كيف مهدت قوى الارتزاق لشرعنة الاحتلال؟!
“برنامج تنمية وإعادة إعمار اليمن” ذراع للمخابرات السعودية وغطاء لمخططاتها
“اتفاق الرياض” إفصاح سعودي عن وضع عدن وأدوات الارتزاق تحت مظلتها والتمهيد لتمزيق اليمن
في أغسطس 2019م، كانت مدينة عدن مسرحاً لأحداث جديدة من المعارك والدماء والانفلات الأمني غير
المسبوق سقط خلالها عدد كبير من القتلى والجرحى من مرتزقة العدوان متعددي الولاءات والأجندات في الاشتباكات التي دارت بين مليشيات ما يسمى بالحزام الأمني التابع للمحتل الإماراتي وعناصر محسوبة على الفار هادي المدعومة من السعودية, مع التزام دولتي العدوان بالصمت المطبق إزاء اقتتال مرتزقتهما وأدواتهما في عدن, وعلى مقربة من مقر حكم المرتزقة بقصر المعاشيق توسعت الاشتباكات المسلحة بين الطرفين لتصل إلى خور مكسر ومناطق أخرى لتصبح حرب شوارع مستعرة, ليعلن وقتها المرتزق هاني بن بريك نائب رئيس ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي آنذاك النفير العام لعناصره المسلحة لاقتحام قصر المعاشيق فيما اكتفت السعودية بإرسال مروحيات لنقل عدد من وزراء حكومة المرتزقة من القصر, لتخوض السعودية والإمارات قطبا العدوان الرئيسيان صراعا خفيا عبر أدواتهما من المرتزقة .
الثورة /ساري نصر
دعوات للتحشيد
وفي تلك الفترة وضمن التحشيد لمواجهة مليشيات حزب الإصلاح في عدن كانت بداية الانقلاب على حكومة الفار هادي والمليشيات التابعة له من خلال دعوات عدد من قيادات “الانتقالي” التابع للاحتلال الإماراتي لكافة القوات والمليشيات التابعة له لمهاجمة “قصر معاشيق” والسيطرة عليه, أبرزها دعوة المرتزق بن بريك” في خطاب له، وعدة تغريدات نشرها على صفحته في مواقع الإنترنت عقب هجوم مسلح على قيادات الانتقالي وهي تشيِّع قتلى معسكر الجلاء قال فيها “نعلن حالة النفير العام لكافة قواتنا للتوجه إلى قصر معاشيق” لإسقاط ما أسماها “مليشيات حزب الإرهاب”، في إشارة إلى حزب الإصلاح.
خلاف سعودي إماراتي
التطورات المتلاحقة في عدن آنذاك أشارت إلى تنامي الخلاف السعودي الإماراتي في إدارة الصراع في اليمن، خاصة مع تحركات الإمارات الرامية لإسقاط الحكومة الشرعية المزعومة التي تتلقى دعماً سعودياً ثابتاً, ويبدو أن حجم الاستياء السعودي إزاء الإمارات وصل لمستوى كبير، ترجم على الأرض بتحركات سعودية متسارعة لإحداث تغيير في موازين القوة العسكرية في عدن، بعد أن أعلنت الإمارات سحب وحداتها العسكرية من اليمن في شهر يوليو، وبعد اشتباكات دامية استطاع الانفصاليون في العاشر من أغسطس السيطرة على مدينة عدن، إثر اشتباكات مع مليشيات الإصلاح التابعة لهادي التي قتل وأصيب فيها العشرات، قبل أن يدفعوا مليشيات الإصلاح لمغادرة معسكرين في محافظة أبين القريبة، التي تتمركز فيها القوات الموالية لعلي محسن الأحمر، المقرّب من حزب الإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، كما أنّه يعد حليفاً قديماً للسعودية.
