saadahnews

سورة النساءالدرس العشرون

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

اللهم اهدنا وتقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

هذه السورة – كما قلنا بالأمس – من أعظم سور القرآن الكريم، مليئة بالتوجيهات، مليئة بالتشريعات، وتناول فيها مختلف القضايا من داخل الأسرة إلى داخل صفوف الأعداء: مشركين، يهود، نصارى كيفما كانوا؛ ولأن دين الله سبحانه وتعالى هو دين يعتبر عملياً، دين عملي ليس فقط مجرد توجيهات؛ لأن الله سبحانه وتعالى كما قال عن نفسه: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ}(آل عمران: من الآية18) قائماً بالقسط ليس فقط أن تقول: مفتياً أو مخبراً، {قَائِماً بِالْقِسْطِ} لأن هذا الدين هو دين للحياة فيجب أن تكون مسيرة الحياة قائمة على أساس توجيهاته وتشريعاته وهدايته؛ ولأن المؤمنين هم جنود الله، المؤمنون هم جنود الله ومعنى أنهم مؤمنون: أنهم مؤمنون بالله، مؤمنون بهداه، بتشريعاته، مؤمنون بما يريد أن يكونوا عليه، ما يريد منهم وكيف يفهمون هذا الدين أنه دين عملي فكما قال عن نفسه سبحانه: أنه قائم بالقسط كذلك أمر المؤمنين أن يكونوا أيضاً قائمين بالقسط: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}(النساء: من الآية135) قوامين: تعملون لإقامة القسط، القسط عبارة شاملة: إنزال كل شيء في مكانه قد تكون هذه العبارة أشمل من كلمة عدل، أشمل من كلمة عدل، وإن كانت تفسر في كثير من المواضع هي تفسر بأن معنى القسط هو: العدل.

فهذا يعتبر أمراً صريحاً وأمراً يقدم في غاية الأهمية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}(النساء: من الآية135) فيجب على المؤمنين في البداية: أن يفهموا بأن الطرف – في هذه الأرض – المعني بإقامة القسط هم المؤمنون لا يكونون منتظرين أن هناك أطرافاً أخرى هي التي تقوم بالقسط، منتظرين لأمريكا لتقيم القسط، أو منتظرين لإسرائيل، أو لأوربا، أو لأي أطراف أخرى!! إقامة القسط مسؤولية ملقاة على عاتق المؤمنين والتفريط فيها يؤدي إلى عواقب سيئة جداً على المؤمنين.

{شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}(النساء: من الآية135) فإن إقامة القسط على أيدي المؤمنين هو يمثل شهادة لله سبحانه وتعالى بأنه قائم بالقسط قال سابقاً: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ}(آل عمران: من الآية18) لأن إقامة المؤمنين للقسط إنما يعني ماذا؟ إنزال تشريعه، تطبيق تشريعه، تطبيق توجيهاته، تطبيق هداه؛ ليتجلى في واقع الحياة ليتجلى فعلاً القسط وأن الله قائم بالقسط، وأن تدبيره وتشريعه وهداه كله إقامة للقسط، وكله قسط وإلا فقد يعطي الناس صورة أخرى عن الله وعن دينه وللأسف كما هو حاصل، المسلمون الآن أصبح واقعهم بالشكل الذي يستغله أعداء الدين للهجوم على الإسلام بل أصبحوا إلى درجة أن يعملوا داخل المسلمين أنفسهم لإبعادهم عن هذا الدين، بأن هذا الدين هو هكذا، أن يجعلوا واقع الناس وما المسلمون عليه اليوم يمثل الدين [ولاحظوا كيف هذا الدين…].

هذا يتنافى منافاة بشكل واضح مع ما يريد الله ويريد للمؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط ليكونوا شهداء، شهداء بالقسط الذي هو من عنده شهداء لله، شهداء لدينه، شهداء لرسوله، وأن لا يتوانوا في إقامة القسط في القضايا الكبيرة والصغيرة؛ لأن الموضوع يمثل شهادة {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} أن تقبل أنت أن يؤخذ منك الحق وأن تعطي الحق وتقبل أنت إقامة القسط على نفسك، إقامة الحق على نفسك، {أَوِ} على {الْوَالِدَيْنِ} أحد من والديك {وَالْأَقْرَبِينَ} لا يحصل أي تقصير في هذا؛ لأنه في الأخير التقصير في هذا يعطي صورة سيئة، يقدم صورة سيئة عن دين الله وبالتالي يجعل الآخرين بدل أن يتأثروا بهذا الدين وينجذبوا لهذا الدين يرون صورة سيئة من خلال أعمال الناس وهم يبتعدون عن القسط فيبتعدوا عن الدين، ثم يتجهون أيضاً لمحاربة هذا الدين وللدعاية والتشويه لهذا الدين.

سواء كان الإنسان أو الوالدين أو الأقربين {غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً} يجب أن يقام القسط عليهم لا يقال: الغني استح منه، أو يقال للفقير: هذا مسكين {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} هو أولى بعباده والكل هم عباد له وكل الناس هم ملك له فهو أولى بهم منكم، هو أولى بهم منكم فإن كان هناك رحمة فهو أرحم، كان هناك عقوبة هو أولى ليس أحد من الناس أولى بنفسه من الله فضلاً عن أن يكون أولى بقريبه أو والده أو ولده أو صاحبه من الله، فالله هو أولى بالناس جميعاً فيجب أن تطبق أحكامه على الناس جميعاً.

{فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} يميل بكم إلى أن لا تعدلوا {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} وهذه هي تهديد في نفس الوقت خبير بأعمالكم كلها خبير بموقفك أنه منطلق من هوى أو عاطفة لقريب أو غني أو أي شيء في هذه لماذا؟ لأن القضية كبيرة، إقامة قسط، شهادة لله.

هي تفسر هنا عادة بمعنى: أداء الشهادة [أشهد لله إن كذا.. كذا..] ولو على نفسك أو والديك.. إلى آخره..! أداء الشهادة أداء الشهادة هو لإقامة القسط، أداء الشهادة عندما تكون شهادة حق هي واحدة من القضايا التي يعتبر أداؤها إقامة للقسط لكن ما تعنيه الآية بشكل أكثر هو: أن يفهم الناس أنهم بإقامة القسط يمثلون شهادة لله أنه قائم بالقسط. عندما يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} بالتأكيد أنه أمر أن يعملوا ويوفروا كل ما لا بد منه في أن يكونوا قوامين بالقسط وقد وجه في آيات أخرى كثيرة: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(آل عمران:104) وجه الطريقة بشكل متكامل؛ لأنه سبحانه وتعالى عندما يوجه لا تكون القضايا هكذا مفتوحة، يبين للناس كيف تكون طريقهم من أجل أن يكونوا بالشكل الذي يمكنهم من إقامة القسط، داخل آيات القرآن الكريم يتطلب إقامة القسط: وحدة الكلمة، يتطلب إقامة القسط: الإخلاص لله، الإلتزام بهدي الله، العمل بكتابه، الإيمان به وملائكته وكتبه ورسله – كما سيأتي بعد – الإيمان باليوم الآخر وفي نفس الوقت في مجال أن يكونوا قوامين بالقسط هو وعد سبحانه وتعالى أنه سيؤيد الناس ويعين الناس {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ}(هود: من الآية123) {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}(آل عمران: من الآية109) {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ}(آل عمران: من الآية160) {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(محمد: من الآية7) وهكذا آيات كثيرة.

في مجال إقامة القسط هناك قضايا باستطاعة الإنسان كفرد أن يتناولها شهادة مثلاً لديه شهادة حق، أمر بمعروف في متناوله، نهي عن منكر، النصيحة، كثير من القضايا التي بإمكانك أن تتناولها أنت كفرد تناولها ولا يغير هذا أن تكون أيضاً في إطار أمة كما أمر الله {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(آل عمران: من الآية104) فإقامة القسط بشكل كامل يحتاج إلى أن تكون هناك أمة تسير على هديه تلتزم بشرعه تبني نفسها على أساس هديه تبني نفسها، والقرآن الكريم يقدم للناس الطريقة التي على أساسها تبنى الأمة التي يأمرهم بأن يكونوا عليها {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}(النساء: من الآية136) القضية هامة في أن ينطلق الناس ليقيموا القسط؛ لأنها شهادة لله سبحانه وتعالى بأنه قائم بالقسط؛ ولأن لها أثرها الكبير في بقية عباد الله أن ينجذبوا إلى هذا الدين {آمِنُوا} ألم يخاطبهم هنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا}؟ هنا يوجد شيء أنتم كمؤمنين تعتبرون أنفسكم مؤمنين ومحسوبين على هذا الدين الذي هو إسلام ومسلمون ومؤمنون لكن يجب هنا تفاعل بشكل جدي اهتمام توجه عملي وإيمان إيمان بكل ما تعنيه الكلمة يبدأ من ترسيخ الثقة بالله سبحانه وتعالى إيمان يجعل الإنسان يعرف أن دينه هام جداً وأن كل قضية في هذا الدين هامة ويعطي كل قضية أهميتها لا يكون إيمانا هكذا مع تخاذل وحالة لا مبالاة وابتعاد! لا، إيمان بما تعنيه الكلمة.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}(النساء: من الآية136) شبيهة بالآية التي في سورة أخرى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(الحديد:28 – 29) أي عندما تنطلقون لتقيموا القسط ولإقامة القسط يجب أن تكونوا مؤمنين على هذا النحو: إيماناً عملياً باهتمام برؤية صحيحة واضحة وصحيحة فإنكم ستحصلون على شيئين أولاً: الإلتزام الديني العمل الديني الذي يكتب الله عليه الأجر الكبير للإنسان ثانياً: باعتباره يقدم شهادة لله عندما يقول: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} كفل لكونكم ملتزمين، وكفل لأنكم تقدمون شهادة لله.

إذاً أليست هذه تعتبر قضية هامة للمؤمنين أن يحصلوا على أجرهم مرتين خاصة في زمن كهذا في زمن كهذا يحصل حملات دعائية مشوهة لهذا الدين أنه إلى درجة لا يصلح نظام للحياة ماذا يعني لا يصلح نظام للحياة؟ أي ليس قسطاً ولا عدلاً ولا فيه شيء ولا يمثل شيئاً ولا يصلح أن تقوم عليه الحياة لا يبني أمة لا يبني حياة لا يبني شيئاً نهائياً حملات دعائية أثرت ربما على الملايين في البلدان الأخرى وداخل البلاد الإسلامية نفسها حتى أصبحت النظرة إلى الإسلام نظرة وكأنه لا يمثل شيئاً حتى في هذه الفترة التي فيها الناس يبحثون عن أي مخرج وعن أي حل مما يواجههم من الأمريكيين والإسرائيليين والمؤامرة الكبيرة هذه جداً ليس هناك التفاتة إلى الدين بالشكل المطلوب؛ لأنه أصبح لديهم وكأنه لا يمثل حلاً.

لأن إقامة القسط أمام القضايا الكبيرة عندما تجد هناك: أن الله وجه كيف أن يقام القسط في داخل الأسرة الواحدة الآيات التي قبل هذه الآية حتى لا يحصل هناك ظلم على شخص واحد لتبقى مهما أمكن تبقى بنية الأسرة على ما هي عليه لا تتفكك الأسرة فلا يكون هناك ظلم على أشخاص، أشخاص فقط داخل الأسرة وأن لا تتفكك بنية هذه الأسرة إلا في الوقت كما قال في الأخير: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ}(النساء: من الآية130) إذاً أليس هذا الدين بالشكل الذي يرعى الأمة؟ الدين الذي تراه يهتم بأسرة واحدة كيف لا يهتم بأمة كيف لا يهتم بالبشر جميعاً وهو يقدم لنا صورة عن الأعداء أليس هو يقدم لنا صورة عن الأعداء بأنهم لا يتوانون عن استغلال أبسط الأشياء؟ ألم يذكر عن اليهود بأنهم لا يتوانون عن استغلال كلمة: راعنا؟ وعن الشيطان بأنه لا يتوانى عن استغلال بأن يأمر الإنسان بأن يقطع أذن نعجة أو ناقة أو بقرة ما دام فيها ضلال فلن يتوانى عن شيء؟ ألن يكون الشيطان نشيطا في القضايا الكبيرة التي تعتبر ضلالاً كبيراً؟.

فعندما تجد أن الله سبحانه وتعالى يهتم بالفرد الواحد يهتم بالأسرة الواحدة وأن لا يظلم شخص واحد داخل هذه الأسرة فكيف لا يكون ضمن إقامته للقسط وتوجيهاته لإقامة القسط أن لا يكون دينه بالشكل الذي يشكل حماية للأمة أن لا تظلم! قال هذا صريحاً في آية: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: من الآية108) وعندما يقول: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} ليس فقط مجرد أمنية مثلما يتمنى واحد منا: [أتمنى أن لا يظلم الناس لكن ماذا أعمل؟] أما هو عندما يقول: لا يريد، فإنه يقدم للناس ما يجعلهم فعلاً بعيدين عن أن يظلموا يقدم للأمة ما يجعلها بعيدة عن أن تظلم لكن لاحظ لما أصبحت النظرة إلى الإسلام إلى درجة وكأنه لم يعد يمثل حلاً على الرغم من متابعتنا للقضية هذه: بداية تحرك أمريكا وإسرائيل لأفغانستان إلى اليوم أليسوا في العراق؟ تحليلات ومحاورات ونقاشات في التلفزيون لا تلمس بأنه يقدم الإسلام ولو كحل من الحلول، أكثر الأشياء تكون كلاماً آخر إما بأن على الحكومات هذه أن تقيم إصلاحات معينة أو مزيد من الديمقراطية أو أشياء أخرى ليس هناك توجه إلى أن الله قد جعل دينه هذا بما يعتبر حماية للأمة!.

