبات أثناء حركتهم يكونون واثقين بأنهم في الأخير هم سينتصرون؛ لأن الآية هنا لا تذكر قضية حكم يقول لك: هل هم سواء الذين رضي الله عنهم والذين باءوا بسخطه؟ تقول: لا، يقوم عليها تدبير إلهي يقوم عليها طمأنة نفسية، وهم بحاجة إلى هذه بعد الهزيمة التي حصلت في أحد أن يفهموا بأن القضية لن تكون سواء، وستكون النهاية غير مستوية لن تكون في صالح من باءوا بسخط من الله على الإطلاق وكل الفئات ممن اتبع رضوان الله وممن باءوا بسخط من الله درجات نفس المؤمنين درجات متفاوتة الإنسان في نفسه يعيش في نفسه أحياناً حالات متفاوتة في نفسه هو ما بالك المجتمع بشكل عام المؤمنون متفاوتون فيما بينهم {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}(آل عمران:163).

{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}(آل عمران:165- 166) إلى آخر الآيات هنا عندما تأتي الآية هذه متوسطة، بعدما حصل لديهم من آثار أعني بعد ما حصل في نفوسهم أثناء مواجهتهم للعدو من آثار على نفوسهم سلبية، كما ذكرها في كثير من الآيات أبرز كثيراً من الآثار التي حصلت وحصل جروح وحصل قتل وحصل أشياء كثيرة، عادة الناس إذا لم يكونوا واعين إذا لم يكونوا فاهمين بالشكل المطلوب قد تتجه كل مشاعرهم السيئة إلى القائد [أن هذا هو الأساس هذا الذي كلف لنا لكل هذه الأشياء لو ما هذا لما وقعنا فيما وقعنا فيه] وهكذا فهو هنا ينبه المؤمنين بأنه على الرغم مما حصل لكم حصل قتل حصل جراحات حصل آثار نفسية فيما يتعلق ببعد الهزيمة أشياء كثيرة يجب أن تكونوا متذكرين وذاكرين أن الله قد مَنّ عليكم بنعمة كبيرة جداً هو ذلك القائد الذي يقودكم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وأن مهمته بالنسبة لكم هو أن يعلمكم الكتاب والحكمة ويزكيكم مهمة عظيمة جداً، تهون معها كل المصائب التي نالتكم من قتل وجراحات وآثار نفسية بعد الهزيمة.

فيما يتعلق بالعدو دائماً العدو يحاول أن يوجد هوة فيما بين القائد والجنود فيما بين الأمة وقيادتها، بأن يحاول أن يوحي لتلك الأمة بأن [لاحظوا كيف دخلنا في مصائب ومشاكل وأشياء من هذه كلها بسبب فلان بسبب فلان] إلى آخره، ظهرت هذه في أيام [الإمام الخميني] هجمة إعلامية من قبل الإعلام الغربي والعربي أيضاً، وكان هناك محطات موجهة إلى داخل إيران باللغة الفارسية محطات إذاعية وتلفزيونية وغيرها من وسائل الإعلام موجهة إلى الشعب الإيراني ليقولوا لهم [لاحظوا كيف أصبحتم أصبحتم في عزلة عن العالم وأصبحتم في مشاكل مع العالم وأصبحتم في حروب وتدمر كثير من مدنكم كلها بسبب الخميني] وهكذا يوجدون هوة فيما بين القائد وما بين المجتمع وتذمر من هذا القائد و محاولة للتمرد عليه، أو محاولة رفض لتوجيهاته هذه تمثل ضربة رهيبة للأمة تمثل ضربة رهيبة للأمة هذه الحالة إذا استطاع العدو أن ينجح فيها ولهذا كانت مهمة جداً أن يذكِّر المؤمنين لأنها قد تحصل مشاعر من هذه، بأن أعظم نعمة عليكم هو ذلك الرجل العظيم الذي مَنّ الله به عليكم {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}(آل عمران:164) وكانوا فعلاً من قبل في ضلال مبين، أمة تائهة، أمة ضائعة، أمة لا وزن لها.

لهذا جاءت هذه الآية متوسطة يذكر قبلها ما حصل من قتل وجروح وآثار نفسية ويأتي أيضاًَ بعدها {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا}(آل عمران: من الآية165) بالنسبة للعدو يجب أن تنظروا إلى أنكم قد أثرتم في العدو هذه هي تعتبر حالة تساعدك على أن تتحمل العناء الذي أنت فيه أنه أيضاً العدو قد ناله كما نالنا أو أكثر سواء في تلك المعركة أو فيما سبق {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا}(آل عمران: من الآية165) بالنسبة للعدو قد ناله من جانبكم مثل ما حصل عليكم مرتين {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا}(آل عمران: من الآية165) {أَنَّى هَذَا} خطيرة في الأخير يقولون: [من فلان] أليست هكذا؟ ولهذا جاء بالآية الأولى قبلها {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}(آل عمران: من الآية164) بحيث لا يعد هناك شيء أن يقولوا: [فلان] يتذكرون أنه نعمة عظيمة عليهم.

{قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا}(آل عمران: من الآية165) من أين أوتينا؟ ما السبب؟ كيف وقع علينا هذا الشيء؟ وكيف..؟‍ {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}(آل عمران: من الآية165) لأنكم أنتم تنازعتم فشلتم عصيتم الرسول تنازعتم في الأمر من بعد ما أراكم ما تحبون، هو من عند أنفسكم {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(آل عمران: من الآية165) يعني السبب الرئيسي هو من عندكم السبب الرئيسي لما نالكم هو من عند أنفسكم؛ ليحذروا في المستقبل وليعرفوا بأنه إذا ما حصل من جانبهم أخطاء، والأخطاء متفاوتة، هناك أخطاء تحصل عليها عقوبات، وقد يكون هناك أخطاء يحصل تدارك إلهي كما قال سابقاً: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}(آل عمران: من الآية122) لكن تلك الأخطاء في الميدان غير طبيعية أن يحصل من بعد ما أراكم ما تحبون يحصل فشل وتنازع في الأمر وعصيان في الميدان قضية خطيرة جداًَ ليست سهلة فحصل ما حصل نتيجة لهذه الأخطاء الرهيبة لكن الأساس هو من عند أنفسكم.

{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية166) هو أذن سبحانه وتعالى {فَبِإِذْنِ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية166) دون أن تقول: [كيف كان إذن الله كيف تمت؟ هل معناها علمه أو معناها دفعهم أو معناها أو معناها] بإذن الله والله سبحانه وتعالى هو من يحمد نفسه وينـزه نفسه هو الذي ينـزه نفسه بإذنه فعلاً يعني ما حصل أن يضربكم المشركون فتحصل تلك النتيجة السيئة الله أذن بهذا، درس لما حصل وعقوبة لما حصل ومع هذا يتدارك المسألة بشكل كبير {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ}(آل عمران: من الآية152) {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}(آل عمران: من الآية155) وهكذا وعفو من جهة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) واستغفار حتى لا تمشي النتيجة إلى الشيء الطبيعي لها وإلا قد تكون آثارها سيئة فعلاً.

{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}(آل عمران:166) يتبين المؤمنون {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا}(آل عمران: من الآية167) يظهر المنافقون أولئك {الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا}(آل عمران: من الآية167- 168) هؤلاء المنافقون نوعية سيئة جداً ما كفاهم أنهم قعدوا بعد أن قيل لهم قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا إذا عندكم حرية على الأقل أن تدافعوا {قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ}(آل عمران: من الآية167) وما سكتوا في الأخير ما يزال يأتي من عندهم {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}(آل عمران: من الآية168) أليسوا في هذا يحاولون يظهرون بأنهم أشخاص حكماء ورؤيتهم حكيمة ويجعلون الآخرين يحزنون ويعتبرون أنفسهم وقعوا في غلطة كبيرة جدا،ً أنهم ما كانوا كأولئك المنافقين أو ما استمعوا لأولئك المنافقين؟ {لَوْ أطَاعُوْنَا مَا قُتِلُوْا}.

{قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(آل عمران: من الآية168) لأنه عندما يقول: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}(آل عمران:من الآية168) أليس هنا يقدم المسألة وكأنها حتمية من أين له علم ذلك! إذا أنتم ترون بأن آراءكم نتائجها حتمية إلى الدرجة هذه {فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(آل عمران: من الآية168) في هذا المقام فقط الذي حصل كما قلنا أكثر من مرة {أَوِ ادْفَعُوا}(آل عمران: من الآية167) دافعوا عن وطنكم، دافعوا عن نفوسكم، لمن وجهت هذه؟ للمنافقين فقط أما المؤمنون فدائماً والمسلمون بشكل عام دائماً يقال لهم في سبيل الله.

المنافقون هم فئة متذبذبة عادة، متذبذبة وفئة لا تهدأ ومن العجيب أنهم يكونون أقرب إلى العدو، الذي ماذا؟ لو دخل بلدهم لاستباحها كلها، لا يعرف أين بيت المنافق وبيت المؤمن ولانتهك أعراضهم ونهب أموالهم، هل سيفرقون فيعرفون أين بيت المنافق؟ مع هذا يكون عنده ميل للعدو، هذا شيء سيء جداً، وغريب جداً من النفوس المنافقة، نفوس غريبة جداً، وضعيتها غريبة جداً {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ}(آل عمران: من الآية167).

إذاً فهمنا من غزوة [أحد] تَبَيّنَ منافقون، ووجه هجوماً على المنافقين؛ لأن المنافقين عندما تظهر لهم حركة، المفروض يكون هناك ما يقابَلون به مما يحطم معنوياتهم، ويظهر الناس أمامهم بأنهم لا يتأثرون بمقولاتهم ولا يتأثرون بتضليلهم ولا يتأثرون بتثبيطهم؛ لهذا قال هنا: {قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(آل عمران: من الآية168) لأنه عادة في حالات كهذه ينشط المنافقون في حالات صراع، ينشط المنافقون أما عندما تكون الكفة تميل لصالح العدو فينشطون أكثر.

{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}(آل عمران:من الآية 169 – 171) كما قال سابقاً: {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}(آل عمران: من الآية166) تحدث عن المؤمنين، مؤمنين استشهدوا، ومؤمنين انطلقوا وهم جرحى ليلحقوا العدو، مؤمنين كان كلامهم كلاماً قوياً في مواجهة دعاية معينة: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}(آل عمران:173).

في هذا يتبين عظمة الشهادة، وفضل الشهادة في سبيل الله، الذين قتلوا في سبيل الله؛ لأنهم في الواقع والمنافقون يقولون: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}(آل عمران: من الآية168) هؤلاء الذين تقولون ما قتلوا هم حظوا بفضل عظيم ومقام رفيع، درجة عالية.