“القاعدة” تدخل على خط معركة الإصلاح والانفصاليين
وفي السادس والعشرين من شهر أغسطس من العام الماضي تبادلت مليشيات الانتقالي ومليشيات الإصلاح التابعة لهادي الاتهامات باستخدام تنظيمي القاعدة وداعش في الحرب آنذاك في الجنوب، حيث بدأت الاتهامات بعد تعرض مليشيات الانتقالي لكمين في مدينة أبين، واحتفل محسوبون على حكومة الفار هادي بالكمين واعتبروه نصرا ، لكن موالين للانتقالي قالوا إن جماعة “أنصار الشريعة” أعلنت مسؤوليتها عن الكمين، ثم نشر آخرون أن تنظيم داعش أعلن مسؤوليته عن الحادث, ليقول المتحدث باسم الانتقالي نزار هيثم في حديث مع “موقع الحرة” إن هذا “دليل جديد على علاقة الحكومة والمليشيات التي يقودها علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح بالتنظيمات المتطرفة واستخدامهم إياها ضد مليشيات الانتقالي, مضيفا إن علي محسن الأحمر معروف عنه أنه منذ عام 1994م وما قبله كان يجند الأفراد الذين كان يرسلهم إلى أفغانستان، وكان في حرب 1994م رأس الحربة ضد الانفصاليين, مؤكدا أن جزءاً كبيراً يتمثل في “نحو 70% من قوات هادي من العناصر الإرهابية، مشيرا إلى أن “متشددين من تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة أعطيت لهم مناصب قيادية في الجيش في 2015م مثل مهران القباطي قائد اللواء الرابع في الحماية الرئاسية, حيث لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يشتبك فيها الانفصاليون التابعون للمجلس الانتقالي مع الوحدات الموالية للفارهادي بسبب اتهام حكومته بـ”الفساد” والسماح بتنامي نفوذ المتطرفين داخل سلطته والتأثير على قراراتها السياسية والعسكرية، وخصوصا أعضاء حزب الإصلاح” المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.
الإمارات تقصف مليشيات هادي
في يومي 29 و30 أغسطس 2019م شنت طائرات تابعة لتحالف العدوان غارات على تعزيزات وتجمعات تابعة لمليشيات الإصلاح شرق مدينة عدن كانت قادمة من مأرب لاستعادة عدن من سيطرة المليشيات التابعة للانتقالي التي أنشأتها ومولتها الإمارات، حيث أسفر القصف عن مقتل وجرح 300 مرتزق بطائرات من قالوا إنهم جاءوا لأجل تحريرهم من الانقلابيين واستعادة شرعيتهم المزعومة، في ظل تأكيد الإمارات أن طيرانها هو من شن هذه الغارات التي استهدفت “ميليشيات إرهابية” دفاعا عن قواتها المتمثلة بعناصر الانتقالي, حيث قالت وزارة الخارجية الإماراتي في بيان لها إنها قامت “بضربات جوية محددة” استهدفت “ميليشيات إرهابية” بعد معلومات مؤكدة أن “المليشيات تستهدف عناصرها، الأمر الذي تطلب ردا مباشرا لتجنيب عناصرها أي تهديد عسكري, مؤكدة في بيانها أن “التنظيمات الإرهابية بدأت بزيادة وتيرة هجماتها ضد عناصرها، الأمر الذي استدعى استهداف هذه المليشيات الإرهابية بضربات جوية محددة, مضيفا إن العملية العسكرية “اعتمدت على معلومات استخباراتية مؤكدة من الميدان وهو تطور يتطلب عملية إستباقية لتجنب أي تهديد”.
أبين وشبـوة تنتفضان ضد الإصلاح
وفي التاسع من سبتمبر من العام 2019م أعلنت عدد من قبائل محافظتي أبين وشبوة النفير العام من أجل التصدي لميليشيات حزب الإصلاح الإخواني التي كان يتم الدفع بها صوب محافظة شبوة تمهيدا لاجتياح عدن, وأفادت مصادر قبلية آنذاك بأن عدداً من قيادات وزعماء القبائل في مديريات المحفد والوضيع ولودر ومودية عقدوا اجتماعا أكدوا خلاله رفضهم تواجد أي ميليشيات تابعة لحزب الإصلاح أو عودة العناصر الإرهابية المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» وداعش, وأشارت إلى إصدار بيان استنكر المخططات والمشاريع الإرهابية التي يقودها «الإصلاح» عبر الدفع بالتعزيزات العسكرية صوب أبين، وأكدت رفضها أي تحركات عسكرية تهدف إلى ضرب الأمن والاستقرار في أبين والمحافظات الجنوبية .