ولهذا تجد أن القضية على هذا النحو كلما يذكر في دينه وهو يأمر الناس أن يتحركوا وهو يأمر الناس أن يقاتلوا أن يجاهدوا لا يذكر بأنه دفاع عن دينه؛ لأنه يعلم بأن دينه هو الذي فيه دفاع عن الناس وحماية للأمة وحماية للناس من الأسرة إلى العالمين كلهم كما قال: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} إذاً فالتفريط في مرحلة كهذه يعتبر جريمة ربما مرتين أو أكثر؛ لأن معناه ستقدم برهاناً للعدو فعلاً الذي يقدم الدين هذا بأنه لا يصلح أن يكون نظاماً للحياة ولا يمثل للبشرية أي شيء وليس فيه أي حل لمشاكلها لا على مستوى الأسرة ولا على مستوى الشعب الواحد ولا على مستوى الأمة ويكون المسلمون بتفريطهم وابتعادهم عن تفهم دينهم يقدمون شهادة للعدو، والله هنا يريد ويوجب عليهم أن يقدموا شهادة له أليست القضية كبيراً جداً؟ فعندما يتحرك الناس على أساس دينه وتكون حركتهم دائماً أن يحسبوا كل شيء من إيجابيات عملهم أنه بسبب انطلاقتهم على أساس دينه على أساس كتابه ما يهدي إليه كتابه ما يهدي إليه الله سبحانه وتعالى لا تكون بطريقة أنه حزب أو تنظيم أو كيان مثلما يأتي الآخرون قيادات عبقرية سياسيون محنكون خبراء على خبرات عالية وأشياء من هذه، لا، أن ينطلق الناس وكل ما لديهم من خبرات كلما يتحقق على أيديهم من إيجابيات يقدمونه بأنه للإلتزام بكتاب الله للسير على هدي الله بالطريقة هذه فعلاً يحصل الناس على أجرهم مرتين، كم قد تكون للمرة الواحدة عندما يقول: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} ليس المعنى أنه فقط بالملعقة الله هو كريم، الكفل كم قد يكون الكفل؟!.

وفي نفس الوقت يبشر الناس بقضية هامة هم يحتاجون إليها في إقامتهم القسط في نصرهم لله في إقامة دينه: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ}(الحديد: من الآية28) ترى الآخرين يتخبطون في الظلام وفعلاً نراهم يتخبطون في الظلام حتى منهم في أمس الحاجة إلى أي حل يجعلهم بمعزل عن هذا الخطر الكبير خطر أمريكا وإسرائيل تجدهم يتخبطون في الظلام ويجلبون المشاكل على أنفسهم! فعندما ينطلق الناس على أساس دين الله في ظرف كهذا يعني في الأخير: أن الله سبحانه وتعالى يجعل لهم نوراً يمشون به في حركتهم.

سياق الآية هذه باعتبار ما قبلها من الآيات وما سيأتي بعدها شبيه بما قبل الآية هذه التي قرأناها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ}(الحديد:28) هذه أليست هذه تعتبر أشياء عظيمة جداً؟ عظيمة جداً وتتجلى عظمتها في نفس الوقت عندما يقول: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} الحياة مليئة بالظلمات والدنيا مليئة بأمم متخبطة سواء الظالم والمظلوم متخبطين من يخطط لاحتلال العالم ومن يخطط كيف يدفع عن نفسه هذا الخطر الكبير أليس الناس بحاجة إلى نور؟ وعندما يقول: نور ليس معناه: كشاف بطاريته ضعيفة أو شمعة! نور والنور يكون بمقدار الظلام، الظلام العام لازم نور كشافات كبيرة فعلاً والله سبحانه وتعالى سيهدي الناس معنى هذا أنه سيهديهم وينير طريقهم عندما يستشعرون أهمية عملهم أنهم سيقدمون شهادة لله.

فيجب على الناس علينا جميعاً أن نعتبرها فعلاً – أن يكون عند الناس توجه إلى أن يهتدوا بكتاب الله وأن يعملوا على أساس كتاب الله في وضعية كهذه – أن يعتبروها نعمة كبيرة جداً، والمتخاذلون والمبتعدون فعلاً تعتبر خسارة كبيرة جداً عليهم مرحلة حساسة جداً وسائل الدعاية فيها ضد الإسلام وضد نبي الإسلام وضد القرآن نفسه ألم يصلوا إلى درجة أنهم يريدون أن يفرضوا رؤاهم هم فيما يتعلق بالقرآن فيخفوا الكثير منه؟ قد أخفوا الكثير من الكتاب الذي أنزل على موسى وهو الكتاب الذي يعتزون بأنه نزل عليهم فكيف لا يتجهون إلى إخفاء الكثير من القرآن كيف لا يتجهون إلى إخفاء القرآن بنفسه ضيعوا التوراة كيف لا يضيعون القرآن.

عندما يكون الناس قاعدين متخاذلين معناه أنها خسارة كبيرة جداً عليهم في مرحلة كهذه فبمقدار ما يكون العمل عظيما جداً وفضلا كبيرا جداً بمقدار ما يكون التخلي عنه جريمة كبيرة جداً ولهذا كانت عبارات جميلة من الشباب الذين يسجنونهم عندما يقولون لهم: ما هو الذي يجعلكم تكبرون وتسيرون وأنتم عارفون بأنكم ستسجنون؟! يقولون: القرآن. هذه العبارة هامة جداً. لاحظ العبارة كيف توحي بهذا من أكبر قضية إلى أصغر قضية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}(النساء: من الآية135) يعتبرها آخر العملية يعني: من أصغر القضايا من أكبر القضايا إلى أصغر القضايا يكون فيها إقامة للقسط.

أمام أوامر كهذه أليس الكثير من الناس يقولون: [صحيح لكن ما معنا ولا إحنا ولا جهدنا ولا بأيدينا..] أليس الله يعلم بأنه سيقول الناس هكذا؟ أليس هو يعلم سبحانه وتعالى بأن الإنسان هو خلقه ضعيفاً؟ لكن لم يترك المسألة على هذا النحو، قطع كل العلل، قدم سبحانه وتعالى نفسه بأنه سيكون هو عوناً للناس وينصر الناس ويؤيدهم وقدم أمثلة كثيرة جداً لمظاهر تأييده للسابقين من البشر لمن انطلقوا لإقامة القسط لمن استجابوا له.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ}(النساء: من الآية136) كل واحد منا يجب أن يعرف بأن عليه أن يؤمن، يؤمن إيماناً صادقاً نحن مؤمنون ولا أحد يقول بأنه ليس مؤمناً اسأل أي واحد سيقول بأنه مؤمن ويعتبر نفسه مؤمناً ولن يرضى أحد أن يقول بأنه فاسق نهائياً أيُّ واحد من الناس؟ لكن آمنوا، آمنوا إيماناً صادقاً، فعندما يُقرأ القرآن الكريم وتجد فيه هذا الهدى العظيم تجد فيه الوعود الإلهية تجد فيه البيان، البيان الذي يعتبر في حد ذاته من أعظم التأييد الإلهي، البيان عن واقع العدو ألم يبين للناس واقع أعدائهم من داخل أنفسهم من وهم يتآمرون في داخل أنفسهم إلى النتيجة النهائية بالنسبة لهم؟.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ}(النساء: من الآية136) لأن مهمة الكتاب هو أنه يرسخ إيمانك، إيمانك الواسع بالله سبحانه وتعالى {وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} ألسنا مؤمنين بالله وكتابه ورسوله, لكن هنا يقول: آمنوا إيماناً صادقاً به وبالكتاب الذي نزل على رسوله هذا القرآن والكتاب الذي نزَّل من قبل يكون مؤمنا بأن الله قائم بالقسط على طول تاريخ البشر وقائم بالقسط من قبل أن يستخلف بني آدم على الأرض {وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} الكتاب هنا: جنس الكتاب الذي يشمل كل الكتب التي أنزلها الله على رسله وأنبيائه من الماضين {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً}(النساء: من الآية136) ضياع، ضياع إلى النهاية بكل ما تعنيه الكلمة لاحظ هنا وهذا من الشواهد لمعنى كلمة: ضل، كلمة: ضل في اللغة تعني: الضياع، والضياع يعني: أن تضيع الأمة في كل المجالات التي كان يمكن أن تحصل عليها لو اهتدت بهدى الله.

تجدها مجالات الحياة كلها، كلمة: ضل في اللغة تعني: هذه، لا تعني في اللغة العربية ضل يعني: كفر، ضل يعني: نافق، لا، الكفر يقال له ضلال، النفاق يقال له: ضلال، الفسق يقال له: ضلال، ارتكاب المعصية يقال لها: ضلال أليست هذه الأعمال كلها ضياع؟ ضياع للإنسان لحياته في هذه الدنيا في الحياة الدنيا وفي الآخرة يضيع عنه كلما كان سيحصل عليه من أشياء عظيمة جداً لو سار على هدى الله لأنه غير ممكن أن تأتي كلمة: ضلال هنا بعد قوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ} لو كانت كلمة ضلال تعني كفراً لكان معنى الآية: ومن يكفر بالله فقد كفر كفراً بعيداً! وهذا لا يستقيم. كلمة: ضل قدمت أعني: في التعريفات الإصطلاحية لها تعني: هذا، ثم أصبحت وإذا هي مرتبطة فقط بالقضايا العقائدية ضل يعني: كفر، ضل معناها: نافق أي فسق فقط!! يجب أن يعرف الناس أن الضلال معناه: الضياع ولهذا يذكر في القرآن الكريم الخسارة أليس الله يذكر الخسارة بالنسبة للإنسان خاسرين ضائعين تائهين ويذكر الضلال حتى في جهنم: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ}(القمر:47 – 48) أليس هذا ضياعاً.

عندما يقول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} أليست هذه الآية تعني: أن جانب المؤمنين هم فقط من سيكونون قوامين بالقسط معنى هذا أن يكون موقفك أنت من أعداء الله بأنه لا يمكن مهما كانت دعاياتهم جذابة أنهم يريدون إقامة قسط أبداً أنه لا يمكن أن يقوم القسط على أيديهم، لو أن القسط كان يمكن أن يقوم على أيدي الكافرين لكانت الدنيا الآن كلها قسطا وكلها عدلا، أليست القوة في أيدي الكافرين؟ أليست وسائل الإعلام بأيدي الكافرين؟ والأموال الضخمة والإمكانيات الكبيرة بأيديهم؟ هل هناك قسط؟ أو هناك ظلم؟ ظلم داخل كل الشعوب وفي كل الدنيا. إذاً فليفهم الناس ونفهم جميعاً بأنه فقط فئة واحدة التي يمكن أن تقيم قسط الله امتداداً لأمر الله وشهادة لله.

من ناحية الوعي معناه: إذاً عندما يقول لك: نحن نريد أن نكون محررين ونقيم ونؤدي حقوقاً ونعطي الآخرين حقوقهم وحقوق مرأة وأشياء من هذه أليست ادعاءات قسط؟ أبداً لن يقيموا قسطاً أبداً، ولو كانوا قوامين بالقسط لكانت الدنيا كلها قسطاً وعدلاً.

إذاً فالمنافقون عادة هم فئة لا يهتمون على الإطلاق لا بدين الله ولا بعباد الله {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} وكان الواجب عليهم أن يتخذوا المؤمنين أولياء لأن المؤمنين دائما ينشدون إلى بعضهم بعض {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}(التوبة: من الآية71) يكونون عبارة عن أمة واحدة وكتلة واحدة ليكونوا قوامين بالقسط {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ}(النساء: من الآية139) أيبتغون عند الكافرين العزة لا يمكن على الإطلاق {فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}(النساء: من الآية139) لو حصل على شيء مؤقت فهي قضية وهمية فقط وهميات خياليات العزة هي لله جميعاً وبيده جميعاً {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ}(آل عمران: من الآية26) يكون المنافق عنده أنه مخطط تخطيطا حكيما أنه سيعتز هو ويحاول بعد كافرين يتولاهم ولا يدري إلا وانهار الكافرون وإذا به خاسراً هذا حصل للمنافقين في بداية الإسلام متشبثين بكافرين وبيهود ومحاولين وفي الأخير أنهار الكافرون واليهود وإذا هم خاسرون، كما قلنا أكثر من مرة: القرآن يقدم فئة المنافقين فئة خاسرة بل أخسر الفئات على الإطلاق فئة خاسرة في هذه الدنيا وفي الآخرة؛ لأنه فعلاً لا المؤمنون يعتبرونهم منهم ولا الكافرون يعتبرونهم منهم نهائياً لا المؤمن يثق فيه ولا الكافر يثق فيه.

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ}(النساء: من الآية140) أي: نزل الله، هذا قد يكون تابعا لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ}(النساء: من الآية136) {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً}(النساء:140) إذا سمعتهم آيات الله يكفر بها من المنافقين أو من قبل أعداء آخرين فلا تقعدوا معهم وقد يكون في الغالب من قبل منافقين، قد يكونون هم باعتبار المجتمعات؛ لأنه عادة تكون فئة المنافقين فئة داخل المجتمع المؤمن داخل مجتمع المسلمين لكن يحصل منهم خوض في آيات الله وتقديمها بشكل غلط وتمحلات وبما هو في الأخير يعتبر كفر {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ}(النساء: من الآية140) هذا أضعف الإيمان بالنسبة لك لا تقعد معهم؛ لأن المنافقين عادة إنما يتحركون ويحاولون أن يحصل كفر واستهزاء وأشياء من هذه للتأثير على الآخرين أما هم فيما بينهم فقد صاروا منافقين جاهزين {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} يفوت عليهم الهدف الذي يريدونه وهو ماذا؟ أن يحاولوا أن يؤثروا عليك نفسياً ويوجدوا لديك ارتباكاً معيناً يجعلك في الأخير ممن مرة يؤمن ومرة يكفر مرة إيمان ومرة كفر وفي الأخير ثم ازدادوا كفراً.

أحياناً فعلاً قد تصل المسألة حتى من حيث لا يشعر كثير من الناس أنه قد يأتي مثلاً والناس يتحركون ويوجه بعضهم بعضاً أو فئة معينة تتحرك توجه الناس كيف يجب أن يكون إيمانهم بالله فيأتي الآخرون يقدمون الآيات بشكل آخر هو في واقعه كفر بآيات الله ألسنا نسمع بمثل هذه من أجهزة الإعلام؟ يتناولون آيات داخل القرآن آيات داخله يقدمونها بشكل آخر: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}(البقرة: من الآية143) واحدة من الآيات التي يشتغلون حولها، {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}(البقرة: من الآية256) {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}(النساء: من الآية59) {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ}(المائدة: من الآية13) آيات يختارونها يقدمون رؤية عنها هي تعتبر كفراً بآيات الله؛ ليجعلوا الناس في الأخير بعيدين عن أن يكونوا قوامين بالقسط شهداء لله.