{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ}(آل عمران: من الآية169) هم أحياء ما يقال لهم أموات ولا تظن بأنهم ماتوا، هم أحياء بما تعنيه الكلمة عند ربهم، الله أعلم في أي مكان، في الجنة، أو في كوكب آخر الله أعلم أين، المهم أنهم في مكان، وبالطبع عندما يقول: {عِنْدَ رَبِّهِمْ}(آل عمران: من الآية169) أنه مكان رفيع، ومكان يعني قد تكون الجنة أو شيء كالجنة، إذا قلنا الجنة قد خلقت أو ما خلقت كما يقول البعض، {يُرْزَقُونَ}(آل عمران: من الآية169) على ما يبدو أنها حياة كاملة، حياة حقيقية، يرزقون، {فَرِحِيْنَ}(آل عمران: من الآية170) {وَيَسْتَبْشِرُوْنَ}(آل عمران: من الآية170) أليست هذه عبارات تدل على الحياة الحقيقية؟ أيضاً مستبشرين بالنسبة لمن بعدهم من الناس المؤمنين الذين يجاهدون في نفس الطريق التي هم استشهدوا فيها أنهم ناس {ألاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُوْنَ}(آل عمران: من الآية170) لا يُخاف عليهم ولا حزن عليهم من أي طرف كان، أنها طريقة فيما لو حصل على أحد منهم، فيما لو حدث أن يقتل، أنه ماذا؟ سيلحق بهم وينال هذه الدرجة العظيمة عندما يقتل في سبيل الله.

أن تكون هذه الآية في مقام بعد الحديث عن المنافقين {لَوْ أَطَاعُوْنَا مَا قُتِلُوْا}(آل عمران: من الآية 168) أليس فيها تفنيد لرؤيتهم هم؟ تفنيد لرؤيتهم؛ لأنه عندما تقول: [أنه مَا مِنْ قُتِلُوا] لكن لاحظ القتلى أين هم، إذاً فأنت عندما تعتبر أن رؤيتك صحيحة، وكان أفضل لهم أن لا يقتلوا معناه عندك أنت أن الأفضل لهم أن لا ينالوا هذه الدرجة الرفيعة، هذه الحياة الأبدية عند الله، يرزقون، فرحين، مستبشرين، إذاً معناه أنه لا قيمة لكلامه ويجب أن يواجه بمثل هذا في أي ظرف يكون الناس فيه يواجه المنافقون بكلام شبيه بهذا بما تضمنته هذه الآية وغيرها من الآيات عندما يقول: [أترك وليس لك دخل ما بلاّ، و… و… و… إلى آخره] تقول له في الأخير: فيما لو وقع عليَّ شيء من هذا، فيما لو قتلت في سبيل الله، أليست فضيلة عظيمة ودرجة عالية؟ إذاً فأنت تحاول أن تحول بيني وبين ما هو فضل عظيم وبين ما هو حياة ليس فيه موت على الإطلاق إلا مجرد الإنتقال، الإنتقال فقط قد يكون لحظات.

فهل يمكن أن يكون ناصحاً أو يكون رأيه صحيحاً وصائباً من تكون توجيهاته تحول بين الإنسان وبين مقام رفيع وفضل عظيم؟ أبداً، لا يمكن أن يسمى ناصحاً وإن كان هو ناصح في نفس الوقت لكن منطقه ليس منطق الناصح ولا يعرف كيف ينصح، قد يصدر مثلاً من قريب لك يوجهك تترك وأشياء من هذه، لكن يجب أن تفهم بأن ما يقوله هو وإن كان من واقع النصيحة، لكنه في الواقع لا يعرف النصيحة، لو يعرف هذا الفضل العظيم – إذا كان ناصحاً لك – المفروض بأن يدفعك إلى أن تناله، أما إذا كان منافقاً توبخه توبيخاً.

{يَسْتَبْشِرُوْنَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لاَ يُضِيْعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ}(آل عمران: الآية 171) إذاً بدل الحياة حصل لهم حياة أفضل، وبدل هذه الحياة على الأرض حياة في عالم آخر أرقى وأفضل، ويكفي أن فيها الأمن يكفي الإنسان الأمن أن يعرف بأن مصيره أصبح مصيراً مضموناً، أنه من أهل الجنة ولا خوف عليه ولا حزن هذه في حد ذاتها تعتبر نعمة كبيرة جداً؛ لأن الإنسان في الأرض هنا يكون قلقاً يعني ما يعرف كيف قد تكون نهايته، ما عنده ضمانة مؤكدة تماماً، بأنه إلى الجنة وإن كان في طريقها، لا يعرف كيف تكون النهاية بالنسبة له، أما الشهيد فهو حيّ وقد عرف أنه من أهل الجنة وفي نفس الوقت هو في جنة، الجنة الحقيقية، أو جنة أخرى، لم يعد هناك موت بالنسبة له، ولم يعد هناك قلق بالنسبة له على الإطلاق هذه الحالة لوحدها تعتبر نعمة كبيرة جداً أنه قد أمن عذاب الله قد أمن جهنم، قد أمن من سوء الحساب قد أصبح يقطع بأنه من أهل الجنة.

{الَّذِيْنَ اسْتَجَابُوْا للهِ وَالرَّسُوْلِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِيْنَ أَحْسَنُوْا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيْمٌ}(آل عمران: الآية172) يبدو أن هذه فئة من المؤمنين لحقوا بالمشركين بعد الهزيمة هذه وبعد الجراحات.

{الَّذِيْنَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوْا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيْمَانَاً وَقَالُوْا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ}(آل عمران: الآية 173) ما تزال تابع لقوله: {وَأَنَّ اللهَ لاَ يُضِيْعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ الَّذِيْنَ اسْتَجَابُوْا..}(آل عمران: من الآية171- 172) إلى آخر الآية {الَّذِيْنَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوْا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيْمَانَاً وَقَالُوْا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ}(آل عمران: الآية 173) تجد هذه لها أثر هام جداً فيما يتعلق بالجانب النفسي وفي جانب الحرب النفسية فيما يتعلق بالعدو بعد الجراحات بعد الهزيمة، يلحقون بالعدو حتى لا يفرح بأنه انتصر.

في نفس الوقت عندما يحصل أي عبارات، عبارات فيها إرجاف فيها تخويف جوابهم جواب الثابتين، هنا سيلمس العدو بأن أمامه أمة ثابتة مؤمنين ثابتين، لا يؤثر فيهم الإرجاف لا يؤثر فيهم التخويف {الَّذِيْنَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوْا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيْمَانَاً}(آل عمران: من الآية 173) ثقة بالله {وَقَالُوْا حَسْبُنَا اللهُ}(آل عمران: من الآية 173) الله كافينا، سنلتجئ إليه ونعتصم به ونسير على هديه ونتولاه {وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ}(آل عمران: من الآية 173) ليس هناك أحد يمكن أن يكون كمثله نكل إليه أمورنا، نعم الوكيل الله سبحانه وتعالى نكل إليه أمورنا وسنتحرك وليكن ما كان، هذه عبارة عملية ما معناها [نحن سنجلس والباري سيقوم باللازم]! أي سنتحرك ونواجه معتمدين على الله، والله ذكر في آيات كثيرة حثاً للناس أن يعتمدوا عليه أن يتوكلوا عليه وكفى بالله وكيلاً وكفى بالله حسيباً هنا يقول: {وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ}(آل عمران: من الآية 173).

{فَانْقَلَبُوْا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوْءٌ وَاتَّبَعُوْا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُوْ فَضْلٍ عَظِيْمٍ}(آل عمران: الآية 174) فلاحظ كيف تكون النتائج كلها طيبة بالنسبة للمؤمنين، إن قتل في سبيل الله فتلك الحياة عند الله رزق وفرح واستبشار إلى آخره، أو كانوا لا يزالون في حالة المواجهة فهم ثابتون، لاحظ الثبات يتمثل أيضاً في كلام، يعني: أن يكون الناس دقيقين في منطقهم لا يظهر من جانبهم على الإطلاق أي عبارات جزع، بل كلها عبارات قوة كلها عبارات ثبات، كلها عبارات التجاء إلى الله سبحانه وتعالى وتكون النتائج طيبة {فَانْقَلَبُوْا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوْءٌ وَاتَّبَعُوْا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُوْ فَضْلٍ عَظِيْمٍ}(آل عمران: الآية 174) من أخطر ما يكون على الناس هي تلك الأخطاء، أما كون العدو كبيراً، أو كون العدو قد حشد، أو كونهم قليلا، أو أشياء من هذه لم تقدم هنا بأنها بالشكل الذي يقعد الناس، أو أنها خطيرة بالشكل الذي قد يقعدهم، لا، الخطورة كلها تتمثل في تصرفات تأتي من عندهم: عصيان، مخالفة، تنازع في الأمر، عبارات يقولونها تنبئ عن ضعف، تشد نفسية العدو، ترفع من معنوية العدو، هذه هي الخطيرة.

{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوْهُمْ وَخَافُوْنِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ}(آل عمران: الآية 175) التخويف هو مما يركز الشيطان على محاولة تعميمه وإثارته في أوساط المجتمع لكن عادة الشيطان لا يستطيع أن يكون مؤثراً فيوجد تخويفاً التخويف الذي قد يحصل معه التفكير بالتراجع أو هبوط في المعنويات وضعف في النفسية إنما يكون مَن؟ أولياؤه يتأثرون، أولياؤه، أولياؤه في الأخير يشتغلون مع الآخرين {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}(آل عمران: من الآية175) لأنه لا يستجيب للشيطان ولا يتأثر بالشيطان إلا أولياؤه، أما المؤمنون فالله قال: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِيْنَ آمَنُوْا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُوْنَ}(النحل: الآية 99).

هذه نوعية من المؤمنين الذين لا يتأثرون: {الَّذِيْنَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوْا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}(آل عمران: من الآية 173) هل حصل عندهم حالة خوف؟ لا، {فَزَادَهُمْ إِيْمَاناً وَقَالُوْا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ}(آل عمران: من الآية 173) مع أن حالة الخوف تؤدي إلى هبوط في الإيمان أن يزدادوا إيماناً؛ لأنه ليس لديهم تخوف من أن يدخلوا في مواجهة مهما كان العدو عندما يحصل خوف يحصل اضطراب يحصل هبوط في موضوع الإيمان كما قال سابقاً: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّوْنَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}(آل عمران: من الآية154) {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوْهُمْ}(آل عمران: من الآية175) فلا تخافوا أولياءه؛ لأن كل من هم في مواجهتكم إنما هم أولياء للشيطان، الله قد قال: {فَقَاتِلُوْا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيْفَاً}(النساء: من الآية76) وأنتم وليكم الله والله هو قوي عزيز هو القوي العزيز.

{فَلاَ تَخَافُوْهُمْ وَخَافُوْنِ}(آل عمران: من الآية175) عندما تخافوهم فيحصل تراجع يحصل قعود يحصل تخلف معناه أن هذه الحالة قد تجعل الناس مستحقين لعقوبة من الله فيجب على الناس أن يخافوا الله هو، لا يخافون من أولياء الشيطان لا يخافون من دعاياتهم، لا يخافون من إرجافهم، لا يخافون من عبارات أنهم قد حشدوا وأنهم، وأنهم إلى آخره، يجب أن نخاف من الله وحده {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ}(آل عمران: من الآية175).

