هل السعوديون يحبون الشعب الأمريكي؟
الوقت التحليلي
بعد الهجوم الذي نفَّذه ضابط سعودي في قاعدة “بنساكولا” العسكرية في فلوريدا، قال الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” إن العاهل السعودي الملك سلمان أکد له في اتصال هاتفي إن:”هذا (المهاجم) لا يمثل بأي حال من الأحوال مشاعر الشعب السعودي الذي يحب الشعب الأمريكي.”
بالنظر إلى سجل الهجمات الإرهابية السعودية ضد دول أخرى، وخاصةً الولايات المتحدة، يبدو أن ادعاء الملك سلمان هذا أشبه بالکناية والسخرية من ترامب والشعب الأمريكي، أكثر من كونه تعزيةً حقيقيةً.
الهجمات الإرهابية السعودية على الأراضي الأمريكية
كان دور السعودية في أكبر حدث إرهابي في التاريخ الأمريكي، أي هجمات الحادي عشر من سبتمبر، واسعًا إلى حد أنه على الرغم من الكشف عن أجزاء كبيرة منه، لا تزال العديد من جوانب العمل الإرهابي السعودي مخفيةً من قبل مختلف الحكومات الأمريكية، في التقرير المكون من 28 صفحةً والذي يدعی “الملف”.
من بين 19 خاطفاً، 15 منهم كانوا سعوديين. وبحسب اعترافات “زكريا موسى” أحد المعتقلين في حادثة الحادي عشر من سبتمبر، فإن الذين موَّلوا حادث 11 سبتمبر کانوا أشخاصاً مثل “تركي الفيصل” مدير المخابرات السعودية آنذاك، الأمير “بندر بن سلطان” السفير السعودي لدى الولايات المتحدة وكذلك الأمير السعودي الثري “وليد بن طلال”، والكثير من الشخصيات الدينية السعودية.
لقد استمرت الهجمات الإرهابية بقيادة السعودية على الأراضي الأمريكية بعد 11 سبتمبر. ووفقًا لتقرير صادر عن مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية في عام 2017، فبعد هجمات 11 سبتمبر حتى الآن، من 224 شخصاً قتلوا علی مدی 15 عاماً، قتل 109 أشخاص علی يد الإرهابيين التكفيريين.
کما أنه من كل أربعة مهاجم إرهابي، ثلاثة منهم کانوا من الرعايا الأجانب. ومعظم الهجمات الإرهابية التي نفذها التكفيريون، قد تمت علی يد مواطنين سعوديين أو من التابعين لهذه الحكومة، وکانت أيديولوجيتهم هي الأيديولوجية المتطرفة الدينية عمومًا، والتي تنشرها وتعلِّمها الحكومة السعودية.
بعد بضعة أشهر من 11 سبتمبر، حاول رجل يدعى “ريتشارد ريد” تنفيذ هجوم انتحاري في مطار ميامي في فلوريدا، عبر قنبلة كان قد وضعها في حذائه. وقد تم تدريب هذا الشخص على الإيديولوجيات المتطرفة في معسكرات التدريب السعودية في باكستان وأفغانستان.
كذلك ثمة قناص يدعى “جون الين محمد” الذي قتل 10 أشخاص وجرح ثلاثة في غضون ثلاثة أسابيع، أعلن في اعترافاته أن الدافع وراء أعماله الإرهابية، كان التأثُّر بالأيديولوجية الوهابية.
منذ عام 2002 إلی الآن، وقع أكثر من 19 حادثاً إرهابياً ناجحاً أو غير ناجح في أمريكا ذو طبيعة تكفيرية، والمنفذون الذين کانوا من بلدان مختلفة إما کانوا حاملي الأيديولوجية السعودية المتطرفة، أو کانوا قبل الهجمات مرتبطين برجال الدين السعوديين في المساجد الأمريكية.
ووفقاً لتحقيقات مجلس الشيوخ الأمريكي والتي أوردها تقرير موقع “أوراسيا ريفيو” الالکتروني: “لقد أنفقت السعودية بين عام 1980 إلی 2000 ما يصل إلی 87 مليار دولار، لتعزيز الفكر الوهابي في جميع أنحاء العالم، والتمويل اللازم لبناء وإدارة 21 مركزاً إسلامياً، 1500 مسجداً و202 مؤسسة دينية.”
وفي العام الماضي، كتبت صحيفة “ايل جورنالي” الإيطالية في تقرير: “تواصل السعودية تمويل الجماعات الإرهابية والسنية المتطرفة خارج حدودها، وهو الأمر الذي ينفي مزاعم ترامب حول السعوديين.”
