باقم .. حيث تتضاءل الحياة
مقالات | 11 يناير | بقلم / علي الشرفي :
صرخ بملئ فيه مراراً وتكراراً ،، لم يفقد الأمل حيث أعاد الكرّة واضعاً يداه بمحيط فمه علّ جزئيات الهواء تحمل أنينه وألمه إلى من يهمه الأمر إن كان يهمه حقيقة ، ولكن دون جدوى ! فقد كانت الرياح تأخذ حروف صوته عكس مايريد فتصل صيحاتُه إلى فوهات المدافع والصواريخ الغازية لترد عليه من مخازنها الإنسانية بمعزوفة وفق الطريقة التي يراها الغرب مجدية للتخلص من أصوات مؤلمة تصنف بالمزعجة إو على الإقل اسكاتها ..!
لقد أسدل يديه وراح يتنقل في جغرافيا كان يسميها بيتاً وبوجع عميق يومئ لزاوية ويقول : كان هنا سرير ابني وهنا كانت حجرة ،، لا . استراحة ،، بل مطبخا ،، لا لا وصاح بأعلى صوته إنها هي حجرة أمي التسعينية فتلك نظارتها المكسورة وتلك عصاها التي كانت يوماً تتوكئ عليها ..
لقد قفز ابن باقم من على أطلال منزله نحو الخارج مسرعاً ولم نستطع اللحاق وقلوبنا يعتصرها الألم والغضب فآوينا إلى ركن لا زال منتصباً وسط المنزل بحثاً عن هواء نقي نخفف به حالة توتر أصابتنا من هول الموقف ..
وماهي إلا لحظات حتى عاد صاحبنا تسبقه أنفاسه إلينا وبيده نصف ورقة ملحفوظ أنها ممزقة ومحترقة الأطراف ،!؟ لقد اقترب منا اكثر من اللازم ونحن في ذهول مما يريده ، رفع يده اليمني إلى راسه وانتزع غترته البيضاء ورماها بقوة إلى الأرض ورفع يده اليسرى وقال لنا ما ذنب زهير ونجلاء ؟! لقد كنت أحبهما أكثر من نفسي ،،!!
تمالكت نفسي وأخذت نفساً عميقاً وقلت له اصبر يا أخي إن الله مع الصابرين ،،، فمال عني وقال ونعم بالله (ثلاثاً ) ثم قال وبصوت عالٍ هل يظن هؤلاء الأنجاس أننا سننام على الضيم ؟ أن دماء زهير ونجلاء وغيرهم من الأطفال سيذهب هدراً ؟ لقد قتلوهم بغارات طائراتهم الأمريكية وغيرها ولكنهم لم يقتلوا عزيمتنا وكرامتنا ، لقد دمروا بيتي الذي شقيت لأجله عقداً من الزمن لكنهم محال أن يدمروا فيها القيم والاخلاق والمبادئ وسنقاتلهم في سبيل الله جيلاً بعد جيل ،،،
وغادرنا وهو يردد هذه العبارة ” جيلاً بعد جيل ” …
التعليقات مغلقة.