وقد يحصل ما هو استهزاء بها ولو عن طريق الإستهزاء بمن يتحركون على أساسها عندما يأتي أناس منطلقون من قول الله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(محمد: من الآية7) سيكونون محط سخرية كأنهم يسخرون بالآية نفسها أي كأنهم يقولون: أنتم راكنين على هذه الآية وأمثالها!! أليس هذا استهزاء بكتاب الله؟ {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}(الحج: من الآية40) يقولون: هم راكنون على الآية هذه عندهم أنه سيحصل لهم، ويحصل..! هذا استهزاء.

فيجب أن يكون الإنسان بعيداً عن أي فئة تنطلق هذه الإنطلاقة بمعنى: أن الكفر بآيات الله ليس فقط أنه سيأتي ليقول: إن هذه ليست صحيحة؛ لأن المنافق دائماً يكون عمله عملاً يحاول أن يؤثر فسيحاول أن يعمل بطريقة أخرى أن يقدم لك الآية بشكل خاطئ يقدم تفسيرها يحرف معناها بشكل آخر، النفاق أيضاً هو يشبه الضلال، الضلال يأتي ضلال مثلاً في زمن معين هو ناتج عن أهواء وبغي وحسد ثم يمشي الآخرون على هذا الضلال ابتغاء وجه الله هذا يحصل، والنفاق أيضاً كذلك، ثم في الأخير يقدم وكأنه هو العمل الذي فيه صيانة الأمة والإبتعاد بالأمة عن الشر الكبير فيشتغل آخرون وفق رؤية كهذه، وقد لا يكون هو في نفسه من فئة المنافقين الذين هم مذبذبين – الله أعلم بالنفوس – لأن هذا محتمل فعلاً أن يأتي إنسان يبرز في التلفزيون أو يبرز في صحيفة أو في إذاعة يتحدث واسمه عالم شخص قد لا تتهمه بأنه منافق – الله أعلم بالنفوس – لكن قد يكون يشتغل فيما هو في الواقع نفاق، كما أنه يحصل عمل بضلال مع حسن نية وإخلاص.

إذاً النفاق عندما يقدم في القرآن الكريم كيف تكون آثاره هنا بعدما ذكر: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} أليس معنى هذا توجيها عمليا يجعل الناس يفكرون عملياً كيف يتحركون ليكونوا قوامين بالقسط، النفاق كيف سيكون أثره أن يجعل الناس يقعدون فلا يتحركون ولا يهتمون، هذا شأن المنافق، وقد يكون هناك نفاق بمعنى أصل القضية نفاق وإن كان أحد من الناس يقدمها بحسن نية وإخلاص عندما ترى خلاصة ما يقدم أنه يقعد الناس ولا يهتمون، ويجلسون، و[ليس لهم دخل] يمكن يحصل نفاق لله، يمكن، ويمكن ضلال لله فعلاً عندما يكون واحد لا ينتبه.

ولهذا الله سبحانه وتعالى يقدم المنافق باعتبار شخصيته ويقدم الأثر الذي يؤدي إليه النفاق، النفاق من حيث هو كما يذكر الضلال وماذا ستكون نتيجته ويذكر المضلين لتعرف المضل ولتعرف المنافق ولتعرف الضلال وإن قدم من جهة بحسن نية ولتعرف النفاق ما هو وإن قدم من جهة بحسن نية، أما عندما ترى أنه قد صار ضالاً، مضل وضلال، ومنافق ونفاق تستطيع أن تعرف منافق ونفاق مع بعض أو تعرف النفاق وتعرف الضلال لوحده.

المنافقون يحتاجون هم يصبغون نفاقهم بعناوين شأن المضلين؛ لأن النفاق هو وجه من أوجه الضلال أو صنف من صنوف الضلال يحتاجون يقدمون مبررات أنهم مصلحون {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}(البقرة:11) نحن محافظون على المصالح العامة وهكذا، الإنسان لا يعرف الضلال من حيث هو، لا يعرف النفاق من حيث هو بحيث تعرف النفاق عادة تكون نتيجته هكذا، فأحياناً قد ترى شخصية فعلاً قد لا تحتمل فيها هي أنها تتحرك حركة نفاق أو حركة إضلال لكن هو نفسه ممن قد خدعوا قد خدع هو، فهنا عندما تنظر إليه تقول غير ممكن مثل هذا أنه يقدم نفاقاً أو أن يكون منافقاً أو أن يكون مضلاً قد تتأثر، ممكن يبقى محترما لديك لكن وتعرف ما يقدمه وتقيِّمه على أساس هدى أو ضلال أو نفاق وستعرف فتكون بعيداً في نفس الوقت عن ماذا؟ عن أن تتأثر نفسياً فتقبل ما يقدمه وهو في الواقع ضلال وهو في الواقع عملية نفاق باعتبار أنه شخص محترم عندك وكبير ولا يمكن أن يكون منافقاً.

هذه قد تحصل ولهذا يأتي يقدم النور، النور من خلال القرآن الكريم عندما يقول: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ}(الحديد: من الآية28) وعندما يقول عن القرآن بأنه نور ينير لك كل شيء كل الزوايا كل الزوايا التي قد يكون فيها شيء من الضلال يعني: يمكن أن تقول هذا إنسان محترم في الأخير تنطلق إلى المحترم هذا تقول له في الأخير: يا أخي خلاصة ما تقدمه أن الناس يقعدون ولا يعملون شيئاً هل القرآن هذا منطقه أن الناس يقعدون ولا يقدمون شيئاً؟!، تذكره هو إذا كان لا يزال عندك محترماً وما زلت تعتبره إنساناً عظيماً تذكره هو تقول له: هذا الكلام لا ينبغي وأنت كذا، كذا.. وإنسان مثلك عليه أن يوجه توجيها قرآنيا وفق ما قدم الله القرآن عليه. هذه ستنسف ما يحصل للكثير من الناس: [لكن ممكن يكون سيدي فلان أو سيدنا فلان أو المسؤول الفلاني أو الكاتب الفلاني على كذا..!؟] أليست هذه تحصل؟.

إذاً هذه ستنسفها ممكن يبقى الشخص عندك محترما إذا هو عندك محترم توجهه تقدم له نصيحة؛ لأن كل إنسان بحاجة إلى نصيحة وفي نفس الوقت تكون بعيداً عن التأثر بما قدم؛ لأنه في الواقع يؤدي إلى ماذا؟ إلى أن يخلق أثراً في الناس يخالف ما يريد الله أن يخلقه القرآن في أنفسهم من أثر. تجد هذه كلها التي ذكرناها الآن لها علاقة بموضوع: إقامة القسط أو تحول دون إقامة قسط أن يكون الإنسان مسمعاني لكل من تحدث ويتأثر لا يستنير من البداية، بداية الإستنارة أن تعزم أنت من داخل نفسك تسليم لله وأنك تريد الهدى الذي تتحرك على أساسه وأن تكون فاهماً أن هدى الله هو عمل وحركة وليس برؤية.

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ}(النساء: من الآية140) قد تتأثرون بهم فتكونون في الأخير بعيدين عن أن تكونوا قوامين بالقسط {حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ}(النساء: من الآية140) سيكون الحكم بالنسبة لك كحكمهم ومصيرك مصيرهم {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ}(النساء: من الآية140) هو بين كيف أن تكون مثلهم أنظر مصيرهم {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً}(النساء: من الآية140) يقدم نفسية المنافقين، ومن الغريب أن المنافقين يكونون في الوسط المسلم ومصيرهم هو مصير المسلمين وليس مصير الكافرين في الواقع فهو في الواقع يتآمر على نفسه في إطار أنه يتآمر على المجتمع الذي هو فيه بيته أمواله أولاده مصالحه أقاربه أصحابه في نفس المجتمع فيكون متآمراً على نفسه في إطار تآمره على المسلمين فهو يتربص أي يعجبه ويتمنى ويهوى أن يأتي لهم ضربة ولو هو بينهم يأتي لهم شيء ولو كان بينهم {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ}(النساء: من الآية141) ليس لديهم توجه عملي، ترقب فقط، عنده أنه مسك الحكمة ومسك العصا من وسطها مثلما يقولون، النفاق الآن يسمونه: يمسك العصا من وسطها، هو نفاق هذا.

{الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ}(النساء: من الآية141) نحن معكم ونحن منكم ومؤيدين لكم وقد سمعتم يوم قلنا كذا وأشياء من هذه {وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ}(النساء: من الآية141) كأنهم لا يحصل لهم فتح، قد يحصل نصيب في إطار {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}(آل عمران: من الآية140) ولأسباب من جهة المؤمنين أنفسهم {قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}(النساء: من الآية141) أليس هو الآن يحاول أو مثلما يسمونه بعبارتنا [يتملق] يتملق للمؤمنين عندما يحققون فتحاً يحققون انتصاراً: {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ}؟ وإن كان للكافرين نصيب: {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

لاحظ المنافقين فئة كل الفئات لا تعدها منها أليس هذا خاسر؟ {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}(النساء: من الآية141)لاحظ هنا أنه دائماً في أكثر من مقام في القرآن عندما يذكر يذكِّر الناس ويوجه الناس بالقيام بشيء عظيم {قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}(النساء: من الآية135) {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}(آل عمران: من الآية104) أو أشياء من هذه سوف يقدم قائمة من الأشياء التي هي تمثل عوائق، بعدما تحدث عن منافقين وتحدث عن حالات قد تحصل كيف يبعد الناس عنها يقول في الأخير: وأنتم مستقيمون وأنتم مستقيمون وثابتون مؤمنون وقد ذكر هنا كيف يجب أن يكون المؤمنون هنا الكلام حول المؤمنين من النوعية التي ماذا؟ {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}(النساء: من الآية136) إلى آخره.. فهؤلاء مهما كانت المؤامرات مهما كان أعمال المنافقين وبالطبع هو يوجه كيف يكون موقف الناس من المنافقين لكنه لا يسمح بأن يصل الإنسان إلى حالة الإحباط: [منافقين شغالين وأعداء حصل منهم كذا والدنيا مخبوص، ولم يعد وقت] أليس هكذا يحصل وتكون النتيجة: [نسكت..] ننتظر حتى يأتي وقت مناسب لا يكون فيه أعداء ولا منافقين ولا يكون فيه ناس عندما تكون الدنيا فاضي لم يعد فيها أحد وفي ذلك الوقت يمكن أن يقوم يجاهد في سبيل الله!! من هو الذي سيجاهده؟!.

على الرغم من كل هذا الأشياء التي قد تراها أمامك عوائق أو مؤامرات خطيرة إذا الناس مستقيمين وثابتين ومؤمنين هذا الإيمان الداخلي العملي {لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} أيَّ سبيل نهائياً، معنى هذا بأنه لا يحصل سبيل على المؤمنين إلا من جهة المؤمنين هم من يفتحون على أنفسهم هم منافذ، لكن كيف الفتَّاح هذا؟ تجد أن القرآن يقدم فتَّاح مشاكل عندما يحصل تفريط ويحصل ضعف إيمان، عندما لا يتجهون عملياً، وليس على أساس ما يقدم الآن، الآن تقدم القضية بالعكس تتحرك معناه أنت تفتح مشاكل. لا، فتَّاح المشاكل من خلال القرآن: هو أن يقعد الناس ولا يتحركون هو أن لا يكونوا بالشكل الذي يعتبرون مؤمنين صادقين، فعندما يكونون مؤمنين صادقين ويعملون ما بوسعهم ومتجهين ليعدوا كل ما يستطيعوا من قوة معنى هذا لن يحصل على الإطلاق أن يتمكن الكافرون منهم {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}.

نحن الآن نرى لهم سبيل، خطين مثل الخطوط السريعة أليست موجودة هذه الآن؟ لأنه لا يوجد النوعية هذه: المؤمنون، المؤمنون لم يعد الناس مؤمنين بما تعنيه الكلمة هم مبتعدون عن الله بل عن الثقة لا يوجد حتى الثقة لا بالله ولا بكتابه ولا بدينه إلى درجة أنه يمكن يمثل حل أو يتحرك على أساسه ولو لم يكن إلا على أساس أنه إذا حصل شيء نكون في سبيل الله فلا يموت واحد [دون أن يستثمر موته في سبيل الله] لم تعد موجودة حتى الفكرة هذه على طريقة: [إذا أنت ستموت يوم السبت فقد يوم الجمعة أفضل لك] لم تعد موجودة ولا الفكرة هذه مع أن القرآن يقدم المشاريع كلها إيمانية وتوجيهات للمؤمنين مشاريع ناجحة مشاريع كبيرة مشاريع نصر.

لهذا نحن نقول: إن علينا أن نتحرك بكل ما في وسعنا ونعمل كلما نرى أنه مؤثر على العدو نعمل في سبيل الله لنحقق إيماناً لدينا عندما نرجع إلى كتاب الله نقرأه ونتأمله لنعرف دينه ونعرفه سبحانه وتعالى من خلال كتابه بالشكل الذي نصل إلى درجة {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} ونعمل ما بوسعنا؛ لأنه هكذا من واجب المؤمنين وإن كان عملاً يبدو بسيطاً مثل شعار يرفعه يقاطع بضائع توجيهات للناس أن يعودوا إلى دين الله.

