هدهد المولد .. الشاعر علي النعمي
هدهد المولد
قصيدة بمناسبة المولد النبوي الشريف للشاعر علي النعمي
نزّهْ فؤادك في ربيع محمدٍ ** وافرحْ مع الدنيا بيوم المولدِ
واخفضْ جناحك في مقام المصطفى ** أدبًا وإجلالًا لهذا المشهدِ
يا فرحة الأكوان في يوم الهدى ** عودي ويا ذكرى النبي تجددي
ولقد أتى يوم المسيح قُبيله ** ليبشر الدنيا بيوم محمدِ
والأنبياء أتت على ميثاقها ** إذ آمنت قبلًا ولم تترددِ
ومع احتفال الأرض حفلٌ في السما ** يزجي تهانيها لكل موحدِ
والأرض طارت في الفضاء تشوقًا ** وغدت لأثواب المسرة ترتدي
والزهر يمرح والنسائم تنتشي ** والطير بين ممجدٍ ومغردِ
وتضوعت بطحاء مكة في الدنا ** مسكًا يروح به النسيم ويغتدي
من للثريا أن تكون هي الثرى ** حتى تفوز بلحظةٍ من أحمدِ
لا يوم في الدنيا يطاول يومه ** هيهات مثل محمدٍ لم يولدِ
يا خير مولودٍ وأعظم والدٍ ** وابن الجحاجح من قريش السؤددِ
يا صاحبَ الخلق العظيمِ وصاحبَ الـ ** ـقلب الرؤوف وصاحبَ الكفِّ الندي
ماذا أقول وفي يمينك معجزٌ ** لا ريب فيه هدايةٌ للمهتدي
ولقد أتيت وكل شيءٍ مظلمٌ ** وأخو البصيرة ناظرٌ عن أرمدِ
والعرْب في ليل الضلالة والشقا ** والجهل والعشواء والعيش الردي
والظلْمُ جارٍ والتناحرُ قائمٌ ** والناسُ بين فجيعةٍ وتلددِ
فأتيت بالتغيير تحمل صبحَهُ ** نورًا سماويًّا عظيمَ المقصدِ
فأضاءت الدنيا وأخصب محلها ** وتبسمت بعد العبوس المجهدِ
ونهضت لا يثنيك لومة لائمٍ ** أو عرض ملكٍ أو وعيد مهددِ
والله “لو وضعوا” لعمك قلتها ** ماذا أحدِّثُ عن ثبات محمدِ
ومضيت منفردًا ولكن الذي ** معه إله الكون ليس بمفردِ
تدعو إلى التوحيد جيلًا مشركًا ** وتبث نورك في محيطٍ ملحدِ
في حكمةٍ وشجاعةٍ وبرحمةٍ ** وتواضعٍ أعيا شموخ الفرقدِ
فسموت بالإنسان في أخلاقه ** إذ كان في خسرٍ يروح ويغتدي
برسالةٍ عصماء تسدي رحمةً ** للعالمين بنورها المتجددِ
وأخذت بالقرآن تبني أمةً ** وتلم شعث الواقع المتبددِ
آخيت بين المؤمنين فأصبحوا ** مثل البنا أو كالأصابع في اليدِ
رحماءَ بينهمُ أشداءً على الـ ** ـكفار أبطالًا بوجه المعتدي
حبٌّ يسودُ ورحمةٌ ومودةٌ ** ونفوسُ إيثارٍ بفعلك تقتدي
وكذلك الإسلام يخلق واقعًا ** أسمى ومجتمعًا كجسمٍ واحدِ
وإلى ميادين الجهاد فلم تزل ** تغزو بكل مثقَّفٍ ومهندِ
ومبوِّئًا للمؤمنين مقاعدًا ** فيها برأيٍ صائبٍ ومسددِ
والأسد إن حَمِيَ الوطيس رأيتها ** عند الشدائد تتقي بمحمدِ
أفنيت عمرك هاديًا ومعلمًا ** أو قاعدًا للمشركين بمرصدِ
حتى تهاوى الشرك وانتصر الهدى ** ومضى بريق السيف بالمتمردِ
ولقد هزمت يهود شر هزيمةٍ ** شردتهم في الأرض كل مشردِ
ببني قريظة والنظير وما جرى ** في يوم خيبر يا له من مشهدِ
كفروا وقد عرفوك مثل بنيهم ** حسدًا وحلوا كل عهدٍ موكدِ
جدٌّ وتضحيةٌ حياتك كلها ** يا خير مبعوثٍ وأعظم مرشدِ
وهنا بذكراك العظيمة ألتقي ** بجمال وجهك في ضفاف المولدِ