مما قيل في تفسيرها أيضاً: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}(آل عمران: من الآية175) أي يُخوفكم أولياءه يخوفكم من أوليائه حتى لو كانت القضية قد تحصل باعتبار المؤمنين قد يكونون أصحاب نفوس متفاوتة وقد يحصل مثلاً عند كثير منهم أن يتأثروا لكن لما كان المقام هنا مقام الحديث عن مؤمنين، أليس مقام حديث عن مؤمنين؟ لا يتناسب أن تأتي العبارة بهذا الشكل {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} على الإطلاق لأن الله يقول في آية أخرى {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِيْنَ آمَنُوْا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُوْنَ}(النحل: الآية99).

فالشيطان هو يخوف أولياءه الذين يتأثرون به حتى لو كانوا من داخل المجتمع المؤمن، وهذا هو الشيء الطبيعي أنه من داخل المجتمع المؤمن، سواء كانوا منافقين أو ناس في قلوبهم مرض أو ناس ضعيفي إيمان ضعيفي نفوس هذا قد يحصل، لكن لكونهم يشملهم اسم مؤمنين، لا يمكن في التعبير أن يكون هناك قال: {لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِيْنَ آمَنُوْا}(النحل: الآية99) ثم يقول هنا، يخوف الذين آمنوا؛ لأن معنى يخوفهم أي يوقعهم في حالة من الخوف يعني هنا أصبح له تأثير عليهم وكأنه ماذا؟ أصبح له سلطان ولهذا جاء بعد: {فَلاَ تَخَافُوْهُمْ وَخَافُوْنِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ}(آل عمران: من الآية175) فلا تخافوهم، أي فلا تخافوا مَنْ؟ أولياء الشيطان؛ لأن الشيطان عندما يخوف أناساً هم في الواقع عندما يؤثر فيهم هم ناس عندهم ثغرة خطيرة جداً ليسوا بمستوى المؤمنين الذين ماذا؟ ليس له سلطان عليهم.

التخويف الذي يأتي لهؤلاء هو يخوفهم ممن أيضاً؟ من أولياء له آخرين يخوف أولياء له من أولياء آخرين وسيشتغل هؤلاء الأولياء الصغار داخل المجتمع المسلم لتخويف مؤمنين، فيجب أن يكون المؤمنون الآخرون الصادقون على هذا النحو: {فَزَادَهُمْ إِيْمَانَاً وَقَالُوْا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ}(آل عمران: من الآية 173) وتحذير للكل {فَلاَ تَخَافُوْهُمْ}(آل عمران: من الآية175) لأن الشيطان لا يأتي إلى ناس يخوفهم من ناس مؤمنين يخوف مؤمنين من مؤمنين سيخوف مؤمنين باعتبار الإنتماء لكن في إيمانهم ضعف أمكن للشيطان أن ينفذ إلى أنفسهم فيخوفهم ممن؟ من أوليائه من الكافرين من أعداء الله، هم أولياء الشيطان.

ينطلقون في الأخير إلى أن يقوموا بعملية تخويف التخويف يشبه هذه: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوْا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} (آل عمران: من الآية175) [قد هم متجمعين قد معهم كذا قد هم يريدون كذا] تخويف في المجتمع، وهذه القضية يجب أن تحارب بعبارات تبلغ الطرف الآخر وبعبارات يكون فيها تبكيت لهؤلاء ولهذا جاء في آية أخرى: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا}(الأحزاب: من الآية60- 61) ملعونين؛ لأنهم يقومون بعمل قد يترك أثراً عند بعض من الناس {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيـلاً}(الأحزاب: الآية61).

من واجب المؤمن نفسه عندما يقوم بعملية مقارنة مع أنها غير لائقة بالمؤمن حتى يقارن بين أولياء الله وأولياء الشيطان، ومن الذي يجب أن يكون هو الأقوى، أولياء الله المعتمدين على الله القوي العزيز المتوكلين عليه الموعودين بنصره وتأييده أم أولياء الشيطان الذين نفس الشيطان ليس ناصحاً لهم {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ إِنِّيْ بَرِيْءٌ مِنْكُمْ} الشيطان نفسه ليس ناصحاً لأوليائه، الشيطان ضعيف وأولياؤه ضعاف {فَقَاتِلُوْا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيْفَاً}(النساء: من الآية76) أولياء الشيطان مهما كثروا هم في دائرة الضعف ومهما عظم ولاؤهم للشيطان معناه ماذا؟ كلما اشتد ضعفهم كلما كانوا أكثر ولاءً للشيطان كلما كانوا أكثر ضعفاً.

تجد هنا في مجمل الآيات هذه كم فيها من توجيهات وهي تبدوا أمام حادثة واحدة، أليست حادثة واحدة؟ يوم واحد كم أمامنا من توجيهات كثيرةً؟ إذاً نعرف أنه هكذا بالنسبة للمؤمنين أنه يجب أن يكونوا هم حركيين في موضوع التوجيه أعني لا يتركون أبداً لأي طرف أن يترك تأثيراً في داخل صفهم أبداً سواء إعلام، بطريقة وسائل الإعلام المعروفة أو عن طريق أشخاص من الداخل. يكون هناك من لديهم إجابات تبين قوتهم تبين أنهم لا يخافون تبين أنهم ثابتون، وفي نفس الوقت تكون بالشكل الذي تحطم نفسيات هؤلاء، وتبكيت لهم، عندما يكونون ما يزالون محسوبين من صف الناس تقول له: [اسكت لا يجوز لك أن تقول بهذا الكلام نهائياً أنت واحد من الناس كيف تقوم بعملية تخويف] لأنه الشيء الطبيعي أنه عندما يكون العدو هناك مجهز للناس أن الناس ينطلقون لماذا؟ ليعدوا كل ما يملكون من قوة ويشجع بعضهم بعضاً، هذا هو التصرف الصحيح وليس أن يكون العدو يحشد قوة كبيرة في مواجهة المجتمع وفي نفس الوقت يأتي أشخاص من داخلهم يخلخلون الناس أليس معناه أنهم هنا يجهزون المجتمع لأن يضرب؟.

التصرف الطبيعي التصرف الطبيعي هو ماذا؟ هو أن يشدوا بعضهم بعض، هو أن يكونوا مستعدين هو أن يشجعوا بعضهم بعض؛ لأنه تصبح هذه الحالة ضرورية كلما ظهر وكان العدو أكثر أعداداً وأكثر حشداً، إذا كان أكثر أعداداً وأكثر حشداً فيجب أن يكون الناس أكثر تشجيعاً لبعضهم بعض وأكثر إعداداً وأكثر ثباتاً وأكثر قوة، لهذا كان عملاً سيئاً جداً في الآية هذه عندما قال: {مَلْعُوْنِيْنَ أَيْنَمَا ثُقِفُوْا}(الأحزاب: من الآية61)؛ لأن تصرفهم تصرف خطير جداً وتصرف شاذ بشكل رهيب جداً، حينما يكون العدو يحشد وأنت تزيد الطين بلة، تحاول أن تخلخل المجتمع ليكون ضعيفاً في مواجهتهم.

الآيات هنا تبين بأنه الأطراف الأخرى المعادية تشتغل، الشيطان، أولياؤه المنافقون، العدو نفسه من جهته يشتغلون باستمرار، تلاحظ كيف أنها تربية عالية جداً التربية القرآنية تربية عالية جداً، أنه حتى لو حصلت هزيمة يوجه المجتمع يوجه مجتمع المؤمنين الذين عانوا من هزيمة معينة إلى كيف يكونون بهذا الشكل الذي يجعل هزيمتهم وكأنه ليس لها أثر ويجعل العدو هو الذي ينهزم نفسياً، قضية هامة وهذا مظهر من مظاهر رحمة الله سبحانه وتعالى وشمول هديه للناس يهدي في كل الظروف يهدي وهم متجهون إلى الميدان يهدي في نفس الميدان يهدي عندما ينتصرون ويهدي فيما لو انهزموا كيف يجب أن يكونوا.

{وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الكُفْرِ}(آل عمران: من الآية176)؛ لأن هذه إما قد تكون من الآثار التي تكون مترتبة على هزيمة لجانب من المؤمنين أشخاص معينين ممن كانوا منافقين أو مضطربين وكان فيهم ميل إلى الكفر ومسارعة إلى الكفر {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوْا اللهَ شَيْئَاً يُرِيْـدُ اللهُ أَنْ لاَ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظَّاً فِيْ الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيْمٌ} (آل عمران: من الآية176) فلا يحزنك النوعية هذه، لاحظ أنك قد ترى ناساً قد هم متجهون مثلاً ذهبوا إلى الكافرين وعندما يكونون يتحركون في الساحة، فهنا توجيهات بأنه كيف يواجههم، وكيف يواجههم الناس بشكل عام.

{إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(آل عمران: الآية177) والمنافقون يكونون دائماً خاسرين، فعندما يرى أن الجانب الآخر انتصر في معركة معينة فعنده أنه قد صارت كفتهم راجحة واتجه إليهم، في الأخير كيف أصبحت القضية، ألم يتلاشَ الكافرون وتلاشى اليهود؟ الذين كان يقول بعض المنافقين لهم {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ}(الحشر: من الآية11) يبين المنافقين أن ما عندهم رؤية، ما عندهم معرفة، ما عندهم نفوس مستقرة، كل قراراتهم فاشلة وكل النتائج بالنسبة لهم تكون خاسرة.

لاحظ هنا كيف شمول الموضوع، كيف يتناول كل الفئات: مؤمنين ثابتين يثني عليهم، مؤمنين حصل عندهم نوع من خوف كيف كانت رعاية الله بالنسبة لهم، منافقين يبكتهم ويتوعدهم بالعذاب الأليم في هذه الآية الطرف الآخر الكافر نفسه كذلك فهنا يقدم منهجاً بأن تعرف بأنه في حالة الصراع تظهر حالات كهذه في حالة أن يحصل انهزام من طرف المؤمنين تحصل حالات كهذه، تكون أنت عارفاً كيف تتخاطب مع كل فئة فالعدو يأتي من جانبك عبارات تظهر بأنك لم تتأثر، وأنك ما تزال مستعداً للمواجهة، بل على أعلى مستوى لاحظ كيف المثل الأعلى الذي ضربه من خلال المؤمنين السابقين، الرِّبيون الذين قال عنهم مع أنبياء سابقين كيف قالوا؟ {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ}(آل عمران: الآية147) ثبتنا بأن ننتصر عليهم على الرغم مما أصابهم. المنافقون نفس الشيء يقال لهم بأن قراراتهم نتائجها خاسرة آراؤهم فاشلة ويتجلى في نفس المجتمع بأنه ليس هناك تأثير ولا أثر لعملهم، ولكل ما يقولونه من عبارات تخلخل الناس.