فإذا تحقق للناس اسم إيمان والله يعلم أن الإيمان درجات والإمكانيات في إطار عمل المؤمنين متفاوتة قد لا يكون بعضها متوفراً لكن عندما يكونون يعملون بطاقتهم وينطلقون بجدية هنا تحقق لهم اسم إيمان لن يجعل الله للكافرين عليهم سبيلاً، عندما يقعد الناس وهم يرون عملاً بسيطاً لكنه عمل مؤثر يقول لك: ماذا سيعمل بأمريكا؟ تقول له: ماذا سيعمل بي أنا أمام الله، هذه القضية في المقدمة يحقق لدي اسم إيمان متى ما تحقق لدي اسم إيمان ورآني الله مؤمناً فلن يجعل للكافر الذي تقول: [إن معه، ومعه] لن يجعل له سبيلاً على من كانوا مؤمنين وإن كانت قدراتهم محدودة إذا قد صار هو يتحرك بطاقته وليس لديه فكرة تملص ومحاولة الهرب من المسؤولية يؤدي فعلاً العمل في كل ما هو في متناوله يعمله، لكن لا تكن القضية عشوائية، رؤية واحدة توجه واحد؛ لأنه هناك يأتي خطاب {كُونُوا} ليس المعنى كل واحد من عنده وكل واحد وفق رؤيته؛ لأنه معلوم أن هذا لا يمكن به إقامة قسط، آراء متعددة خطب متعددة مواقف متعددة لا يحصل على الإطلاق إقامة [قبْيَلة] فضلاً عن إقامة قسط بكل ما تعنيه الكلمة هذه وبشمولها وسعتها.

عندما يقول لك: الشعار هذا ماذا يمكن أن يعمل بأمريكا؟! فقل: قد ظهر لنا بأنه مؤثر جداً على الأمريكيين وظهر أن باستطاعتنا أن نعمل ضدهم حتى بكلمات نرددها مثلما قلنا الليلة: عندما ترى حادثاً معيناً فقل: أمريكا وإسرائيل، قضية هامة عندما ترى سحب أسلحة قل هذا وراءه أمريكا وإسرائيل، كلمات أحياناً تكون الكلمة لها أثر كبير جداً، أعني: يحتاج الأمريكيون أنه حتى يجعلون لهم مبرراً هو عبارة عن كلمة يحتاجون أن يقوموا بأعمال كبيرة ويقتلوا أناساً منهم، أنت هي كلمة مجاناً تقدم لك، وأمامنا قد تقولها مجاناً لست بحاجة أن تفتعل أي شيء حتى تقدم كلمة قل: أمريكا وإسرائيل.

بهذه الأعمال يحقق الناس لأنفسهم أن يكونوا مؤمنين وفعلاً الله يقول في آية أخرى بالنسبة للمؤمنين الأوائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ}(المائدة: من الآية11) قوم آخرون كانوا أقوى منكم {فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ}(المائدة: من الآية11) لماذا؟ لأنهم مؤمنون {فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} هذه آية مهمة {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ} بهذه العبارة المؤكدة {لِلْكَافِرِينَ} لاحظ عبارة كافرين هنا هي تشمل كل فئات الكافرين: كافرين مشركين كافرين منافقين كافرين يهود كافرين نصارى كافرين بآيات الله بأي نمط وبأي نوع كان لن يجعل لهم سبيلاً على المؤمنين، لكن إذا كانوا فاهمين الإيمان ومستقيمين وإلا قد تفتح عليهم السبل من كل مكان، هذا مما يعطي طمأنة للناس للمؤمنين ومما يزيح كل المقولات التي تصبح عند الكثير عبارة عن مبررات بأن يقعدوا [يوجد ناس متآمرين وناس قالوا كذا وناس مخذلين وناس، وناس، إذاً لن يصلح شيء!] تقول في الأخير: مهما كانت الأمور لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً تحرك ألم يقدم المنافقين هنا فئة من الكافرين؟ لن يجعل لهم سبيلاً عليكم على الإطلاق تحركوا وسيتحقق لكم ما وعد الله والأمور بيد الله وكما يريد هو سبحانه وتعالى.

اتجه أيضاً لإيضاح النقاط نقاط الضعف وهذا أسلوب قرآني هام جداً ومن أهم الإيجابيات بالنسبة للعدو أنه يبين لك نقاط الضعف فيه حتى تعتبره في الأخير أنه فئة يواجه بقوة كبيرة وراءه لضربه، الآن أليس الناس في الدنيا هذه عندما ترى دولة معينة أو ترى شعباً معيناً هو عدو لك وترى دولة أخرى متجهة لضربه ألست تعتبر أنه في حالة ضعف؟ في حالة ضعف وقد تتشجع تعمل ضده لأنه في حالة ضعف هنا يقول لنا بالنسبة للمنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}(النساء: من الآية142) إذاً لا تكترث بموضوع المنافقين بأنهم قد يعيقون تماماً، تعامل معهم تحرك في مواجهة ما يقولونه وفق ما وجه إليه الله ولا يحصل عندك أي احتمال بأن هذه الفئة قد تنجح ويكون لها سبيل على المؤمنين أبداً لماذا؟ عندهم نقطة ضعف كبيرة جداً هم في مواجهة قوة تضربهم هم يخادعون الله وهو خادعهم فمن يكون الله يخادعه، يمكر به – كما يقول – ويكيد له، أليس هنا يعتبر في موقف ضعيف؟ هذا أسلوب من أهم أساليب القرآن التي تعطي الناس أملا أنه يبين كل نقاط الضعف لدى الطرف المعادي.

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً}(النساء:142) نفسية مذبذبة نفسية غير مستقرة {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ}(النساء: من الآية143) فلا إن جاء للكافر نصيب يكون محسوباً معهم في النصيب، ولا إن جاء للمؤمنين فتح يكون محسوباً معهم في الفتح يحاول يتطفل هنا وهنا: {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ}(النساء: من الآية141) عندما يأتي للمؤمنين فتح، ويقولون للكافرين: {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}(النساء: من الآية141).

إذاً هم فئة ضالة ضائعة خاسرة {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً}(النساء:143) لن تجد له سبيلاً ليهتدي إليه على الإطلاق، إذاً فالمنافقون هم فئة ضالة فئة أضلها الله أضاعها لن تجد لها سبيلاً ولن يكون لها سبيلاً تنفذ منه إلى المؤمنين فتعيقهم وتضرهم إذا كانوا مؤمنين بمعنى الكلمة لن تجد هذه الفئة أيّ سبيل لهدايتها إلى أيّ هدف من أهدافها، سبيل تهتدي به إلى أي هدف من أهدافها على الإطلاق {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}(النساء: من الآية144) هنا بين كيف النتيجة عندما قال: هكذا شأن المنافقين هم يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين هو بيَّن كيف تكون نتيجة تصرفاتهم ومواقفهم: خاسرون ضالون لن تجد لهم سبيلاً، سبيلاً يهتدي به على الإطلاق.

هذه تهدم أيضاً الأشياء التي يطمح إليها المنافق يحاول يعمل كذا من أجل يتحقق له كذا كرر في القرآن في آيات أخرى مررنا بها أنه فعلاً كلما لديهم من طموحات وآمال لن تتحقق أبداً، فيجب أن يحذر المؤمنون أن يتخذوا الكافرين أولياء تحت أي غطاء كان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً}(النساء:144) أليس هذا تهديداً رهيباً جداً؟ ستفتحون على أنفسكم المشاكل هي هنا فتَّاح المشاكل إذاً فيجب فعلا أن نفهم.

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ}(النساء:146) اعتصموا بالله مقابل أن يتولوا الكافرين هم يريدون عزة يريدون منعة يريدون وقاية من الشر فليعتصموا بالله. {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا} بدل ما أفسدوا بنفاقهم أو أفسدوا بتوليهم وإن كان تحت رؤى أو دعاوى مصلحة {وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} معناه أنه هكذا يجب أن يكون المؤمنون عندما يقول: {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} هل يكون هؤلاء المؤمنين من النوع الذين يقولون: [ليس لهم دخل؟!] هؤلاء ليسوا مؤمنين. المؤمنون يكونون هكذا: تائبين، مصلحين، معتصمين بالله، مخلصين دينهم لله {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً} المنافقون في الدرك الأسفل من النار وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً في المقابل. هذا التحذير الهام جداً الذي يتناول أشياء في الدنيا في هذه الحياة ويتناول أيضاً الحديث عن العقوبات في الآخرة جهنم نعوذ بالله.

الله يقول: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}(النساء: من الآية147) أي أن الله ليس هو الذي يبحث كيف يقلب المصايب عليكم مثلما يقول هناك: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً} وعندما يقول في الأخير: {فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}(النساء: من الآية145) ليس معناه أن الله يبحث لمبرر كيف يعذبكم وكيف يسلط عليكم لكن أنتم الذين تفتحون على أنفسكم بما يبدو وكأنه إرادة من جانبكم وكأنكم تريدون أن يوقع الله بكم ما يحذركم منه، هنا أيضاً يأتي يحذر الناس ويبين لهم ماذا سيحصل عندما يبتعدوا عنه وعن دينه؛ لأنه رحيم ليس عدواً وهو غني عنكم {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً}(النساء:147).

إذاً فمن عندكم أنتم ما يقيكم عذابه أما من عنده هو فهو لا يأتي يتمحل كما تعمل أمريكا، أليست أمريكا تبحث هي كيف تصل إلى احتلال الناس وتعذيبهم وإهانتهم هم يحاولون هم يختلقون أشياء ويلصقونها بأي شعب، لا. الله ليست طريقته هكذا، يبين للناس كيف الطريقة التي هي إذا ساروا عليها يكونون مفلحين وناجين وأعزاء وأقوياء.. إلى آخره، تكون النتيجة جيدة بالنسبة لهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويبين لهم أيضاً عندما يخالفون كيف ستكون العقوبة عندما يقول إنها تأتي من عندهم هم من عندكم أنتم أنتم أما الله فهو لا يبحث عن مبررات كيف يعذبكم هذا العذاب في الدنيا أو العذاب في الآخرة أنتم الذين تعملون ما يجعله يقضي بعذابكم. كلمة: {بِعَذَابِكُمْ} تشمل هنا ما يأتي في الدنيا وما يأتي في الآخرة مثلما قلنا التهديد السابق كله حول أشياء في الدنيا وفي الآخرة.

{لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً}(النساء:149) يأتي في كثير من المقامات عندما يبدو الموضوع فيه سخونة فيه توعية ساخنة التزام في النفسية نفس أن هناك قيم يجب أن تكون ملتزما بها قيم يجب أن تكون ملتزماً بها ولهذا يذكر إقامة القسط: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}(النساء: من الآية135) ويذكر كيف يجب أن يكونوا إضافة إلى آيات أخرى، ويذكر أيضاً فئات هي تعمل لكن يجب أن يفهم الناس بأن الإسلام وهو يبني الناس أن يكونوا أقوياء وأشداء وأولي بأس شديد كما قال في آيات أخرى أن هناك قيم يجب أن يكونوا ملتزمين بها والإلتزام بها لا يمثل عائقاً أمامهم لا يمثل عائقاً أمامهم سواء كان فيما يتعلق بأقوالهم أو أعمالهم {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}(النساء: من الآية148) فليكن قولك قولا سديدا مع كل الأطراف القول الذي يدعوهم إلى الله هدى ليهتدوا يبين لهم خطأ ما هم عليه، ولك في حالة إذا أنت مظلوم أن تجهر بكلام هو مما يسوء الطرف الظالم، لكن يجب أن يكون كلاماً حقيقياً أن يكون كلاماً حقيقياً لا يكن فيه بهتان لا يكن فيه زور لا يكن فيه كذب كلام حقيقي كلام مثلما قال في الآية السابقة بالنسبة للمنافقين: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً}(النساء: من الآية63) قولاً مؤثراً قولاً يلهب داخله، هذا يأتي حتى بعبارات ولو لم تكن بعبارات مما يسمى: سباً مثلاً يكون بعبارات عادية قولاً بليغاً.

{لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} إذا ظلم فلا بأس لكن يأتي بعد: {إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً} لكن متى يمكن أن يكون الإنسان يعفو؟ في حالة الإقتدار لكن عندما تكون أنت أمام جهة هي تظلمك وتظلم الأمة جميعاً وتهاجم دينك وتهاجم نبيك وتهاجم كتابك تتجرأ حتى على الله سبحانه وتعالى وأنت في الطرف الآخر لست في جهة قوة باعتبار إمكانيات هذه الحياة حتى ماذا؟ يكونون تحت رحمتك فتعفو عنه أو تقابله بكلام سيئ هنا لك أن تجهر بالكلام الذي يسوءه ويكون في إطار عملي لا يكون فقط مسألة تشفي إطار عملي عندما يقول هناك: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} ليست قضية تشفي لأن الإنسان المؤمن عليه أن ينطلق ويكون الشيء الذي يسيطر على مشاعره هو العمل لله وفي سبيله بمقدار ما يكون كلامه بليغاً له أثر في نفسية هذا العدو وله أثر إيجابي في ماذا؟ في المجال العملي لك أن تقوله.

من الكلام الذي يسوء اليهود والنصارى ويخافون منه كلمة: الموت [الموت لأمريكا] لا يحب أن يسمع كلمة موت نهائياً نهائياً [الموت لأمريكا الموت لإسرائيل] ولهذا قال الله هناك في الآية: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ}(آل عمران: من الآية119) قل موتوا بغيظكم وذكرهم هو سبحانه وتعالى بالموت في آيات سابقة قرأناها: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(آل عمران: من الآية185) جاءت بعد الكلام عن بني إسرائيل مع أنها لا تعتبر كلمة سيئة لكن هي بالنسبة لهم تسوءهم أن يسمعوها، وعندما تنطلق يجب أن تنطلق في إطار عملي إطار عملي ليست مجرد كلمة تشفي هكذا، كلمة لها تأثيرها كلمة تنطلق من جهة هي تعمل لتقف في وجوههم على أساس كتاب الله، وبإذن الله، فهذا العمل في نفس الوقت له إيجابية كبيرة جداً شعار: [الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام] كلمات هامة ولها أثر في نفس الوقت أثر كبير أمام أشياء كثيرة في نفسياتهم من المؤامرات والخطط والخبث وتسد أمامهم منافذ كثيرة من التي يحاولون أن يستغلوها.