وبحسب صحيفة الغارديان فإن “تقديرات عام 2007 تظهر أن السعودية تنفق ما لا يقل عن ملياري دولار سنوياً لترويج للوهابية في جميع أنحاء العالم، وقد تضاعف هذا التمويل بحلول عام 2015.
غضب الشعب الأمريكي ووسائل الإعلام
ترفض الحكومات الأمريكية المختلفة التعبير عن النفوذ السعودي في الأحداث الإرهابية التي تشهدها أمريكا، وذلك لأسباب سياسية وفوائد بيع الأسلحة واللوبي السعودي في أمريكا.
ومع ذلك، فإن دور السعوديين لم يختف عن أعين بعض المسؤولين الحكوميين ووسائل الإعلام. لأن الضحايا الرئيسيين للهجمات الإرهابية السعودية على الأراضي الأمريكية هم الناس.
ووفقاً لموقع “بيکس 11” الإخباري، فقد رفعت عائلات 800 شخص من ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، دعوى قضائية في عام 2017 ضد الرياض بسبب مساعدتها للمهاجمين.
بعد حادثة الجمعة، قال “رون ديسانتيس” حاكم فلوريدا: “من الواضح أنه يتعين على الحكومة السعودية اتخاذ إجراءات لتعويض ضحايا إطلاق النار. إنهم مدينون لهم لأن المهاجم كان أحد الضباط السعوديين.”
علی الرغم من أن أوباما کان يحاول مثل بوش إخفاء وثائق تورط السعودية الإرهابي في الولايات المتحدة، ولكن في مقابلة مع “جيفري جولدبرج” رئيس تحرير مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية في عام 2014، اضطر إلی الاعتراف ببعض الحقائق.
لقد قال في المقابلة: “هذه (الأصولية) قراءة عنيفة ومتطرفة وجافة وسخيفة عن الإسلام وتروج لها شريحة صغيرة جدًا من المسلمين.”
وفقًا لجولدبرج، يعتقد أوباما أن صراعات السنوات الأخيرة في العالم الإسلامي قد شُجِّعت من قبل الدول التي هي أصدقاء للولايات المتحدة.
“جرالدو ريورا” الخبير والمقدم الأمريكي المخضرم في قناة فوكس نيوز، قال في مقابلة في العام الماضي: “نحن في الشرق الأوسط حددنا عدونا بشکل خاطئ، إن عدونا الحقيقي هو في السعودية”.
وثائق الدعم المالي السعودي للعمليات الإرهابية في مختلف البلدان والولايات المتحدة، أثارت قلق الكثير من الخبراء.
وفي هذا السياق، كتبت مؤسسة “واشنطن فريدوم هاوس” في تقرير صدر عام 2018: “لقد لعب الدعم المالي واللوجستي السعودي للأفراد والمؤسسات والجماعات الإرهابية حول العالم، دوراً حاسماً في تعزيز ثقافة الكراهية والحقد لدی أتباع السلفية والنزعة التكفيرية والوهابية ضد الآخرين.”
وأكد التقرير أن: “جميع الوثائق التي استخدمها في إعداد تقاريره عن السعودية وإجراءاتها لنشر ثقافة الكراهية والحقد، تم إعدادها وتوزيعها من قبل المؤسسات الرسمية السعودية أو سفاراتها أو المؤسسات الدينية الرسمية بالدولة ومساجدها ومدارسها الدينية”.
کما لم يسلم المواطنون الأمريكيون في الشرق الأوسط والعراق والسعودية من الهجمات الإرهابية السعودية أيضاً.
ففي عام 2004، تعرضت القنصلية الأمريكية في جدة لهجوم أسفر عن مقتل تسعة أشخاص. وبعد ثلاثة أشهر، أصيب ثلاثة من ضباط البحرية الأمريكية في الساحل الشمالي الشرقي لمدينة جدة، بإطلاق نار عليهم علی يد مواطن سعودي. وفي نفس العام، انفجرت سيارة محملة بالمتفجرات أمام مبنى الحرس الوطني السعودي، مما أدى إلى مقتل خمسة أمريكيين.
كل هذه الأدلة تشير إلى أنه ليس فقط الشعب السعودي، بل حتى أجزاء من الحكومة السعودية كانت ضالعةً في ضرب المصالح الأمريكية، والصداقة التي يتحدث عنها ترامب ليس لها محل من الإعراب علی أرض الواقع.
التعليقات مغلقة.