{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لُهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}(آل عمران: من الآية178) ألم يتكلم عن المنافقين؟ ثم تكلم عن الكافرين، كلها بعبارات ماذا؟ فيها ما يبين أنهم خاسرون وأن لا يفرحوا بما رأوا أنفسهم عليه ويتوعدهم بالعذاب الأليم وبالعذاب المهين في الآخرة بل قد يكون أشمل. {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ليست فقط تنصرف إلى موضوع جهنم ومن الدنيا أيضاً ومن الدنيا يحصل في الدنيا عذاب أليم ويحصل في الآخرة ذلك العذاب الذي هو أشد ألماً.

{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغَيْبِ}(آل عمران: من الآية179) إذاً أليس في هذه ما يبين أن هناك قيمة كبيرة من خلال ما حصل؟ أي أنه فيما لو حصل هزيمة معينة تحاول تترفع عن آثارها السلبية على نفسيتك وتحاول أن تبحث عن ما فيها من ماذا؟ من آثار إيجابية قد لا تحصل إلا في أجواء كهذه قد لا تحصل إلا في أجواء كهذه في أجواء الإنتصار لا تحصل، يكونون كلهم مدعين أنهم مخلصون وكلهم مؤمنون وكلهم صادقون وكلهم ثابتون وكلهم في نفس الإتجاه وإلى آخره حالة الهزيمة يكون فيها أشياء تتجلى من خلالها لا تتجلى في أي وضعية أخرى في الغالب كما قال سابقاً: {وَلِيَعْلَمَ المُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا}(آل عمران: من الآية166- 167).

هنا يبين وكأنها سنة إلهية {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِيْنَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ}(آل عمران: من الآية179) لأنه يحصل ماذا؟ هنا عملية خداع وكأنهم يخادعون الله ويخادعون الذين آمنوا، تأتي مواقف معينة يظهرون فيها {حَتَّى يَمِيْزَ الْخَبِيْثَ}(آل عمران: من الآية179) هذا بالنسبة للمؤمنين كعنوان بشكل عام؛ لأنه عندما يكون أعني بالنسبة للإنسان من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله اعتبروه أسلم وقد دخل مع المؤمنين، ما هكذا يحصل؟ فمجتمع المؤمنين أي المجتمع الذي هويته هذه ومنتمي إلى هذا الإتجـاه الإيماني قد يكون في الداخل على هذا النحو: {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِيْنَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيْزَ الْخَبِيْثَ مِنَ الطَّيِّبِ}(آل عمران: من الآية179) قد يدخل ناس خبثاء، أو يخبثون من بعد وإيجابياتها هامة إيجابياتها بالنسبة لهم هم الفئة هذه الخبيثة يظهر من جانبهم أشياء يحصل تبكيت لهم، يحصل توبيخ لهم، يحصل حذر عند المؤمنين الصادقين منهم، وللمستقبل في المسيرة يكونون عارفين تماماً من خلال التمييز عارفين تماماً من يعتمد عليه ومن لا يعتمد عليه.

هذا توجيه إلى أنه كيف يستفيد الناس من خلال الإيجابيات قدم كثيراً من الأشياء قد تعتبر إيجابيات، بأنك تعتبرها دروساً لا تحصل إلا في حالة كهذه، مثل ما الطبيب نفسه أليس هو يستفيد أثناء العمل من المرضى عندما يأتي عنده أمراض يستفيد معرفة للأسباب وللأمراض كيف تتطور وكيف تكون أسبابها وكيف تنتهي إليه.

{وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}(آل عمران: من الآية179) ليكون الإنسان عارفاً لذلك الشخص الفلاني هو طيب والشخص الفلاني خبيث {وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِيْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ}(آل عمران: من الآية179) قد يجتبي من رسله من يطلعه على الغيب فيعرف الأشخاص، لكن الأحداث نفسها هي تساعد على تميز الخبيث من الطيب، وهذه لها إيجابية هامة جداً لأنه بالنسبة للمجتمع من خلال أحداث معينة يتبين منهم الخبثاء فيهم فيكونون هناك معروفين فلا يعودون يتأثرون بهم، هو يعرف الطرف الذي مثلاً يقوم بتوجيه الناس، وقيادتهم، يعرف هو في نفس الوقت كيف يكون توجيهه بالشكل الذي يبعد الناس عن أن يكونوا كأولئك أو أن يتأثروا بمثل تلك النوعية، وهذه نفسها قد تجدها في الإسلام بشكل عام، وقائم على أساس أنه غير قابل للإختراق، فمن اخترقوا في الصورة لأنهم قالوا: [لا إله إلا الله محمد رسول الله] ودخل، ما كان ممكن أي واحد يقولها؟ هناك حالة سيتبين فيها ويتميز الخبيث من الطيب، إذاً فلن يكون في موقع قرار حتى يكون مؤثراً، وهو في الساحة من خلال أحداث معينة سيتغربل الناس فيعرفون أن ذلك خبيث فيكونون أبعد ما يكون عن التأثر به.

{وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِيْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوْا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوْا وَتَتَّقُوْا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيْمٌ}(آل عمران: من الآية179) إن حصل إخبار من جانب رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عن أشخاص معينين فيجب أن تؤمن؛ لأنه قد يخبرنا عن أشخاص كيف ستكون نهايتهم أو كيف سيكون واقعهم أو كيف واقعهم في نفس الوقت، فيجب أن يكون إيمان بهذا وإن بدا لك وكأن ذلك الشخص بعيد في نفس الحالة الراهنة في واقعه الآن.

يتناول هنا أيضاً جهة من بخلوا بالإنفاق في سبيل الله، ويبين أهمية الإنفاق في سبيل الله، هاجم المنافقين والكافرين أيضاً الذين بخلوا بالإنفاق في سبيل الله، ما أنفقوا في سبيل الله ويبين أهمية الإنفاق في سبيل الله وأنها قضية هامة جداً {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُم}(آل عمران: من الآية 180) وأن بخلهم كان هو خير لهم {بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}(آل عمران: من الآية 180) هو الذي سيرث الكل فيجعل ما بخلوا به من الأموال – كما يقال – طوق من نار أو أطواق من نار يطوقون بها يوم القيامة؛ لأنه في حالة هزيمة معينة وهناك أشخاص مثلاً ما أنفقوا سيقولون: [رأيتم لو أنفقنا كانت ستضيع أموالنا وتكون بدون فائدة هم هؤلاء انهزموا] لا، إن عليهم أن ينفقوا وما عليهم من النتائج كيف ستكون، ينفقون.

لاحظ كيف جعل من هذه الغزوة مدرسة متكاملة من تلك المعركة معركة [أحد] كم حولها من معلومات من توجيهات من أشياء عجيبة وواسعة.

{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ}(آل عمران: من الآية 181) رجع الكلام إلى بني إسرائيل {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ}(آل عمران: من الآية 182 -183) عندما يقولون: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}(آل عمران: من الآية 181) اليهود، قالوا: هم من قالوا هذه، هذه عبارة سيئة جداً وتكشف جرأتهم على الله، عندهم جرأة على الله عندما يقولون:{إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}(آل عمران: من الآية 181) {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوَهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(آل عمران: الآية183) هذا من الجواب الذي يفضح، وإن لم يكن جواباً على نفس الموضوع بحيث يتجه ليقول: [إذاً رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هو معه أشياء كذا ومعه، ومعه.. إلى آخره].

يفضحهم أولاً: {قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ}(آل عمران: من الآية183) يأتون بقربان، وتأكله النار، وقتلتموهم {فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ}(المائدة: من الآية70) فلم قتلتموهم وقد جاءوا بما قلتم إن الله عهد به إليكم؟!.

{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ المُنِيرِ}(فاطر: الآية25) لاحظ في هذه الآيات أول شيء فيما يتعلق بقولهم: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}(آل عمران: من الآية181) هذه الحالة حكاها عن من؟ عن ناس سيئين حتى يكون الناس المؤمنون بعيدين عن أي خواطر تكون قريبة من هذه المقولة باعتبار أن الناس يعرفون اليهود ويعرفون واقع اليهود وإنما هم قالوا هذه، فيكون الناس بعيدين عن أي خواطر تكون قريبة من هذه المقولة، عندما يجدون أنفسهم مثلاً يعملون في سبيل الله يجدون أنفسهم فقراء يجدون إمكانياتهم قليلة ويجدون في نفس الوقت الأعداء الآخرين معهم إمكانيات هائلة، أو يجدون هنا حثاً كثيراً، حثاً بالغاً على الإنفاق أن ينفق الناس هناك قدم بالنسبة لقضية المال وحث الناس على أن ينفقوا هو فتح لباب من الفضل من مضاعفة الأجر، بحيث يمكن للإنسان أن يستغل ولهذا قدم المسألة بشكل عام تستغل حياتك، تستغل موتك، تستغل مالك، تستغل كلامك، تستغل كل شيء في سبيل أن تكون نتائجه طيبة بالنسبة لك، فضل عظيم وأجر عظيم من الله سبحانه وتعالى.

ثم إن المال له أثره النفسي بالنسبة للإنسان له أثر نفسي كبير وأثر فيما بين الناس بشكل عام، فعندما يأمر الناس بأن ينفقوا في سبيله، ليس معناه بأنه بخيل أو أنه ليس مستعداً أن يعطيهم شيئاً أو ليس عنده شيء، إنما فقط هم يقومون بنفوسهم! أولاً هو يقول للناس بأن ما عندكم هو منه إذاً فهل يمكن أن تقول هنا بكلمة فقير أو بخيل مثلما قال اليهود؟! لأن ما عندك هو لله {وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}(الحديد: من الآية7) ولهذا قال سابقاً: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ}(آل عمران: من الآية180) كيف يمكن أن تسميه فقيراً أو تسميه بخيلاً وكل ما عندك هو من عنده، قليل أو كثير، وما يدعوك إلى أن تنفقه إنما يدعوك إلى أن تنفق جزءاً مما أعطاك هو، هذا معناه أنه مهم جداً ولهذا قدم الآية هذه قبل قول اليهود ألم يقل في البداية: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ}(آل عمران: من الآية180) آتاهم الله {مِن فَضْلِهِ}(آل عمران: من الآية180) بعدما يقول اليهود: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء}(آل عمران: من الآية181) كلمة: {وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}(آل عمران: من الآية181) ناسين أن ما لديهم هو من عند الله كله.

إذاً فهل هناك مجال أن تقول: بأنك غني والله فقير أو أنك تعطي والله بخيل وكل ما عندك هو من الله؟ فقضية الإنفاق في سبيل الله الإنفاق للمال هو من الفضل العظيم على الإنسان أن يجعل الله أمامه مما آتاه هو، هو الذي أعطاك المال وفي نفس الوقت أن يكون بإمكانيتك أن تستغل هذا المال لأن تحصل على فضل عظيم ودرجات عالية من الله، أليست هذه تعتبر نعمة من أساسها؟ ثم نعمة داخل نعم أو تقول نعم كثيرة وفضل كبير داخل هذه النعمة التي أساسها كلها من الله، هذا فيما يتعلق بجانب المال.

فيما يتعلق بالجانب الآخر جانب دعوة، جانب عمل {فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ}(آل عمران: من الآية184) عندما تكون أنت تتحرك وتجد آخرين لم يرضوا يقبلوا، لم يؤمنوا سواء من اليهود أو من غيرهم، لا يحصل عندك إحباط أبداً أو يحصل عندك تراجع فهناك رسل من قبلك قد كذبهم آخرون مع أنهم جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير.