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}(النساء:151 – 150) هذا بعدما يقول للناس أن يكونوا قوامين بالقسط كلمة واسعة وعمل كبير وواسع جداً، ليس معناه أن يقولوا في الأخير ماذا نعمل هنا يقولون سمعنا وأطعنا لكن ماذا نعمل؟ يشرح لك ميادين عملك، يشرح لك كل الفئات التي يجب أن تقاومها لأن مقاومتك لها إزالة فساد مقاومتك لها في إطار إقامة قسط وإقامة قسط في نفس الوقت {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} ماذا نعمل؟ يقول لك هنا: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ} أليست راجعة إلى بني إسرائيل يتحدث عنهم، ودائماً يذكر العدو بما يشخصه فتراه سيئاً جداً وبما يثبت فيه نقاط الضعف، هذه تحصل في آيات سابقة يتحدث هنا عن هؤلاء يقول في الأخير: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً}(النساء: من الآية151) لتراهم على واقعهم سيئين جداً.

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ} أين هذه بارزة في من؟ في بني إسرائيل في أهل الكتاب: اليهود والنصارى {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} منهجاً ثانياً وفق أهواء وفق مصالح معينة ووفق ما يشفي غليلهم وعداوتهم للبشر وعداوتهم بالذات للمسلمين للمؤمنين {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}(النساء:151) إذاً ففي مجال {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}(النساء: من الآية148) هنا يفتح لك المجال أمام أعداء من هذا النوع أنت قل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً عندما تكون المصلحة العملية في إطار إقامة قسط وتطبيق توجيهات الله [أنت قل…] أليس هنا جاء بكلام يعتبر فعلاً سيئاً بالنسبة لهم يكشف سوءهم.

{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً} بعضهم يقول: أليس الله يقول: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}(الأنعام: من الآية108) فلا أحد يسبهم؟ لا. هذا توجيه؛ لأنه قد يكون مثلاً بعض الناس ينطلق هو بعبارات ليست جيدة ليس لها قيمة عملية بل قد تكون مثيرة مثلاً بالنسبة لأطراف معينة يقول لهم: اسكتوا أنتم هو سيتولى الموضوع، أليس الله ذكر في القرآن الكريم الكلام الكثير الذي فيه سب للمشركين وسب للآلهة لأن هذا هو المنطق الحكيم الذي يكشف واقعهم وليس مثلما يعمل البعض عندما يخرجون في المظاهرات يسب شارون، يسب بوش، أليس هكذا بعضهم يعملون؟ هذا لا ينفع.

في الإطار العملي يجب أن يكون كلاماً بليغاً كلاماً حكيماً وكلاماً مؤثراً، يسكت أطراف لا يعرفون كيف يتكلمون، هذا الكلام الذي يقوله الناس والذي هو كشعار يرفع، شعار يرفع لو يرفع بدلاً عنه عبارات سب لما كانت مزعجة لليهود لما كانت مزعجة لأمريكا وإسرائيل، يأتي أشخاص يسبون بوش ويسبون شارون هكذا صراحة هل أمسكوا بهم في المظاهرات؟ كان في المظاهرات يحاولون بعد الذين يرفعون شعارات يعلمونهم حتى يمسكون بهم بعد يعلِّمون في ملابسهم بأخطاط، كان بعض المخابرات يمسكون بهم لا يحاولون فيمن يسب بوش بنفسه بعضهم يسب بوش بنفسه لا يمسكونه ولا يعتبرونها قضية، عارفين هذا الكلام أهوج لا قيمة له عملية، وهم سياسيون كل شيء عندهم يصنف باعتبار أثره على مؤامراتهم وعلى خططهم وعلى سياستهم ليس عندهم عيب ولا شوعة ولا شيء نهائياً.

لاحظ هنا بعد قول الله سبحانه: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} كثير من الناس ينبغي أن يسكتوا يأتي بكلام سيئ وليس له قيمة عملية؛ لأنه هناك في قول الله تعالى: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً}(النساء: من الآية63) من الذي يعرف أن ينتقي قولاً بليغاً، القول البليغ من أمثلته: {مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ}(آل عمران: من الآية119) هـذا من أمثلته لماذا؟ لأن هذا معناه هم هؤلاء عارفون نوايانا من داخل لم ينفع خداعنا لهم: {آمَنَّا} {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}(آل عمران: من الآية119) لأن القول البليغ هو الذي يجعل الطرف الذي يقوله يبين لك أنه يعرف واقعك يوجد عندك هزيمة نفسية يوجد عندك إحباط في حركتك أنت، لاحظ عندما قال الله: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} كيف كان القول البليغ بالنسبة لهؤلاء: {مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} من أخبره أن هناك غيظاً فأن يعرف أنك عارف أن داخله غيض شديد فتقول: موتوا بغيظكم يعني:أنك فضحته أمام نفسه وبينت له بأنك تعرف واقعه وتعرف حقيقته وأنه لا ينفعه خداعه معك وتضليله لا يؤثر عليك، أليس هذا من القول البليغ فعلاً بالنسبة لليهود؟.

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً}(النساء: من الآية150 – 151) مهما أظهروا أنفسهم وأنت ارجع إلى الكافرين في القرآن لتعرف كيف تكون أعمالهم وكيف تفكيرهم وكيف رؤيتهم وكيف خططهم وكيف مصيرهم وكيف خسارتهم في الدنيا وكيف خسارتهم في الآخرة {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}(النساء: من الآية151) في الدنيا وفي الآخرة، يعني: الله يحسسهم في أنفسهم أن يعلموا بأنه يعلم بواقعهم وأنه معد لهم عذاباً مهيناً، وعذاب مهين عندما تأتي كلمة: عذاب في كثير من الآيات المطلقة لا تأتي فقط تقصرها على عذاب الآخرة قد تكون شاملة فعلاً لعذاب في الدنيا وعذاب الآخرة هو قال في آية أخرى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ}(الأعراف: من الآية167) أليس هنا في الدنيا؛ لأنهم هم من تصدق عليهم هذه فيما يتعلق بالتفريق بين الله ورسله، والتفريق بين رسله، يؤمنون ببعض الرسل ويكفرون ببعض يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ويقدمون هم من عندهم شيئاً على هواهم وعلى ما يحقق أهدافهم ومصالح معينة هذا يعني: أنهم خاسرون، أليس هذا يعني: أنهم خاسرون؟.

أن تأخذ من هذه الآية أن تعرف هكذا يكون أعداؤك هم أعداء لله وهكذا واقعهم، هم في حالة ضعف وفيهم نقاط ضعف خطيرة وهم في نفس الوقت هم أعداء لله والله لا يمزح مع أعدائه هو يخادعهم يمكر بهم يكيد لهم يضربهم.

{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} على طريقة يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض كما يفعل بنو إسرائيل {أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} هكذا يرفع معنويات المؤمنين من خلال تقديم واقعهم وواقع أعدائهم ويعرفون هم أنهم في مقام عظيم وأنهم موعودون بفضل عظيم من الله، فعندما ينظر واحد إلى الفئتين هذه أين الفئة التي تعتبر جانبها قويا ألم يقدم أمامنا هنا فئتين؟ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}(النساء:150- 151) هذا طرف. {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}(النساء:152) من الطرف الذي يعتبر في واقعه أقوى؟ أليس طرف المؤمنين؟ فلماذا يأتي المؤمنون يعتبرون أنفسهم أنهم ضعاف وهو هنا يقدم من خلال المقارنة أن يعرفوا موقعهم أنه موقع قوة؛ ولذلك قال في آية أخرى: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ}(محمد: من الآية35).

وهذه هي التي يجب أن تحكم ثقافة الناس في الحديث عن المؤمنين؛ لأن البعض يتجه إلى أن يقدم صورة عن المؤمنين أنهم [مستضعفون ومساكين ويرحموا الله ولازم يتحمل واحد ويصبر وهي دنيا] وإذا أنت قد أصبحت ترى بأنه هكذا يجب أن يكون المؤمنون! يقدم من خلالهم مقارنة ليعرف المؤمنون موقعهم أنهم الأعلون بكل المقاييس ويقول هنا: {أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ} يذكر في آيات أخرى أجراً في الدنيا إضافة إلى الأجر في الآخرة إضافة إلى ما وعدهم به من تأييد أيضاً أجر، أليس الناس الآن بحاجة فقط إلى التأييد سيحصل تأييد وأمن وأجر في نفس الوقت في الدنيا وفي الآخرة.

{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ}(النساء: من الآية153) هذا في إطار تشخيص نفسياتهم ورؤاهم وكيف هم، وهذه لها قيمة كبيرة جداً في مجال معرفة مواجهتهم والتعامل معهم في إطار المواجهة تكون عندك صورة واضحة عنهم فترى هذه الصورة بالشكل الذي تقطع عندك أي أمل أو طمع فيهم يجعلك تثق بهم نهائياً أو أنهم سيكتفون منك بشيء معين يبحثون عن المستحيلات يتمحلونها، انظر كيف تعاملهم في فلسطين تعامل يعلقون القضايا على ما تعتبر أشبه شيء بالمستحيل {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ} وهذا الكتاب واضح وقد عرفوه كما يعرفون أبناءهم وعرفوا رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هكذا وعرفوا بأن هذا منزل من عند الله، هم يعرفون الكتب السماوية كيف تكون عادة والمواضيع التي تتناولها ومنطقها، ومع هذا يريدون أن ينزل عليهم كتاباً من السماء، أليس هذا من المطالب التي تعني ماذا؟ أنه كلما تحاول ترضيهم في موقف لن يرضوا عنك سيبحثون عن مطلب آخر، سياستهم الآن قائمة على هذا، عندما تقول: لا بأس نمشيهم في هذه من أجل عسى.. لا تدري وقدم لك مطلباً ثانياً ومطلباً ثالثاً لو لم ير إلا مطلباً مستحيلاً سيقدمه.

{أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاء} يرونه وهو ينزل {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ}(النساء: من الآية153) هذا مواساة للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله) يبين هكذا طبيعتهم وتمحلاتهم بعدما يكونون قد تبين لهم الهدى وآيات واضحة أمامهم جلية {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً}(النساء: من الآية153) إذا طلبوا منك كتاباً من السماء هم هكذا {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ}(النساء: من الآية153) هل تقول بأنهم يريدون كتاباً من السماء من أجل بينات من أجل يهتدون جاءت لهم آية بينة أخذتهم الصاعقة وأحياهم وتراهم هناك يتخذون العجل من بعدما جاءتهم البينات، لو نزل كتاباً من السماء سيستمرون على تلك الطبيعة.

هذه لها قيمة في معرفتهم أعني: العرب كانوا بحاجة ماسة إلى معرفتهم من خلال القرآن فعلاً يعرف أنهم أناس عندهم طلبات متعددة ولا يقف ولا يسكت، بعض الناس يقولون: نسكت، يتصورون لو نسكت من هذا الشعار عندهم ما هناك أي إشكالية نسكت وهم هؤلاء يقدمون طلبات أثناء ونحن نرفع شعار، أليسوا يريدون أن يغيروا المناهج ولهم موقف من القرآن بأنه لا تقرأ آيات منه يتحكمون في مناهج التربية، ونحن نرفع شعار، هل تتصور بأنه عندما تسكت سيسكتون سيقدم طلبات ثانية، قدم لهم السعوديون تنازلا قالوا عن أكثر من ألف خطيب أبعدوهم، لم يسكتوا عنهم قدموا طلبات، إعرف أنه هكذا طبيعتهم طلبات، طلبات وإن لم يجد إلا المستحيل يطلبه وفي الأخير يقف منك موقفاً أنك لماذا لا تقدم له المستحيل.

{ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ}(النساء: من الآية153) أيضاً في ذلك الزمن ولم يهتدوا {وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً}(النساء: من الآية153) سلطاناً واضحاً بينات واضحة ولم تنفع معهم {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً}(النساء:154) مثلما تقول: فلم ينفع. إذاًً معناه بالنسبة للمسلمين ليس أن الله يقدر، الله يقول هناك هو غني عن عباده وهو يعاقب الكل، ما قيمة هذا؟ هل الله يشكي أمامنا منهم؟ لا. هو القدير هو الغني هو القاهر لكن يبين لنا بأنه هكذا واقعهم، جبل قد رفعه فوقهم جبل الطور {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ}(البقرة: من الآية63) أعاد الجبل سجدوا ذلك الوقت وأعاد الجبل وعادوا لذلك المطلب حقهم، بمعنى: أن الناس يعرفون كيف هذه الفئة، أنت في حالة الصراع معهم لا تدخل معهم في مفاوضات يتوهوك في المفاوضات.

لاحظ الآن كيف يعملون مع حزب الله، طمعوا حزب الله ودفعوه يتكلم بأنه سيطلق الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين وأردنيين وعرب آخرين ولم يحصل شيء إلى الآن وفي الأخير لاحظ كم لهم شهور وأخذ ورد، فلان نحن لسنا مستعدين أن نطلقه، عندما سمعوا نصر الله يقول: سمير القنطار أول القائمة، قالوا: سنطلق اللبنانيين إلا سمير! هم لم يخدعوا فعلا العرب ويلعبوا بالعرب إلا لأنه لم يحاول العرب أن يفهموا عنهم صورة كاملة، لا يمكن أن تحصل على صورة كاملة عنهم يبين لك ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم وأعماق نفسياتهم إلا من خلال القرآن؛ لأنه يذكر مواقف ثابتة أمامهم، مواقف ثابتة يعني: اعتبرها قضية مستحيلة: أن تعتقد بأنه تتوقف عن شيء أو تستجيب لمطلب معين منهم وسيسكتون، يقدمون طلبات، طلبات على طول، على طول يبحثون عن المستحيل، عندما تقول: مستعد، مستعد، هنا يقدمون طلبات، داخل الدول العربية وهم يقولون: مستعدين، مستعدين، مستعدين ولم ينفع نهائياً.

لاحظ كيف السرد هنا السرد في هذه الآية سرداً لقضايا كثيرة كأنها مثل ما يقول واحد في الأخير: ولم تنفع فيهم؛ لتعرفوا كيف هم {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً}(النساء:154) فلم ينفع معهم إلا ماذا؟ لعن {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ}(النساء: من الآية155) قالوا: نحن لا نفهم ماذا تقول، هم قالوا لمحمد (صلوات الله عليه وعلى آله): {قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} إلى أن قال بعد: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً}(النساء:156- 160) هكذا يبين ما حصل عليهم من عقوبات سرد أشياء كثيرة تخلل أثناءها كلام عن المسيح جاء لحد الآن في هذه: {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}(النساء: من الآية151) وفي آية سابقة: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}(المائدة: من الآية13) إذاً {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ}.