وإلى مقامك يا رسول الله قد ** وافيت من سبأ كمثل الهدهدِ
لأبث من بعد السلام عليك من ** أنبائنا ولأنت أعلم سيدي
يا سيدي عاد اليهودُ وأمةُ الـ ** إسلامِ لا لفمٍ تُكب ولا يدِ
مدت إلى الكرار بعدك سيفها ** فتذللت وتمددت للمعتدي
وتمكنت منها اليهود فأفسدوا ** كل الحياة وأمسكوا بالسؤدد
مسراك محتلٌّ ووجه القدس في ** أيدي اليهود موجَّهٌ لتهودِ
والمسلمون استسلموا يا سيدي ** أتهم بطرفك في البلاد وأنجدِ
أجواؤنا وبحارنا وترابنا ** وقرارنا في قبضة المستعبدِ
يتحرك الأمريك بالإفساد في ** كل البلاد بنفطنا المتوقدِ
يتحركون وأمة الإسلام من ** فرط التحير في جمود الجلمدِ
فقدت بعيدك كل شيءٍ إنها ** إن لم تصرّح كفرها فكأن قدِ
حتى كأنك لم تتمم بالهدى ** أخلاقَها وكأنها لم تهتدي
قد همَّشتك وهمشت قرآنها ** جهلًا وعادت للزمان الأسودِ
أضحت شتاتًا في جميع شؤونها ** وأذل من خرق الإماء الشردِ
حكامها كاللات والعزى أتوا ** صنعًا يهوديًّا خبيث المقصدِ
أمنت خنازير اليهود لديهمُ ** وبنوك بين مقتّل ومشردِ
وجيوشها عد الحصى لكنها ** من أجل أمريكا تروح وتغتدي
وشعوبها قد قصقصت إيمانها ** حسب الهوى من بيتها للمسجدِ
أشقاؤنا هذا سبيلك سيدي ** هيهات من يسلك طريقك يسعدِ
أم هل تراها تلتقي بك أمةٌ ** حربٌ لآلك سيفها لم يغمدِ
وهنا شريعة داعشٍ قد أُنْتِجَتْ ** طِبْقًا لمشروع اليهود المفسدِ
وأتت بإسم الدين تقتل كل ما ** للدين من قيمٍ ومجدٍ متلدِ
بمكفرٍ ومفجرٍ وملغمٍ ** ومفخخٍ ومذبحٍ ومعربدِ
قتلوا الطفولة في مدارسها وما ** قتل الطفولة من فعال المهتدي
ما في كتاب الله تفخيخٌ ولا ** وردت بقتل الطفل سنة أحمد
لكن ورغم ثقافة التهويد والـ ** ـتضليل والتشويه والمستعبد
ما زال للإسلام وجهٌ مشرقٌ ** في الخافقين وأمةٌ بك تقتدي
يا أمة الإسلام حتام الشقا ** وإلام نبقى في الضلال المجهدِ
وإلام يبقى بعضنا في بعضنا ** والوضع فوضى والتصارع سرمدي
مهلًا أخا الإسلام هل من وقفةٍ ** لتصالحٍ ومحبةٍ وتوددِ
ما لي أموت على يديك كأننا ** في الجاهلية أو تموت على يدي
وأنا وأنت نعيش في نكدٍ وفي ** ضنكٍ وأمريكا بعيشٍ أرغدِ؟!
هذي رسالات السماء توحدت ** والأنبياء توحدوا في المقصدِ
لِمَ لا يكون اليوم هذا جامعًا ** للمسلمين وفرصةً لتوحدِ؟
يا أمتي ولقد هرمتِ وينبغي ** لك ثانيًا أن تولدي في المولد
** ** **
يا سيدي وهنا أمامك أمةٌ ** عادت إليك ومن يعد لك يرشدِ
من موطن الإيمان من يمن الإبا ** وردت إليك وأنت أعذب موردِ
تهديك من ساح الجهاد بشائرًا ** بالنصر والفتح المبين الأمجدِ
وتمد أيديها إليك بعهدها ** وصريح موثقها بهذا المشهدِ
ألاّ تفارق نهجك الأسمى ولا ** تحني الجبين لظالمٍ أو مفسدِ
يا سيدي وامنح لهدهدك الرضا ** وإلى اللقا من بعد إذنك سيدي
صلى عليك الله ما مزنٌ همى ** والآل أعلام الهدى للمهتدي
التعليقات مغلقة.