هذه القضية يحتاج إليها الناس الذين يتحركون في الدعوة في أوساط الناس، هذه قضية ملحوظة بعضهم يحاول يعمل ورأى ما استجاب له أهل القرية الفلانية أو ما استجاب الناس الفلانيين أشخاص معينين وفي الأخير لا تراه هو إلا وقد صار يضعف، وقد هو يريد يترك العمل ويتراجع ولم يعد له شأن به، وعنده أن هذا الموضوع لن ينجح ولا هو قائم هذا العمل ولا ناجح.

{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ}(آل عمران: من الآية185) جاء بالكلمة هذه بعد الكلام عن اليهود، اليهود عندهم حساسية من الموت بشكل رهيب تجد حتى كتبهم أو اليهود والنصارى بشكل عام حتى كتبهم كتب [العهد القديم والعهد الجديد] لا يوجد فيها حديث عن الآخرة تقريباً لا يوجد نادر جداً لا يوجد حديث عن الموت والآخرة عندهم حساسية منه لا يسمع كلمة موت نهائياً هنا جاء في هذا الموضوع {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْت}(آل عمران: من الآية185) أيضاً في موضع آخر تجد أكثر ما وردت كلمة موت في مقامات إما بعد الحديث عن الكافرين أو بعد الحديث عن اليهود وغالباً ما يأتي الكلام عبارة عن ماذا؟ عن إشعار بمصير معين، ولهذا ما يأتي حتى الحديث عن الموت عبارة عن وسيلة تخويف أبداً إلا أن معناه بداية مرحلة أخرى، ويتحدث عن الآخرة.

{وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ} (آل عمران: من الآية 185) لا يخوف من مسألة الموت نهائياً يذكر بأنه عبارة عن قضية الإنسان سيصل إليها لكن المسألة الخطيرة جداً هي قضية الآخرة، تجدها في أكثر ما ورد ما أذكر أنه قد جاء بكلمة موت لوحدها على طريقة التخويف أبداً بنفس الموت وإنما بما بعد الموت {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ المَوْتِ الَّذِي وَكِّلَ بِكُمْ}(السجدة: من الآية11) جاءت بعد الكلام عن الكافرين {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ المَوْتِ الَّذِي وَكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}(السجدة: الآية11) هذا الإنتقال تجده بسرعة تقريباً في كل الآيات التي يرد فيها حديث عن الموت.

هنا يبين بالنسبة للناس بشكل عام بعد الحديث عن الجهاد وعن قتلى في سبيل الله وعن جرحى وأشياء من هذه، بأن يفهم كل إنسان بأنه سيموت، لتعرف بعد بأنه نعمة عظيمة كبيرة عليك أن يفتح لك باب جهاد في سبيل الله فتستغل موتك، تستثمر موتك فتحظى بالشهادة، وإلا كل واحد سيموت وإذا أنت ستموت لا شك، فأين أفضل لك تموت هكذا، أو يكون موتك له فائدة بالنسبة لك، أليس أفضل للإنسان أن يكون موته يكون فيه فضل عظيم ودرجة رفيعة له؟ بل يقهر الموت نفسه؛ لأن الشهيد عندما يقول الله: {وَلاَ تَقُولُوا لِمْن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ}(البقرة: من الآية 154) لا تسموهم أمواتاً، وليسوا بأموات إنما هي نقله بسرعة أليس هؤلاء استطاعوا أن يقهروا الموت وأن لا يكونوا أمواتاً؟.

{وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً}(آل عمران: من الآية185 – 186) في مسيرتكم العملية ستسمعون من هذه الأطراف أذىً كثيراً، لكن تجد دائماً أنه يقدم هذا الطرف بأنه خاسر، لكن إذا كان الطرف المؤمن على هذا النحو {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} (آل عمران: من الآية186) في هذه الآية وفي آيات أخرى: {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}(آل عمران: من الآية186) من عزم الأمور أعني هذه هي الخطة العملية الصحيحة مثلما قال سابقاً: {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً}(آل عمران: من الآية120) فمن عزم الأمور هو أن يكون موقفك أو تكون خطتك بالشكل الذي يجعل العدو لا يضرك كيده، وتجعله لا يعد يضرك أذاه، وإن دخل معك في قتال سيكون هو الخاسر {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا}(آل عمران: من الآية186) تحدثنا عن موضوع الصبر والتقوى سابقاً، معنى الصبر في مقام عملي وتقوى بكل ما تعني كلمة الإتقاء عملياً، هذا هو الحزم هذا هو عزم الأمور الذي تجعل النتائج بالنسبة للعدو خسارة كلها، فكيده لا يعد يضرك أذاه، لا يعد يضرك، ألم يقدمها هكذا؟ الأذى لا يعد يضر، الكيد لا يعد يضر، أن يدخل معك في مواجهة.

{وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ}(آل عمران: من الآية111) إذاً فليس من عزم الأمور من يرون أنفسهم بأنهم حكماء فيقعدون، يقعد ولا يتحرك ولا يوطن نفسه على عمل ويتهرب من المسئولية، هذا لا يعتبر إنساناً حازماً ولا حكيماً هنا يذكر عزم الأمور والصبر والتقوى العملي، مواجهة مع صبر وتقوى.

إذاً هنا يبين بأن الناس المؤمنين عندما يكونون متجهين في سبيل الله، والعمل لإعلاء كلمة الله ومواجهة أعداء الله، يتناول كل القضايا بحيث يرون أنفسهم لم يعد هناك شيء من جانب العدو جديد يبدو أننا سنخاف أن يكون مؤثراً علينا ونحن في عمل صبر وتقوى نهائياً.

{وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}(آل عمران: من الآية186) لأن بعض الناس يكون فهمه أنه إذا قد هو مؤمن لا يعد يريد أن يسمع كلمة، ولم يعد يريد يكون معه أعداء، وقد هو مؤمن وعنده أن له الفضل أنه آمن فالباري عليه أن يزيل كل شيء من قبله! يوجد ملائكة بالملايين ومخلوقات أخرى {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}(الجمعة: من الآية1) {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}(الرعد: من الآية15) لا يكن عندك بأن الباري ينظر إليك أنه فرصة أنك قد آمنت وأن عليه أن يبعد كل شيء فلن تسمع كلمة قاسية من أحد، ولا أذية ولا مؤامرة ولا شيء قد تحصل هذه لكن هناك طريقة تجعل كلما يحصل لا يضرك، ولا يكون له أثره السلبي عليك وهي هذه: صبر وتقوى اهتداء بهدي الله، وإذا لم يحصل هذا سيكون كل شيء يترك آثاره السيئة عليك يقاتلونك يقهرونك، يكيدونك ينجحون في كيدهم، أذية، يوقعون بك الأذية إذا ما هناك صبر وتقوى.

تلاحظ أنه هنا قدم كل الأشياء التي تكون محتملة من جانب العدو أنها في الأخير لن يكون لها أثرها السيئ على الناس إذا كانوا عاملين في سبيل الله، وبصبر وتقوى، هذا يعتبر تقريراً هاماً ممن يعلم الغيب والشهادة ممن إليه ترجع الأمور، ممن هو غالب على أمره وهذه القضية لها أهمية كبيرة في مجال عمل الناس عندما يقول: [اسكت يمكن يعملوا كذا وسيعملون كذا وبا، وبا.. إلى آخره] هنا يقول لك سيحصل هذا من غير أن يقول: [با وبا.. إلى آخره] هم نفوسهم سيعملون هذه.

{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً}(آل عمران: من الآية186) إذاً تكون قضية معروفة عندك أنهم سيعملون سيمكرون، كما قال سابقاً وسيكيدون وسيتآمرون وسيعملون كل ما بإمكانهم أن يعملوه، عندما يأتي واحد يقول: [اسكت حتى لا يعملون كذا كذا حتى لا نثيرهم علينا] وأشياء من هذه يقدم لك القضية بأنها قضية محسومة هم يعملون هذه وسيعملون هذه، الشيء الذي يهمك إذا كنت حكيماً هو: ما هو الشيء الذي يجعل كلما يدبرونه وكلما يعملونه لا يترك أثره علينا؟ هو الإيمان والصبر والتقوى، أليست هذه هي الطريقة الصحيحة؟.

تجد القرآن هنا أليس هو يحاول، أعني كلما تقرأ آيات منه تجد كيف يبين أشياء في نفوس الناس فكأنه كلما تطلع عندهم أقوال من هذا النوع تكون ماذا؟ قرارات غلط قرارات خطأ مفاهيم خطأ، أليس هو يبين لنا أن الكثير مما نسمعه يعتبر خطأ [اسكتوا لا تعملوا كذا وكذا أو ربما يعملوا كذا كذا… إلى آخره] لاحظ كيف أهمية القرآن الكريم عندما قال الله: {هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ}(آل عمران: الآية138) يبين لك العدو ويبين لك مجتمعك ويبين لك نفسيتك ويبين لك نفوس الناس وقت الإنتصار وكيف تكون نفسياتهم وقت الهزيمة وكيف تتعامل مع كل الأطراف كيف تتعامل مع نفسك مع العدو مع أصحابك وقت الإنتصار ووقت الهزيمة، وأنت تدفعهم إلى العمل، وهم في حالة تراجع، كلها في إطار معركة واحدة قدمها و كم قدم في إطار قضية واحدة في معركة أحد.

هنا هل بقي مكان للذي يقول لك: [يترك الناس العمل حتى لا يقال أنهم يعملون كذا]؟ هنا يقول لك: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ}(آل عمران: من الآية186) تشمل اليهود والنصارى {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً}(آل عمران: من الآية186) لو لم تعمل شيئاً لو أنت جالس ستسمع أذية كثيرة.

إذاً فالطريقة الصحيحة هو العمل بصبر وتقوى، هذا هو عزم الأمور {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}(آل عمران: من الآية186) {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ}(آل عمران: من الآية187) هذه قضية هامة جداً في حالة المؤمنين مثلاً في مواجهة عدو هنا يبرز أهمية كبرى لتبيين من لديهم علم الكتاب يبينون للناس ويوجهونهم ويفهمونهم ويرفعون من معنوياتهم؛ لأنها كلها تحتاج إلى توجيه، الناس يحتاجون إلى توجيه والمراحل هذه مراحل الصراع مع العدو هي من أهم المراحل أو من أكثر المراحل يكون الناس فيها بحاجة إلى توجيه لماذا؟ لأنه يكون في الغالب يكون فيها قضايا جديدة هي قد لا تأتي أثناء حديثك مع الناس حول الصلاة حول زكاة حول أشياء من هذه حول طهارة وحول عبادات أخرى، يكون هناك أشياء كثيرة تظهر.

لاحظ كم قد ظهر! ما قد ظهر أشياء كثيرة جداً في هذه المرحلة من بعد توجه الأمريكيين؟ كم ظهر في الساحة من أشياء كم ظهر من خلال نزول [الشعار] من كلام كثير من الناس، مفاهيم مغلوطة تبين لك أن هناك حاجة ماسة إلى تبيين واسع، معناه تكون الجريمة كبيرة لمن يعرفون كتاب الله فلا يبينون.