وأحياناً يكون أسلوب القرآن أن يوكلك على ما قد عرفت عمّا أعطاك من صورة، عما حصل عليهم فيما يتعلق بأنفسهم وواقع حياتهم وعقوبات كثيرة أتت لهم في الدنيا وعقوبات وعدوا بها في الآخرة؛ لأنهم هكذا: ينقضون ميثاقهم ويكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ويقولون في مواجهة البينات التي تدخل إلى أعماق القلوب يقولون: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} هم هكذا جريئين، نحن قتلنا عيسى بن مريم رسول الله، يعني: وقد تبين لهم أنه رسول الله {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً}(النساء:157) فقط يظنون ظناً ليس لديهم يقين بأنهم قتلوه ومع هذا يقدمون المسألة وكأنها ماذا؟ وكأنها قضية يقينية مسلَّمة من المسلمات موضوع الصليب أليسوا يتعلقون الصليب ويعتبرونه أنه قتل؟ {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}(النساء:158) لأنه فعلاً لم يقتلوه، وكلمة: رفعه ليس معناها: أنه بـ[الونش] هكذا بجسمه إلى السماء! مثلما يقولون: لحق بالرفيق الأعلى عندما يموت الإنسان، لحق بالرفيق الأعلى؛ لأنه في آية أخرى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}(آل عمران: من الآية55) متوفيك ورافعك {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}(النساء:158).

{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً}(النساء:159) لاحظ هذه الآية من الآيات التي يحصل اختلاف كبير حول تفسيرها {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} يقدمون معناها: أن ما هناك من أهل الكتاب أحد إلا وسيؤمن به قبل موته، وطلعت إشكالية في: قبل موته، هل معناها: قبل موت المسيح أو موته أي موت أحد من أهل الكتاب، في الأخير قالوا: إن معناها: ربما كل واحد من أهل الكتاب، الكافرين بعيسى أنه سيراه قبل موته يتشخص له قبل موته ويؤمن به، ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً.

ويبدو هذا التفسير أنه فعلاً أشياء تقديرية، وتمحُّل، الحسين بن القاسم يفسرها بأنه قد تكون العبارة هذه: {إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} هي عبارة مستقبل وتعني الماضي وأن هذا أسلوب عربي، بمعنى: أن من كان من أهل الكتاب مع وجود المسيح أن من كانوا مؤمنين به قبل موته فسيكون شهيداً عليهم على من كان يعرفهم ومن كان معاصراً لهم، هذه في آية أخرى في آخر [سورة المائدة] فيها ما يقرر هذا: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}(المائدة: من الآية116) أليس هذا حصل من بعد؟ {قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ}(المائدة: من الآية117) ألم يتكلم هنا عن فترة بقائه في أولئك الناس الذين كان معاصراً لهم؟ {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}(المائدة: من الآية117) معنى هذا بأن شهادة عيسى فعلاً ستكون على أولئك الذين كان معاصراً لهم آمنوا به وشهد أنهم آمنوا به لا يعلم بما حصل من بعد ولم أقل لهم أنا هذا الشيء الذي ظهر من بعد؛ لأن أول عبارة قالها: أنه عبد الله {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}(مريم: من الآية30) أول ما نطق بها بعدما أتت به أمه إلى قومه.

البعض يجعل من الآية هذه أن المعنى: أن المسيح سينزل في آخر الزمان! بمعنى أن ما من أهل الكتاب أحد إلا وسيؤمن به في آخر الزمان عندما ينزل وسيؤمنون جميعاً! هذا التفسير ينقض القرآن نفسه لأنه يبين القرآن بأنه يبدو سيظل يهود ونصارى إلى يوم القيامة سيبقون ولو بقايا بعد حروب تحصل أو بعد أناس يسلمون منهم مثلما قال هنا في نفس الآية: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}(آل عمران: من الآية55) هذه العقيدة انتشرت وبالذات في أوساط السنية والإثنا عشرية: أن المسيح سيعود في آخر الزمان وسينزل من السماء ويتجه ويؤمن به النصارى ويجعل النصارى كلهم يسلمون، لكن هذه لا يوجد لها ما يطمئن الإنسان على أن يقول بها فعلاً ويعتبرها صحيحة؛ لأنه بالنسبة للنصارى هل هم يعرفون شخص عيسى عندما يأتي؟ وبالنسبة لليهود هل يمكن أنهم سيفرحون عندما يرونه وسيؤمنون به وهم كفروا به ذلك الزمان؟ بعدما أراهم بينات رهيبة جداً واضحة جداً وهو يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طائراً بإذن الله ويحيي الموتى بإذن الله وينبئهم بما يأكلون في بيوتهم وما يدخرونه ذلك اليوم ولم تنفع فيهم.

هل هو شخص يعرفونه عندما يأتي أو سيكون نبياً من جديد؟ الله يقول: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}(الأحزاب: من الآية40) لا يوجد نبي من بعده على الإطلاق، هم منتظرون، المسيحيون أنه سيرجع منتظرون أنه سيرجع وهي قضية لفقوها هم من بعد واليهود منتظرون مخلّصاً أيضاً يظهر وفي الأخير لا تدري إلا وقد اشتركت العقيدة اشتركوا فيها هم وكثير من المسلمين، مسألة نزول المسيح، اليهود هم على رؤيتهم فيه، والنصارى يعرفونه باسم أنه المسيح ذلك سيعود، والإثنا عشرية والسنية كذلك عندهم سيعود هو والمهدي، ويعملون أشياء ويفتحون القدس ويتجهون إلى بلدان أوربا ويجعلونهم يسلمون، كل المسيحيين يسلمون عندما ينزل عيسى!.

إن كانت نبوة جديدة فهذا غير ممكن، كنبوة جديدة يحتاج إلى معجزات ويحتاج، ويحتاج.. وإن كان مسألة دعوة فالواقع أنه يكفي القرآن الكريم؛ لأن الله قد جعله بالشكل الذي تتجلى مصاديقه في هذه الحياة، أعني: هو عصر رسالة محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) ألم يقل في القرآن الكريم: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}(فصلت: من الآية53)؟ فكل الشواهد التي تأتي من خلال اكتشافات علمية ومن خلال حركة الحياة هذه، هي كلها بالشكل الذي تشهد لهذا الكتاب، هل يوجد هناك مثلما تقول: إنه يشهد لما في الأناجيل؟ أول شيء الإنجيل ضائع، الأناجيل الموجودة يأتي الواقع يكذب ما فيها، في كثير مما فيها، هو عصر الشهادة للقرآن الشهادة لرسالة محمد (صلوات الله عليه وعلى آله).

ليس معناه بأنه لا يوجد دلائل على الإطلاق من واقع الحياة تجعل الإسلام هذه الرسالة التي جاء بها محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) هو الظاهر في هذه الحياة، هو الظاهر فيه من خلال الآيات الكثيرة إلا أن يأتي بعيسى بن مريم ينزل من جديد وكأنها نبوة من جديد، هذه القضية بعيدة أعني: خلاصتها الأشياء كلها بإرادة الله لكن لا يوجد بين أيدينا ما يمكن أن نعتبرها عقيدة صحيحة فعلاً، هذه الخلاصة كل ما يقال حولها ليس بالشكل الذي يطمئن الإنسان بأنها عقيدة صحيحة أنه سينزل نهائياً، منها هذه الآية التي في [سورة المائدة]: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}(المائدة: من الآية116) أليس هذا الكلام من بعد فقال: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي}(المائدة: من الآية117) هناك قال: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا}(آل عمران: من الآية55) أليس هنا يبين بأن هناك مسيرة من بعده، من بعد توفيه له؟ {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني: أن هناك مسيرة في الحياة من بعده طويلة، هو لا يحكي بأنه أيضاً من جديد قد بعثه؛ لأن الكلام هذا الله يقول عنه: أنه سيقول لعيسى يوم القيامة، يوم القيامة سيقوله.

تجد كل الإكتشافات الآن ليس فيها شهادة لشيء موجود لديهم من عند عيسى، اكتشافات أعني: انظر الأناجيل هل الإكتشافات العلمية هل حركة هذه الحياة تمثل شهادة لما في الأناجيل الموجودة؟ لا، تجد فيها أشياء أثبت الواقع بأنها غير صحيحة ومكذوبة، كل ما يأتي من شواهد كلها شواهد للقرآن، حتى في حركة الأمم هذه الصراع تجده أيضاً يشهد لهذا القرآن والذين يدّعون بأنه سيعود يجعلون الآية هذه بأنها تعني: أنه سيعود وسيؤمنون به، لكن لاحظ العبارة هنا: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} معناها: ما من أحد من أهل الكتاب، أليس معناها هكذا؟ إذاً هذا ضعيف جداً مع الآيات الأخرى بل قد نقول فعلاً بالنسبة لعبارة {إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} الفهم الإجمالي لهذه الآية بشهادة الآيات الأخرى أن من كانوا من أهل الكتاب كانوا مؤمنين به في حياته {مَا دُمْتُ فِيهِمْ}(المائدة: من الآية117) {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً}(النساء: من الآية159) على أولئك الذين آمنوا به كمؤمنين، وسيشهد بالنسبة للآخرين بأنهم ماذا؟ جاؤوا بشيء ولم يأت به عندما يقول: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}(المائدة: من الآية116) فهو أدلى بشهادة الآن يحكيها، الله سيقول يوم القيامة شهادة بأن ما قدموه بعد من عقيدة باطلة جعلوه هو وأمه إلهين من دون الله، أنها قضية لم يقلها وإنني {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ}(المائدة: من الآية117) أليست هذه شهادة على المؤمنين في عصره من كانوا مؤمنين، ويشهد بكذب من بعدهم ممن افتروا على الله وجعلوه هو وأمه إلهين؛ لأنه لم يقل هذه ولم يعلمهم هذا، أنت {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}(المائدة: من الآية116) أليس هكذا قال له: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ}(المائدة: من الآية117).

فهو يشهد بكذبهم من بعد، هل هناك حاجة إلى أن يظهر أيضاً من جديد حتى يكون شاهداً، شاهداً عليهم، قد شهد بأن ما افتروه إنما ادعوه، أنه إله من دون الله، أنه لا أصل له، إذاً فيكون هذا نفسه مما في الآية هذه مما قد يكون أسلوباً من أساليب اللغة؛ لهذا نقول: اللغة العربية القرآن الكريم يمثل مرجعاً مهماً في توثيق أساليبها في توثيق أساليب اللغة، وعادة استعمالات الناس فيما يتعلق بأساليب اللغة بعضها لا يصل إليها الناس في استعمالهم اليومي، قد يصل مثلاً الأدباء والشعراء إلى استخدام الأساليب أكثر مما يستخدم الناس العاديين، لاحظ حتى في المفردات نفسها كم نسبة المفردات التي نستخدمها من اللغة؟ نسبة محدودة، الأديب الشاعر يستخدم مفردات أكثر كذلك أساليب من أساليب اللغة فيما يتعلق بالتقديم والتأخير والتعريف والتنكير والغيبة والخطاب وأشياء من هذه، والتنقل بين هذه أسلوب معروف قد يكون بعض الأساليب مثلاً غير ظاهر لكن قد يكون [من الأساليب التي كانت مستخدمة عند العرب وخاصة الأدباء والشعراء] فكيف بهذا الكتاب الذي هو للعالمين.

اللغة تقدم على سعتها وأكثر ما يضمن التوثيق لسعة اللغة توثيق أساليب اللغة نفسها، نحن قلنا أيضاً في الحروف المقطعة [أ، ل، م] إلى آخره.. أنها أيضاً يستفاد منها توثيق هجاء الحرف العربي؛ لأن الله قد أراد أن تكون هذه اللغة هي اللغة العالمية؛ لأن الله جعل رسالة هذا القرآن عالمية، واصطفى للعالم لغة عالمية، هي أقوم لغة، أن يصطفيها الله سبحانه وتعالى ليس معناه أنه اختيار قومي أبداً، القرآن كما قال الله عنه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}(الإسراء: من الآية9) ومما هدى إليه أن تكون اللغة العالمية هي اللغة العربية، أليس الآخرون بعد ما اتسع العالم وبعد ما اتسعت عوامل التواصل فيما بينهم احتاجوا إلى لغة عالمية؟ قدموا اللغة الإنجليزية كلغة عالمية، يعني أن العالم هو بحاجة إلى لغة عالمية واحدة، فهذا اختيار من الله، أن تكون هي اللغة العربية معناه إذاً فبالنسبة للقرآن الذي فيه هدى من الطبيعي أن يكون متضمناً ما يعتبر توثيقاً لأساليب هذه اللغة ولهجاء نسبة كبيرة من أحرفها.

فكلام الإمام الحسين بن القاسم عندما يقول: إن الكلام هذا من الأساليب التي في اللغة، هو إنسان ملِم باللغة، الإمام الحسين بن القاسم العياني ومعه تفسير لكن ليس متكاملاً تفسير لغوي، أعني: إنسان عنده سعة في موضوع اللغة وأساليب اللغة ومفردات اللغة، يذكر هنا بأنه تأتي العبارة بشكل مستقبل وهي ماذا؟ تعني الماضي بالنسبة لنا هي حكاية بالنسبة للماضي، لكن وتجد بالنسبة لواقع واقع وجود عيسى ألست تجدها حالة مستقبلية؟ لأن معناها من كانوا يؤمنون به أو من سيؤمن به كان يؤمن به، ستراه حالة مستقبلية أثناء فترة عيسى، يعني: أن من أهل الكتاب منهم مؤمنون به، الكل من آمن به أو كل من سيؤمن به إنما سيؤمن به في حياته ويكون شهيداً عليه كمؤمن به في حياته، الآن لو ترجع إلى فترة عيسى ستراها فترة مستقبلية وهنا يحكي مثلما تقول لا يحكي مجرد قضية يحكي ما كان يحصل داخل تلك المرحلة، ما كان يحدث داخل تلك المرحلة، أي لو أنت في عصر عيسى أنت ستقول: كل واحد سيؤمن بعيسى سيؤمن به، ألست ستقول هكذا؟ وممن يؤمن به سيكون شهيداً عليه في حياته، أعني: على من آمن به في حياته.