ونصب آنذاك مسلحون قبليون في مديرية المحفد كميناً لتعزيزات عسكرية تابعة لميليشيات «الإصلاح» كانت قادمة من محافظة عتق وتتجه صوب منطقتي لودر وشقرة, وقال مصدر محلي إن المسلحين استهدفوا التعزيزات خلال مرورها بالطريق العام ما أدى إلى إعطاب شاحنة وطقم عسكري ومقتل وإصابة عدد من المسلحين, موضحا أن اشتباكات عنيفة اندلعت بين المسلحين القبليين والميليشيات التي تم إجبار عناصرها على التراجع والانسحاب من المنطقة، موضحا أن ميليشيات «الإصلاح» القادمة من مأرب تتلقى ضربات عنيفة من قبل قبائل أبين وشبوة وذلك رفضاً لمنع استخدام مناطقهم طرق امداد وتموين إلى شقرة ومناطق وسطى في أبين .
كمائن واستهداف
وجاءت عملية الاستهداف هذه في ظل استمرار التحركات العسكرية التي كانت تقوم ميليشيات الإصلاح الإخوانية باتجاه شبوة وأبين عبر الدفع بتعزيزات عسكرية إضافية قادمة من مأرب، وذلك رغم بيان دولتي العدوان السعودية والإمارات بشأن التوقف بشكل كامل عن القيام بأي تحركات أو أنشطة عسكرية من قبل ما يسمى الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي , وكان الشيخ القبلي لحمر علي لسود العولقي قد حذر آنذاك من أن محافظة شبوة باتت محتلة من قبل قوى الإصلاح والإرهاب, وأشار إلى أن التعزيزات والحشود من قبل قوى الإخوان لازالت مستمرة، لافتا إلى استخدامها السيارات المدنية لنقل الأسلحة والذخائر, ودعا آنذاك قبائل شبوة وشخصياتها الاجتماعية ومثقفيها ومقاومتها وكل رجالها إلى القيام بواجبهم الوطني ومقاومة الميليشيات الإخوانية بكل الطرق والوسائل المشروعة وقطع الطرق المؤدية من والى عتق.
تثبيت التقسيم الجغرافي
المواجهات التي شهدتها آنذاك ساحات المحافظات الجنوبية بين حكومة المرتزِقة (حزب الإصلاح) ومليشيات الانتقالي” ، كان الهدف الرئيسي منها تثبيت مشهد التقسيم الجغرافي الذي رسمته كُـلٌّ من السعودية والإمارات برعاية الولايات المتحدة، في خضم جولات المواجهة العسكرية السريعة التي خاضها الطرفان خلال تلك الفترة ، فبعد أن أكدت أبو ظبي باسم “التحالف” تبنيها الغارات الجوية التي أودت بالمئات من عناصر حكومة المرتزِقة في عدن واتهمتهم بـ”الإرهاب”، جاءت المواقف السعودية الرسمية خلال تلك الفترة لتجعل من سيطرة مليشيات الانتقالي على عدن أمراً واقعاً، وهو ما يؤكّـد مجدّداً أن ما شهدته عدن وشبوة وأبين، حقّق مخطّطاً لتقاسم النفوذ الجغرافي بين الرياض وأبو ظبي، وأن مليشيات الرياض وأبوظبي لم تكن إلا بيادق تتحرَّك حسبما يراد منها ذلك على رقعة الشطرنج.
قراءات قائد الثورة
وبالمجمل، أكّـد كُـلٌّ من بيان السعودية وتصريحات سفيرها وردود فعل حكومة المرتزِقة آنذاك التأكيدَ على دقة القراءة التي قدمها قائد الثورة، السيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي، للوضع في المحافظات الجنوبية، حيث لم يعد هناك ما يغطّي على لعبة توزيع الحصص الجغرافية بين السعودية والإمارات برعاية أمريكية، في سبيل تكريس مشروع التقسيم، كما لم يعد هناك أدنى شَكٍّ في أن مليشيات الإصلاح والانتقالي لا تملك أيَّ طريق آخر تسلكه في ظل العدوان سوى تثبيت هذا المشروع والتحَرّك حسب التوجُّـهات الخارجية.