{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ}(آل عمران: من الآية187) كيف كان الموقف سيئاً فعلاً في المرحلة هذه والأمة في مواجهة ألد أعدائها اليهود والنصارى، وقضية واضحة لم تعد مؤامرات من تحت القضية واضحة يرون الشعوب كل فترة شعب يحتلونه وساكتين من أوتوا الكتاب ساكتين ولا شيء، معظمهم، سواء داخل الشيعة أو داخل السنية في اليمن وفي غير اليمن، وهي أهم مرحلة الناس بحاجة فيها إلى تبيين العلماء لكتاب الله.

{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ}(آل عمران: من الآية187) يعني: أخذ عليهم ميثاقاً أخذ عليهم عهداً أن يبينوا {وَلاَ تَكْتُمُونَهُ}، {لَتُبِيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ}(آل عمران: من الآية187) المجتمع بكله؛ لأن الصراع مع أعداء الله لا تكون قضية تختص بفئة معينة، تصل إلى كل بيت في المجتمع، قد الناس جميعاًَ يحتاجون هم تبيين.

{وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}(آل عمران: من الآية187) وبعضهم ينبذونه وراء ظهورهم ويقدمون أشياء تدجِّن الأمة وتضعف الأمة أمام العدو، أليسوا يتجهون الآن في التلفزيون مقابلات حول [قبول بالآخر] و [الوسطية] و [الإعتدال] بشكل معناه ماذا؟ أن لا يتحرك الناس ولا يعملون شيئاًَ، ويتركون هذا الإنسان يتجه، الذي خضع لليهود، يتجهون يعملون ما يريدون، أعني: هذه النتيجة في الأخير بمعنى: [لا تكونوا متحركين أو مستعدين للجهاد أو معدين لكل ما عندكم من قوة أو تحاولون أن توجهوا بعضكم بعض كيف يكون عندكم اهتمام وروح جهادية، لا، كونوا معتدلين ولينين ولا يكون هناك تشدد!] كما يقال، وأشياء من هذه.إذا كان هنا يقول عمن كتموه إنها جريمة كبيرة فكيف من يكتم ثم يبين خطأ؟ جريمتان كبيرتان.

فتلاحظ كيف القرآن يتناول كل ما له علاقة بالقضية وهذا الشيء لا يمكن يصل إليه فكر الإنسان فيكون محيطاَ بكل ملابسات القضية لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى لهذا إنها نعمة كبيرة جداً علينا أن يكون القرآن موجوداً نعمة كبيرة جداَ؛ لأنه لا يستطيع الإنسان هو مهما كانت خبرته السياسية والعسكرية أن يصل إلى أن يعرف محيط القضية بكلها وكل ملابساتها ألم يتحدث هنا حتى عن الربا؟ من يفهم بأنه قد يكون للربا علاقة في ضعضعة الأمة عن أن تكون بمستوى مواجهة عدوها وهكذا.

فالآية هذه تعطي تحذيراً للناس يعني: أن نفهم أن منطق القرآن الكريم وتوجهه أنه في حالة أن تكون الأمة في مواجهة وتواجه بقضية خطيرة وبعدوٍ خطير إنها مرحلة يجب أن يكون العلماء فيهم يتحركون لتبيين كتاب الله، وكيف سيكون تبيين كتاب الله في قضية كهذه، هل هو فيما يقعد الناس أو يحركهم؟ فيما يحركهم هذا شيء معلوم ولهذا عندما تجد علماء ساكتين معنى هذا أنه لا تعتبر أنه الموقف الصحيح والطبيعي بالنسبة لهم، نكون جميعاً كعامة الناس يكونون عارفين كيف هو الموقف الطبيعي والمسئولية الهامة في وضعية كهذه بالنسبة للعلماء هو أن يتكلموا أن يبينوا للناس كتاب الله ليشدوهم ليجعلوهم على مستوى عالي من الإستعداد لمواجهة هذا العدو. فعندما يكتم العلماء ترجع إلى عامة الناس وكأنها قضية إما لم يعد معها مخرج نهائياً ما بقي إلا استسلام أو أنها قضية ما للدين موقف فيها نهائياَ فكيف ما انتهت القضية تنتهي.

يعتبر خطأً كبيراً من بعض الناس عندما يكون عنده أنه يبحث للقاعدين الساكتين يبحث للذين هم ساكتون ويقول: [سأسير بعدهم] هذا خطأ يجب أن تفهم مسئوليات الناس بكل فئاتهم في حالات الصراع في حالات المواجهة في حالات احتمال خطورة كبيرة على الأمة يجب أن تفهم أنت كمسلم مسئولية العالم ولهذا [الإمام زيد] عمل تلك الرسالة ليذكر الناس أن يفهموا مسئولية العالم، ويذكر العالم هو أن يفهم مسئوليته.

{لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(آل عمران:188) هذه قد تكون حالة تشمل كثيراً من فئات الناس كما نقول أكثر من مرة بأنه بالنسبة للقرآن قد لا يفهم الناس أشياء كثيرة إلا في حالة حركتهم، أنت قد تجد كثيراً من القاعدين – سواء كانوا علماء أو وجهاء أو ناس آخرين – يكون عندهم أن ما أتوه، قعودهم هو الصواب وفرحين، فرحين بقرارهم بأن يسكتوا وأن يقعدوا وأن لا يتعرضوا لقضية كذا، قد تحصل مثلاً أيضاً داخل العاملين أنفسهم بأن يكون هناك ناس ماذا؟ يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا هناك ادعاءات: [سوينا وأنا سويت وأنا عملت.. إلى آخره] كل واحد يحب أن يحمد بما لم يفعل مع أن المطلوب من الإنسان لا يبحث أن يحمد بما يفعل من جهة الآخرين.

وهذه قضية ملموسة أن البعض من الناس عندما لا ينطلقون يبينون كتاب الله للناس يكون عنده أنه القرار الصحيح والموقف الحكيم والرؤية الحكيمة، وأنه بهذه الطريقة يحافظ على المذهب [من أجل لا نكون نحن نثير الآخرين] أو ربما يلحقه شي فيضرب الإسلام؛ لأنه هو يعتبر نفسه الإسلام وبعض الأشياء قد لا يتجلى للإنسان إلا من خلال حركة الناس حتى يتبين نماذج تصدق عليهم {وَيُحِبُوْنَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}(آل عمران: من الآية188) لأنها توحي أن هذه حالة قد تكون حاصلة داخل مجتمع في حالة صراع على هذا النحو يأتي، سواء من يعتبر موقفه صحيحاً أو يتمدح بشيء ما عمله، أو أشياء من هذه، أما نفس سرور الإنسان بعمل صالح يعمله هذا شيء طبيعي، المؤمن نفسه هو يسر إذا عمل عملاً صالحاً لكن يسر بأنه ماذا؟ عمل عملاً يرضي الله ما معناه أنه ماذا؟ يسر بأنه قد عمل عملاً صالحاً يمكنه من أن يتدخل في قضايا، أو من أجل يعمل كذا مثل بعضهم عندما يأتي قد يعاونك في مدرسة أو في مسجد أو في مشروع عام من أجل أنه في الأخير يؤذيك ويتدخل في كل شئونه.

{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(آل عمران:189) هذه تتحدث عمن بخلوا عمن قالوا إن الله فقير وهم أغنياء عن من يكتمون كتاب الله عن فئات كثيرة هو ملك السموات والأرض وهو مدبر الأمر يعمل البدائل بالنسبة لمن بخلوا {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ}(محمد: من الآية38) بالنسبة للبخل {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}(محمد: من الآية38) بالنسبة لمن يكتمون كتاب الله يهيئ من يبينون كتاب الله وهكذا هو ملك ولا يوقف تدبيره أحد من هذه الفئات التي تبدو وكأنها قد أغلقت الأبواب: باب الجهاد، باب الإنفاق، باب التبيين للناس، أليست أبواباً تبدو أوصدت؟!.

{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(آل عمران:189) ثم كل الوعود والتهديد الذي جاء كثيراً تجد الآيات في آخرها {عَذَابٌ أَلِيْمٌ} {عَذَابٌ مُهِيْنٌ} {عَذَابٌ شَدِيْدٌ} تعرف أنه على كل شيء قدير سيوقع هؤلاء فيما توعدهم به سيقع عليهم العذاب الشديد العذاب الأليم العذاب المهين؛ لأنه على كل شيء قدير.

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}(آل عمران:190) فالله له ملك السموات والأرض وهو على كل شيء قدير ستلمس من خلال هذه المخلوقات مظاهر قدرته مظاهر تدبيره في الآيات هذه إلى آخرها، يبين كيف يكون المؤمنون وكيف تفكير المؤمنين، وكيف مشاعرهم وكيف نظرتهم وكيف يستفيدون من خلال تأملهم في خلق السموات والأرض {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}(آل عمران:190).

جاء سابقاً في آية: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ}(آل عمران: من الآية26) ألم يقل بعدها ويبيَّن أيضاً قائمة من مظاهر تدبيره التكويني {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}(آل عمران: من الآية27)؟.

أولو الألباب سيفهمون بأنه هذا التدبير في الكون اختلاف الليل والنهار وفي المخلوقات؛ ليفهموا بأن التدبير الآخر أيضاً قائم في موضوع الهداية وموضوع المؤاخذة هذه، التدبير الذي يسمونه التشريعي أو تدبير الهداية أنه أيضاً قائم، ففي خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار آيات لأولي الألباب آيات فيما تعطيها هي في موضوع معرفة الله، ومن معرفة الله أن يعرفوا بأنه المدبر لشئون هذا الكون هذا التدبير التكويني الذي نلمسه اختلاف ليل ونهار وأشياء من هذه أنه لا يمكن أن يغفل الجانب الآخر التدبير الآخر تدبير ماذا؟ نظام للحياة تدبير الهداية وكله في إطار ماذا؟ ملك يعني كله مما يشمله ملك أو كله مما يعتبر من صلاحيات ومهام الملك. فالنظرة إلى السموات والأرض في خلقها واختلاف الليل والنهار فيها إلى آخر ما فيها من أشياء تكوينية إنزال المطر وإنبات الأشجار والثمر وأشياء واسعة جداً.