وليس المعنى أنه سيؤمن به كل أهل الكتاب، هذه بعيدة، والقرآن الكريم يبين في آيات أخرى ما يستوحى منها بأنه سيبقى بقايا يهود ونصارى، بل ربما تبقى معتقدات من هذه لديهم وإن كانوا قد يكونون في ظرف من الظروف لظهور الإسلام قد يكونون فئة قليلة، فهنا قال: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} (المائدة: من الآية116) أي أنه سيقولها يوم القيامة وأن القضية ستستمر في المسيحية إلى الله أعلم، ولو أسلم منهم من أسلم قد يبقى منهم من يبقى، ويبقى على العقيدة التي لديهم.

إذاً فالخلاصة في موضوع عيسى هو هذا أنه وهي ليست قضية سائدة عند الزيدية قد تكون دخلت متأخرة في بعض الفنون المتأخرة وكأنها تسربت هي سائدة عند نسبة كبيرة من السنية، بل وفي السنية أيضاً رأيت في إحدى المرات رسالة لأحد المصريين في مجلة [التقريب بين المذاهب] استبعد ذلك فيها، كلام له تقريباً حوالي صفحتين في إطار حديث آخر بيّن استبعاد أن يعود المسيح فعلاً لكن السائد هكذا أنهم يعتقدون أنه سيعود المسيح داخل النصارى وداخل نسبة كبيرة من المسلمين بما فيهم الإثنا عشرية، نحن نقول ما هناك ما يدل على هذا، الله على كل شيء قدير لكن ليس هناك ما يدل على هذا نهائياً، وما دام ما هناك ما يدل عليها، ويجعل الإنسان يطمئن إليها فلا يصح أن تصبح عقيدة يعتقدها الناس على الإطلاق، بل يوجد ما يدل على بعدها أن تكون قضية فعلاً، حقيقية.

{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً}(النساء:160) هذه الآية هي عائدة على الكلام الأول{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ}(النساء: من الآية155) ثم {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} هذا الظلم الذي ذكر تفصيلاته بسبب نقضهم ميثاقهم وكفرهم وأشياء كثيرة ذكر مما وقع عليهم من العقوبات: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراًً} إذاً، عندما يكون الناس يسلكون طريقة بني إسرائيل – وإن لم يكن هناك تحريم لا يوجد هناك وحي حتى يأتي تحريم – قد ترفع طيبات نهائياً، هل يوجد [سمن بلدي مع الناس وعسل بلدي وبر بلدي وأشياء من هذه] كثير من الطيبات قد رفعت.

{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراًً وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ}(النساء: من الآية161) لاحظ كم يحكي عنهم من أشياء سيئة؟! {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}(النساء: من الآية161) لصدهم عن سبيل الله يعني: معناه أنهم يعملون دائماً في هذا الموضوع: صد عن سبيل الله أيام الأنبياء منهم وأيام نبوة محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) في عصره ومن بعده إلى اليوم الصد عن سبيل الله مثلما قال هناك: {تَبْغُونَهَا عِوَجاً}(آل عمران: من الآية99) صَدّ، أي: دفع الناس وإبعادهم عن سبيل الله يوقعهم في سبل ضلال أخرى {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ}(النساء: من الآية162) وهو يذكر مسيرة تعود إلى عمق تاريخهم عندما يقول: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ}(النساء: من الآية155) وبكذا.. أليس هو يعود إلى عمق تاريخهم؟ لكن يبين أنه كان هناك أيضاً يوجد نوعيات جيدة في تاريخهم، مثلما قال سابقاً: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}(آل عمران:113) ثم هنا أيضاً قال: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ}(النساء: من الآية162) هؤلاء أسلموا {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً}(النساء: من الآية162).

أنت تجد هذه الطريقة موجودة في القرآن كلما يذكر أشياء عن أهل الكتاب وعن اليهود أشياء كثيرة ثم يأتي بنوعيات جيدة منهم، ماذا يعني هذا؟ مثلما قلنا سابقاً من قيمته في كيف يكون موقف الناس منهم، لا تتحول القضية إلى شخصية لديك، موقف في سبيل الله ومن أجل الله وعلى أساس دينه هذا مهم جداً، أيضاً ماذا؟ أن يفهم الناس أن هذه الرسالة عالمية بما فيهم اليهود هم والنصارى، أن يفهموا أن هذا الدين ليس ديناً قومياً ليس ديناً يختص بالعرب أو يختص بجنس أبيض أو أحمر أو أسود، هو دين عالمي للعالمين جميعاً ومنطقه منطق قسط وعدل مع الناس جميعاً، فليس لديه موقفا شخصياً من اليهود، إنما لما هم عليه، فلو اتجهوا وآمنوا فسيكون موقفه منهم كما كان موقفه من المؤمنين الذين حكاهم هاهنا: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً}(النساء:162) وإن كان يهودياً سابقاً، وإن كان نصرانياً سابقاً وإن كان ما كان سابقاً.

هذه القضية هامة جداً بالنسبة للمسلمين؛ لأنها تقاوم الفكرة التي حصلت عند بني إسرائيل في تأطير الدين في إطار قومي، فسموا دين الله يهودية وسموا دين الله نصرانية، ألم يحصل هذا؟ تبين من خلال الآيات السابقة ما ظهر من سلبيات ومواقف خاطئة لديهم على أساس هذا التأطير القومي للدين حتى جعلوا عنوانه عنوان قومية، فالمسلمون يترفعون عن هذه تماماً، الدين عند الله هو الإسلام، اليهودية لا تعني عنوانا لدين سماوي على الإطلاق، النصرانية لا تعني اسما لدين سماوي على الإطلاق، دين الله اسمه الإسلام، دين الله هو للناس جميعاً ولا يقوم على أساس مواقف شخصية من أي جنس من عباد الله، من البشر جميعاً، في أي مكان كانوا.

لها أثر تربوي هام وقضية هامة جداً يقوم عليها مواقف كثيرة وتشكل ضمانة هامة جداً لموقف ثابت منهم؛ لأنه إذا أصبح مثلاً من خلال هذا السرد الذي يبينهم أنهم فئة سيئة أليسوا سيئين؟ لكن لو تتحول المسألة عندك إلى عداء شخصي سيضرب هذا العداء في يوم من الأيام على أيديهم، عندما يقدمون مصالح معينة والإنسان يتأثر بالإحسان لكن عندما يكون موقفك موقفاً دينياً ثابتا ليس موقفاً شخصياً وغضباً شخصياً وعداوة شخصية هكذا، عندما يكون موقفك على أساس أنهم هكذا، فلو قدم لك إحسانا كمَّا قدم لن يتغير موقفك ولن تتأثر بما يقدم من مصالح معينة في بلادك، مهما قدم من مصالح هو على هذا النحو، هذه المصالح هي في قائمة عمله السيئ.

إذا ما كنت فاهماً، وأنت تنطلق من عداوة شخصية، العداوة الشخصية مهما كانت العداوة الشخصية ستمسح بأي مشروع خدمي، وفي الأخير لا تدري إلا وقد أنت تترضى عليهم لو لم يقدموا لك إلا كرسياً لمدرسة سوف تترضى عليهم هنا ليس لدينا موقفاً شخصياً منهم القضية التي أمامنا جميعاً نحن وهم ما هي؟ أن نؤمن بدين الله ونسلم لله، أليست هذه القضية ثابتة؟ وهم عندنا كما قال في آية أخرى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا}(البقرة: من الآية137) أليس الإسلام على هذا النحو: أن من دخله أصبح له ما للمسلمين وعليه ما عليهم؟ وأن لا يصبح مثلاً الموقف الديني أن يؤطر في إطار شخصي منهم وموقف شخصي.لا، يجب أن تمسح المواقف الشخصية تماماً، عندما تمسح من نفسك الموقف الشخصي يصبح غضبك عليهم، قوتك في مواجهتهم كلها من منطلق ماذا؟ من منطلق دين، وليس من منطلق شخصي، هنا فيما لو اتجه أحد منهم وأصبح لديه قابلية أن يُسلم، إن كان قد ترسخ عندك موقف شخصي قد تحاول أن تصده عن الدين؛ لأنك تريد أن تضربه، وإذا كان موقفك ديني فهو لا يحول أن تكون قوياً وأولي بأس شديد، وغضب شديد عليهم، لكن لن يجعلك تصد من يمكن أن يؤمن منهم، أو يستجيب للإيمان منهم.

ثم أنت لا تكون مواقفك في الأخير، لا تؤطر الدين في إطار قومي، عندما يأتي بهذا التوجيه معناه إبعاد الناس عن أن يؤطروا الدين في إطار قومي؛ لأن هذا في حد ذاته يشكل عائقاً كبيراً أمام الأمم الأخرى، أمام الناس؛ لأنه دين للعالمين فيجب أن ينظر الناس إليه جميعاً بأنه لهم وأنه ليس ديناً يختص بفئة معينة ولا بجنس معين ولا بعرق معين ولا بمنطقة معينة فينجذبون إليه، أيضاً فيه بأنه مهما قدم الموضوع يجب أن يرفق بأسلوب دعوة يدعوهم مثلما يأتي في آيات أخرى، قلنا في هذا الموضوع نفس القرآن يعتبر دعوة كاملة بالإضافة إلى ما يمكن أن يعمله الناس في مجال دعوة لهم، لكن نفس القرآن قد هو يعتبر دعوة، وهو منتشر، وما يمتلك الناس وسائل يمكن أن تصل إليهم، لكن يجب أن لا يغفل هذا الموضوع ولو في المستقبل أمام الناس؛ لأنه إذا أطر الناس الدين هنا في إطار قومي أعطى الطغاة هناك عندهم والمضللين منطقاً آخر يشد الناس إلى أن القضية قضية أمة في مواجهة أمة أو حضارة في مواجهة حضارة – كما يقولون – أو جنس في مواجهة جنس عندما يكون الخطاب: لا. خطاب هو دين هذا الدين العظيم والراقي هو للناس جميعاً يمكن أن يدخلوه ويسع الكل.

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ}(النساء: من الآية163) فلست بدعاً من الرسل كما قال: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ}(الاحقاف: من الآية9) الوحي الذي إليك هو كما أوحى الله إلى إبراهيم وإسماعيل إلى آخر الآية، بل هناك من كلّمه الله من أنبيائه يعني: فهل بأن تكون نبياً يوحى إليك قضية يستنكرها بنوا إسرائيل؟ هم يعرفون مسألة الوحي وأن الله يوحي إلى أنبيائه بل أن الله كلم موسى، أليس التكليم يعتبر أبلغ من موضوع الوحي؟ {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً}(النساء: من الآية164) هذه سنة إلهية {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}(النساء: من الآية165) هذه سنة إلهية؛ لأنه رحيم بعباده يقدم لهم ما فيه هدى ما هو بشارة وإنذار، رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد إرسال الرسل بعد الآيات البينات بعد البلاغ المبين {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}(النساء: من الآية165).

{لَكِنِ اللَّهُ}(النساء: من الآية166) وإن أنكروا هم رسالتك وجحدوها مع أنها ليست غريبة، وهم يعرفون هم أن هذه سنة إلهية، أن هناك رسلا يوحى إليهم بل هناك من كلمه وهو نبي الله موسى فلا تكترث الله يشهد {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ}(النساء: من الآية166) أنه من عنده وأنك رسول له.

هذه قضية هامة من الناحية التربوية، ومن ناحية مجال الدعوة أيضاً، أحياناً بعض الناس يحرج نفسه حتى لا يكاد يرى عظمة ما لديه إلا إذا آمن به الآخرون واقتنعوا به لا، يجب أن تكون واثقاً بما أنت عليه والآخرون حتى لو جحدوا كلهم لا يهزك في ثقتك بما أنت عليه.

{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً}(النساء:166- 169) يعني: في الوقت الذي أنت مثلاً ما رأيت الطرف الآخر اقتنع بما لديك وآمن بما عندك، لا تهتز ثقتك بما عندك، ولتكن رؤيتك إليهم بأنهم على هذا النحو: صادّين، هم قد ضلوا ضلالاً بعيداً وعاقبتهم هكذا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ} وطريق جهنم هي طريق ضلال: ضياع هنا في الدنيا وفي الآخرة، هذه القضية هامة بالنسبة للناس، أحياناً عندما مثلاً لا ترى الآخرين يقتنعون بما أنت عليه، في الأخير تصنف ما لديهم فتراهم وكأنهم لديهم نقاط قوة وكأنهم إذاً ربما مسيرتهم هي المسيرة التي ستكون فاعلة في الحياة وأنت ستضيع؛ لأنهم ما قبلوا إذاً ما قبلوا ولديهم كلما قد يجعل مسيرتهم يهتدون فيها إلى نجاحات! في الأخير تتراجع.

هنا يقدم صورة هامة جداً في أن الطرف الآخر وإن لم يقتنع، اعرف بأنه طرف سيتلاشى يتلاشى في مسيرته ليس لديه نجاحات لن يحقق نجاحات؛ ولهذا يقول: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ} وطريق جهنم تراها هي طريق خسارة في الحياة هذه قبل الآخرة؛ لأنك لو تلاحظ كيف كان الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) كان إنساناً قوياً مهما قيَّم واقعه والناس من حوله قليل وإمكانياتهم قليل، كان لديه روح قوية وروح طموحة جداً، لماذا؟ لأنه يؤمن بالواقع على هذا النحو الذي قدمه الله له، أنه عندما يرسل رسالة إلى ملك الفرس وقالوا إنه مزقها، يرسل رسالة إلى ملك الروم، استخف به ملك الفرس كسرى، استخف به، [كيف تجرأ أن يرسل إليه برسالة ويقدم نفسه عليه؟!] كأنه قال هكذا، افرض مثلاً لم يأت لك جوابات إيجابية وهو هنا قد تناول أمتين كبيرتين جداً؛ لأنه يعرف هؤلاء سيتلاشون، هل تراجع؟ أو يقول كيف رسالتي عالمية وأمامي هذه العوائق الكبيرة: دولة الروم ودولة الفرس! وبعد أن يرسل إليهم برسالة استخفوا، استخفوا لكن موقفه موقف الواثق من نفسه ويعرف واقعهم على ما قدمه الله له.

