رواية ” فجرُ الرحيل “رواية ” فجرُ الرحيل “
الجزء ” الثالث ”
بدأت أصوات المدافع تعلو ، والطائرات تحلق بكثافة مساندةً جنودها للعودة والزحف من جديد ،، إلى جانب ذلك أصوات متفرقة لإطلاق الأعيرة النارية ، وأرتالٌ من الدبابات تحاول التقدم ،،
أحمد وهو يتأهب لصد العدو :
– علي هيا بنا ، لقد عاودوا الزحف من جديد
علي وهو يأخذ بندقيته وبعض القنابل اليدوية :
– هيا بنا ( ومارميت إذ رميت ولكنّ الله رمى )
استمر الزحف قرابة الخمس ساعات بإسنادٍ جوي ، والمجاهدون يحاولون صد تلك الأرتال ، لكن في اللحظات الأخيرة أصيب علي في كتفه وتمّ إسعافه أولياً حتى ينتهي الزحف
أحمد بصوت قلق عندما رأى علي :
– ماذا حدث لك ياعلي ؟
علي وهو يتألم:
– لاتخف إنها إصابةٌ طفيفة
– إذن انتظرنا هنا ، بإذن الله سنتمكن من صدهم قريباً
بدأ العدو يلفظ أنفاسه الأخيرة ، حيثُ حاول للمرة الثانية التقدم، ولكنه لم يفلح في ذلك وفشل فشلاً ذريعاً ، وبدأ جنوده بالانسحاب جّارين معهم أذيال الخيبة والهزيمة ،،
وبينما كان أحمد على أحد التباب يصد جحافل العدو لوحده ، فجأةً باغته العدو من الخلف، وقام بتكبيل يديه وأخذه أسيراً
عندما بدأ الشفق الأحمر بالظهور انتهت المعركة لصالح المجاهدين ككل مرة ،
كان حسن آتياً من بعيد والذي كان صديقاً لأحمد وعلي ،
سأل حسن علي بقلق عندما رآه يتألم:
– كيف حال جرحك الآن ؟
علي بتألم:
– لاتقلق ، مجرد ألآم بسيطة ، أين أحمد ؟
حسن بحزنٍ عميق:
– لقد وقع في الأسر.
قيد أحمد إلى أحد الزنازين المظلمة ، معصوب العينين ، مكتوف الأيدي ، وأسواط الجلادين من خلفه تلسع ظهره ،
لم يكن يعلم إلى أين اقتادوه ولا في أي مكانٍ هو الآن ، فما زالت عيناه معصوبتان ، فقط يسمع صراخ الأسرى وأنّاتهم ،
جلس أحمد على الأرض ببطءٍ شديد لايقدر على الحراك ، فجسمه ملطخٌ بالدماء وجسده مغطى بالجروح نتيجة التعذيب الذي لاقاه ، تحسس بيديه المكان الذي يجلس عليه فإذا به يشعر ببعض الحشرات ترتفع إلى جسمه ،، وروائح قذرة تنبعث من المكان ،،
بقي أحمد ثلاثة أيام في زنزانةٍ وحيدة ولازالت عيناه مغطاةً بقطعة قماش وجروحه لم تلتئم بعد ، إضافةً لذلك بدون ماءٍ ولا طعام ،،
في صباح اليوم الثالث سمع أحمد صوت باب الزنزانة يُفتح ، وإذا بصوت صراخٍ بغيض لأحد الجلادين :
– أيّها اللعين ، انظر أين أنت الآن وماذا حدث لك ، لو أنّك لم تتمرد لكنت حراً الآن
أجابه أحمد بإعياء :
– لديّ قضيةٌ مقدسة أدافع عنها ، فديني وبلدي بحاجةٍ لي ، وليس مثلكم تقاتلون من أجل حفنة مالٍ قذر
انهال الجلاد البغيض على أحمد بأنواع السباب والشتام ، إضافةً إلى التعذيب الجسدي الذي لم يُرى له مثيل ،،
أغمي على أحمد وتمّ نقله إلى أحد الزنزانات الجماعية ،، وهناك قام بعض الأسرى بمداوته بماهو موجودٌ لديهم ،، حيثُ بقي مغماً عليه ليومين ، ولم يستعد وعيه سوى في اليوم الثالث
محمد كان أحد الأسرى الذي اهتموا بأحمد ،
محمد بسرور عندما رأى أحمد يفتح عينيه :
– حمداً لله على سلامتك يا أخي
أحمد بصوتٍ متعب :
– سلمك الله ، آه أين أنا
– هنا بين أخوتك لاتخف
أحمد وهو يدور بعينيه في زوايا المكان:
-ولكن أين نحن ؟
أجابه محمد بحزن :
– نحن في الأسر
عاد علي إلى أسرته بعد أن تمّ معالجة إصابته التي لم تكن بالغة ، إلا أنّه كان حزيناً جداً ومتألماً على أحمد كونه يعلم ما يلقى أسرى العدو من تعذيبٍ وحشي ،
فاطمة وهي تحدثه مبتسمة :
– حمداً لله على سلامتك يا أخي ، لقد أخفتنا عليك يارجل
نظر علي إليها بحزن كونها لازالت عروس وزوجها الآن في الأسر وهي لم تعلم بعد :
– سلمّك الله يا أختي العزيزة ، لاتخافي إنها مجرد إصابة طفيفة
فاطمة بقلق وهي ترى علامات الحزن باديةً على أحمد:
– ولكن مالي أراك شارد الذهن ، ويغلب عليك الحزن ؟!
علم علي أنّه لابد من إخبارها عما حدث مع أحمد ، أجابها أحمد بتلكأ :
– آآ فقط كنت أريد أن أخبرك عن ..
التعليقات مغلقة.