اتفاقية الرياض
توقيع حكومة المرتزِقة ومليشيات الانتقالي على ما بات يُعرف بـ”اتّفاق الرياض” كان بمثابة إفصاح سعودي عن رؤية الرياض للتعامل مع الأحداث التي شهدتها عدن والمحافظات الجنوبية بغض النظر عن “موقف” طرفي المرتزِقة، لتكشفَ أن الصراعَ الذي خاضه الإصلاحُ والانتقالي مؤخّراً لم يمنح أياً منهما حق تقرير أي شيء، فكل ما عبر عنه الاتّفاق هو وضع عدن تحت المظلة السعودية بدل المظلة الإماراتية، وإلزام كُـلّ الأدوات بالبقاء تحت المظلة الجديدة، وترحيل أي أحلام أُخرى، سواء حلم الانتقالي بـ “الانفصال”، أَو حلم الإصلاح بالقضاء على الانتقالي، وقد جاء انتشار القوات السعودية في عدن وانسحاب القوات الإماراتية ومعداتها بمثابة استلام وتسليم للوصاية على المحافظة, فمنذ أن دعت السعودية طرفي المرتزِقة إلى “الحوار” في جدة، كان واضحاً أن الرياض قرّرت استغلال الصراع الدائر في المحافظات الجنوبية لإعادة التموضع في عدن بعد سنوات من استحواذ الإمارات على المشهد، وقد جاءت بنود الاتّفاق متسقة تَمَاماً مع هذا التوجّـه، إذ نصت على أن السعودية ستشرف على تشكيل حكومة جديدة يتقاسم مناصبها طرفا الصراع، فيما تتولى النخب والأحزمة (التابعة للانتقالي) الجانب الأمني في عدن وشبوة، مع الاعتراف بـ”شرعيتها” من قبل حكومة المرتزِقة الجديدة، وبإشراف وإدارة القوات السعودية، كما أكدت بنود الاتفاق على تشكيل لجنة مناصفة بعضوية “الانتقالي” وَالسعودية لمراقبة أداء حكومة المرتزِقة والإشراف عليها.
شرعنة الاحتلال
ولم تكتف حكومة المرتزقة بالجرائم التي اقترفتها بحق اليمن واليمنيين والتفريط بسيادته وثرواته وشرعنة الاحتلال وذلك من خلال الإعلان في مايو الفائت عن توقيعها بين الحكومة السعوديّة ووزارة التخطيط التابعة لها اتفاقية منحت النظامَ السعوديّ الحَـقّ في نهب ومصادرة ثروات اليمن وتعزيز نفوذه السياسيّ والاقتصادي والعسكريّ داخل الأراضي اليمنية، تحت يافطةِ “برنامج تنمية وإعمار اليمن” الذي يعد من أبرز الواجهات الاستخباراتية السعوديّة داخل البلاد، وذلك في إطار مخطّطات العدوان التي ينفّـذها عبر أدواته، لبيع ورهن قرار وسيادة اليمن وتكريس الوصاية السعوديّة عليه, فبنود ومواد الاتّفاقية ، تمنحُ ما يسمى “البرنامج السعوديّ لتنمية وإعمار اليمن” “الشخصية الاعتبارية والأهلية القانونية للقيام بالتعاقد وفتح الحسابات البنكية والقيام بجميع أنواع التصرفات المالية والإقراض والاستثمار والتقاضي” وهو ما يعبِّرُ بوضوحٍ عن أن البرنامجَ لا علاقةَ له بأية أهداف إنسانية أَو “إعمارية”، إذ لو كان كذلك لاكتفى بتقديم الدعم والإشراف، لكنه بهذه الصلاحيات بات أشبهَ بهيئة مستقلة تماماً مالياً وإدارياً عن أية سلطات سوى السلطة السعوديّة، وهو ما يؤكّـد المعلومات التي تفيدُ بأن هذا “البرنامجَ” هو من أبرز الواجهات الاستخباراتية التي تعمل لصالح النظام السعوديّ داخل البلاد، خُصُوصاً وأنه يدار مباشرةً من قبل السفير السعوديّ في اليمن محمد آل جابر, كما تلزم الاتّفاقيةُ حكومةَ المرتزِقة بتمكين أي شخصيات تقومُ السعوديّةُ بتعيينها في هذا “البرنامج” وتزويدهم بأية معلومات يطلبونها، وأن يكون تعيين جميع الموظفين والخبراء والمتطوعين من جهة الحكومة السعوديّة حصراً، وألّا يتلقوا تعليماتهم إلا من الجانب السعوديّ، كما تنص البنود على أن السعوديّة هي فقط من تختار الشركات المنفّـذة والموردين، وكل هذه بنود ليست مشبوهة فحسب، بل إنها فضيحة واضحة تؤكّـد أن ما يسمى “البرنامج السعوديّ” ليس إلا واجهة لتمكين النفوذ السعوديّ بكل جوانبه داخل اليمن.