لو كان مثلاً قيَّم المسألة بشكل آخر مثلما يحصل عند الكثير من الناس الآن ومن قبل الآن هو يرى بأنه رسالة عالمية لكن كيف، كيف تعمل وفي الأخير يقول: إذاً ليس الآن وقت سننتظر إلى أن تنهار تلك الدولة أو تلك الدولة هنا أعطاه واقعهم {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً} هذه خسارة هم خاسرون هم سيخسرون وهو عارف، هو فاهم أن الخسارة من هنا يعني: من الدنيا هذه. وهذه قضية فعلاً خسرناها في ثقافتنا: أن نفهم أن الخسارة هي من هنا بالنسبة للأعداء، يقولون: [في جهنم، جهنم، جهنم هناك لكن هنا ماذا نعمل ولا يوجد معنا كذا..] وإذا بنا قد أصبحنا منتظرين نحن وإياهم، عندنا أنهم سيدخلون إلى جهنم ونحن سنذهب إلى الجنة!.

هي هكذا الرؤية، هذه الرؤية لا تترك الناس يعملون في الدنيا شيئاً؛ لأنه قدم هذا العدو بالشكل الذي كله قوة كله صخرات كله جدار صلب، هم لم يعرفوا الواقع على ما يقدمه الله: أنهم سيخسرون سيضلون سيضيعون هنا، ورسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما كان فاهما للدين حقيقة وليس على أساس ما قدمه الآخرون، ثم يقولون: أنهم مقتدون به! هم ليسوا مقتدين به، بعيدون جداً عن الإقتداء به، ولا في رؤيته، لا يعرفون رؤيته للحياة وللواقع وللإنسان ولهذا الدين بكله. {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً}؛ لأنهم قد ضلوا ضلالاً بعيداً ولن يهتدوا طريقاً، طريق فلاح ونجاح إلى آخره، إذاً سيراهم بأنهم سيتهاوون ألم يعمل فعلاً وهيأ الناس في عصره إلى أن يكونوا بالشكل الذي يحطمون تلك الدول؟ حطموا دولة فارس وحطموا دولة الروم، وفعلاً رأيناها تحطمت، ألم تتحطم على يده؟.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ}(النساء: من الآية170) فهذا هو الحق وهذا الذي يعطي رؤية حق ويكشف الواقع، الحق بالنسبة لمن يكونون مؤمنين، وبالنسبة لمن يكونون متخاذلين وبالنسبة لأعداء الله الآخرين {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} هذا خطاب للكل؛ لأنه قدم هنا الحق بالنسبة لكل فئات الناس، يذكر المؤمنين وكيف سيكونون ومصيرهم، والمنافقين وكيف هم ومصيرهم، والكافرين وكيف هم ومصيرهم، واليهود والنصارى وكيف هم ومصيرهم، هذا هو الحق الذي لا يتخلف وكل واحد يعرف مصيره {فَآمِنُوا خَيْراً}(النساء: من الآية170) بالنسبة للمؤمنين، آمنوا، كما قال في بداية الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}(النساء: من الآية136) إلى آخر الآية، وبالنسبة للآخرين يعرفون أنما قاله عنهم هو واقع لا يتخلف.

أليسوا هم سيرون واقعاً سيئاً؟ تهديد وضلال وأنهم سيكونون في ضلال وخسارة وعذاب مهين وأشياء من هذه الأفضل للجميع كلهم الناس جميعاً أن ماذا؟ أن يؤمنوا {فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}(النساء: من الآية170) هو غني عنكم وسيوقع كل ما حكاه عنكم، سيوقعه بكم كلما حكاه من تهديد ووعيد سيوقعه وهو غني وهو غني عنكم، له ما في السماوات وما في الأرض {فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}.

{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ}(النساء: من الآية171) كلام كثير حول أهل الكتاب؛ لأنهم هم من يجلسون يحركون، أعني: الصدّ عن سبيل الله، الآن أليسوا أهل الكتاب من يحركون الدنيا الآن ومؤامرات وخبث وأشياء؟ أليسوا أهل الكتاب الذين يتصدرون فيها، القضية هذه؟ يتصدرون لها {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ}(النساء: من الآية171)؛ لأنه هناك قدم بالنسبة لهم وعيداً حاسماً فيما يتعلق بالآيات السابقة: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً} فهنا عندما غلوا في دينه، في موضوع ولائهم لعيسى مثلاً أو إيمانهم بعيسى، وصلت المسألة إلى درجة أن يقولوا: إله، ويجعلوا الله ثالث ثلاثة!! هذه لن تدفع عنهم العقوبة التي وعدهم الله بها {لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ} وليس إلهاً هو رسول الله {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ}(النساء: من الآية171) هو الذي نفخ في مريم هذه الروح كما يقول عن بقية عباده {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي}(الحجر: من الآية29) {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ}(السجدة: من الآية9) في أكثر من آية يذكر نفخ الروح.

{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}(آل عمران: من الآية179) ومنهم محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) خاتم رسله وخاتم أنبيائه {وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ}(النساء: من الآية171) هذه قدموها كعقيدة دينية لديهم في موضوع المسيح أنه الله، عبارة عن ثلاثة: الله، المسيح، وروح القدس {انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً}(النساء: من الآية171) هذه دعوة لهم إلى أن ينتهوا عمّا هم عليه، وبعد ما هدد سابقاً وليعرفوا بأنه لا يمكن أن يكون في هذا ما يشكل وقاية لهم مما توعدهم به، وأن عليهم أن يوحدوا الله.

المسيح الذي يجعلونه إلهاً هو نفسه لن يستنكف أن يكون عبداً لله، فلماذا أنتم تستنكفون أن تجعلوه عبداً لله وهو نفسه لن يستنكف؟! {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً}(النساء:173).

حتى ما يزعمونه هم: إذا قد أنت تحب المسيح – هم يعتقدون هكذا يكفي – إذا قد صار يحب المسيح فسيدخله المسيح جنة أبيه، قالوا: إن الله ضحى بابنه تكفيراً لخطيئات المؤمنين به، عقيدة هذه رهيبة جداً سيئة ليست معقولة على الإطلاق، يقول: {وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ}(النساء: من الآية174) هذه البراهين أليست واضحة جداً؟ وأشياء متكررة مثلما قال في آية أخرى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ}(الروم: من الآية58) لا تكون فقط عبارة عن خطفة أو خطفة كلمة، هدى براهين متكررة براهين معززة بالأمثلة براهين واضحة جداً.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ}(النساء: من الآية174) في مختلف القضايا {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً}(النساء: من الآية174) القرآن الكريم هذا أيضاً يوجه إلى الناس، بعد ما قد ذكر الناس بمختلف فئاتهم بأن هذا القرآن هو للناس وعندما تعلم بأنه للناس يعني: أن الله جعل الأمور بالشكل الذي يجعله فعلاً ممكن أن يكون للناس، مثلما قال في آية أخرى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}(التوبة: من الآية33) يقول إن الله سبحانه وتعالى لقدرته وهو ملك السماوات والأرض وله ما في السماوات وما في الأرض وهو الغالب على أمره إلى آخر ما ذكره عن نفسه، لا تكون القضية لديه مجرد أمنية، إنه يرسم الطريق بالشكل الذي يجعله فعلاً للناس ويشمل الناس وأنها قضية ستتحقق فعلاً عندما يقول: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(التوبة: من الآية33).

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ}(النساء:174- 175) لا بد من الإعتصام به وإلا فلا يوجد رحمة نهائياً {فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماًً} ومن الفضل أن يكونوا ممن يأتي بهم بديلاً عن من يقعدون عن من ارتدوا مثلما قال في آية أخرى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ}(المائدة:54) ألم يقل هكذا؟ {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} يمنحهم فضل، هنالك قال: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، {وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} طريق واضحة وطريق ثابت.

ثم ذكر فيما يتعلق بالمواريث: {يَسْتَفْتُونَكَ}(النساء: من الآية176) مثلما نقول في أكثر من مقام: استفتاءات؛ لأن المفروض والشيء الطبيعي أن من يأتي بالبيان على هذا النحو، بيان بشكل متكرر وشامل هل ستحتاج تقدم سؤالاً في قضية، كيف الكلالة؟ هنا يقدم القضايا الواضحة، لكن يستفتونك؛ ولهذا غالباً ما تأتي الإجابة في هذه الإستفتاءات بشكل غير معروف ليس فيه جواب عليهم؛ لأنها قضية يجب أن تعرفها من المقدمة؛ لأنه بالنسبة لله ما القضايا تحتاج إلى استفتاءات: ما هو رأي الله؟ أو تقول: ماذا في موضوع كذا؟ يتناول كل القضايا، كيف يمكن أن ينسى قضية كهذه؟ لأن روح الإستفتاءات وهذه النظرة هي تنبي عن ماذا؟ عن قلة معرفة بالله سبحانه وتعالى وعن قلة معرفة بالنمط الذي يقدم عليه هداه، أنه يجعلك بالشكل الذي تثق أن كل قضية سيتناولها وإن لم تستفتِ.

إذا رسول الله موجود لديهم والقرآن يتنزل وهو على هذا النحو فلا يوجد داعي للإستفتاءات، ولاحظ هنا الجواب: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ}(النساء: من الآية176) إن المطلوب أن يفهموا منك ويركزوا على أن يصغوا ويتفهموا ويتوجهوا وكل شيء سيأتيهم وكل شيء في وقته، لكن عندما يأتي شخص في رأسه: كيف حكم الكلالة؟ وهو يسمع رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول أشياء كثيرة وهو ينتظر حتى يكمل من أجل أن يسأله، أليس هذا معناه أنه لن يسمع شيئاً؟ معناه: لا يكن عندك روح تساؤلات؛ لأن روح التساؤل تكون على حساب روح الإصغاء والتفهم.

{قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}(النساء: من الآية176) هنا يبين وبدون استفتاءات {أَنْ تَضِلُّوا} لأن لا تضلوا {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(النساء: من الآية176) بكل شيء عليم، لا تقول: ربما أنه لا يدري بالكلالة وكيف حكمها وأشياء من هذه.

هذه الإجابة: {أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ}، أخت ممكن تكون أخت من أب، وأخت من أم، وأخت من أم وأب، أليست هكذا ممكن؟ إنما في الأخير على أساس أن الكلالة هنا والكلالة هناك أخذوا منها أن هناك معناها: الإخوة لأم، وهنا معناها: الإخوة من أب، أو من أم وأب، أليسوا أيضاً احتاجوا…؟ ما قدمت القضية هنا؛ ليفهم الناس مثل طريقة: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}(البقرة: من الآية189) حتى ما يأتي الجواب بالشكل الذي تقول: يكفي وضحها، أما الآن الحمد لله، الآن جئت بالحق، هنا يرفع الناس عن حالة بني إسرائيل ونفسياتهم أسئلة، أسئلة، أسئلة، ثم في الأخير يقول: الآن جئت بالحق.

{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} امرؤ تشمل رجلاً وامرأة {هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} ولد يشمل ذكر وأنثى أليست هكذا؟ {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} هنا يمكن يقول: لكن احتمال يكون كذا ويكون… ربما قد تكون: أخت من أم وأب، أو أخت من أب، لم يوضحها؛ لأنه يجب أن تفهم بأن الله بكل شيء عليم وسيقدم الأشياء واضحة بطريقته هو سبحانه وتعالى؛ لأنه أحياناً قد يكون لو يأتي جواب واضح لكان معناه: لاحظوا لو لم يسأل.. فيكون معناها: الآن جئت بالحق، وإذا كل واحد قد في نفسه حاجة بسيطة تشغل ذهنه منتظر، منتظر حتى يكمل رسول الله الكلام.

إذاً فهذا الكلام الهام الذي يكشف بأنه لا يمكن أن يغفل شيئاً مما الناس بحاجة إلى معرفته وينزل في واقع حياتهم إلا ويأتي به هو من عنده؛ لأنه قال هنا: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(النساء: من الآية176) بما فيها الكلالة، هنا ليس باستطاعته أن يقول: الآن جئت بالحق؛ لأنه جاء الجواب بالشكل الذي بقي فيها، ولا يدري كيف، أليست بالشكل هذا؟ وفعلاً فقهياً هي بالشكل هذا فقط في الأخير جمعوا من هنا، وجمعوا من هناك، من الكلالة هنا – قد ذكر الكلالة سابقاً – قالوا: إذاً يمكن هنا الإخوة من أم وأب أو لأب، وهناك الإخوة من الأم.

ومعناه: أنه يترفع الناس عن هذا بشكل عام، أعني: هذه كتربية قرآنية، تربية قرآنية تقوم على أساس أن هدى الله واسع ويقدم ببراهين واضحة جداً، كما قال سابقاً: برهان ونور مبين وأشياء واضحة جداً، يكون الشيء الذي يهم الإنسان وهو يستمع لهذه البراهين والبينات الشاملة التي تبين – إذا صحت العبارة – اهتماماً كبيراً جداً في هذا الهدى، يتناول كل شيء، أن تصغي، تصغي؛ لأنه إذا لم يحصل إصغاء في الأخير يأتي غلطات كبيرة جداً.

لن تكون مشكلة كبيرة إذا لم تكن عارفا لحكم الكلالة، الكلالة قضية نادرة في الحياة أولاً، في المجتمعات تكون قضية نادرة ألا تكون نادرة أساساً؟ ليس معه لا أولاد ولا والدين تكون نادرة.

إذاً أن تشغل نفسك بقضية قد تكون نادرة في الحياة وهي قضية هامشية وتكون على حساب أن تتفهم القضايا الهامة ستضل في القضايا الهامة وتضيع ولن ينفعك معرفة تفصيل شيء هامشي أو جزئي في إطار ضياعك للأشياء الهامة وأنت مركز على روح التساؤل وتبتعد عن روح التفهم والإصغاء والإهتمام.

 

الله يوفقنا جميعاً لما فيه رضاه.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

التعليقات مغلقة.