إن النظرة إليها على هذا النحو هي التي تعطي معارف واسعة جداً لكن النظرة إليها على هذا النحو ضربت من جانب المتكلمين قدمت المسألة وكأنها تنظر في هذه الأشياء من أجل تعرف أن هناك [الله] هنا يقول لك إن هؤلاء مؤمنين بالله مؤمنين بالله وهكذا نظرتهم إلى خلق السموات والأرض وما فيها فتلك النظرة السابقة أنك تبحث عن الله من خلال [أن هذه محدثة فثبت أن لها محدث إذاً هناك محدث لهذا العالم فقلنا: هو الله] وباحثين عن الله باحثين له تنتهي أعمارهم وهم باحثون عن الله! الله غرز معرفته في نفوس الناس فيجب أن ينظروا هذه النظرة الإيجابية التي تعطيهم معارف واسعة فيما يتعلق بمعرفته هو وليس على أساس باحثين ليثبتوا أن هناك [الله]! هو موجود لكن تلمسوا هنا مظاهر حكمته مظاهر تدبيره ولتقارنوا لتعرفوا أن من هو المدبر لهذا العالم على هذا النحو لا يمكن أن يغفل الجانب الآخر التدبير الذي الإنسان بحاجة إليه، أليس الإنسان بحاجة إلى اختلاف الليل والنهار وإنزال المطر بحاجة إلى البر بحاجة إلى البحر بحاجة إلى كل ما ذكره في القرآن من مظاهر هذا الخلق وبحاجة أيضاً إلى التدبير الآخر الذي هو هدايته كيف تكون نفسيتك كيف يكون تعاملك، هدايته بالمعنى العام هذا جانب آخر.

وهي قضية أساسية حتى عند ملوك الدنيا عند الزعماء في الأرض ألا يكون هناك لديه وزارة اقتصاد وتجارة وزارة زراعة وزارة تربية وتعليم وثقافة ماذا يعني هذا؟ هل يوجد أحد يأتي يحكم الناس ويلحظ فقط بأنه يهتم بموضوع زراعة واقتصاد فقط أو أنه أيضاً يعمل وزارة تربية وتعليم؟ ماذا هدفه من هذا؟ وزارة اقتصاد وتجارة وزراعة ماذا هدفه؟ أليست تتعلق بالجوانب الأخرى المادية، تربية وتعليم ثقافة وإعلام ما هي مهمتها؟ في الجانب الآخر فيما يتعلق بنفسية الإنسان في الجانب التربوي؟ كيف تكون رؤيته؟ كيف تكون نفسيته؟ كيف تكون ثقافته؟ كيف يكون توجهه؟.

هذه قضية هامة وواسعة في القرآن أن يعرف الإنسان ويقطع بأن الله لا يترك الناس سداً وأنه مغفل لهذا الجانب الآخر جانب الهداية جانب التشريع جانب نظام الحياة التدبير في هذا الجانب مهم التدبير للناس أن يهديهم إلى ما يكونون به بعيدين عن أن يظلموا تقدم في الآيات السابقة ألم يقل: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران:108) وكما أنه يعمل الأشياء الأخرى التي فيها الناس بحاجة إليه اختلاف الليل والنهار وإنزال المطر والشمس والقمر والأشياء هذه كلها هم بحاجة إلى التوجيه الذي يجعلهم بعيدين عن أن يظلموا فكما أنه يعمل هذه هو يعمل الجانب الآخر لكن الناس هم الذين يرفضون فيصبحون كالأنعام، همه فقط يأكل أعني: ينـزل مطر وزرع ويأكل فقط، ما يلحظ الجانب الآخر يأتي الظلم يلحق نفسياتهم ويلحق مادياتهم.

لهذا يقدم موضوع التفكر عند ناس مؤمنين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم هل هؤلاء يبحثون عن [الله] ليثبتوا أن هناك: [الله] فيثبتون وجوده أو هم عارفون له، هم عارفون لله، لكن هم يستفيدون من خلال تفكيرهم وتأملهم في هذا الخلق يستفيدون معارف واسعة جداً وكلها مظاهر لمعرفة الله كي يتجلى تدبيره يتجلى حكمته علمه رحمته قدرته إلى آخره، لهذا نقول: إن كتب علم الكلام ضربت الناس ضربة رهيبة جداً فعلاً في مجال معرفة الله، في الأخير عندما ترى شمساً وقمراً ونجوماً وسماءً وأرضاً وكلها ويكون في ذهنك أنها محدثة فثبت أن لها محدث وهو: [الله] يثبتون أن هناك [الله] فقط، هذه تكفيك من مخلوق واحد من مخلوق واحد فقط أنت نفسك أو شجرة أو أي دابة من الدواب تكفيك العملية هذه، فلماذا الأشياء واسعة جداً؟ ومظاهر تدبير الله واسعة جداًَ في هذا العالم، لها أهمية تعطي معارف واسعة جداً جداً وليست لتثبت أن هناك [الله] هؤلاء مؤمنون عارفون لله ويذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض على أساس ماذا؟ هل يثبتون أن هناك [الله]؟ هم مؤمنون بوجوده إنهم يعرفونه ويؤمنون به لكن ماذا؟ فوائد كثيرة أخرى.

هذا التوجيه الصحيح إلى كيف تكون نظرة الناس إلى هذه المخلوقات وكيف يتفكرون في خلق السموات والأرض وهذا موضوع له علاقة هامة جداً بموضوع الجهاد في سبيل الله العمل لإعلاء كلمة الله ومواجهة أعداء الله إذا أنت ناسي للتدبير الإلهي تكون معرضاً للضعف إذا أنت ناسي أن الله هو ملك السموات والأرض وله ما في السموات والأرض وهو مدبر الأمر وإليه يرجع الأمر كله في الأخير تكون النتيجة ضعف، إذا أنت عارف لهذا ستنطلق وأنت عارف بأنك عبارة عن جزئ من هذا التدبير الإلهي داخل هذا العالم.

{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}(آل عمران: من الآية191) في كل الحالات {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً}(آل عمران: من الآية191) وليس [ربنا ثبت لنا أنك موجود] كانت النتيجة هي هذه من خلال تفكرهم {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً}(آل عمران: من الآية191) إذاً فلا مكان للباطل داخل ما خلقت وهو قال في آية أخرى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}(الدخان: من الآية 38 – 39) {سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(آل عمران: من الآية191) لاحظ النتيجة هذه كيف بدايتها ونهايتها رؤية واسعة جداً من خلال ما لمسوا، لمسوا هنا أشياء كثيرة هي من مظاهر تدبيره وهدايته؛ لأن في نفس الخلق أعني: في تدبيره ما يعتبر هداية للناس يعرفون في الأخير بأنه لا يوجد هزل ولا لعبة، هذا حق وأنه ملك تدبير ملك ينتهون في نفوسهم إلى ماذا؟ إلى أنه فعلاً هناك عواقب سيئة جداً؛ لأنه واضح كل الوضوح واضح كل الوضوح طريق الحق أن الله هو الملك هو المدبر هو الهادي هو كذا.

فعندما تكون الأشياء على هذا النحو واضحة جداً، جداً معناه أنه في الأخير وراءها عقوبة عندما يعرفون أنه ملك وهذا تدبير ملك ويعرفون أنه في تدبير الملك لازم يكون هناك ثواب وعقاب فبقدر ما ترى التبيين، التبيين الرهيب في كل شيء من خلال آياته في كتبه وآياته في هذا الكون يكون معناه أنه من أعرض عنك عن هداك من لم يطيعك تكون عاقبته رهيبة جداً هي النار {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(آل عمران: من الآية191) يذكر بداية ونهاية {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً}(آل عمران: من الآية191) كم تحت هذه من معاني تدل على أشياء كثيرة تدل على حكمتك وتدبيرك وهدايتك ورحمتك إلى آخره، إذاً وراءها عذاب شديد، هو قال في آيات أخرى في [سورة البقرة] بعد ما ذكر البيان الكافي، ذكر الذين كفروا أن لهم نار جهنم ما أذكر نص الآية، يعني: يبين بأنه بعد هذا الهدى البين من خلال ما عرضه بواسطة كتبه ورسله وما ذكره من خلقه من تفاصيل مخلوقاته في هذه السموات والأرض أن الكافرين يستحقون أن يعاقبوا ذلك العقاب الشديد.

كيف النظرة الآن؟ لاحظ أليس هؤلاء أناس نظروا في خلق السموات والأرض النتيجة طلعت عندهم ماذا؟ نتيجة عملية يعني: هم سيجدون هناك المظاهر الكثيرة التي تدل على أن إليه يرجع الأمر كله هو مدبر شؤون هذا العالم هناك مصاديق لوعده فيجب أن نتحرك فالقعود مع كل هذه التي يظهر من خلالها أنه الملك الحي القيوم المدبر لشؤون السموات والأرض يعني ماذا؟ عقوبة كبيرة.

النظرة الأخرى نظروا في خلق السموات والأرض على طريقة المتكلمين فطلعت [هذه الأرض ما هي إلا للباطل وأن أهل الحق مساكين لا ينجحون ويجلسون وليس لهم دخل وفي الأخير يدخلون الجنة] المؤمنون هنا قالوا: {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} لأنه عندما يرى النوعية الأخرى أصحاب النظرة الأخرى أنهم مضطهدون ومظلومون ومستضعفون ومبهذلون وفي حالة شقاء قالوا: [هي هكذا الدنيا وهكذا يكون المؤمنون إذاً بعدها الجنة بالتأكيد] لا يلحظون سنن الله في هذه الحياة فيعرفون أن هذه الحالة قد تكون عقوبة لتقصير من عندهم عقوبة على تقصير لديهم، والتقصير في العمل في سبيل الله دليل على أنهم معرضون عن هدى الله فكانت الحياة بالنسبة لهم هكذا، إذاًَ لا يتوقعون بعدها جنة، يتوقعون بعدها نار؛ لأن الله قال في آية صريحة: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [هنا في الدنيا] وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}(طـه:من الآية 123- 124).

عندما يكون الناس في معيشة ضنكا يجب أن يفهموا بأنها حالة يجب عليهم أن يقيِّموا أنفسهم ليعرفوا ربما لديهم تقصير هم في حالة إعراض عن هدي الله في حالة تقصير عن العمل لما أمرهم الله أن يعملوه وبتوجيهاته فتحصل هذه الحالة السيئة.

هنا، لا. القائم عند كثير من الناس أنه هكذا حال الدنيا، وهذه علامة أن الناس مؤمنون عندما يكونون مهانين مبهذلين مستضعفين، في معيشة ضنكا!. ألم يرتب على المعيشة الضنكا أن يحشر أعمى؟ لأنه مؤشر خطير مؤشر خطير عندما تكون الأمة في وضعية مثلما الأمة الآن في معيشة ضنكا، أليس العرب الآن في معيشة ضنكا بكل ما تعنيه كلمة الضنك؟ إذاً معناه هذا مؤشر خطير قد تكون العاقبة سيئة {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}(طـه: من الآية124) لأنه لا يأتي الضنك هنا في المعيشة إلا نتيجة عمى عن هدى الله فعندما قال الله: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً}(طـه: من الآية124) لأنه قد هداه فما أبصر، هدى عباده، هدى الناس فما أبصروا فعاشوا معيشة ضنكا هنا، أيضاً هم سيحشرون عمياً فلن يعيشوا عيشة طيبة هناك في الآخرة بل في معيشة ضنكا إلى معيشة أقبح وأسوء.

{رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}(آل عمران:من الآية192) يستحق بعدما لمسناه من خلال تأملاتنا في مظاهر هذه الحياة وما لمسناه من مظاهر تقديرك وحكمتك وعلمك ورحمتك وأنك إليه ترجع الأمور وأنك على كل شيء قدير وأنك صادق الوعد {مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَه}(آل عمران:من الآية192) هو يستحق {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ}(آل عمران: من الآية192- 193).