أما “المادة السابعة” من الاتّفاق، فتمثل بحَدِّ ذاتها فضيحةً مستقلة، إذ تمنح هذه المادةُ النظامَ السعوديّ “حقوقَ براءات الاختراع والملكية الفكرية وحقوق النشر عن أي اكتشاف ناتج عن تنفيذ المشاريع”، وهو بند يعني أولاً أن هدفَ البرنامج ليس الدعم ولا الإعمار وإنما تحقيق إنجازات سعوديّة داخل اليمن، وثانياً يوفر هذا البند غطاءً واسعاً يتحايلُ حتى على قوانين “براءات الاختيار”، ويجعل كُـلّ ما تمتلكه اليمن من إمْكَانات وثروات نادرة وتراث ثقافي قابلا “للسعودة” والمصادرة بموجب هذا الاتّفاق, وزيادة في توسيع النفوذ السعوديّ داخل البلاد، فإن “المادة التاسعة” من الاتّفاق تمنح السعوديّة الحَـقّ في الاستثمار في أي مشروع تنموي “في جميع المحافظات اليمنية” وتمنحها أَيْـضاً حَـقَّ الاشتراك مع أية منظمات أَو “كيانات دولية” في تنفيذ المشاريع والاستثمار في أي مشروع تنموي داخل اليمن، وتُلزِمُ هذه المادة حكومةَ المرتزِقة بأن تقدم كُـلَّ المساعدة التي تطلبها السعوديّة في هذا الصدد وأن تعفيَ الشركات السعوديّة والجهات المتعاقدة معها من أية رسوم، وأن تصدر الإقامات والتراخيص والتأشيرات اللازمة لأي موظف يتم تعيينُه من قبل السعوديّة في هذا “البرنامج” , بنودٌ يمكن تلخيصُها في بند واحد، وهو منح السعوديّة الحَـقَّ في فعل كل شيء، متى ما تشاء، وكيفما شاءت، داخل الأراضي اليمنية، تحت يافطة “برنامج إعمار وتنمية اليمن”, وليس من قبيل المصادفة أن يكون البرنامج الذي قدم هذه الاتّفاقية هو نفسه البرنامجُ المتهمُ بالقيام بأعمال استخباراتية وعسكريّة داخلَ الأراضي اليمنية بما في ذلك، المهرة وسقطرى، المحافظتين اللتين تريدُ السعوديّةُ احتلالَهما بوضوح، وسعى سفيرُها محمد آل جابر إلى توسيعِ جهود “البرنامج” فيهما؛ لتمكين النفوذ السعوديّ هناك، بما يساعد على احتلال المحافظتين, وقد كشف الكثيرُ من ناشطي محافظة المهرة، المناهضين للاحتلال، أن ما يسمى “البرنامج السعوديّ لإعمار وتنمية اليمن” ليس إلا واجهة تستخدمُها السعوديّةُ لتوسيع وتكريس نفوذها السياسيّ والعسكريّ والاستخباراتي داخل المحافظة، وأن كُـلّ “المشاريع” التي يدّعي البرنامجَ إقامتها، ليست إلا غطاءً لأعمال توسعية من بينها استقدام مليشيات وتدريب مقاتلين وعناصرَ استخباراتية.
التعليقات مغلقة.