صمود اليمنيين، أرضية نصرهم
الكاتب :مختار الشرفي
إلى متى يمكن للمواجهين للعدوان السعوصهيوني الصمود بوجه العدوان؟ وهل الصمود فقط يكفي؟ وهل يزعج دول العدوان الصمود؟ وهل يصنع فارقا مع الزمن؟
هذه كانت أكثر الأسئلة التي تشغل عقول وتفكير من كانوا ينتظرون أن يتوقف العدوان على اليمن أو الانتصار عليه، أو من كانوا وما زالوا يشككون في إمكانية حدوث ذلك..
وحينها كانت إجابات جميع الأسئلة تنتهي إلى أن الصمود هو المتاح وهو ما يجب أن يفعله اليمنيون، لأن الخيار البديل هو الاستسلام أو الانهيار والهزيمة والعبودية والامتهان للكرامات وهدرها لعشرات السنين مستقبلا بعد أربعة عقود منها قد انقضت ولا يريد اليمنيون أن تعود أو يعودوا لمثلها.
لكن مع توالي الأيام و الشهور اتضح أن هذا الصمود و بأدواته المواجهة للعدوان بقليل من السلاح و كثير من الشجاعة والدماء و التضحيات وقبلها بنصرة الله واليقين بأن الله لا يخلف وعده، كان و ما يزال القاعدة التي تراكمت عليها تطورات المعركة ولم يكن الصمود خيارا وحيدا، وكان بمفرده قبل كل شيء خيارا مجديا و مثمرا؛ لأنه أتاح الفرصة لالتقاط الأنفاس وترتيب البيت من الداخل، وأتاح المجال لتطوير مستمر للإمكانات المتاحة و من ثم رفع مستوى القدرات العسكرية و الإدارية والاستخبارية وراكم كمّا هائلا من الخبرات العسكرية والقتالية الميدانية، وانتقل المقاتلون إلى مرحلة الابتكار والتطوير وإنتاج أدوات ردع كانت كفيلة بتحقيق الصدمة للعدوان بعد أن كانت مرحلة الصمود مكلفة عليه إن على المستوى المادي والبشري أو على مستوى السمعة والهيبة التي مرغت في الوحل تحت أقدام اليمنيين الحافية، وكانت الهجمات على الحدود والسيطرة على المواقع السعودية في نجران وجيزان وعسير كارثة حقيقية على السعودية، حيث السيطرة على مواقع و لو محدودة من الأراضي التي تعتبر ضمن حدود المملكة السياسية، كفيلة برسم مسار بدايات المعركة ووضع شكل نهاياتها عسكريا أو سياسيا، وهنا بدأت تظهر بفضل عزيمة القيادة والمجاهدين في الجيش واللجان الشعبية بقيادة السيد عبدالملك الحوثي مروحة خيارات استراتيجية واسعة، كان في مقدمتها الصواريخ البالستية التي ضربت في البداية مواقع عسكرية سعودية حدودية و بقدرات ومديات محدودة بصواريخ الصرخة وزلزال وغيرها والتي توجت في البدايات بصواريخ التوشكا التي كانت طامة كبرى على العدوان وتجمعاته و حصدت قياداته الإماراتية والسعودية في صحن الجن بمأرب في أول مناسبة ظهر فيها هذا الصاروخ في مسرح العمليات العسكرية، لتتوالى بعدها إنجازات القوة الصاروخية والتي كان التصاعد في قدراتها ومدياتها وطبيعة أهدافها مؤشرا على أن الحرب بدأت تأخذ بعدا خطيرا على دول العدوان، ولم تعد مجرد حرب استنزاف لثرواتها الهائلة وإنما باتت الحرب تشكل خطرا على مصادر تمويل هذه الدول و التي تعد واقعا أموالا مملوكة لأميركا ولكن خارج حدودها السياسية الجغرافية، ما يجعل من هذه التطورات مصدر تهديد يتجاوز حدود إقليم شبه الجزيرة العربية في أقصى جنوب الكرة الأرضية وصولا الى اوروبا و انتهاء إلى أقصى شمالها في أميركا حيث مصانع السلاح و الشركات العملاقة التي تمول من خزائن السعودية و تشغل بنفطها،، و باتت دول العالم بعد هذا التطور تدرك أنه لم يعد من مصلحتها التعامل مع الحرب في اليمن من زاوية ما تحصل عليه من أموال مقابل صفقات السلاح او ما تدفعه دول العدوان مقابل التعامي عن جرائمها في اليمن؛ لأن خسائرها المباشرة أكبر من أن يحتملها اقتصادها المتراجع و الذي يعاني من كساد لا ينقصه حدوث أي زيادة في أسعار النفط أو أي هموم أو مخاوف اقتصادية إضافية نتيجة سخونة العمليات العسكرية و تهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر و باب المندب، التي تفتح الباب أمام إمكانية قصف ميناء و مدينة دبي و المصالح الحيوية و الاستراتيجية لأبوظبي و الرياض، وبالتالي إصابة ضرع بقرة ترامب وحرمان عمال مصانع السلاح في أميركا من حليبها ..
حالة التوازن في الرعب التي احدثتها الطائرات المسيرة التي طورها المجاهدون اليمنيون في زمن الصمود، هشمت الطمأنينة لدى دول العدوان و غرف قياداتها العسكرية و معسكراتها من أي أضرار قد تلحقها من الجو و أنهت تفردها تماما بأجواء المعركة، وبعد استخدام الجيش واللجان الشعبية لمنظومة فاعلة من الطائرات المسيرة المذخرة بعدة قنابل و وصولها إلى مصافي النفط لشركة ارامكوا في الرياض و تدميرها و اشعال الحرائق فيها وفي قيمتها في سوق بورصات العالم المالية، انتهت حالة الاسترخاء دوليا حيال اتجاه تدحرج كرة النار في العدوان على اليمن، و توقفت أحلام السعودية والإمارات وأميركا بقدرتها على تحقيق نصر قريب او حتى بعيد، واتضح أن أي انتصار مفترض لها ستكون كلفته – مع المدى و تنامي قدرات اليمنيين العسكرية – أكبر مما قد يحققه من مكاسب، لتزيد قناعة دول العدوان – و أن ظلت تكابر – بأن الخروج من مستنقع اليمن هو الخيار الأسلم، وما يمنع السعودية و الإمارات من اتخاذ هذا القرار هو أن إيقاف العدوان من دون إعلان أي نصر لها و لو إعلاميا يعني الإطاحة رسميا بمحمد بن زايد و محمد بن سلمان من ولاية العهد في الإمارات و في السعودية، و نهاية مسيرتهم و طموحاتهم في الحكم، لذلك سيستمرون في خيار الحرب و جعل نهايتهم أكثر مأساوية، و بحيث تتجاوز الخسائر زوال قيادات هذه الحضائر إلى زوال الحضائر برمتها، و يكون الصمود العظيم لليمنيين الذين بدأوا معركتهم بالله ودمهم و شيء من بنادق، صانع تحولات جارفة ستلتقي بشكل طبيعي مع مد و جزر الانتصارات في سوريا و العراق و لبنان و قريبا في مياه الخليج الفارسي، و التي ستجبر أميركا و إسرائيل على إجبار أنظمة الحضائر على الانكفاء وإنهاء العدوان إن كانت تعقل، أو إلى حتمية خسارتها ﻷبقارها وحظائرها بأكملها إن لم تعقل، ولم تستوعب أن صمود اليمنيين تجاوز في طموحه و مداه الوقوف في وجه العدوان إلى تجفيف منابعه و لوي عنق مدافعه ..
التعليقات مغلقة.