ألم يدفعهم هذا التفكر في خلق السموات والأرض إلى العمل؟ لأنه تفكر مبني على رؤية عملية ورؤية صحيحة نظرة صحيحة للحياة هذه، للسموات والأرض {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ}(آل عمران: من الآية193- 194) كيف كانوا من خلال تفكرهم في خلق السموات والأرض؟ حصل عندهم علم يقين بأن الله قادر على أن ينجز ما وعد به الذي ليس عنده النظرة هذه في خلق السموات والأرض يقرأ الآيات التي فيها وعود إلهية وما يحصل عنده إيمان بأن الله سينجز ما وعد به، هم هنا حصل عندهم إيمان بهذه فدعوا الله بأن ينجز لهم ما وعدهم على لسان رسله أن ينجزه أن يعطيهم {إِنَّنَا} أليست هذه تدل على أنها قضية مؤمنين بها، مؤمنين أنها قضية واقعية أنه وعد وأنه سيفي بما وعد به هم يستنجزون ما وعد به أن يؤتيهم.

{رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}(آل عمران:194) أليسوا هناك قالوا {إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا}(آل عمران: الآية193) فالإيمان إيمان عملي هم يريدون نصراً يريدون تأييداً إلهياً وعندهم إيمان بهذا فقالوا: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} في الدنيا {وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(آل عمران: من الآية194) هنا في الدنيا {عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أليس حديثاً عن الحياة هذه إلى الحياة الآخرة {إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}(آل عمران:194- 195).

فهنا أكد وعده، ألم يؤكد الوعد للذكر والأنثى؟ معنى هذا أن الباب مفتوح للرجال والنساء والقرآن الكريم يقدم موضوع الرجال والنساء عبارة عن عالم واحد وجنس واحد وأمة واحدة ليس على ما يقدمه الآخرون يحاولون أن يجعلوا النساء عالم لوحدهن والرجال عالماً لوحدهم [فيجب على النساء أن يناضلن يقاومن الرجال من أجل تأخذ حقوقها] من أجل قضايا تافهة، هنا يبين في هذا المجالات الهامة التي أمام الرجل والمرأة هذه المجالات الهامة التي تحصل عليها المرأة كما يحصل الرجل على درجات رفيعة هي هذه المجالات الإيمانية {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}(آل عمران: 195) ولم يقل هنا {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأُنْثَيَيْنِ} الباب مفتوح للكل وكل واحد بقدر إيمانه وعمله ذكر أو أنثى {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}(آل عمران: 195) أمة واحدة ومسئولية واحدة والنتائج واحدة وهذا هو الواقع.

{فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}(آل عمران: من الآية195) لاحظ هنا أن يذكر الوعد العظيم يذكر الجنة ألم يذكر الجنة هنا؟ لأن هؤلاء من خلال تفكرهم ومقارنتهم ما بين الحياة هذه والحياة الآخرة، بالطبع لديهم موضوع الجنة أرقى وأعظم وأهم مطلب لديهم فيما يتحقق في الدنيا هذه، هناك آيات أخرى تبين أن هؤلاء ليس معناه بأنه فقط سيعطيهم ما ذكر في الآخرة أما الدنيا، لا، لكن هذه فئة من خلال ذكرها لله وتفكرها يهمها موضوع الآخرة أليسوا هناك في دعائهم قالوا: {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(آل عمران: من الآية191) وهنا {وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}(آل عمران: من الآية194) هي القضية الهامة وهو الواقع واقعاً من يتفكر ويتأمل ويقارن ما بين هذه الحياة والحياة الآخرة سيجد بأن الحياة الآخرة هي المطلب المهم وأنها الشيء الذي يجب أن يكون أمنيتك ولو كان عندك الدنيا هذه بكلها، لاحظ نبي الله سليمان على الرغم مما عنده من ملك عظيم كيف دعا الله {وَأَنْ أَعْمَلَ صَاْلِحَاً تَرْضَاْهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِيْ عِبَاْدِكَ اْلَّصَاْلِحِيْنَ} عنده ملك لا ينبغي لأحد من بعده.

هذه الآيات هي تبين كيف يتفكر الإنسان وكيف من يتفكرون وفق رؤية صحيحة كيف تكون النتائج عندهم وكيف تكون رؤيتهم ومفهومهم في الأخير {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}(آل عمران:196-197) هذه أيضاً لها علاقة بموضوع الصراع فيما بين المؤمنين والكافرين والكافرون عندهم إمكانيات كبيرة وأيضاً عندهم أراضي واسعة وشعوب واسعة وتوجد حالة نفسية غير طبيعية، لا يغرنك هذا لا يخدعك تخدع بهذا فيكون لك نظرة أخرى أو موقف آخر، متاع قليل كل ما عندهم متاع قليل.

في آيات أخرى يقول: {أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ}(الأنبياء: من الآية44) مهما ترى لديهم من مظاهر كبيرة وتمكن في الملك يأتي متغيرات يصبح لا شيء مثل ما قال سابقاً: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ}(آل عمران: من الآية26) {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}(آل عمران:197) لأنه أحياناً الإنسان قد تستقر عنده في ذهنيته وفق نظرة معينة إلى ما عليه الكافرون يكون عنده أنه هكذا الحياة قد هي هكذا على طول، مثلاً أمريكا دائم أمريكا وأوروبا على طول عنده هكذا، لا. يحصل متغيرات يحصل في الأخير تراها شبيهة بما تسمع به عن ماذا؟ عن الأمم الماضية والدول الماضية ألم يكن هناك دول مثلاً الدولة العثمانية مهيمنين على أكثر البلاد هذه، الناس ربما في ذلك العصر عندهم أنها ستبقى الدولة العثمانية إلى يوم القيامة، تغيرت أصبحت لا شيء أصبحت قصة من قصص التاريخ.

هذه تكون مؤثرة في موضوع الجهاد في موضوع العمل في سبيل الله النظرة هذه لا يكن عندك أن الدنيا قد هي هكذا على ما هي مرسومة الآن أمامك، معناه أن نجاهد في سبيل الله يعني [معنى أعداء كبار وإمكانيات كبيرة!] لا، {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتَاعٌ قَلِيل}(آل عمران: من الآية196- 197) تتغير هذه الأشياء.

{وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ}(آل عمران:من الآية 197- 198) وبالمقارنة بينما لدى الكافرين يجب أن تفهم أنك في الطريق التي ستكون النتيجة بعدها ماذا؟ هذه الجنة العظيمة التي لا يساوي شيئاً ما لدى الكافرين مهما كان وإن كانت هذه الأرض كلها لا تساوي شيئاً من هذه الأشياء هذه لا تساوي كما في الحديث موضع سوط في الجنة.

{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ}(آل عمران: الآية 198) إكرام ضيافة نزلاً بمعنى إكرام وضيافة لهؤلاء المؤمنين المتقين.

فعلى هذا لا يعد يكبر عند الإنسان أن يرى ما عند الآخرين ويرى نفسه لماذا إما هو! سيرى عندما يكون على الطريق الصحيح طريق الجنة ما عند الله خير مما عند هؤلاء إضافة إلى أنه في مسألة التغيير أن لا يكن عندك أن هذه الوضعية مستقرة أيضاً أن لا يكون عندك حالة قد ترى نفسك في الأخير حقيراً أمامهم أو ضعيفاً أمامهم لا، اعتبر نفسك أن لديك ما هو أفضل منهم هو ماذا؟ هذا الذي وعد به الله سبحانه وتعالى {جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ}.

{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}(آل عمران:199) تقدم الحديث عن أهل الكتاب وكثير من الآيات التي تذكر وتجدها كثيراً بأنها توحي بأنه فعلاً سيكون صراع الناس مع أهل الكتاب، الأمة هذه صراعها بشكل رئيسي مع أهل الكتاب في تاريخهم، هنا يبين كيف هؤلاء الناس كيف نفوسهم، ثم يبين كيف تكون نظرة الناس إليهم عندما يقول هنا: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ..} إلى آخره (آل عمران:من الآية 199) تشبه الآية الأولى: {لَيْسُوا سَوَاءً}(آل عمران: من الآية113) لأنه أثرها قيمتها بالنسبة للإنسان من الناحية النفسية هو أن يكون موقفك كله من الآخر: من أجل الله وفي سبيل الله ليس موقفاً شخصياً، هذا هو أفضل وأضمن.

فعندما يكون قد سبق في السورة هذه آيات تتحدث عن بني إسرائيل هي هذه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً}(آل عمران: من الآية187) يأتي بما هو شبيه بالآية السابقة: {لَيْسُوا سَوَاءً}(آل عمران: من الآية113) أن هناك أيضاً: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّه}(آل عمران: من الآية199).

هذه لا تعطي الذي يسمونه: النظرة الأخرى، القبول بالآخر، لا، وإنما لصحة موقفك أنت لأن الموقف الشخصي – مثلما قلنا سابقاً – ليس مضموناً أبداً أن يكون موقفك شخصياً من الآخرين، إنما لأنهم أعداء لله، لأن العداء الشخصي ليس مضموناً؛ لأنه بمجرد أن يقدموا لك مصالح معينة سيضرب هذا العِداء؛ لأن الإنسان يتأثر بالإحسان لكن عندما يكون موقفك موقفاً دينياً لن يتغير موقفك وفي نفس الوقت ستبقى ثابتاً ومستقيماً ولو قدموا لك مصالح شخصية، لو بنوا عند بيتك مستشفى لا تتأثر؛لأنه ليست القضية شخصية. أو أحدٌ منهم يصلح، أحد منهم يستجيب يكون قريباً، أليس هذا في منطق الإسلام بأن من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فله مالنا وعليه ما علينا، من أسلم.

{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا}(البقرة: من الآية137) إذا الموقف لديكم من أجل الله ليس موقفاً شخصياً ستكون أنت قابلاً مثلما قلنا بالأمس عندما يهتدي يأتي حيَّاه الله لو هناك نظرة شخصية تعزز حتى تصبح عندك نظرة للآخر فلا تعد تريد يصلح نهائياً فتصده أنت عن سبيل الله فهي قضية هامة جداًَ {لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً}(آل عمران: من الآية199) لأنه هناك ذكر {وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}(آل عمران: من الآية187).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}(آل عمران: من الآية200) تأكيد على موضوع الصبر، الصبر هنا يعده عملاً، نفس الصبر يعتبره عملاً {وَرَابِطُوا}(آل عمران: من الآية200) استمرار الثبات {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون}(آل عمران: من الآية200) هنا يؤكد موضوع الصبر والتقوى تأكيد لما سبق وبخلاصة، هنا يعطيك خلاصة الموضوع في كل ما تقدم {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون}(آل عمران: من الآية200) بكل ما تعنيه كلمة تفلحون في الدنيا والآخرة.

نسأل الله أن يجعلنا منهم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

التعليقات مغلقة.